النازحون من السودان يتجاوزون 8 ملايين شخص مع استمرار الحرب
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
النازحون من السودان يتجاوزون 8 ملايين شخص مع استمرار الحرب.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي السودان حرب السودان
إقرأ أيضاً:
وَشِيْجَةُ المَدَنيين بالعَسْكَريين – مِنْ شَرَاكَة لمُنسَّقِيَّة
وَشِيْجَةُ المَدَنيين بالعَسْكَريين – مِنْ شَرَاكَة لمُنسَّقِيَّة
Civilian-Military Nexus – From Partnership to Coordination
بروفيسور مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري، الخرطوم
استحالة تحقيق انتقال سلمي واقعي بعد الحرب دون تنسيق (ليس شراكة) بين المدنيين والعسكريين:
شهدت الشراكة السابقة بين المدنيين والعسكريين توترات ومرارات غائرة خلال فترة المجلس العسكري الانتقالي التي تخللتها فاجعة فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو 2019، وتواصلت هذه التوترات بعد توقيع الوثيقة الدستورية لتقاسم السلطة بين المؤسسة العسكرية وقوى الحرية والتغيير في 17 أغسطس 2019، وتواصل تردي العلاقات بين الطرفين بسبب انقلاب 25 ديسمبر 2021، وبلغ التوتر ذروته بعد حرب 15 أبريل 2023. ولكن بالرغم من هذه الخلفية الكالحة للعلاقة المدنية-العسكرية خلال الانتقال السابق فإن الواقع المعاش الذي فرضته الحرب يجعل من المستحيل تحقيق انتقال سلمي في السودان دون تنسيق بين الجانبين، وذلك لجملة من الأسباب تشمل: سيطرة الجيش والدعم السريع على كل السودان (عدا منطقتين محدودتين تسيطر عليهما الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال، وحركة تحرير السودان)، وترجيح فشل أي تسوية سياسية سلمية تستبعد الأطراف العسكرية لتوجسهم من العقاب على جرائم الحرب، وتعقيد الأوضاع الأمنية التي أفرزتها الحرب، والضرورة القصوى لعلاقات موضوعية مع العسكريين لحماية الفترة الانتقالية بعد الحرب، والتكامل مع الجهود الإقليمية والدولية لجمع الأطراف المتنازعة على طاولة المفاوضات، بما فيها الأطراف العسكرية.
وعلى الرغم من هذه الظروف القاهرة التي تحتم التنسيق بين المدنيين والعسكريين لتحقيق الانتقال السلمي السلس، إلا أن التجربة السابقة تفرض تأطير هذا التنسيق بما يحقق سبل نجاحه لبلوغ الغايات المأمولة.
محددات الوئام بين المدنيين والعسكريين لإنهاء حرب السودان:
تحقيقاً لوشيجة فاعلة بين المدنيين والعسكريين (وليس شراكة) لإنهاء حرب السودان، يجب مراعاة توزيع متوازن للصلاحيات بين الطرفين، وتحديد واضح لأدوار كل طرف لتجنب التداخل والصراع، والتزام الشفافية والمساءلة، والتوافق على آليات واضحة للرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات من الطرفين، والإصلاح المؤسسي لمعالجة التشرذم البنيوي الذي شتت المدنيين والعسكريين على حد سواء، الأمر الذي يقتضي إعادة هيكلة القوات المسلحة بإدماج الدعم السريع والحركات المسلحة، وإعادة هيكلة المدنيين بإدماج الكتل المتناحرة في كيان مؤسسي مناهض للحرب ومؤازر للسلام وقادر على إدارة الدولة، وإنشاء قنوات اتصال دائمة بين المدنيين والعسكريين بعقد مؤتمرات وحوارات شاملة لمعالجة القضايا الخلافية لمعالجة جذور الحرب الاقتصادية والاجتماعية. وفوق كل ذلك يجب وضع جدول زمني واضح للانتقال إلى الحكم المدني الكامل يلزم العسكريين بالانسحاب التدريجي من السلطة تحت إشراف وسطاء دوليين وإقليميين لضمان تنفيذ الاتفاقيات، بحيث يلتزم الشركاء الإقليميين والدوليين بدعم الانتقال نحو الحكم المدني الديمقراطي سياساً واقتصادياً. ولا شك أن نجاح هذ التواؤم بين المدنيين والعسكرين الذي تفرضه أهوال الحرب يتطلب مرونة من الطرفين وإرادة حقيقية لتجاوز الخلافات. كما أن استمرار الوئام مرهون بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب والحرب لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة التي قدم في سبيلها تضحيات جسيمة في ثورة ديسمبر الظافرة.
