السومرية نيوز – دوليات

تتصدر تكساس مشهد الانقسام العميق في الولايات المتحدة، بعد أن تحدت إدارة جو بايدن وقرار المحكمة العليا بشأن أمن الحدود، فما قصة ولاية "النجمة الوحيدة"؟
تحولت أزمة الهجرة على حدود ولاية تكساس مؤخراً إلى نقطة اشتعال خطيرة في عام الانتخابات. وتتلخص الأزمة الحالية في أن حاكم الولاية، غريغ أبوت، رفض تنفيذ قرار من المحكمة العليا للبلاد، يأمر الولاية بالسماح للسلطات الفيدرالية بإدارة الحدود، لأن ذلك يندرج تحت صلاحيات الحكومة الفيدرالية برئاسة جو بايدن، وليس الصلاحيات الخاصة بكل ولاية على حدة.



وقال أبوت إنه سيدافع عن الولاية ضد ما وصفه بأنه "غزو" المهاجرين غير الشرعيين باستخدام الحرس الوطني بولايته، وهو ما يمثل مواجهةً مباشرةً بين تكساس والحكومة الفيدرالية، تعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية.

اقتصاد تكساس الثامن عالمياً
تقع ولاية تكساس جنوب غرب الولايات المتحدة، وتبلغ مساحتها 696 ألفاً و241 كيلومتراً مربعاً، ويحدُّها من الجنوب خليج المكسيك، والمكسيك، ومن الشمال ولاية أوكلاهوما، ومن الشرق ولايتا أركنساس ولويزيانا، ومن الغرب ولاية نيو مكسيكو.

من حيث المساحة، تكساس هي ثاني أكبر ولاية أمريكية بعد ألاسكا، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 30 مليون نسمة، لكنها تتمتع بالاقتصاد الأكبر على الإطلاق بين ولايات أمريكا الخمسين.

وإذا ما كانت تكساس وحدها دولة مستقلة لأصبح ترتيبها عالمياً ثامن أكبر اقتصاد في العالم، أي أن اقتصادها أكبر من اقتصاد دول بحجم روسيا وأستراليا وإيطاليا والمكسيك، بحسب تقرير لموقع Businessintexas.

يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للولاية الجنوبية أكثر من 2.4 تريليون دولار، وتتمتع باقتصاد متنوع يعتمد على الزراعة والصناعة والتصدير. كما تحظى تكساس بسمعة تجارية متميزة، وتدعم الشركات العملاقة والنائشئة على حد سواء، فعلى أراضيها توجد مقار 100 من بين أكبر ألف شركة عامة، وخاصةً في أمريكا. كما تضم الولاية أكثر من 300 مدرسة تجارية و125 برنامجاً تقنياً، تعمل على تحسين مهارات الكوادر من تدريب وإعادة تدريب القوى العاملة.

ومن ناحية الموارد الطبيعية، تنتج تكساس وحدها نحو 40% من النفط الأمريكي وما يقرب من ربع الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة. وهي أيضاً مصنفة كأكبر الولايات الأمريكية إنتاجاً لطاقة الرياح والثانية في توليد الطاقة الشمسية.

وتمتلك الولاية، التي تلقب بـ"ولاية النجمة الوحيدة" 380 مطاراً وأكبر شبكة مواصلات عامة تتكون من أكثر من 313 ألف ميل من الطرق العامة، وأكثر من 10 آلاف ميل من السكك الحديدية. وإضافة إلى ذلك كله توجد عوامل جذب أخرى للأعمال التجارية، أبرزها معدلات الضرائب المنخفضة مقارنةً بما تفرضه الولايات الأخرى، وهو ما يسمح للشركات بالتوسع في أسواق جديدة وزيادة دخلها، ومن ثم خلق فرص عمل أكثر.

