استضافت القاعة الدولية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، جلسة نقاشية حول "الأدب الصيني على خريطة العالم.. التجربة والطموح"، والتي تحدث فيها مجموعة من الكتاب والشعراء في الصين، وهم الشاعر والروائي الصيني “تشاو لي هونغ” نائب رئيس اتحاد كتاب شانغهاي، و"ليو أي" مديرة قسم التعاون الدولي بمعرض بكين وكاتبة أطفال، و"شويه تاو" روائي متخصص في أدب الناشئة ونائب رئيس كتاب لياو نينغ، وأدار الجلسة الناشر والكاتب والمترجم الدكتور أحمد السعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة بيت الحكمة للثقافة.

في البداية، قدم الدكتور أحمد السعيد الكتاب والأدباء الصينيين، قائلا: "نحن سعداء بتواجدنا هنا في المعرض لنناقش معًا الأدب الصيني على خريطة العالم وانتشاره في العالم" وفي هذه الجلسة سنتعرف على تجربة ترجمة الأدب الصيني والطموحات التي يصبو إليها الأدباء وخطط الانتشار الخارجي عبر الترجمات في الأدب الصيني في الخارج.

وفي بداية حديثه، تحدث الشاعر الصيني "تشاو لي هونغ" عن تجربته مع الكتابة وكتابة الشعر والتي بدأت منذ أكثر من 50 عامًا قائلاً: "يسعدني ويشرفني أن أكون معكم اليوم للتحدث عن الأدب الصيني في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهذه هي زيارتي الأولى إلى مصر، والتي تمنيت أن أزورها منذ وقت طويل، فمصر هي بلد الحضارة، وكلما رأيت الآثار المصرية أتساءل كيف استطاع هذا البلد أن يقدم كل هذا التراث الإنساني للبشرية بكل هذه العظمة.

وتابع: "أمارس العمل الأدبي منذ أكثر من 55 عامًا ولم يفارقني الفعل الكتابي حتى وقتنا الحالي، فالكتابة تشعرني بأن حياتي مفعمة بالحيوية، وعندما بدأت الكتابة الإبداعية لم يكن الهدف في البداية أن أصبح كاتبًا أو شاعرًا، وقد ألحقت بالعمل في القرية كمزارع، وكان كل المطلوب مني في الحياة أن أصبح مزارعاً، وكتابة الشعر هو ما أنقذني من هذا المصير.

واستطرد: "كنت أعمل كل يوم في الحقل في الزراعة وكنت أشعر بالتعب والجوع الشديد، ولكني حينما أشعر أنه في الليل سأذهب إلى كوخي الصغير وأجلس بجوار الموقد لأكتب، أشعر أن هناك هدف لي في الحياة، وكنت أصبر على تلك الحياة القاسية والصعبة بداخل القرية، ولم أتخيل أن ما أكتبه سوف يترجم إلى لغات أخرى، أو سيقال عنه أدب عالمي، فقد تم ترجمة "ديوان الآلام" إلى أكثر من 20 لغة حول العالم وترجمته إلى العربية أكبر فخر لي، ففي هذا الديوان أتحدث فيه عن الألم، وكيف يمكن للشعر أن يعبر عن المشاعر التي يمر بها الإنسان، وما أحب أن أقول أن الإبداع البشري دائما مؤثر ويبقى أثره بين الأشخاص، فالشعر هو النوع الأدبي الأقدم في العالم وهو أكثر الأنواع الأدبية تعبيرًا عن مشاعر البشر".

كما تحدث الروائي الصيني "شويه تاو" تجربته في الانهيار العاطفي، وكيف أثرت على كتاباته وشعره، كما تحدث عن حكاية تتعلق بأحد مراكب الصيد الموجودة على غلاف أحد الإصدارات، مشيرا إلى أن لديه أمنية أن يزور المصريين الصين وأن يلتقي بكتاب مصريين في الصين.

بدورها، قالت الكاتبة الصينية "ليو أي" إنها تشعر بفخر وسعادة كبيرة لوجودها مع الجميع للتحدث عن الأدب الصيني هنا في القاهرة، قائلة: أعتقد أن هناك تشابها حضاريا وإنسانيا بين مصر والصين ليس فقط في التاريخ، ولكن أيضًا في أشكال التواصل الإنساني، فلدينا شعور مشترك في الحياة، ولذلك فإن مصر والصين كتبوا جزءا من التاريخ الحضاري للبشرية.

