الشرائح الإلكترونية.. صوت غزة إلى العالم
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
غزة– يصعد عبد الهادي عوكل فوق سطح منزل مدمر في منطقة تل الزعتر بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، من أجل الحصول على إنترنت عبر شريحة إلكترونية، باتت هي الوسيلة الوحيدة لتواصل الغزيين في شمال القطاع مع العالم.
وجراء الانقطاع المتكرر لخدمات الاتصالات والإنترنت منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عرف الغزيون أو غالبيتهم -لأول مرة- الشرائح الإلكترونية "إي- إس آي إم" (E-SIM) أو بطاقات "إس آي إم" (SIM) الافتراضية، للبقاء على اتصال بالإنترنت لأغراض إنسانية أو مهنية.
وبالنسبة لعوكل، فإن هذه "الشريحة بمثابة كنز لكل من يمتلكها في مناطق شمال قطاع غزة"، المعزولة عن العالم جراء القطع التام للاتصالات والإنترنت عنها، بفعل الدمار الهائل الذي تسببت به آلة الحرب الإسرائيلية.
يقع منزل عوكل في منطقة منخفضة بمخيم جباليا، فيضطر للصعود يوميا فوق سطح منزل مدمر جزئيا، جراء غارة جوية إسرائيلية في منطقة "تل الزعتر" القريبة، ليتمكن من التقاط إشارة توصله بالإنترنت، للاطمئنان على أهله، وأحبته النازحين في جنوب القطاع، والمقيمين خارجه.
رفض الرجل النزوح عن منزله، وتمسك مع عدد من أفراد أسرته وعائلته بالبقاء في مخيم جباليا، فيما نزحت والدته وشقيقاته وآخرون إلى مدينة رفح في جنوب القطاع.
ويقول للجزيرة نت "بفضل هذه الشريحة أصبحت أنا الوسيط بين الشمال والجنوب، وكذلك مع أبناء العمومة والأصدقاء في الضفة الغربية وخارج البلاد، يتواصلون معي كي يطمئنوا على بعضهم بعضا عن طريقي، في ظل تردي خدمات الاتصالات والإنترنت عبر الشبكات الفلسطينية".
وتعتبر مهمة عوكل وغيره في مدينة غزة وشمال القطاع للحصول على الإنترنت مهمة ليست سهلة، وتحفّها الكثير من المخاطر، فمنهم من دفع حياته ثمنا لها جراء استهداف جيش الاحتلال له، وكان من بينهم صحفيون أصيبوا بجروح أثناء البحث عن مكان مرتفع تتوفر به إشارة إرسال، عبر شبكة اتصالات متاحة للحصول على الإنترنت.
يمكث عوكل لنحو ساعتين فوق سطح ذلك المنزل المدمر، يتابع الأخبار والتطورات، ويتواصل مع الأهل والأصدقاء، ويصف هذه المهمة اليومية بالخطيرة، ولا يأمن على نفسه من طائرات الاحتلال التي تجوب أجواء القطاع على مدار الساعة، غير أنه يقول "المغامرة تستحق، من أجل البقاء على تواصل مع أهلي وأصدقائي ومتابعة عملي".
"نقطة تواصل"وللحصول على إنترنت عبر هذه الشريحة، يسير المصور الصحفي عمر القطّاع مسافة طويلة من حي الدرج إلى شارع الجلاء، حيث منزل مرتفع لأقاربه. ويقول للجزيرة نت "أضطر للصعود فوق سطح الطابق الرابع، والمكوث فترة طويلة، وبصعوبة أحصل على إشارة للاتصال بالإنترنت، وجودته ضعيفة ويستنزف وقتا وجهدا كبيرين لتحميل صور بجودة عالية وإرسالها".
يقيم عمر وأسرته حالياً لدى عائلة زوجته، في حي الدرج شرقي مدينة غزة بعد دمار شقته السكنية، ويحرص على إنهاء عمله قبل مغيب الشمس، لما يحمله الليل معه من مخاطر شديدة.
يصف عمر نفسه بأنه بات "نقطة تواصل" بين الأهل والأصدقاء في داخل القطاع وخارجه بفضل هذه الشريحة، ويقول "الناس في غزة كالغريق الذي يتعلق بقشة من أجل النجاة، وهذه الشريحة بمثابة هذه القشة التي تبقيهم على قيد الإنترنت واستمرار التواصل والاطمئنان على بعضهم البعض".
