هكذا يتسبب التغير المناخي بصناعة العنف في أفريقيا
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
سرايا - تصدر التغير المناخي وتداعياته أجندة الأولويات الأفريقية خلال السنوات الأخيرة، ورغم أن مساهمة القارة السمراء في كمية الانبعاثات المسببة للاحترار البيئي لا تتجاوز 4% من الإجمالي العالمي فإنها تصنف ضمن الأكثر تضررا من تبعات تغير المناخ الكارثية.
وتدمر الفيضانات والأعاصير واضطراب مواسم الأمطار النظم البيئية وتهدد حياة المجتمعات المعتمدة عليها، فاتحة الباب "لحروب المناخ" وللصراع على الموارد المتناقصة.
وفي هذا الصدد، يربط بعض الباحثين الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن فقدان سبل العيش نتيجة التغيرات المناخية الحادة كالفيضانات أو التصحر أو تآكل التربة بزيادة أخطار الصراعات العنيفة في العديد من مناطق القارة، إذ لا يمنح التدهور البيئي السريع السكان الفرصة للتكيف مع ظروف الواقع الجديد، وهو ما يتركهم بدون حماية في مواجهة أوضاع اقتصادية ومعيشية تتراجع باستمرار.
ووفقا لورقة بحثية صادرة عن عدد من المؤسسات ومنها المعهد السويدي للشؤون الدولية فإن هذه التغيرات السريعة والحادة تؤدي إلى زيادة التوترات والصراعات المحلية لاقتسام الموارد المحدودة أصلا، كما يدفع تفاقم الفقر والبطالة المتضررين من تدمير مواردهم إلى البحث عن تدبير سبل معيشتهم بكل الطرق المتاحة، وهو ما يخلق تربة خصبة للجريمة المنظمة والعنف والانضمام إلى الجماعات المسلحة التي تمثل البديل الاقتصادي الأكثر ربحية.
وتعتبر دراسة نشرها معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي حالة بحيرة تشاد في غربي أفريقيا نموذجا دالا، إذ يهدد الانكماش الهائل الذي يصيبها مصدر رزق 30 مليونا من المزارعين والصيادين الذين يعتمدون عليها، وهو ما حوّل محيطها إلى بيئة مثالية لتجنيد المقاتلين من قبل مجموعات مسلحة مثل بوكو حرام التي تشهد أنشطتها ازدهارا وتمددا داخل الدول الأربع المتشاطئة على البحيرة وهي النيجر ونيجيريا وتشاد والكاميرون.
وتضيف الدراسة المعنونة بـ"تغير المناخ والصراع العنيف في غرب أفريقيا" أن الجماعات المسلحة استفادت من هذا التردي الاقتصادي من عدة أوجه؛ حيث عزفت على وتر المظالم السياسية والاقتصادية لتهييج السكان على السلطات وتحشيدهم خلفها، كما عملت على تقديم القروض والرواتب لاستقطاب المجندين في المجتمعات المعرضة لتغير المناخ والتدهور البيئي، فضلا عن توظيف التابعين لها في أنشطة غير قانونية كسرقة الماشية وبيعها، وتهريب المخدرات والأسلحة والاتجار بها للحصول على إيرادات.
وتتمثل خطورة هذه التحولات في بنائها "نظاما اقتصاديا" قائما على العنف كوسيلة لكسب العيش، بما يمهد الطريق لتفاعلات معقدة تطلق العنان لدورات مستمرة من العنف والعنف المضاد، حيث شهدت دول المنطقة طول السنوات الماضية تدهورا أمنيا متزايدا، وصنف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023 كلا من نيجيريا والنيجر ضمن الدول العشر الأكثر اضطرابا في العالم، في حين جاءت كل من الكاميرون وتشاد في المرتبتين الـ11 والـ19 على التوالي.
تضم القارة السمراء 37% من البدو في العالم، ويقدر البنك الدولي عدد الرعاة بما بين 12 و22 مليون شخص في القرن الأفريقي وحده، حيث يشكلون الكتلة السكانية الرئيسة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة التي تغطي قرابة 60% من مساحته.
وتمثل هذه المجتمعات الرعوية أحد أكثر الفئات هشاشة في مواجهة التغيرات المناخية، إذ أدى الجفاف غير المسبوق الذي يضرب القرن الأفريقي إلى نفوق أكثر من 13 مليون رأس ماشية بين 2020 و2022 بسبب نقص المياه والأعلاف، ما يفقد أصحابها ليس مصدر دخلهم فقط بل الأساس الذي يعتمدون عليه في استمرار حياتهم، وفقا لسيريل فيراند قائد فريق القدرة على الصمود لشرق أفريقيا في منظمة الأغذية والزراعة.
ويشكل التنقل بحثا عن المراعي عماد حياة هؤلاء البدو، عبر سلوكهم طرقا ومسارات تقليدية تحكمها قوانين عرفية وتفاهمات مع المجتمعات المحلية تم بناؤها عبر السنين، وهو ما يكبح بشكل كبير من احتمالات الصراع بين سكان المناطق الغنية بالمراعي والرعاة الوافدين.
وتبيّن ورقة بحثية حول تغير المناخ والصراعات العنيفة في شرق أفريقيا أن الجفاف الناتج عن التغيرات المناخية المستمرة يرغم الرعاة على تغيير مساراتهم المعتادة ونقل مواشيهم إلى مناطق جديدة تتوفر فيها مقومات الرعي، وهو ما يجعلهم على تماس مع مجتمعات جديدة، حيث يؤدي افتقاد آليات مشتركة لتنظيم التعايش وحل النزاعات إلى صراعات عنيفة ناتجة عن المنافسة على الموارد المشتركة.
