سمير القضاة.. وأنا مسقط هدَتني السبيلا
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
ناصر أبوعون
إذا كانت الأمكنة هي ذاكرة الشعر؛ فإن في هذه القصيدة يتحول الشاعر الأردني سمير القضاة إلى طائر فينيق يصعد نحو ركح الشمس، ليحرق نهاراتها القديمة ويُمطر ماء الحياة على أجداث اللغة ليحيي فينا الشعر بصور شتى، ويقنص أشعتها بقوس قصيدة غجرية، تنبعث من جحيم الرؤى المتمردة على حالة السيولة التي أغرقت المشهد الشعري، - الذي سقط سهوا من قبل ومن بعد في جُب الاغتراب-؛ ليشعل غربة الروح قناديل بهجة تتأمّل في مستقبل مغاير وتستنهض ثورة شعرية جديدة تضعنا على جادة الطريق.
في هذا النص يرسم الأردني سمير القضاة -الذي أناخ ناقة الشعر على عتبة مسقط العامرة وفكّ أوكية القوافي فتفجرت أفلاجا من الموسيقى واندلقت في بحر جمالها المتجدد، ليخرج الشاعر والشعر ممسوسا بجنون العشق. (مسقطُ الرأسِ،حيثُ نولدُ فيها، وأنا مسقطٌ هدَتني السبيلا).
في هذا النص صار الشاعر بهلولا يتلو ترانيم صوفية وتعويذة شعر لتهيم الصور على وجهها لوحة تشكيلية تراود القصائد وتصطاد أفكارا تتشظى أيقونات محبة، تتقافز بين حواف الأمواج بشصِّ الغواية بعد أن أسقط الشاعر روحه عمدا في (بالتة الألوان)، وذوَّبَ وجدانه في ذاكرة ريشة ترش الجمال بساتين بين فواصل التفاعيل؛ فيتخلّق واحات تستضيف البحر على طاولة العشق؛ ويمد يديه نحو سلة أقمار معلقة على (رابية القرم)؛ ليقطف ورد خدودها ويلضم عقدا من لؤلؤ شفاه كوكيبات تترجل على رمل شواطئها ويتشوف لهفة للجّة الحنين، لتكشف عن ساقيها. (جِئتها شاعرًا، لأقضي مُجونًا، ولقد عُدتُ، عاشقًا ضِلّيلا).
نرصد في هذه القصيدة تفاعيل بِكر تستعير القداسة من المعجم القرآني ويصبها الشاعر بعد مزجها بعاطفته الجياشة في دنان المعاني التي تتفصّد حبّاتٍ من فضة الوجد على جبين المعشوقة، فيتوهج بدرٌ بين عينيها يُصيّر ليل القصيدة نهارا تخاصمه الغيوم. (بينَ عينيكِ، كرمةٌ من بلادي، تغلبُ البحرَ، والنوى والنخيلا).
في هذه القصيدة يمسك الشاعر سمير القضاة بأزمة التراث، ويسوق قوافل العشق إلى مرابع مسقط، ويستحضر أو يحضِّر روح امريء القيس من عالم البرزخ، ويولّد أسطورة حداثوية تخاصم التاريخ وتكون ابنة بارة للقرن الحادي والعشرين وتتصالح مع العالم وتُنافي الصورة السلبية لقوم صالح والتسعة الأشرار الذين بعثوا أشقاهم فعقر الناقة تحت طود التمرد ونحر الفضيلة على مذبح الشيطان. (يا امرئَ القيسِ، قد عقرتُ المطايا، تحتَ أقدامِها، لأشفي الغليلا).
وعلى قماشة هذه اللوحة الشعرية الصغيرة المساحة تتولد من صدر الشاعر دفقات من التفاعيل الثرة المكتنزة بالحنين، والتي تنز لهفة تواقة للمحبوب، وتتنوع جملها الموسيقية ما بين صيحات تتعالى تشدها ألف الإطلاق في القافية على قوس قزحي مغموس في ألوان من الفرحة تتقطر من أسنتها مهرجانات من الألوان الوجدانية وتتوزع موجات تترى من الموسيقى لتشكل في كل مقطع بِساطَ ريح يحمل سنابيد من العشاق، وينزلهم على شاطيء الخليل الفراهيدي، ويهبط بهم واحات من الفرح، ويستدعي من ذاكرة النغم فاصلة تتقافز من مقطع لآخر على تراتيل سورة (المزمل)، وتنقلنا إلى عوالم من التصالح مع الذات والعالم عبر رائعة إيليا أبي ماضي "أيهذا الشاكي وما بك داء" (كلُّ يومٍ يمرُّ، دونَ يديها، سوفَ يُلقي عليَّ، قولاً ثقيلا).
يتكيء الشاعر "القضاة" عبر هذا القصيدة على فكرة البساطة، وإن كان يوظف لغة شعرية بكر في ظاهرها العادي والاعتيادي وفي باطنها رصانة وملكية لم تمسسها الصحافة بسوء، ولم تستهلكها قنوات التواصل الإلكتروني والورقي، وتتولد منها شحنات عالية من الطاقة العاطفية تنشطر جزيئات وتتناثر على كامل مساحة النص في صورة متتالية موسيقية تعزفها آلة واحدة في كونشرتو للعشق. (وغليلُ الهوى، لقاءٌ وشوقٌ وعهودٌ، لا تعرفُ التبديلا).
