هند عصام تكتب: انتقام امرأة عاشقة
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
بالرغم من أن الثأر جزء من السلوك البشري منذ بداية وجود الإنسان على وجه الأرض ومثلما قال عالم علم النفس التطوري بجامعة ميامي "مايكل ماكالاه" والذي أمضى ما يزيد على عقد في دراسة الثأر والصفح: "حيث قال ان الثأر يعد من التجارب المعتادة في حياة البشر، ويدرك الناس في جميع المجتمعات فكرة الغضب والرغبة في رد الإيذاء بمثله" إلا ان قصة اليوم محيرة للغاية من وجهة نظري قصة ما بين العفو والانتقام فانا دائما أميل نحو العفو ولا انجرف نحو الميول الانتقامية وما شبه ذلك ولكن أحياناً قد يرى البعض أن التسامح انكسار، وأن الصمت هزيمة، لكنهم لا يعرفون أن التسامح يحتاج قوة أكبر من الانتقام ، وأن الصمت أقوى من أي كلام وهنا يجب ان نضع خط أسفل كلام لانه مجرد كلام ولكن عندما تنجرف الأمور نحو الثأر والدم وما شبه ذلك يصبح الأمر اكثر خطورة .
فمن هي المرأة العاشقة التي أبادة شعب بأكمله من أجل الانتقام لحبيبها ؟
هيا بنا نتعرف علي قصة أولجا المرأة العاشقة لزوجهاالأمير إيجور .
الأميرة أولجا هي أميرة جميلة من أصل بلغاري، أحبها الأمير إيجور أمير كييف، فتزوجا عن حب عظيم وأنجبا إبنهما سيفاتسولاف، حيث كانت الأسرة الصغيرة تعيش في هناء وسعادة وحب .
وبدأت القصة في عام 945 م عندما تم اغتيال زوجها الأمير "ايجور روريك" أمير كييف اعنف اغتيال علي يد قبيلة تعيش بشرق أوروبا تسمي قبيلة "الدريفليان" وهي قبيلة تشتهر بتربية الحمام وإنتاج العسل، كان يفرض عليها الأمير إيجور دفع إتاوات مقابل حمايته لها ولذلك قاموا باغتياله لانه في تلك السنة، فرض عليهم دفع الإتاوة مرتين، وهو الامر الذي لم يتقبلوه وأثار غضبهم فقد قاموا بثني شجرتين في وضع الإنحناء حتي تقابلاتا الشجرتين ومن ثم قاموا بربط وتقيد الأمير بينهما ومن ثم أفلتوا الشجرتين مما تسبب في إنشطار جسد الامير أيجور إليّ نصفين وتناثرت دماؤه و بعد اغتياله بهذه الطريقة الوحشية اشتعلت نار الانتقام في قلب زوجته الأميرة أولجا .
وباتت تدبر و تخطط أولجا لانتقام أشرس وأبشع بكثير بطريقة جعلتني لا أتفق معها وعلي كل حال هيا بنا نعلم ماذا فعلت أولجا بعد ذلك .
تولت الأميرة أولجا زوجة الامير ايجور الحكم بعد مقتل زوجها، بالوصاية على ابنهما وهنا سوف تبدأ الاميرة العاشقة في تنفيذ اشرس خطة انتقام علي مر التاريخ .
بعد ان تولت أولجا الحكم بدل زوجها المغدور، طمع أمير قبيلة "الدريفليان" وكان اسمه الأمير " مال " في توسيع حكمه والسيطرة على كييف وشعبها، ولهذا الغرض قرر الزواج من الأميرة أولجا ، وقامت حينها قبيلة الدريفليان بارسال افضل رجالها حتي يتم اقناع الأميرة بالزواج من اميرهم ، والذي كان يطمح الي حكم كييف والسيطرة علي عرشها وليس هياما بحب وجمال الأميرة أولجا.