ويرصد الباحثان سيباستيان فان بالين ومالين موبجورك في هذه الورقة كيف جعلت ندرة الموارد في إثيوبيا قبائل الكارايو أقل رغبة في السماح للرعاة من القبائل العفرية بالدخول إلى مراعيهم، وحين اضطرت قبيلة الكارايو للعبور إلى المنطقة العفرية بحثا عن الموارد الرعوية، اندلع صراع عنيف بين المجتمعين.
كما ساهم انخفاض هطول الأمطار في منطقة جنوب كردفان بالسودان في حدوث أزمة بيئية دفعت مجموعات البدو إلى التحرك نحو الجنوب، وهو ما جعلهم في صراع متزايد مع المزارعين في المنطقة.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: وهو ما
إقرأ أيضاً:
بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي.. الميرة وبنك الريان يطلقان مبادرة «أنا لستُ مصنوعًا من البلاستيك»
في إطار جهد مشترك يهدف إلى تعزيز الوعي البيئي وتشجيع ممارسات التسوق المستدامة، تعاونت شركة الميرة للمواد الاستهلاكية مع بنك الريان وبالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي كجزء من برنامجها للمسؤولية الاجتماعية، للاحتفاء باليوم العالمي للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية من خلال إطلاق حملة على مستوى الدولة تحث العملاء على الانتقال إلى استخدام حقائب التسوق الصديقة للبيئة تحت شعار «أنا لستُ مصنوعًا من البلاستيك».
انطلقت هذه الحملة يوم الخميس الماضي الموافق لليوم العالمي للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية والذي يصادف 3 يوليو من كل عام، حيث شهدت الكشف عن إصدار محدود من حقائب التسوق القابلة لإعادة الاستخدام بمختلف فروع الميرة للإسهام في توجيه أفراد المجتمع نحو استخدام أكياس التسوّق الصديقة للبيئة بدلاً من الأكياس البلاستيكية، وذلك للحد من حجم النفايات. وقد روعي في تصميم هذه الحقائب أن تكون بديلاً مستدامًا وعصريًا، فضلاً عن كونها تعبيرًا عن الالتزام الجماعي بالحد من الآثار السلبية للتلوث البلاستيكي في دولة قطر.
كذلك، نظمت وزارة البيئة والتغير المناخي فعالية توعوية في فرع المنصورة، بهدف تثقيف الجمهور وتعزيز الوعي بأهمية تبنّي عادات صديقة للبيئة في الحياة اليومية. كما أتيحت للعملاء فرصة المشاركة في مسابقة ممتعة لربح قسائم شرائية مقدمة من الميرة، بقيمة إجمالية بلغت 5000 ريال قطري
وقالت الميرة في بيان لها: «إدراكًا منا بأن مكافحة التلوث البلاستيكي مسؤولية مشتركة ينبغي السعي لمعالجتها معًا كمؤسسات وأفراد، نتخذ خطوات فعلية لتمكين العملاء من المشاركة في بناء مستقبل أكثر استدامة عبر اتباع ممارسات صديقة للبيئة تضفي قيمة مضافة على تجربة التسوّق، وتقديم بدائل صديقة للبيئة وتعزيز مبادراتنا المستدامة، مثل نشر آلات إعادة تدوير القوارير البلاستيكية والعلب المعدنية بفروعنا، كل الشكر والامتنان لبنك الريان على دعمه والتعاون معنا في تنفيذ هذه المبادرة الهامة».
هذا، وتأتي المشاركة السنوية باليوم العالمي للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية من أجل تسليط الضوء على الحاجة الملحة لتقليل الضرر البيئي الناتج عن البلاستيك أحادي الاستخدام، بالإضافة إلى كونها دعوة عالمية لتوجيه الأفراد والمجتمعات إلى إعادة التفكير في العادات الاستهلاكية واعتماد أنماط حياة أكثر استدامة.
علاوة على ذلك، أضافت الميرة أن التعاون مع بنك الريان يعطي زخمًا إضافيًا للحملة، لاسيما أنه ينسجم مع قيم كلتا العلامتين التجاريتين المتعلقة بالممارسات المسؤولة والاستدامة والتطلع لإحداث تأثير إيجابي بعيد المدى.
ومن جانبها، قالت السيدة إيمان النعيمي، مساعد مدير عام الاتصالات المؤسسية في بنك الريان: «مشاركتنا في مبادرة اليوم العالمي الخالي من أكياس البلاستيك هي انعكاس لالتزامنا الأوسع بدعم العمل البيئي والمبادرات المجتمعية الهادفة. ونفخر بالتعاون مع شركة الميرة في هذه الخطوة المهمة التي نأمل أن تُلهم أفراد المجتمع لاتخاذ خطوات بسيطة ولكن فعالة نحو مستقبل أكثر نظافة واستدامة».
وتجدر الإشارة إلى أن الميرة تواصل، في إطار جهودها الأوسع لتحقيق الاستدامة، الاستثمار في المبادرات الخضراء التي تعود بالنفع على العملاء والمجتمع ككل. ولذلك، توفر آلات إعادة التدوير بفروعها كي تتيح لهم إعادة تدوير القوارير البلاستيكية والعلب المعدنية مقابل الحصول على نقاط مكافآت ميرة، مما يشجع على دمج السلوكيات البيئية الإيجابية في ممارساتهم اليومية.
ويبقى التأكيد على أن هذه الحملة تشكل علامة فارقة أخرى تُضاف إلى سجل الميرة المتنامي في تبني ممارسات صديقة للبيئة، والتزامها الراسخ بدعم الأهداف البيئية لدولة قطر وإلهام سلوك استهلاكي واعٍ على نطاق واسع.