سرايا - أكد تقرير جديد لصندوق النقد الدولي، الأربعاء، أن الحرب الإسرائيلية على غزة أحدثت تأثيرا سلبيا على السياحة الوافدة والإنفاق الاستهلاكي في الأردن، رغم أن اقتصاده ينمو بوتيرة معتدلة

وتوقع التقرير، الذي صدر الأربعاء أن يتراجع النمو الاقتصادي للأردن لعامي 2023 و2024 إلى قرابة 2.6% في كلا العامين، مقارنة بالتوقعات السابقة التي اقتربت من النمو بنسبة 3% في عام 2024

وأوضح أن الآثار السلبية للحرب الدائرة في المنطقة لم تقتصر على القطاعات المرتبطة بالسياحة، حيث تعكس التوقعات أيضا انخفاض الاستثمار وتباطؤ الطلب الإقليمي، حيث من المتوقع نتيجة لذلك أن يتراجع عجز الحساب الجاري بدرجة أقل مما كان متوقعا في السابق (إلى 6.

3% من إجمالي الناتج المحلي)، ويرجع ذلك أساسا إلى انخفاض عائدات السفر وارتفاع واردات الطاقة

صندوق النقد، الذي يصنّف الأردن بأنه من الأسواق الناشئة والاقتصادات متوسطة الدخل، قال على الرغم من أن مؤشرات حجوزات الفنادق والطيران في المنطقة عادت قبل بدء الحرب في تشرين الماضي إلى مستويات عام 2019، إلا أن اتجاهات معدلات إشغال الغرف الفندقية بعد بداية الحرب تفاقمت بشكل حاد في لبنان والأردن، مقارنة بالفترة المقابلة من العام السابق، وفق التقرير الذي وصل المملكة نسخة منه

وأشار التقرير إلى أن حجم إشغال الفنادق تراجع بنسبة وصلت إلى قرابة 32% للأسبوع الأول من شهر كانون الأول الماضي مقارنة مع الأسبوع ذاته من العام 2022، كما تراجعت بقرابة 10% في الأسبوع الثاني من الشهر الحالي مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي، وفق بيانات للصندوق مع وكالة سميث لأبحاث السفر

وأشاد التقرير بالوصول إلى اتفاق جديد مع الأردن بعد المناقشات التي بدأت منتصف 2023، حيث جرت الموافقة على اتفاق جديد لبرنامج تسهيل الصندوق الممدد لمدة أربع سنوات في كانون الثاني 2024، مما أدى إلى إتاحة 1.2 مليار دولار


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ارتفاع صادرات الأردن إلى الاتحاد الأوروبي بـ4.4% في 2024
  • أكثر من (6.06)تريليون ديناراً إجمالي الجباية الإلكترونية لدوائر الدولة في 2024
  • إسرائيل تخفي تقارير عن تكلفة الحرب.. كم بلغت حتى نهاية العام الماضي؟
  • الاحتلال يخفي تقارير عن تكلفة الحرب.. كم بلغت حتى نهاية العام الماضي؟
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • انخفاض معدل البطالة في إيطاليا العام الماضي
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • السفير المصري ورئيس هيئة تنشيط السياحة يفتتحان الجناح المصري بمعرض لشبونة الدولي
  • لبنان يبلور نقاط اتفاق مجدّد مع صندوق النقد الدولي
  • أكاديميون: ترامب يعود بالعالم لحقبة الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي