أجراس فجاج الأرض – عاصم البلال الطيب – جمعيتنا مرضانين سعادتك
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
_________
تشتد قناعتى بقدرة دولة الإنسانية على توحيد مشاعر البشر إن سادت هديا بكل السير الجميلة للمتحلين بالقيم الرفيعة لباسا وفراشا، وآويت لنحو إسبوعين لفراش ليس بالأبيض ومسود بحمى الضنك مستلذا برعاية جيرة جمعية إنسانية خضراء العطاء نزحت إليها من شمبات بحثا عن الأمان مع الإمتنان للعاملين على تحقيقه للإنسانية،وشافتنى من وعكتى أريحية جيرة و شركاء صندوق الإسعافات الإنسانية هلالا لألاء ورحمة من رب السماء يودعها بين حنايا السويسرى هنرى دونان والسودانى عبدالرحمن بلال بلعيت رئيس جمعية الهلال الأحمر بولاية البحر الأحمر، متحرك إسعاف دونان لجرحى الحرب والمصائب سنة تمضى إلى يومنا بين الناس وتتجلى فى جمعية الهلال الأحمر ببورتسودان وأذرعها الممدودة وأكفها المبسوطة دولة محايدة عز الحرب كما مقر فكرتها و آويتها بكل ترحاب وتحنان على مر الأزمان بما يلزم للإبقاء على شعلة الإنسانية متقدة وبعيدة عن كل محاولات الإطفاء والإستغلال فى غير ما أُضيئت لأجل عيون المتطوعين لتقديم الخدمات الضرورية والإسعافات الأولية للمتضررين من كوراث الطبيعة ونكبات الإنسانية متعرضين للمخاطر و متحملين التبعات خاصة فى أوقات الحروبات،متطوعو الهلال الأحمر كما تحمل الأخبار يتعرضون للإنتهاكات والإختطافات والإختفاء القسرى ويلاحقهم وابل من الإتهامات ولهم غير ما ضحية فى حربنا الحالية ومفقودون فى الجنينة بينما هم يؤدون كالعهد بهم مهامهم الإنسانية خدمة لمحتاجيها فى ساعات الشدة والعسرة،ويتكاثر عدد المنضوين تحت لواء الجمعيات الطوعية الحمراء تحت حاكمية مواثيق جنيف كل ما ازدادت المخاطر على الإنسانية غير مبالين بالمغبات فى أصعب الظروف ولو للأخذ بيد حالة واحدة تحتاج للخدمات الإسعافية قصيرة الأجل ومن ثم طويلة الأجل كالتى تقوم عليها جمعية الهلال الأحمر بالبحر الأحمر بالتعاون مع دوائر مراكز إيواء النازحين بعاصمة الولاية والسودان أجمع من رسميين وشعبيين،وتسهل همة المجتمع وعلوها بهذه الولاية الإنسانية من مهام جمعية الهلال الأحمر فى عشرات مراكز الإيواء ليكون سهمها بينا وقدحها معلى فى تقديم الطعام والكساء الصيفى والدافئ وشتى الخدمات وهى صاحبة الفضل فى لوحة مشتركة فى كل المنازل والمرافق صندوق الإسعافات الأولية لبنة عمل جمعيات الهلال الأحمر الأولية لنشر ثقافة التطوع فى زمن الكوارث لخدمة الدول بفتح أبواب المشاركة وتقنينها للقادرين بحسبان أن الأجهزة الرسمية مهما أوتيت من قوة وإمكانات لا تستطع تغطية متطلبات المجتمع فى حال وقوع الملمات الكبيرة،وريادة جمعيات الهلال الأحمر تتميز بالقدرة على التغلب على العوائق بميزانيات دوما مرصودة للحضور عند الأزمات،وانصباب جهود العاملين والمتطوعين فى هذه الجمعيات لايلقى بالا للإعلام وإن تطفل عليها بالإيلاج فى ما لايعنيه متتبعا الإثارة الصحفية التى توفرها طبيعة عمل جمعيات الهلال الأحمر مركزة الجهود على تدريب وتأهيل المتطوعين والعاملين بعيدا عن الإعلام وهذا ما ينبغى أن تعمل علي تغييره الأطقم الإدارية والطوعية العاملة بغية توسعة وإشاعة أدب العمل الطوعى بين السودانيين باستغلال قيم وموروثات