هل استعادت العلاقات الجزائرية الإسبانية دفئها؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
هل طوت الجزائر وإسبانيا صفحة الأزمة التي اندلعت بينهما في مارس/ آذار 2022 في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز مساندة بلاده خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، واعتبرتها الجزائر "خروجا عن الحياد" إزاء هذه القضية التي هي محل خلاف بينها والجارة المغربية؟ وهل إعادة تفعيل "معاهدة الصداقة وحسن الجوار" التي كانت تربط البلدين منذ عدة سنوات بات أمرا وشيكا؟
بدون الذهاب إلى هذا الحد، ثمة بعض المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية الجزائرية والتي تشير إلى أن العلاقة بين مدريد والجزائر العاصمة في طريقها إلى التحسن.
اقرأ أيضاتعليق الجزائر معاهدة التعاون مع إسبانيا.. الرابح والخاسر من تدهور العلاقات؟
المتغير الأول هو تعيين الجزائر لعبد الفتاح دغموم، الرجل الثاني في السفارة الجزائرية بإسبانيا سابقا، سفيرا جديدا لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بينما لم يغادر سفيرإسبانيا الجزائر رغم الأزمة التي طرأت بين البلدين.
المتغير الثاني هو قطاع النقل الجوي الذي عرف انتعاشا كبيرا بعدما قررت شركة الخطوط الجوية الجزائرية زيادة عدد رحلاتها من الجزائر باتجاه مدن إسبانية.
فعلى سبيل المثال بعدما كان عدد الرحلات بين الجزائر العاصمة ومدينة برشلونة حيث يقيم عدد كبير من الجزائريين يقدر بأربع رحلات أسبوعيا، ارتفع هذا العدد إلى سبع رحلات. نفس الشيء أيضا بالنسبة لمدن إسبانية أخرى، على غرار العاصمة مدريد وإشبيلية...
هل سيزور بيدرو سانشيز الجزائر قريبا؟ويتوقع النائب في المجلس الشعبي الوطني الجزائري محمد هاني ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في هذه الجمعية سابقا أن العلاقات بين إسبانيا والجزائر ستتطور أكثر في قادم الأيام.
وقال في حوار هاتفي مع فرانس24: "هناك رغبة ملحة من قبل رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو شانشيز بالقيام بزيارة إلى الجزائر لتذويب ما تبقى من الجليد بين البلدين والانطلاق في مرحلة جديدة من العلاقات الإستراتيجية". وبخصوص تاريخ هذه الزيارة، أجاب النائب الجزائري بأنها "وشيكة جدا، ربما ستأتي في الأشهر القليلة المقبلة".
اقرأ أيضاالجزائر - إسبانيا: بعد القطيعة.. ما الذي دفع نحو استئناف العلاقات التجارية؟
هذا، وكان وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف قد صرح في حوار أجراه مع قناة "أثير" القطرية أن "إسبانيا لم تكن في يوم ما عدوة للجزائر".
وتابع:" طبعا توترت العلاقة معها وسحبنا سفيرنا لأننا لم نتقبل أن تعرب بسهولة عن مساندتها لخطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية"، مشيرا أن العلاقة مع هذا البلد الأوروبي تحسنت بعد "الخطاب الذي قام به بيدرو شانشيز أمام الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي حيث أعلن تغيير موقف بلاده بـ 180 درجة ليصب باتجاه الموقف الأوروبي. وهذا ما كنا نطالب به".
حلحلة الملف الإسباني لأهداف انتخابية؟من جهته، أضاف النائب محمد هاني أن "صفحة الخلافات طويت بالفعل مع مدريد. والدليل على ذلك هو أن الرئيس عبد المجيد تبون أصدر تعليمات للبنوك والشركات الجزائرية بالتعامل من جديد مع المؤسسات البنكية والاقتصادية الإسبانية، متوقعا أن تكون الخطوة المقبلة "إحياء معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين البلدين".
فيما أضاف مصدر آخر رفض الكشف عن هويته لفرانس24 أن "الرئيس تبون ربما يريد حلحلة الملف الإسباني تحسبا للانتخابات الرئاسية الجزائرية التي ستجري في نهاية السنة الجارية والتي سيحتاج خلالها إلى الدعم الإسباني وحتى الفرنسي".
وفي سؤال هل تأثر الاقتصاد الجزائري من القطيعة الدبلوماسية التي وقعت بين إسبانيا والجزائر، أجاب محمد هاني بنعم، مشيرا بالمقابل أن "إسبانيا هي التي تأثرت كثيرا مقارنة بالجزائر كونها هي التي كانت تصدر بضائع أكثر إلى بلدنا. لكن هذا لا يعني بأن المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين لم يتأثروا بالقطع. بل بالعكس هناك عدة شركات، خاصة في مجال البناء والخزف أو ما يسمى "بالسيراميك" فقدت أرباحا مالية كبيرة".
