ما حقيقة الاعتداء على قبر معاوية بن أبي سفيان في دمشق؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية موجة غضب عنيفة سببها انتشار مقطع فيديو مستفز لمجموعة من الرجال وهم يعتدون على قبر الصحابي معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الخلافة الأموية وأوّل خلفائها، في العاصمة السورية دمشق.
وأظهر مقطع الفيديو، الذي لم يتسنّ لموقع البوابة التحقق من توقيته، مجموعة من الرجال وهم يعتدون بالضرب على قبر الصحابي الجليل، مستخدمين الأحذية والنعل نحو المقام المحاط بسياج حديدي متين.
وشوهد الرجال وهم يتناوبون على ضرب القبر وتوثيق فعلهم في مقاطع فيديو عبر كاميرات هواتفهم الشخصية.
وتسبب مقطع الفيديو بتفاعلٍ واسعٍ من قِبل المعلقين الغاضبين، الذين طالبوا الجهات الأمنية في سوريا بمنع مثل هذه الاعتداءات وتوفير الحماية المطلوبة للقبر.
في المقابل، ذكر آخرون بأن مقطع الفيديو قديم، وقد جرى تصويره في عام 2022.
نظام الأسد يسمح للزوار العراقيين الشيعة بضرب وإهانة قبر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في دمشق..
ثم يتهمونا بأننا طائفيين!! pic.twitter.com/dizFPk1Hrj
تتضارب الروايات حول مقر قبر معاوية رغم الاتفاق على أنه على الأرجح دُفن في العاصمة السورية دمشق، باعتباره من الخلفاء الأمويين.
ويتحدث منشور للجامع الأموي الكبير بدمشق عن أن العباسيين أزالوا ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻦ ﺍﻷﻣﻮﻳّﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ لتبقى الروايات متضاربة بشأن قبر الخليفة معاوية، فهناك "ﺿﺮﻳﺢ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ " ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ بدمشق.
كما يضيف المنشور أن ﺷﺎﻫﺪﺓ "ﻗﺒﺮ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ " ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ تعود ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: معاوية بن أبي سفيان دمشق الدولة الأموية سوريا
إقرأ أيضاً:
مسلسل معاوية بين الالتزام والإبداع والانفلات
أثار مسلسل معاوية الكثير من الجدل والكثير من الانتقاد يصل لحد رفض العمل برمته، والقليل من الثناء والتأييد الذي لا يسمن ولا يشبع من جوع، فذهبت الأكثرية التي صبت جام غضبها على العمل ودعواهم في ذلك عدم الالتزام بالوقائع التاريخية، بل وتجاوز الأمر إلى تغييرها لصالح شخصية معاوية.
ومن المعروف أن شخصية معاوية بل وابنه يزيد أيضا كان بها الكثير من التجاوزات التي أدانها التاريخ، ولكن دون الدخول في تفاصيل قد لا يتحملها مقالنا هذا.
أما القلة التي أثنت على أحداث المسلسل فقد كان دليلها أيديولوجيا، بمعنى لا يصح أن نعترف بأخطاء حاكم سني هو معاوية.
والمسلسل كتبه الصحفي خالد صلاح، وأخرج أجزاء منه طارق العريان الذي طلب رفع اسمه من التترات بعد إذاعة الحلقات الأولى، بدعوى أن هناك تدخلات من الجهة الإنتاجية بحذف مشاهد من الحلقات دون علمه.
وبعيدا عن كل هذا الصخب، أرى أنه لزاما علينا أن نحدد بعض المفاهيم كي لا يختلط الحابل بالنابل. فهناك فارق كبير بين السينما والتلفزيون، بمعنى أن الفن السابع هو وجهة نظر ورؤية مخرج العمل التي ليست بالضرورة تتوافق مع الوقائع التاريخية.
فعلى سبيل المثال، في فيلم صلاح الدين الأيوبي للمخرج يوسف شاهين؛ قدم شاهين شخصية عيسى العوام الذي اضطلع بها صلاح ذو الفقار؛ مخالفة لما ورد بكتب التاريخ. وكذلك المخرج الأمريكي كوينتن تارنتينو الذي قدم واقعة ذبح شارون تيت،في تصوري أن مخرج العمل، وهو مخرج سينمائي أولا، أراد أن يقدم معاوية كما يراه هو لا كما يراه التاريخ، ولكنه أخطأ الوسيط، بل وخسر رهانه في تقديم مغامرته الفكرية، وبالتالي فقد المسلسل الالتزام التاريخي. وأيضا خانه التوفيق في تقديم رؤيته الإبداعية فأصبح الأمر كله ضرب من ضروب الانفلات، ولهذا رُفض من الأكثرية زوجة المخرج رومان بولانسكي، هي وأصحابها الأربعة في فيلتها الأنيقة بلوس أنجلوس، على غير الحقيقة، وسردها بصريا وفق رؤيته الفنية. فهذه الواقعة لم تنجح في الفيلم، وتم إحباطها، وتم القبض على الجناة، ولم تمت شارون تيت ونعمت بالحياة المديدة وفق تارنتينو، فهل هذا يعد تزويرا؟ بالطبع لا.
نخلص من هذا إلى أن إلى السينما معنية بالفكر ووجهة نظر صانع العمل دونما قيد أو شرط، ولا التزام حتى بالتاريخ.
ننتقل إلى وسيط آخر، وهو التلفزيون الذي هو جهاز إعلام بالدرجة الأولى، فضلا عن أنه المنوط بالإعلام بشكل عام، ولهذا فمحتوى التلفزيون توجيهي تربوي في المقام الأول، وعليه وبالتبعية فالأعمال الدرامية التلفزيونية معنية بتقديم قيم تربوية أخلاقية تاريخية.
ولقد شاهدنا كثيرا من الأمثلة كمسلسل القاهرة والناس لمحمد فاضل، و"محمد رسول الله" لأحمد طنطاوي، وأوان الورد لسمير سيف، وكاتب هذه السطور، وغيرها الكثير. ولكن يبدو أن هذه البديهيات اختلطت وتبدلت أو نسيها جميع الأطراف ففقدت البوصلة وتاه الجميع.
ففي تصوري أن مخرج العمل، وهو مخرج سينمائي أولا، أراد أن يقدم معاوية كما يراه هو لا كما يراه التاريخ، ولكنه أخطأ الوسيط، بل وخسر رهانه في تقديم مغامرته الفكرية، وبالتالي فقد المسلسل الالتزام التاريخي. وأيضا خانه التوفيق في تقديم رؤيته الإبداعية فأصبح الأمر كله ضرب من ضروب الانفلات، ولهذا رُفض من الأكثرية.
ورمضان كريم.