قامت الأميرة باستقبالهم بطريقة لا تخطر علي بال أحد ما كان من الأميرة أولجا إلا أنها قد أحضرت لهم قبورهم بدل من ان تحضر لهم مائدة الطعام و أمرت بدفنهم أحياء، وأرسلت للأمير "مال" خطابا تقول فيه أنها قبلت الزواج منه، وهي تستأذنه أن يبقى رجاله عندها بضعة أيام، حتى تكرم وفادتهم وحتى ينشروا الخبر بين أهالي قبيلتها تمهيدا لهم لهذا الأمر .غير أنها يجب عليها ان تقيم عزاء مهيبا لزوجها قبل الزواج ، ولهذا الغرض طلبت منه أن يرسل لها أفضل رجاله وأقوى جنوده حتى تتباهى بهم بين أهالي إمارتها .
قبل الأمير " مال " علي الفور هذا الامر بسهولة ، ولبي طلبها فقد بعث لها حوالي 5000 آلاف من خيرة رجالها وأقواهم، وعندما وصل هؤلاء الرجال، رحبت بهم الأميرة أولجا ترحيبًا شديدًا، و أطعمتهم أشهى المأكولات، ثم حبستهم في قلعتها ذات الأسوار العالية وأمرت بإحراقهم أحياء .
عندما وصل الخبر بسرعة للأمير "مال"، لم تمنحه الأميرة أولجا فرصة للرد او حتي التفكير ،حيث أنها كانت هي وجنودها جاهزين وعلي أتم استعداد لتنفيذ الجزء الأخير من الخطة الانتقامية ، فبعد أن قتلت أفضل جنوده، قامت مباشرة بغزو قبيلة "الدريفليان".
قامت أولجا وجيوشها بمحاصرة القبيلة، ووقعوا جميعهم اسري لقوتها ومن ثم قاموا بالتوسل إليها كي تتركهم أحياء، وذلك مقابل إعطائها كل إنتاجهم من العسل، فوافقت وأخبرتهم أنها سوف تعفوا عنهم لكن في مقابل أن يجلبوا لها مع العسل، 3 حمامات من كل منزل حتى يتذكر أهل "الدريفليان" ما فعلته "أولجا" بساداتهم بعد أن قتلوا زوجها "إيجور" وافق الأهالي على هذا الطلب الذي اعتبروه طلبا بسيطا.
ولم يخطر في بالهم ابداً ، ان هذا الطلب بمثابة شهادة وفاة لهم جميعاً ، و ما هو الا الجزء الأخير والحاسم من خطتها الانتقامية، حيث أنه وبعد تسليمها الطيور قام جنودها بربط قطعة قماش مغموسة في الوقود، مربوطة بخيط طويل بعض الشيء في أقدام الحمام .وبعدها أطلقوهم كي تعود كل الطيور إلى بيوت أصحابها المعتادة العودة إليها ولكن البيوت كانت مبنية جميعها من الحطب والخشب، وهنا كانت النهاية، حيث احترقت جميع البيوت .
ومع كل هذا لم يشفي غاليل أولجا من الانتقام بل بقيت هي وجنودها في جنبات القبيلة، حيث كانوا يقتلون كل الهاربين من الحريق الهائل التي أشعلته فيهم ، اما الأشخاص الذين نجوا من الحرق والقتل، قاموا بإلقاء القبض عليهم وتحويلهم إلى عبيد.
و هنا قد تكون الأميرة أولجا ، قد دخلت التاريخ من أوسع ابوابه ، كصاحبة أشرس قصص الانتقام النسائية علي مر التاريخ، وذلك في سبيل الحب والقلب المحروق علي حبيبها وزوجها .
فقد يبدو الثأر في البداية حلو المذاق، ولكن أثره مردود فيما بعد مثلما يقال ولكني لم اتفق مع أولجا في انتقامها بكل هذا العنف والوحشية بالرغم من اني اعلم جيداً ما هو الفقد ومرار الفقد الا اني لم امر بنفس التجربة ولم اشعر بنفس حرقت القلب التي قادتها إليّ هذا الحد من الانتقام ومع علمي ان العين بالعين والسن بالسن ولكن ليس عدلاً ان تُباد شعب بأكمله من أجل رجل واحد .