كما تمثل الجغرافيا المتنوعة لتكساس عامل قوة طبيعية، إذ تنقسم إلى خمسة أقاليم طبيعية، أولها سهل الخليج الساحلي، وهو إقليم مداري تزرع فيه الفواكه والخضراوات والقطن والحبوب. أما ثاني أقاليمها الطبيعية فهو سهول البراري التي تقع غرب إقليم الغابات على الساحل، وهي منطقة شبه جبلية. وثالثها هو إقليم السهول الجبلية، حيث يزيد ارتفاعها في اتجاه الغرب وهي منطقة زراعية وتعرف بسهول رولنج.

الإقليم الرابع يشمل السهول الكبرى ويقع إلى الغرب من سهول البراري، ويمتد شمالاً، والخامس يتمثل في إقليم الأحواض والجبال في أقصى غرب الولاية، وهي منطقة شبه جافة تصلح لرعي الأبقار. ماذا عن تاريخ ولاية "النجمة الوحيدة"؟
يرجع تاريخ تسمية تكساس "ولاية النجمة الوحيدة" إلى حرب الاستقلال التي خاضتها الولاية عن المكسيك، والتي انتهت عام 1836 باستقلال تكساس. وظلت تكساس دولة مستقلة لمدة 10 سنوات، قبل أن تقرر الانضمام إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وبعد أقل من 15 عاماً، سعت تكساس مرة أخرى، جنباً إلى جنب مع ولايات جنوبية أخرى، إلى الانفصال عن الولايات المتحدة وتأسيس الولايات الكونفيدرالية، فيما يعرف بحقبة الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865).

وفي البداية كانت تكساس موطناً للهنود الحمر من قبائل الأباشي والكومانشي في الغرب، والتنكاوا في الوسط، والكارانكاوا على طول خليج المكسيك، والكادو في الشرق. ويعود اسمها إلى لغة قبائل الهنود الحمر، ويعني "الأصدقاء"، وكانت إسبانيا أول دولة أوروبية تعلن ملكيتها لمنطقة تكساس، عندما كانت تابعة للمكسيك حتى عام 1836. وعندما انضمت تكساس إلى الاتحاد الفيدرالي الأمريكي، يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 1845، وكانت وقتها الولاية رقم 28 في الاتحاد، ظلت إحدى حلقات الحرب الأمريكية المكسيكية في الفترة من 1846 حتى 1848.

وعندما لاحت بوادر الحرب الأهلية الأمريكية مطلع عام 1861، بسبب الانقسام بشأن قضية "العبودية"، كانت تكساس الولاية الوحيدة التي سعت إلى الانفصال رسمياً ونهائياً عن الاتحاد الفيدالي الأمريكي، وأجرت استفتاء حول الانفصال بالفعل. كانت الولايات الشمالية تريد إلغاء العبودية بشكل نهائي، أما الولايات الجنوبية، وفي طليعتها تكساس، فكانت ترفض ذلك بشكل قاطع.

السبب الرئيسي هنا هو الاقتصاد، حيث كانت تكساس وغيرها من ولايات الجنوب تعتمد بشكل أساسي على الزراعة في اقتصادها، وكانت تجلب الرقيق من أفريقيا للعمل في مزارع القطن والتبغ والقمح وغيرها. انتهت الحرب عام 1865 باستسلام الجيوش الكونفدرالية وانتصار الجيوش الاتحادية، لتظل تكساس ولاية أمريكية حتى اليوم

ماذا يحدث الآن بين تكساس وبايدن؟
تتلخص الأزمة الحالية بين تكساس والإدارة الفيدرالية برئاسة بايدن في قضية الهجرة وأمن الحدود. كان حاكم الولاية، أبوت، قد أصدر أوامره بتعزيز الحدود مع المكسيك بإضافة سور من الأسلاك الشائكة، وهو ما رفضه بايدن وأصدر أوامره بإزالته. وصل الأمر إلى المحكمة العليا التي أصدرت قرارها، الإثنين 22 يناير/كانون الثاني 2024، بإزالة الأسلاك الشائكة ووضع مسؤولية تأمين الحدود ضمن الصلاحيات الدستورية للإدارة الفيدرالية، أي إدارة جو بايدن.