أما عهدي بالشاعر سمير القضاة فإننا لم نلتق تماما، إلا عبر مصافحة عابرة بين صفوف النادي الثقافي وكان ليلتها بصحبة أسرته، ولم نجلس بتاتا على طاولة للنقاش التي استبدلناها لاحقا بحوار ثقافي على صفحة الواتس آب نشرته جريدة الرؤية العام المنصرم. وهذا الحوار. (حلُماً كانَ، أو أقلَّ قليلا، بعضَ زيتٍ، وأشعلَ القنديلا).
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«رقم سرى» يناقش قضايا التكنولوجيا والابتزاز الإلكتروني
الكاتب محمد سليمان: لم أتوقع النجاح الكبير ورسم الشخصيات التحدي الأول صدقى صخر: لطفى عبود شخصية مميزة ومكتوبة بوضوح
استطاع مسلسل «رقم سري» أن يجذب أنظار الجماهير له ويحصد ملايين المشاهدات، حيث ناقش العديد من القضايا، منها مخاطر التكنولوجيا، وقضايا القتل، والابتزاز، وعلاقة الزملاء فى العمل، كما أنه ناقش قضايا المراهقة وعلاقة الصديقات السوء.
ويقول الكاتب محمد سليمان عبدالمالك، مؤلف المسلسل، أنه سعيد بنجاح العمل، لكونه لم يتوقع هذا النجاح الكبير، والرقم السرى هو حل اللغز فى المسلسل، مضيفا أن المسلسل يحذر من مخاطر التكنولوجيا، وكيفية تأثيرها علينا سلبًا وإيجابًا، ومن أكبر مخاطر التكنولوجيا ارتباطها بعالم البنوك، وأنا أحب هذا النوع من الأعمال، الذى تمتزج فيه الإثارة مع الواقعية، وأنا متفرج وقارئ جيد لهذا النوع، وأحاول أن أطرحه بشكل مختلف عن الذى يتم طرحة، وأنا ككاتب شخص ملول جدًا، وإن لم أكن مستمتعًا بالعمل لا أستطيع كتابته، وأعتقد أننى إن لم أشعر بملل وظللت أحافظ على فكرة التشويق داخلى فهذا سيصل للمشاهد بشكل أو بآخر، وتعمدت اثارة الشكوك حول أكبر عدد من الشخصيات بالمسلسل لكى يتفاعل الجمهور مع الأحداث، لأن العمل المبنى على فرضية واحدة مثل «من القاتل»، والعمل مستوحى من أحداث حقيقية ومن الواقع، وفى رأيه أن كل الأعمال الفنية هكذا، مع جزء من الخيال.
وأوضح أن التحدى الأول بالنسبة له كان رسم الشخصيات، وكان لا بد من أن يجعل المشاهد يهتم بالشخصيات ولا يشعر بأن هناك ما ينقصه، لافتا إلى أن الفن ليس لديه رسالة محددة، ولا يرى أن الفن مهمته تقديم رسائل للجمهور، بل الاشتباك مع واقعهم ودفعهم للتفكير، وتوضيح التطورات التى تحدث فى المجتمع، والفن هو ما يدفع الناس للتفكير والتساؤل.
وعبر الفنان صدقى صخر، عن سعادته لنجاح شخصية «لطفى عبود»، وسعيد بتفاعل الجمهور مع العمل وأحداثه، ولم يتوقع كل هذا الصدى على الشخصية، لافتا أن الشخصية مميزة جدا، وتفاصيلها مكتوبة بوضوح، والشخصية عميقة، والعمل غنى بالمواضيع التى يناقشها، بتطور الأحداث وكتابة الورق، ومخرج العمل، مضيفا أنه العمل الأول له فى مصر، إلى جانب فريق عمل المسلسل والذى أعطى العمل ثقلا ورفع من مستواه، كل ذلك عوامل جذبتنى للدور والعمل، فى لطفى عبود شخص يعيش فى صدمة، فقد الإيمان بالعدالة وجدوى عمله ووجوده، وأحاول جاهدا أن أضع نفسى مكان الشخصية و أتأثر بكل ما بها من أحداثه، جميعنا فى حياتنا لدينا جوانب من شخصية لطفى عبود، من منا لم يتعرض لموقف فقد الثقة فى الحياة وفى نفسه وجدوى حياته؟، جميعنا مررنا بتجربة فقد، وليست مرتبطة بفكرة الموت فقط، وإنما الفقد فى حد ذاته مؤلم جدا، هذه المشاعر أصلها وجذرها واحد، فمن وجهة نظرى بمجرد الاتصال بهذه المشاعر تستطيع أن تخرج منها أداء حقيقيا ويظهر ذلك بصدق للمشاهد.
أعرب الفنان أحمد شاهين، عن سعادته بمشاركته فى مسلسل «رقم سرى» مؤكدا أن المسلسل ممتع وكواليسه جميلة جدًا، لافتا أن الجمهور تفاعل مع شخصية، وإفيهاته خاصة المشهد الذى يجمعه مع المحامية «ماجدة علوان» وهو يقول لها «رصيدى خلص معاكى رصيد».
وأوضح أن العمل مميز جدا وله جمهور عريض خاصة بعد عرض العديد من حلقاته، والجميع كان متحمس للمسلسل، وهناك مفاجآت كثيرة، جدًا ستحدث فى المسلسل.
وأوضح أن العمل يناقش العديد من القضايا، خاصة قضية المحامى، صاحب المبدأ الذى لايقبل أى قضية، مما يضعه فى موقف حرج، نتيجة قلة المال، لكون أن المحامى دخله مرتبط بكثرة الموكلين.