هذا، وعدا إمدادات الغاز الطبيعي التي استفادت من عقود طويلة المدى، أوقفت الجزائر جميع التبادلات الاقتصادية مع مدريد التي كانت بدورها تصدر ما يقارب 3 مليارات يورو من البضائع إلى الجزائر قبل الأزمة بين البلدين.
التقرب من الجزائر، مناورة جديدة من شانشيز؟ويري منصف سليمي، وهو صحافي ومحلل سياسي تونسي بأن خطاب بيدرو سانشيز في الأمم المتحدة، والذي أعلن فيه أن بلاده تساند الموقف الأوروبي في قضية الصحراء الغربية، أراد منه "إرضاء فقط الطرف الجزائري والاقتراب منه. والدليل على ذلك أنه لم يتراجع عن الموقف الذي قاله في اتفاقه مع الرباط فيما يخص نفس القضية".
اقرأ أيضاالجزائر- إسبانيا: أزمة مفتوحة؟
وقال سليمي في برنامج "النقاش المغاربي" الذي تبثه يوميا قناة فرانس24 تصريحات سانشيز ما هي سوى "مناورة إسبانية لكسب الجار الجزائري".
وأضاف: "أعتقد ان إسبانيا عملت خيارات استراتيجية مع المغرب، وهي خيارات لا رجعة فيها"، معتبرا أن "التوجه الإسباني نحو إعادة العلاقات مع الجزائر ما هي سوى محاولة أولى ستعقبها محاولات أخرى هدفها تقريب وجهات النظر بين الجزائر والرباط". فهل يمكن وصف التقارب الجزائري الإسباني الجديد بالشكلي؟
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الجزائر بيدرو سانشيز إسبانيا الأمم المتحدة عبد المجيد تبون الجزائر إسبانيا المغرب أزمة دبلوماسية بيدرو سانشيز للمزيد كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 منتخب المغرب وليد الركراكي الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا بین البلدین
إقرأ أيضاً:
وزيرة الدفاع الإسبانية توقف الاحتفال بالذكرى المئوية لإنزال الحسيمة لتجنب إغضاب المغرب
يُعتبر إنزال الحسيمة أحد أعظم النجاحات العسكرية الإسبانية. كان الجيش الإسباني قد أعد برنامجًا للاحتفالات، وتولى رئاسة الأركان العامة للدفاع مسؤولية تنظيمه، ولكن الوزيرة أمرت بإلغائه.
يصادف يوم 8 سبتمبر الذكرى المئوية لإنزال الحسيمة، وهو الإنزال البرمائي الذي وقع عام 1925 ويُعد من أهم النجاحات العسكرية الإسبانية الحديثة. ومع ذلك، فإن الاحتفال بهذا الحدث التاريخي يسير في اتجاه أن يكون محدودًا جدًا داخل القوات المسلحة، وربما معدومًا تمامًا.
أدى هذا الإنزال إلى إنهاء حرب الريف، والتي تُعرف أيضًا باسم « الحرب الثانية في المغرب »، حيث كانت انتفاضة عبد الكريم الخطابي ضد السلطات الاستعمارية الإسبانية والفرنسية في شمال المغرب سبب اندلاعها. جاءت هذه الحرب بعد كارثة أنوال عام 1921، حيث خسر الجيش الإسباني 10,000 جندي أمام قوات الريف، مما دفع الفيلق الإسباني إلى التدخل لإنقاذ مدينة مليلية.
يُعد إنزال الحسيمة علامة فارقة في التاريخ العسكري، حيث كان أول إنزال برمائي يُستخدم فيه الدبابات، مع دعم جوي وبحري مكثف. شارك الجيشان الإسباني والفرنسي في العملية، مما أدى إلى استعادة السيطرة الإسبانية على منطقة الحماية في شمال إفريقيا.
الجيش الإسباني كان يستعد للاحتفال بالذكرىأعرب الجنرال خوسيه أجوستين كاريراس، قائد اللواء الثاني عشر في الفيلق الإسباني، في العدد 569 من مجلة « الفيلق » (إصدار أبريل 2024)، عن أهمية عام 2025، مشيرًا إلى عدة مناسبات تاريخية، من بينها الذكرى المئوية لإنزال الحسيمة.