رفض أبوت الانصياع لقرار المحكمة العليا، وبرر موقفه بعد قيام الإدارة الفيدالية بالوفاء بالتزاماتها تجاه الولايات، بحسب الدستور الأمريكي، أي ضمان حماية كل ولاية من "الغزو" من جانب الحكومة الفيدرالية. ووصف حاكم تكساس عبور 225 ألف مهاجر غير شرعي الحدود، خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي وحده، بأنه "غزو"، ونتيجة لذلك، يتهم واشنطن بالفشل في الوفاء بالتزاماتها.

وقال أبوت إن "الحرس الوطني في تكساس وإدارة السلامة العامة في الولاية ووكالات أخرى في تكساس، يعملون بموجب هذه السلطات، بالإضافة إلى قانون الولاية لتأمين حدود تكساس".

لم تُعارض تكساس فقط سياسات إدارة بايدن أو الامتثال لقرار المحكمة العليا بإزالة الحواجز والسماح لعملاء حرس الحدود الفيدراليين بالوصول إلى الجزء المحتجز من الحدود، بل قام الحرس الوطني في الولاية الجنوبية بتركيب خط ثانٍ من الأسلاك الشائكة على طول الحدود.

وما زاد من اشتعال الموقف هو الدعم الذي حظي به أبوت من حكام الولايات الجمهورية الأخرى، حيث أرسل حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، وحدات من الحرس الوطني لـ"مساعدة سكان تكساس"، كما وصل عدد الولايات المؤيدة لموقف تكساس إلى 25 ولاية.

ودخل الرئيس السابق والمرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، دونالد ترامب، على خط الأزمة، معلناً "دعمه المطلق" لحاكم تكساس، كما دعم عدد من أعضاء الكونغرس تصرفات أبوت، وأكدوا على حق تكساس في الدفاع عن النفس في مواجهة تقاعس الحكومة الفيدرالية في قضية أمن الحدود وتدفق الهجرة غير الشرعية.

وفي ظل تمسك بايدن بموقفه وتهديدات وزارة العدل الفيدرارلية بالتدخل وإصدار أوامر باعتقال مسؤولي تكساس الذين يعرقلون عمل الحكومة الفيدرالية، إضافة إلى التهديد بوضع الحرس الوطني في الولاية تحت القيادة المباشرة للرئيس بايدن، يبدو أن الأزمة في طريقها إلى مزيد من التصعيد.

إذ قال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، إن الرئيس لديه صلاحية نقل الحرس الوطني في تكساس إلى تبعيته، كما دعا بعض أعضاء الحزب الديمقراطي إلى ذلك. 

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الحکومة الفیدرالیة الحرس الوطنی فی المحکمة العلیا کانت تکساس من الحدود جو بایدن أکثر من

إقرأ أيضاً:

الفيدرالية في ظل الأزمة الليبية

واقع الأزمة الليبية

لأكثر من 14 عامًا، تعاني ليبيا من انقسام سياسي، وضعف المؤسسات، وانتشار الفوضى، مما أدى إلى جمود المشهد السياسي واستمرار الصراعات على السلطة والمصالح الضيقة.

رغم أن انتخابات 2012 كانت فرصة لترسيخ الديمقراطية، إلا أنها كشفت عن انقسامات عميقة أعاقت بناء الدولة وتحقيق التنمية، وتؤكد عن نوايا أطراف لاتملك حضواء أو قبول لدي الليبيين ، بأنهم لا يستطيعون الا استخدام العيب، من أجل سيطرتهم على المشهد السياسي لمصالحهم.

أسباب استمرار الأزمة

بدلًا من التركيز على إنهاء الانقسام، تتصدر المشهد أفكار نظرية غير واقعية، بينما تبقى القضايا الأساسية بلا حلول، مثل:

استمرار النزاع بين الأطراف السياسية. انتشار السلاح في يد التشكيلات المسلحة. تفشي الفساد وتفاقم الأزمة الاقتصادية. غياب الاستقرار الأمني رغم جهود الجيش الليبي في حماية الحدود والسعي لتوحيد المؤسسة العسكرية.