أما أم قصي، فكانت الشريحة الإلكترونية وسيلتها الوحيدة للبقاء على اتصال مع أبنائها الأربعة الذين يدرسون ويقيمون في دول عربية وأوروبية. وتقول للجزيرة نت "عشت أياما من الرعب والقلق على أبنائي، عندما قطع الاحتلال الاتصالات والإنترنت بشكل كلي عن غزة لأول مرة في الأسابيع الأولى للحرب".
وتضيف هذه المرأة الأربعينية النازحة من شمال القطاع إلى مدينة رفح "كانت تجربة غير مسبوقة، فقدت كل وسيلة تواصل مع أبنائي، ولم أكن أعلم من قبل بالشرائح الإلكترونية، حتى عرفتني صديقة على حملة لمتطوعة مصرية تدعم أهل غزة بهذه الشرائح".
ولأن هذه الشرائح لا تعمل إلا على أنواع متقدمة من أجهزة الهواتف النقالة الذكية، لا تمتلك أم قصي أحدها، فقد احتاجت إلى ضبطها وتفعيلها على هاتف زوجها، وتكابد من أجل التقاط إشارة اتصال لإحدى شركات الاتصالات الإسرائيلية للحصول على الإنترنت.
المتطوعة المصرية التي أشارت لها أم قصي، هي الناشطة ميرنا الهلباوي، التي أسست مبادرة "توصيل غزة"، وهي مبادرة شعبية تستخدم شرائح إلكترونية "إي- إس آي إم" (E-SIM) أو بطاقات "إس آي إم" (SIM) الافتراضية، لمساعدة الغزيين على تجنب انقطاع الاتصالات، والبقاء على تواصل مع بعضهم البعض والعالم الخارجي، في ظل حرب إسرائيلية طال دمارها أبراج ومحطات إرسال وشبكات لشركات الاتصال الفلسطينية.
وهذه المبادرة هي إحدى مبادرات كثيرة فردية وجماعية، ظهرت منذ قطعت الاتصالات والإنترنت لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وزادت أهميتها مع تكرار القطع 10 مرات ولفترات متفاوتة، آخرها لـ7 أيام خلال يناير/كانون الثاني الجاري.
وفي مقطع فيديو باللغة الإنجليزية نشرته على حسابها بمنصة إنستغرام، بمناسبة مرور 90 يوما على إطلاق المبادرة، تقول ميرنا إنه "من يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول (الماضي) للنهاردة (حتى اليوم)، تم توزيع أكثر من 150 ألف شريحة إلكترونية لأهل غزة، لأنها وسيلة التواصل الوحيدة، سواء بينهم، أو مع العالم، بسبب قطع إسرائيل للاتصالات والإنترنت بشكل مستمر".
وللتسهيل على الراغبين بالحصول على هذه الشريحة، وضعت ميرنا في صندوق الرسائل الخاص بها عبارة مثبتة "ممكن شريحة إلكترونية" وبالضغط عليها يصل الطلب للمبادرة.
وبعثت ميرنا برسالة شكر وامتنان لداعمي المبادرة، التي بلغت كلفتها حتى الآن حوالي 4 ملايين دولار، وقالت "دعمكم يحفظ الحياة.. دعمكم يبقي الاتصال بين العائلات والأحباب، ودعمكم هو الوسيلة الوحيدة للصحفيين والطواقم الطبية لكشف ما تتعرض له غزة، وهو الطريقة الوحيدة ليبقى صوت غزة، حافظوا على الاتصال لغزة والإنسانية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاتصالات والإنترنت الشرائح الإلکترونیة شریحة إلکترونیة هذه الشریحة تواصل مع إس آی إم فوق سطح من أجل
إقرأ أيضاً:
عمرو طلعت يستعرض جوانب مبادرة الرواد الرقميون Digilians.. تأهيل جميع الخريجيين للعمل بقطاع الاتصالات بغض النظر عن المؤهل والمهنة.. التدريب منحة مجانية وإقامة كاملة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، الذي عقده اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، استعرض الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جوانب مبادرة "الرواد الرقميون".
وتهدف مبادرة الرواد الرقميون (Digilians)، إلى تأهيل وتدريب الشباب في مجالات الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والبرمجيات؛ وذلك من أجل تعزيز دورهم في عملية التحول الرقمي ودعم نمو الصادرات الرقمية، بما يسهم في تحقيق أحد المحاور الرئيسية لتنمية الاقتصاد الوطني.