كما تحدثت عن علاقة الحضارة والتاريخ بالثقافة والإبداع الأدبي، قائلة: "أعتقد أن الإبداع الأدبي هو أحد مكونات التراث الثقافي الإنساني، فعندما نقرأ كتب التاريخ، لا نستطيع التيقن من تلك الأحداث، ولكن الأدب يسجل حياة البشر في تلك الحقب التاريخية، لذلك فالأدب يعبر أكثر عن البشرية من كتب التاريخ، والأدب عبارة عن رحلات ممتعة تأخذنا إلى دول أخرى ونرى من خلاله كيف يفكر البشر في هذا العالم، وكيف يرونه لذلك من خلال قراءتي المتعددة في الأدب العالمي وصلت إلى قناعة شخصية مهما كان الدين أو اللون أو العرق فالبشر سعيهم في الحياة واحد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القاعة الدولية معرض القاهرة الدولي للكتاب فی الحیاة

إقرأ أيضاً:

د. آمال عثمان تكتب: الأوركسترا الملكي البريطاني في قلب التاريخ

ليس من قبيل الصدفة أن تحظى مصر، التى لطالما كانت مهداً للفنون منذ فجر التاريخ، بشرف استضافة الأوركسترا الملكى البريطانى العريق.

فى تلك البقعة الفريدة من العالم، حيث انصهرت على ترابها حضارات غيّرت شكل الحياة على الأرض، وامتزجت ثقافات كتبت سطور التاريخ، وها هى اليوم تفتح أبوابها من جديد ليتلاقى فيها سحر المكان مع عبق الزمان فى هذه البقعة الفريدة، وتتعانق الموسيقى العالمية مع تراث الأجداد، وتشرق شمس الإبداع فى ليلة ساحرة، تتألق فيها أرض الكنانة التى شهدت ميلاد أعظم الفنون، وتطل شمس الإبداع لتسجل لحظة تاريخية جديدة، هى بمثابة احتفاء بالعراقة الموسيقية والتراث الفنى الذى سطره أجدادنا المصريون عبر العصور.

أحسب أن استضافة هذا الحدث الفنى المهم فى رحاب المتحف المصرى الكبير هى أكثر من مجرد عرض موسيقى، يتزامن مع حدث سينمائى وفنى كبير، هو مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أهم مهرجان سينمائى فى أفريقيا والشرق الأوسط، إنها رسالة قوية عن قدرة الفن على تجاوز الحدود الزمانية، وتجسيد حى لروح الفن الذى تجاوز الحدود الجغرافية والمكانية، وأن مصر الخلود بكل ما تحمل من تاريخ ثقافى وفنى عظيم، ستظل دائماً فى قلب الإبداع الفنى العالمى.

إن ما يميز زيارة الأوركسترا الملكى البريطانى، التى تأتى لأول مرة، أنها تمثل نقطة التقاء بين موسيقى عالمية راقية، وتاريخ فنى ضارب فى القدم، وهى بمثابة فرصة ليجتمع العالم على أرض المحروسة فى توقيت شديد الخصوصية، ولحظات فريدة تجمع بين سحر الموسيقى الكلاسيكية والفن السينمائى فى قلب القاهرة، وتأكيد أن هذه الأرض، التى شهدت ميلاد الفنون، ما زالت قادرة على احتضان أرقى أنواع الإبداع الموسيقى العالمى.

الأوركسترا الملكى البريطانى هو -بلا شك- واحد من أعرق الأوركسترا فى العالم. تأسس فى عام 1946، ومنذ ذلك الحين أصبح رمزاً للموسيقى الكلاسيكية البريطانية، ويُعد بمثابة صوت إنجلترا الموسيقى، وهو واحد من أعظم السفراء الثقافيين لبريطانيا فى محافل الفن العالمية.

قدم الأوركسترا الملكى البريطانى لجمهور القاهرة مجموعة من أروع المقطوعات السيمفونية، من بينها أعمال موسيقية شهيرة مثل «كابريتشيو إسبانيول» لريمسكى كورساكوف و«قصيدة مصنف 25 للفيولينة والأوركسترا» لإرنست شوسون، وصولاً إلى أعمال سينمائية خالدة مثل موسيقى هانس زيمر من أفلام «قراصنة الكاريبى» و«بين النجوم». كما تضمن الحفل الموسيقى بعض الأعمال الملحمية مثل «سيد الخواتم» لهاورد شور و«صراع العروش» لرامين جوادى.

وفى تقديرى أن هذه المقطوعات ليست مجرد ألحان جميلة، بل هى سرد حى لتاريخ طويل من الإبداع الذى يتعدّى الحواجز الثقافية، حيث إن هذه المقطوعات تمثل أوج التلاقح الثقافى بين الشرق والغرب، مما يجعل من هذا الحدث تجربة لا تُنسى، تؤكد أن مصر ليست مجرد مكان جغرافى، بل هى قلب العالم الثقافى والفنى، من أهرامات الجيزة إلى معابد الأقصر، ومن فخامة قاعات القاهرة الثقافية إلى أضواء المسارح العالمية، مصر كانت وستظل ملتقى الحضارات ومنبعاً للإبداع.