مأزق المواءمة بين محاسبة العسكريين مرتكبي جرائم الحرب، وقبولهم بوقف القتال والخروج من السياسة:
يتطلب التوفيق بين محاسبة مرتكبي جرائم الحرب وقبول العسكريين بوقف القتال والخروج من السياسة في السودان نهجاً متوازناً يجمع بين العدالة والمصالحة والتسامي لضمان تحقيق السلام والاستقرار. ولتحقيق هذا التوازن الصعب ينبغي وضع آليات للمحاسبة التدريجية بإنشاء لجان تحقيق وطنية ودولية محايدة للتحقيق في جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية، بمشاركة بعثة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وضمان توفير الدعم المالي والسياسي لهذه اللجان لتتمكن من أداء مهامها بفاعلية، مع التركيز على جمع الأدلة وتحديد المسؤولين الرئيسيين عن الجرائم، وتقديم ضمانات قانونية وسياسية للعسكريين الذين يوافقون على وقف القتال والخروج من السياسة، مثل العفو المحدود أو الحصانة المشروطة، شريطة تعاونهم مع آليات العدالة الانتقالية، وضرورة دمج القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والحركات المسلحة في جيش وطني موحد تحت قيادة مدنية، مع إصلاحات هيكلية ومشاركة إقليمية ودولية لضمان عدم تكرار التدخل العسكري في السياسة، واعتماد نموذج للعدالة الانتقالية يوازن بين المحاسبة والمصالحة الوطنية، بما يشمل تعويض الضحايا وإعادة تأهيل المجتمعات المتضررة من فظائع الحرب، وإنشاء مفوضيات مستقلة لمعالجة قضايا الانتهاكات السابقة، بما يضمن مشاركة المدنيين والعسكريين في صياغة مستقبل مشترك، وممارسة ضغوط دولية على الأطراف المتحاربة لوقف الأعمال العدائية، مع تقديم حوافز مثل رفع العقوبات أو المساعدات الاقتصادية مقابل الالتزام بالسلام وتسليم السلطة للمدنيين، ودعم جهود بناء السلام من خلال الوساطة الدولية والإقليمية، مثل الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الإيقاد) لتسهيل تنفيذ الاتفاقات السياسية وضمان الالتزام بها، ووضع إطار زمني مُلزِم بتحديد جدول موقوت لتنفيذ الإصلاحات الأمنية والسياسية، بما يشمل خروج الجيش من السياسة خلال فترة انتقالية محددة لا تقل عن خمس سنوات تتيح بناء مؤسسات مدنية قوية ومستدامة.
إنشاء المجلس التنسيقي المدني العسكري:
شهدت الفترة التي أعقبت فض الاعتصام في يونيو 2019 تردي العلاقات بين المدنيين والعسكريين زاد من حدتها انقلاب ديسمبر 2021 وحرب أبريل 2023. وعليه فإن إنشاء مجلس تنسيقي بين المدنيين والعسكريين بعد وقف إطلاق النار سيساهم في خلق بيئة من الانفتاح والتعاون بينهما، مما يمهِّد الطريق لإعادة بناء الثقة تدريجياً بعد فترات الصراع والانقسام. ولبلوغ هذه الغاية تُوَكل للمجلس مهمة تعزيز التواصل والتفاهم المباشر بين الجانبين، والمساعدة في تبادل وجهات النظر، وتبادل المعلومات بشفافية ونظام، والعمل على وضع استراتيجيات وطنية مشتركة تراعي المصالح المدنية والعسكرية لتوحيد الرؤى وتحقيق التكامل بين الجانبين. كما يقوم المجلس بالمساعدة على تنفيذ برامج مشتركة مثل نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج للمقاتلين السابقين. ويمكن للمجلس أيضاً معالجة المظالم والشكاوى بإنشاء آلية لتلقي ومعالجة شكاوى المدنيين المتعلقة بسلوك القوات المسلحة والدعم السريع أثناء الحرب، والتحقيق في أي انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان من قبل أطراف الحرب ومحاسبة المسؤولين عنها. ويقوم المجلس التنسيقي أيضاً بإعداد برامج توعية للمجتمع المدني حول دور ومهام القوات المسلحة في وقت السلم. وعلى قدر كبير من الأهمية يقوم المجلس بوضع الأسس للإصلاح المؤسسي بالمساهمة في وضع استراتيجيات لإعادة هيكلة القوات المسلحة وإصلاح قطاع الأمن، وتعزيز الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية من خلال الآليات الشفافة والمساءلة.
وحتى يؤدي المجلس التنسيقي المدني العسكري مهامه بالشكل الأمثل تكون لائحته التنظيمية كالآتي:
اللائحة التنظيمية للمجلس التنسيقي المدني العسكري:
المادة الأولى: تشكيل المجلس:
يتكون المجلس التنسيقي من 50 عضواً موزعين كالآتي:
رئيس المجلس: شخصية مدنية وطنية مستقلة يتم التوافق عليها.
نائب الرئيس: شخصية من العسكريين المتقاعدين.
5 ممثلين للقوات المسلحة.
5 ممثلين لقوات الدعم السريع.
5 ممثلين للجان المقاومة.
5 ممثلين لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي.
5 ممثلين للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.
5 ممثلين للحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.
3 ممثلين لقوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية.
5 شخصيات وطنية مستقلة يتم التوافق عليها.
2 ممثلَين لمنظمات المجتمع المدني.
3 ممثلين لتجمع المهنيين.
3 ممثلين للقطاع الخاص.