وتمنح المبادرة كلًا من الدراسة العلمية والتدريب العملي للمتميزين من مختلف المؤهلات العلمية ومن جميع المحافظات؛ حيث تستهدف التعاون مع الجهات المتخصصة ــ محليًًا ودوليًا ــ في العلوم التكنولوجية المختلفة؛ لتغطية النواحي العلمية والتعليمية، بالإضافة إلى تنمية المهارات اللغوية والحياتية والقيادية.
وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور عمرو طلعت أن أهم ما يميز قطاع الاتصالات وتكنولوجيا في مصر، أنه يشهد نموا سنويا كبيرا، كما أن هناك نموا مطردا في الوظائف المتصلة بهذا القطاع، وهو أعلى القطاعات التي تشهد نموا على مدى السنوات الماضية، وذلك انطلاقا من أن جميع القطاعات التي تعمل على تحقيق نهضة حقيقية في مجالها من الضروري أن ترتكز على التكنولوجيا والاتصالات، كجزء من خطتها لتحقيق مستهدفاتها، وذلك في مختلف دول العالم أيضا، وهو ما يؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل على المستوى المحلي وأيضا على المستويين الإقليمي والدولي.
كما أشار وزير الاتصالات، إلى أنه منذ سنوات كان العمل في قطاع الاتصالات يقتصر على بعض التخصصات مثل هندسة الحاسبات، وعلوم الحاسب الآلي، كذلك المتخصصون تخصصا متعمقا في علوم هذا القطاع، واليوم الوضع تغير بالكامل وأصبح هناك فرصة للعمل في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لكل التخصصات ولكل من يرغب في هذا الشأن، ولذا ينفتح القطاع على جميع التخصصات وهو ما ارتكزت عليه مبادرة "الرواد الرقميون"، التي تعتبر منحة مجانية بالكامل بإقامة كاملة؛ حيث يتم قبول الشباب والفتيات من جميع المحافظات، لكل من لديه رغبة في اتخاذ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مسارًا مهنيًا له بغض النظر عن خلفيته العلمية أو الشهادة التي حاز عليها، أو الدراسة، وأيضا بغض النظر عن المهن التي يمتهنها حاليا أو القطاع الذي يعمل به حاليا.
وأضاف الوزير: كل من يرغب في أن يلتحق بهذا القطاع ويرى في نفسه قدرة على أن يحصل على علم وخبرة نحن جاهزون لكي نتشارك معه في رحلة تؤدي إلى أن يتخذ من المهنة التي يحلم بها مسارا مهنيا، وفي ضوء ذلك يتم إجراء بعض الاختبارات للطلاب المتقدمين لاختيار المسار الأنسب لهم، لافتًا إلى أن هذا الاختبار ليس الغرض منه القبول أو عدم القبول لكن الغرض منه هو تحديد نقطة البداية، إلى أن نصل معه إلى مصفوفة مهارات متكاملة تؤهله للمنافسة باقتدار وفاعلية في سوق العمل.
وأشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى أن رؤية المبادرة تتحدد في إحداث نقلة نوعية في الكوادر المدربة في سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ــ كمًا وكيفًا ــ وزيادة معدلات توظيف الشباب وتعزيز الانتماء، وذلك من خلال رسالة مفادها المساهمة في بناء مجتمع رقمي متكامل، عبر تطوير القدرات التكنولوجية للشباب، وتعزيز ثقافة الابتكار الرقمي، ودعم تنافسية الكفاءات المصرية عالميًا.
وفي هذا السياق، أوضح الوزير أن مصفوفة المهارات التقنية التي تتم من خلال المبادرة تستهدف أولا (المهارات التقنية) لدى الطلاب، حيث يتم الاتفاق مع مجموعة ضخمة من الشركات العالمية والمحلية العاملة في مصر لاستقبال المتدربين في مبادرة الجيل "الرواد الرقميون" بعد الانتهاء من فترة الدراسة النظرية أو اكتساب (المهارات التقنية)، ويلي ذلك فترة تدريب عملي في الميدان بالعديد من الشركات؛ حيث تستهدف المبادرة تعزيز الخبـرة العملية لدى المتدربين، من خلال التدريب في تلك الشركات العالمية والمحلية، بجانب تقديم فكرة لمشروع ربحي قائم على التكنولوجيا، والمشاركة في مشروعات مصر الرقمية، علاوة على إلزام جميع المتدربين بإنشاء حساب على منصات العمل الحر وكسب مشروعات تطبيقية.