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
عابدة سلطان.. الأميرة الهندية المسلمة التي تحدت التقاليد وواجهت الحياة بشجاعة
كانت الأميرة الهندية المسلمة عابدة سلطان واحدة من أبرز الشخصيات التي تحدت كل القيود المجتمعية والثقافية التي فرضت على النساء في عصرها، كما كانت شاهدة على التحولات العميقة التي شهدتها الهند بعد تقسيمها.
وُلدت عابدة عام 1913 في ولاية بوبال الهندية، التي كانت تحت الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت، لأسرة من "البيغومات"، وهو لقب نسائي رفيع المستوى يُطلق على النساء المسلمات ذوات المكانة العالية. كانت هذه العائلة تتمتع بمكانة سياسية كبيرة في ولاية بوبال، وكانت الأميرة عابدة، التي تربت في وسط هذه البيئة، تستعد لتولي مسؤوليات الحكم منذ الصغر.
ولم تكن عابدة مثل أي أميرة أخرى؛ فقد تحدت العادات المجتمعية في فترة كانت فيها النساء، وخاصة المسلمات، يلتزمن بالكثير من القيود الاجتماعية. في مذكراتها التي نشرتها في عام 2004 تحت عنوان "مذكرات أميرة متمردة"، تروي تفاصيل حياتها المليئة بالصراعات مع التقاليد، والأحداث التي شكلت شخصيتها القوية والمستقلة.
منذ طفولتها، كانت عابدة تتمتع بحرية كبيرة مقارنة بنظيراتها في المجتمع الهندي. لم تكن هناك قيود على تصرفاتها كطفلة؛ كانت تستطيع ركوب الخيل، تسلق الأشجار، وممارسة الألعاب التي كانت تُعتبر حكراً على الأولاد، حسب تقرير لـ"بي بي سي".
ورغم التحديات التي واجهتها في طفولتها، بقيت عابدة تتمتع بشخصية قوية وحازمة. كانت تربيتها على يد جدتها، السلطانة جهان، التي كانت حاكمة ولاية بوبال، قد زودتها بالقوة الداخلية والإرادة الصلبة لتولي الحكم في المستقبل.
في الوقت الذي كانت فيه معظم الفتيات في عمرها يُجبرن على ارتداء الحجاب، اختارت عابدة أن ترفض هذه التقليد، وهو ما كان بمثابة تمرد على المعايير الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت.
وأصبحت عابدة عندما بلغت سن الخامسة عشرة وريثة عرش بوبال، وبدأت تمارس دورها السياسي بإدارة حكومة والدها التي تركها لها بعد أن تقاعد. ورغم صغر سنها، كانت قد بدأت في مقابلة كبار القادة السياسيين الهنود، الذين كانوا يناضلون من أجل استقلال الهند عن الاحتلال البريطاني. كما أن العنف الذي اندلع في الهند بعد تقسيمها في عام 1947 بين الهند وباكستان كان قد ترك أثرا عميقا في حياتها.
تكشف عابدة في مذكراتها عن تفاصيل حياتها الشخصية التي كانت مليئة بالتحديات، حيث تزوجت في سن الثانية عشرة من ساروار علي خان، حاكم ولاية كورواي المجاورة. لم تكن تعرف شيئا عن الزفاف إلا عندما دخلت قاعة الحفل ووجدت نفسها في مواجهة مع النساء المتجمعات في الحفل، حيث وصفت هذه اللحظة بأنها كانت محيرة، لتكتشف في النهاية أنها هي العروس.
لم يدم هذا الزواج طويلا، فقد انهار بعد سنوات بسبب العديد من الصعوبات، وكان من أبرز أسباب هذا الانهيار هو الجهل والتردد في مواجهة العلاقة الزوجية في سنواتها الأولى.