ولا شك أن جمهور القاهرة يستحق أن يعيش تلك التجربة الموسيقية الفريدة من نوعها فى أجواء مليئة بالسحر، حيث يلتقى الماضى والحاضر فى تناغم تام، ومن وجهة نظر أخرى، فإن هذه الفعالية تمثل فرصة عظيمة لتجربة فنية يتم فيها الجمع بين روعة الفن الغربى من جهة وعبق التاريخ المصرى من جهة أخرى، فى تزاوج رائع بين المكان والزمان، ولحظات تاريخية تُسجل فى ذاكرة الفن والثقافة، وتظل شاهدة على قدرة الفن على توحيد العالم فى قلب القاهرة.

أما أكثر المفاجآت التى أسعدتنى حقاً، فهى تلك اللمسة المصرية التى صاحبت الفرقة السيمفونية العالمية، وهى وجود عازفة الكمان المصرية الموهوبة أميرة أبوزهرة، وشقيقتها مريم، مما أضفى بُعداً خاصاً على الحدث، فرغم أن الأوركسترا الملكى البريطانى يضم أشهر العازفين من جميع أنحاء العالم، فإن وجود مواهب مصرية مثل أميرة ومريم يعكس بشكل واضح تطور المشهد الموسيقى فى مصر، ويبرز كيف يمكن للموهبة المصرية أن تتناغم مع أرقى المدارس الموسيقية العالمية.

ولا شك أن هذا التعاون بين الموسيقى العالمية والعزف المصرى سيكون له أثر كبير فى تحفيز الشباب المصرى على تطوير مهاراتهم الفنية، كما سيكون دافعاً قوياً لفتح أفق جديد للثقافة الموسيقية فى مصر، والتى لطالما كانت موطناً للمبدعين فى مختلف المجالات.

وفى هذا السياق، أشكر الشركات المصرية التى استقدمت الأوركسترا الملكى البريطانى، لقناعتها بأن هذا الحدث ليس مجرد حدث فنى بحد ذاته، بل هو أيضاً تجسيد حى للروابط الثقافية والإنسانية التى جمعت مصر بالعالم على مر العصور، ورسالة تقول إن الفن لا يعرف الحدود، وإن كل شعوب العالم يمكن أن تتلاقى على أرض واحدة، رغم اختلافاتها الثقافية.

إننى على يقين من أن هذه اللحظات التى تعانقت فيها الموسيقى العالمية مع تراث الأجداد، ستكون بلا شك لحظة تاريخية تُسجّل فى ذاكرة الفن والثقافة، وشاهداً على قدرة الفن على توحيد العالم فى قلب القاهرة، وستظل تلك الليلة الساحرة محفورة فى ذاكرة جمهورها، ليس فقط بسبب الألحان الساحرة التى سمعوها، بل أيضاً لأنهم شهدوا لحظة تاريخية تُرسّخ لفكرة أن الفنون هى اللغة التى توحّد العالم، وتربط بين أجياله المختلفة، بغض النظر عن المكان والزمان.. وأن مصر الخلود بكل ما تحمله من تاريخ ثقافى وفنى عظيم، ستظل دائماً فى قلب الإبداع الفنى العالمى.

إن استضافة الأوركسترا الملكى البريطانى ومهرجان القاهرة السينمائى الدولى، بالإضافة إلى الكثير من الفعاليات الثقافية الأخرى، تؤكد أن مصر ليست فقط بلداً للحضارات القديمة، بل هى أيضاً مركز حيوى للفنون والثقافة فى العصر الحديث.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. جلسة نقاشية مع عمرو سعد بمهرجان القاهرة
  • في اليوم العالمي للتلفاز.. حكاية أول جهاز يبث صورا في التاريخ
  • الرئيس الصيني يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وحل سياسي لأزمات العالم
  • جلسة نقاشية: الإمارات تسير بخطى ثابتة نحو الاستدامة
  • جلسة بمعرض Cairo ICT’24 تؤكد أهمية التحليل البياني في اتخاذ قرارات أكثر دقة وكفاءة
  • فابيو ليما يدخل التاريخ بـ «سوبر هاتريك» استثنائي
  • ماكرون يدعو بوتين ليكون "أكثر عقلانية" ويطالب الرئيس الصيني بـ"استخدام كل نفوذه" لتهدئة حليفه
  • الملحق الثقافي يفتتح الجناح المصري بمعرض الكتاب للأطفال بالسعودية
  • افتتاح الجناح المصري بمعرض الكتاب للأطفال بمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالسعودية
  • د. آمال عثمان تكتب: الأوركسترا الملكي البريطاني في قلب التاريخ