2 ممثلَين لمخرجات مؤتمر سلام شرق السودان.
ملاحظات هامة:
• يجب مراعاة تمثيل المرأة والشباب في تشكيل المجلس.
• ينبغي اختيار الأعضاء بناءً على الكفاءة والخبرة والقدرة على بناء الجسور بين الأطراف المختلفة.
• يمكن الاستعانة بخبراء فنيين في مجالات محددة كالاقتصاد والأمن كمستشارين للمجلس.
المادة الثانية: مهام المجلس
• تنسيق الجهود بين المكونين المدني والعسكري لإعادة بناء الثقة.
• وضع استراتيجيات لإصلاح قطاع الأمن وإعادة هيكلة القوات المسلحة.
• تعزيز الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية من خلال آليات شفافة.
• معالجة المظالم والشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
• التنسيق لتنفيذ برامج مشتركة لخدمة المجتمع وإعادة الإعمار.
المادة الثالثة: اجتماعات المجلس
يجتمع المجلس مرة كل أسبوعين بشكل دوري.
يمكن عقد اجتماعات طارئة بناءً على طلب ثلث الأعضاء.
المادة الرابعة: آلية اتخاذ القرارات
تتخذ القرارات بالتوافق كلما أمكن ذلك.
في حال تعذر التوافق، يتم التصويت بأغلبية الثلثين.
المادة الخامسة: اللجان الفرعية
يشكل المجلس اللجان الفرعية التالية:
• لجنة الإصلاح المؤسسي في القوات المسلحة.
• لجنة الوئام الوطني.
• لجنة إعادة الإعمار والتنمية.
المادة السادسة: الشفافية والمساءلة
تنشر محاضر اجتماعات المجلس للمواطنين.
يقدم المجلس تقارير دورية للرأي العام حول أنشطته وإنجازاته.
المادة السابعة: مدة عمل المجلس
يعمل المجلس لمدة عامين قابلة للتجديد لعام إضافي بموافقة ثلثي الأعضاء
المادة التاسعة: تعديل اللائحة:
يمكن تعديل هذه اللائحة بموافقة ثلثي أعضاء المجلس.
وتهدف هذه اللائحة إلى تنظيم عمل المجلس التنسيقي بشكل يضمن الشفافية والفعالية في إعادة بناء الثقة بين المكونين المدني والعسكري لتحقيق السلام والتحول المدني الديمقراطي.
المشاريع المشتركة لإعادة الثقة بين المدنيين والعسكريين:
لقد خلَّفت الحرب المدمرة ضغائن غائرة في نفوس جميع السودانيين الذين قاسوا من ويلات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والسلب والنهب والتطهير العرقي. وتحقيقاً لاستعادة الثقة المفقودة بين المدنيين والعسكريين في السودان يمكن للمجلس التنسيقي المدني العسكري التوصية بإطلاق مشاريع خدمية وتنموية مشتركة بين المدنيين والعسكريين تشمل البنية التحتية لخدمة المجتمع، مثل بناء الطرق والمدارس والمستشفيات التي دمرتها الحرب، وإطلاق حملات مشتركة لمكافحة الأوبئة والأمراض المتوطنة، وتنفيذ مشاريع زراعية وصناعية مشتركة لتعزيز الاقتصاد الوطني. كما تشمل المواءمة أيضاً مشاريع أمنية وإنسانية تتضمن إنشاء قوة مشتركة لحماية المدنيين، تضم عناصر من الجيش والشرطة والمجتمع المدني، وتشكيل لجان مشتركة لإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية، وتنفيذ برامج مشتركة لنزع السلاح وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين. وفي الجانب السياسي والإداري يمكن تشكيل مجالس استشارية مشتركة لصياغة السياسات العامة، وإنشاء آليات مشتركة للرقابة على أداء المؤسسات الحكومية، وتنظيم ورش عمل وندوات مشتركة لمناقشة القضايا الوطنية الهامة. أما الجانب الاقتصادي فيشمل تحويل الشركات العسكرية إلى شركات مساهمة عامة يشارك فيها المدنيون، وإنشاء صناديق استثمار مشتركة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لفائدة المدنيين المتضررين، وتشكيل لجان مشتركة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. أما المشاريع الثقافية والتعليمية المشتركة بين المدنيين والعسكريين لاستعادة الثقة المفقودة بينهما فتشمل برامج تبادل بين الجامعات المدنية والكليات العسكرية، وإقامة فعاليات ثقافية ورياضية مشتركة لتعزيز التواصل الاجتماعي، وإطلاق حملات توعية مشتركة حول أهمية الوحدة الوطنية والتعايش السلمي لرأب التصدع العميق الذي خلفته الحرب. وغني عن القول إن نجاح هذه المشاريع المشتركة يتطلب إرادة حقيقية من المدنيين والعسكريين للتغلب على الخلافات وبناء الثقة المتبادلة. كما أن استمرار هذه المشاريع مرهون بتحقيق نتائج ملموسة تعود بالنفع على المواطنين الذين روَّعتهم الحرب وتساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في السودان.
melshibly@hotmail.com