النظام الفيدرالي حل أم تعميق للأزمة؟

في ظل هذه الظروف، يظهر طرح النظام الفيدرالي كأحد الحلول، مستندًا إلى تجارب دول مستقرة ومتقدمة، لكن ليبيا، التي ألغت نظام الأقاليم عام 1963 رغم ظروفها الأفضل آنذاك، كما أن وجود النفط في أماكن دون غيرها، كان أحد أهم أسباب توحيد البلاد من خلال دور أمريكا وبريطانيا، وتواجه تحديات تجعل نجاح الفيدرالية مشكوكًا فيه.

متطلبات نجاح النظام الفيدرالي

لضمان نجاح الفيدرالية، تحتاج ليبيا إلى:

نظام اجتماعي وهوية وطنية مشتركة، واحترام التنوع والثقافات التي تعطي تمازح، مما يزيد من الوعي بأهمية المحافظة على الوطن وتوافق الجميع على ذلك، وتمنع النزعات القبلية والمناطقية. وجود دستور توافقي ينظم العلاقة بين الأقاليم والسلطة المركزية، فالدستور حبيس الإدراج منذ عام 2017. . وجود اقتصاد قوي مستقر ومتنوع، لا يعتمد على مصدر واحد، وتوزيع عادل للثروات خاصة النفط، وليبيا تملك بدائل اقتصادية بدل الاعتماد على النفط. ضرورة وجود مؤسسة عسكرية وأمنية واحدة، كالقيادة العامة للجيش الليبي، التي تسيطر على ثلثي مساحة البلاد بما فيها ثروات البلاد النفطية والزراعية والتجارية والسياسية، وتبقي التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية العائق دون استقرار الدولة، جيش وأمن موحدين للحد من سطوة الميليشيات والفوضى. مسألة التدخلات الخارجية التي قد تستغل الفيدرالية لتعزيز نفوذها، وقد لاحظنا اجتماعات بين عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، وتناولهم للنظام الفيدرالية.

ما الأولويات الحقيقية

قبل التفكير في تغيير النظام السياسي، الأولوية يجب أن تكون:

إنهاء الانقسام السياسي. تحقيق المصالحة الوطنية. بناء مؤسسات قوية وموحدة. القضاء على الفساد وتحقيق الاستقرار الأمني.

الخلاصة:

الفيدرالية قد تكون حلًا في ظروف معينة، لكنها في واقع ليبيا اليوم قد تؤدي إلى مزيد من التفكك بدلًا من الاستقرار، ما لم تُحل المشكلات الأساسية أولًا.

ونعتقد بأن البلاد بحاجة إلى إعادة تنظيم من خلال وجود سلطة واحدة ، تعمل على إقرار القانون وإعادة هيبة الدولة، إطلاق عملية التنمية وارساء الأمن والاستقرار، وقد فشلت الانتخابات بسبب غياب الوعى المجتمعي، وعزوف الشارع عن الانتخابات، والمطالبات بوجود سلطة واحدة، تستمر المحاولات لتحقيق الديمقراطية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • الفيدرالية في ظل الأزمة الليبية
  • نائب ترامب يهاجم بايدن: نام طوال ولايته وزوجته كانت تدير البلاد
  • تعرف على موارد تنظيم إدارة المخلفات.. تفاصيل
  • القانون يحدد شروط إدارة العبوات الفارغة.. تعرف عليها
  • الناجية الوحيدة تحول حياة أسرة غزية تبنتها إلى جنّة
  • ثلاثة طرق لإنجاح الفيدرالية في العراق
  • إدارة ترامب تستأنف احتجاز العائلات المهاجرة في تكساس
  • ماذا نعلم عن معركة الناشط الفلسطيني محمود خليل القضائية بأمريكا ضد إدارة ترامب؟
  • مدير شرطة ولاية البحر الأحمر يشيد بآداء مرور الولاية في برامج التوعية المرورية وتنظيم حركة السير
  • لافروف: ما يحدث في الولايات المتحدة عودة للمسار الطبيعي وهناك إدارة سليمة في السلطة