بعد انهيار زواجها، عادت عابدة إلى بوبال، حيث بدأت تخوض معركة قانونية مع زوجها السابق للحصول على حضانة ابنها الوحيد، شهريار محمد خان.
وفي واحدة من أكثر اللحظات جرأة في حياتها، قادت عابدة سيارتها ثلاث ساعات للوصول إلى منزل زوجها في كورواي، حيث دخلت إلى غرفته، وأخرجت مسدساً وهددته بقولها: "أطلق النار علي أو سأطلق النار عليك". هذه المواجهة الحاسمة أفضت إلى منحها حضانة ابنها، وبعد ذلك، كرست حياتها لتربيته ولإدارة شؤون ولاية بوبال.
وبينما كانت مشغولة بتولي إدارة شؤون الولاية، حضرت عابدة مؤتمرات المائدة المستديرة التي نظمتها الحكومة البريطانية في عام 1930، والتي كانت تهدف إلى تقرير الحكومة المستقبلية للهند. في هذه المؤتمرات، التقت بقادة كبار مثل المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو، الذي أصبح لاحقا أول رئيس وزراء للهند.
لكن عابدة لم تقتصر على مجالات السياسة، بل كانت شاهدة على التحولات العميقة التي شهدتها الهند بعد تقسيمها، والتوترات بين الهندوس والمسلمين التي نشأت نتيجة لذلك.
وعام 1950، ومع تفاقم العنف بين الهندوس والمسلمين، قررت عابدة مغادرة الهند وانتقلت إلى باكستان. هناك، واصلت الدفاع عن حقوق المرأة والديمقراطية من خلال مسيرتها السياسية.
وفي مذكراتها، تصف عابدة التمييز الذي بدأت تواجهه في بوبال؛ وكيف بدأت أسرتها، التي عاشت هناك بسلام لأجيال، تُعامل باعتبارها "غرباء". وفي إحدى المقابلات التي أجرتها، تحدثت عن ذكرى مزعجة بشكل خاص لديها عن العنف الذي اندلع بين الهندوس والمسلمين.
في أحد الأيام، بعد أن أبلغتها الحكومة الهندية أن قطارا يحمل لاجئين مسلمين سيصل إلى بوبال، ذهبت إلى محطة السكة الحديدية للإشراف على الوصول، وفقا لتقرير "بي بي سي".
"عندما فُتِحَت المقصورات، كان الجميع قد ماتوا"، كما قالت، وأضافت أن هذا العنف وانعدام الثقة هو ما دفعها إلى الانتقال إلى باكستان في عام 1950.
رغم مرور الزمن، إلا أن عابدة ظلت شخصية بارزة في تاريخ الهند والباكستان، واحتفظت بسمعة الأميرة التي تحدت تقاليد عصرها وعاشت حياة مليئة بالتحديات.
توفيت عابدة في كراتشي عام 2002، تاركة وراءها إرثا كبيرا في تاريخ المنطقة. ورغم مغادرتها إلى باكستان، ظل اسمها حاضرا في بوبال، حيث يذكرها الناس بلقب "بيا حضرة".
وعلى الرغم من أن السياسة الدينية في السنوات الأخيرة قد أثرت على مكانتها في الذاكرة العامة، يظل اسمها حاضراً في ذاكرة التاريخ، ولا يزال محط تقدير لدى الكثيرين.
وبحسب الصحفي شمس الرحمن علوي، الذي أعد دراسة عن حكام بوبال من النساء، فإن إرث عابدة قد تآكل قليلا نتيجة للتوجهات السياسية الدينية في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يرى علوي أنه من غير المرجح أن يُنسى اسمها في أي وقت قريب، خاصة في ولاية بوبال حيث لا تزال تُذكر كأيقونة للتمرد والتحدي للقيود الاجتماعية.