برغم أن الجنرال كاريراس لا يشرف على جميع وحدات الفيلق (مثل تلك الموجودة في سبتة ومليلية)، إلا أنه يتمتع بسلطة رمزية في تمثيل الفيلق في المناسبات التاريخية المهمة.
عند الاتصال بقيادة الجيش الإسباني للحصول على تفاصيل حول الفعاليات المخطط لها بمناسبة الذكرى المئوية، جاءت الإجابة مقتضبة وغير واضحة:
« نحيطكم علمًا بأن الذكرى المئوية لإنزال الحسيمة ليست حدثًا رسميًا خاصًا بالجيش الإسباني. »
وفقًا لمصادر عسكرية، فقد كانت هناك خطط مبدئية لإحياء الذكرى، حيث خصص الجيش الإسباني ميزانية لتنظيم عدد من الفعاليات تركز على الأهمية التاريخية لهذه العملية العسكرية. كذلك، أبدى رئيس الأركان العامة للدفاع، الأدميرال تيودورو إستيبان لوبيز، اهتمامًا بالحدث، وقام بتنسيق تنظيمه ليشمل مختلف أفرع القوات المسلحة.
ولكن، عندما وصلت هذه الخطط إلى وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، أصدرت أمرًا بإلغاء جميع الفعاليات المتعلقة بهذه الذكرى.
تُشير المصادر إلى أن سبب هذا القرار هو تجنب أي توتر دبلوماسي مع المغرب، حيث يُعتقد أن الاحتفال بهذه العملية العسكرية قد يثير استياء الرباط.
عند الاتصال بوزارة الدفاع الإسبانية للحصول على تعليق رسمي، لم تصدر الوزارة أي رد حتى بعد عدة استفسارات. بينما اكتفى مكتب رئيس الأركان العامة للدفاع بالتصريح بأن: « سيتم إعداد دراسة تاريخية عن إنزال الحسيمة. »
موقف معهد التاريخ والثقافة العسكريةأكدت بعض المقالات المنشورة في الصحف مثل El Debate وMelilla Hoy أنه لا توجد خطط لدى معهد التاريخ والثقافة العسكرية لتنظيم أي احتفال بهذه الذكرى، باستثناء تنظيم مؤتمر أكاديمي حول العمليات البرمائية.
وتُشير مصادر من المعهد إلى أن الأولوية الرئيسية للجيش الإسباني في عام 2025 ستكون الاحتفال بالذكرى الـ500 لمعركة بافيا عام 1525، التي هزمت فيها القوات الإسبانية والألمانية الجيش الفرنسي في شمال إيطاليا.
العلاقات الإسبانية المغربية: توازن حساستعد العلاقة مع المغرب من القضايا الدبلوماسية الحساسة التي تواجه أي حكومة إسبانية. فقد شهدت السنوات الأخيرة أزمات دبلوماسية متعددة، أبرزها استقبال زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في إسبانيا للعلاج، مما أدى إلى أزمة حدودية في سبتة عام 2021، فضلًا عن ارتفاع تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى جزر الكناري.
في عام 2022، كشف المغرب أن رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، وصف مبادرة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية بأنها « الأساس الأكثر جدية وواقعية » لحل النزاع، مما شكل تحولًا كبيرًا في موقف إسبانيا التقليدي تجاه هذه القضية.
في هذا السياق، فإن تنظيم احتفال واسع بذكرى إنزال الحسيمة قد يُفسر على أنه استفزاز للمغرب، خاصة أن منطقة الإنزال تشمل جزر الحسيمة، التي تطالب المغرب بسيادتها إلى جانب مدينتي سبتة ومليلية.
الخطابي.. وأنوالترتبط ذكرى إنزال الحسيمة ارتباطًا وثيقًا بشخصية عبد الكريم الخطابي، الذي قاد المقاومة الريفية ضد الاستعمار الإسباني والفرنسي. على الرغم من أنه كان خصمًا للسلطان المغربي في ذلك الوقت، إلا أن الحكومة المغربية الحديثة احتفت بذكراه، وأصدرت طابعًا بريديًا عام 2021 يحيي ذكرى انتصار الريفيين في معركة أنوال.
من اللافت أن وزارة الدفاع الإسبانية لم تقم بتنظيم فعاليات كبيرة لإحياء ذكرى كارثة أنوال، باستثناء بعض المراسم المحدودة في مليلية. ويُعزى هذا إلى توجه الحكومة الحالية، التي تُفضل عدم إعطاء أهمية مفرطة للأحداث العسكرية التي قد تكون محل جدل، خاصة تلك المتعلقة بالحروب الإسبانية في المغرب.
عن (إل كونفيدينثيال)
كلمات دلالية إسبانيا المغرب تاريخ