وقال الدكتور عمرو طلعت: يقترن بذلك المهارات اللغوية التي يكتسبها الطلاب من خلال المبادرة، حيث يتطلب قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاطلاع المستمر والدائم على كل ما هو جديد، وعادة كل جديد ينشر باللغة الإنجليزية، ومن ثم لابد أن يكون الملتحق بالعمل في هذا القطاع مُلما بهذه اللغة، كذلك تتبنى المبادرة مهارات القيادة والملكات الشخصية والثقافة للملتحقين، مشيرا إلى أن سوق العمل اليوم يتطلب الإلمام بمهارات التواصل والتفاوض، وترتيب الأولويات، وكيفية العرض والعمل مع فريق من ثقافات مختلفة، وأيضا العمل عن بعد، بجانب إمكانيات القيادة، وإدارة الوقت، وتحفيز الفريق، فكل هذه الملكات والمهارات ينبغي أن تقترن بالعمل التقني والخبرة العملية، ومن ثم مبادرة "الرواد الرقميون" تدرب الملتحقين على كل هذه المهارات والملكات.
وأضاف الدكتور عمرو طلعت: الالتحاق بالعمل في شركة خارج مصر لا يتطلب بالضرورة السفر، وهنا فكرة العمل الحر فمن خلال المبادرة سيتم تدريب الملتحقين بها على مهارات العمل الحر التي تمكنهم من الالتحاق بوظائف خارج مصر من خلال الإنترنت وهم مطلوبون في محل إقامتهم الحالية، كما أن لدينا شريحة أخرى من بناتنا وأبنائنا لديهم الفكر الرياضي وإقامة شركات، وسندربهم على المهارات الإبداعية وعلى ريادة الأعمال.
وفي الوقت نفسه، أشار الوزير إلى أن المبادرة تشمل أيضا التدريب على المهارات الحياتية، والتي تهتم بتحقيق التوازن وقوة الصلابة والقيام بأنشطة مختلفة تؤدي إلى بناء مصفوفة مهارات متكاملة، وهذا يتطلب تفرغا كاملا للمبادرة طوال فترة التدريب، وهناك 4 مسارات مختلفة للتدريب لكي يكون لدى المتقدم المرونة الكافية ليختار المسار الذي يناسبه والفترة التي يمكن أن يتفرغ فيها للتدريب، فهناك الدبلوم المكثف (٤) أشهر، والدبلوم المتخصص (٩) أشهر، والماجستير المهني في سنة وماجيستير العلوم الذي يستغرق سنتين.
وأكد الدكتور عمرو طلعت أن المبادرة مجانية بالكامل تتحمل كلفتها الحكومة المصريه ممثلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وصندوق "تحيا مصر" والملتحقون بالمبادرة لا يتحملون أي كلفة مادية جراء الالتحاق بها والدراسة بها، لافتا إلى أن الجرعة التدريبية المتكاملة تحتاج تفرغا كاملا ومن ثم فكرنا في بناتنا وأولادنا المقيمين خارج القاهرة كيف يمكن أن يلتحقوا بهذه المبادرة، ومن هنا جاءت فكرة ليس فقط إتاحة التدريب لكن أيضا الإقامة أثناء فترة التدريب مجانا.
واختتم الدكتور عمرو طلعت حديثه بالتأكيد أن المبادرة فرصة حقيقية في منتهى الأهمية لكل من يرغب في أن يجد في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مهنة، كما أن القطاع به فرصة لكل شاب وفتاة لديهما العزم والإرادة والقدرة على بذل الجهد لتحصيل العلم الذي يؤهله للعمل في هذا القطاع الذي ينمو في كل دول العالم، ومن ثم الوظائف المتاحة به تتزايد يوما بعد يوم، ولابد أن يستفيد شبابنا من هذه المبادرة مبادرة الجيل، مشيرا إلى أنه تم تخصيص ملياري جنيه لإنشاء مركز التدريب الخاص بالمبادرة، بالإضافة إلى مليار جنيه سنويا موازنة تشغيلية يتم تمويلها من خلال وزارة الاتصالات وصندوق "تحيا مصر"؛ لضمان استمرارية وتأهيل أكبر عدد ممكن من الشباب.