الشهامة وما أوفرها لجمعية الهلال الأحمر بولاية البحر الأحمر التى يقف على رأسها متطوعا ومحايدا بصرامة بلعيت مستفيدا من خبرات واسعة مكتسبة فى العمل الطوعى فى مختلف أرجاء البلاد،تجلس لبلعيت بمكتبه ببورتسودان يحدثك بحضور لافت عن أدبيات جمعيات الهلال الأحمر وبمحبة لا تخطئها بما يقوم به فى معية زملائه تعينه ثقافة واسعة وإلمام وإحاطة بمطلوبات تطوعه لخدمة الإنسانية إسهاما فى خلق مجتمع مستقر وآمن بتقديم الخدمات العينية وتشجيع الآخرين للإنضمام فى المواعيد الكبيرة وفقا لشروط قبول على قسوتها جاذبة،ولتوسيع الرقعة المعرفية السودانية الجغرافية والإنسانية العملية والتطوعية،ترتب جمعية الهلال الأحمر بالبحر الأحمر لعقد ورش قوامها إعلام يعين على نشر أدبياتها بين الناس وما تقدمه من خدمات فعلية إبان الحرب يستحق تسليط الأضواء كسبا لمزيد من الأراضى لصالح الإنسانية ولتخفيف الصدمات السودانية بالتدخل المحايد الإيجابى لصالح كل المعنيين وبالإستجابة لتقديم الدعم والمساندة للدول والمجتمعات بابتدار الجمعية مجبولة عليه أو باستدعاء لايمس من حيادية نشاطها الجدير بالإحترام والإنضمام إلي بلعيت وجمعيته بانحياز لأجل سيادة الدولة الإنسانية وطبيبتهاجمعيتنا لنغنى لها كما عتيق مرضانين سعادتك.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: أجراس الأرض عاصم فجاج جمعیة الهلال الأحمر
إقرأ أيضاً:
الطيب صالح وعلي عثمان وموسم الهجرة إلى الجمال
يعد الاستاذ والكاتب العالمي الجهير السيرة الطيب صالح صاحب موسم الهجرة إلى الشمال مع الشاعر محمد المكي ابراهيم والموسيقار محمد وردي والفنان الأديب عبد الكريم الكابلي والشاعر مصطفى سند والشاعر والصحفي فضل الله محمد والعملاق الشاعر محمد الفيتوري ابن المساليت الفصيح، أكثر المبدعين السودانيين مقدرة على التفريق ما بين السلطة والدولة.
ففي زيارة استاذ الطيب صالح في أبريل ٢٠٠٥ بالخرطوم التي كان يقف وراءها أصغر اصدقائه الدكتور السفير والشاعر خالد فتح الرحمن، وقد كان للرجل جلسات اسبوعية تمتد لساعات بمنزل د. خالد بلندن، مما يغرينا بأن نحرضه باصدار كتابه الموعود في حضرة الطيب صالح كانت لنا أيام.
وفي ثنايا هذه الزيارة الميمونة والتاريخية زار الرجل الاستاذ علي عثمان محمد طه القيادي والاسلامي السوداني الشهير، والذي لا يعرف الكثير من الناس عن الوجه الاخر لشيخ علي وعن حذقه ومعرفته الموسوعية الناقدة للأدب السوداني والعربي والغربي وغوصه في الفنون والتاريخ والغناء والمديح السوداني بالرغم من أن الرجل كان غارقا في السياسة منذ عهد الشباب الاول، فقد كان رئيسا لاتحاد الخرطوم الثانوية في اكتوبر ورئيسا لاتحاد جامعة الخرطوم في مايو، وكان من أكثر السياسيين تقلبا في المناصب السياسية معارضا ومستورزا ومفاوضا وقياديا. ومما يحفظ للرجل انه قد رفض في إباء وشمم بعد أن دالت دولة الانقاذ التي بقيت تجربتها الثرة باجتهاداتها ومواقفها الصائبة والمخطئة معالماً في طريق السودانيين والعالم العربي والاسلامي والانسانية جمعاء، رفض الرجل أن يغادر بلاده بعد الفوضى التي عمت أركانها، وقال لأهل العرض السخي: أن الشعب السوداني الذي توجني شرف قيادته منذ الثانويات حتى أعلى المراتب في الحكومات المختلفة، لن اغادر جموعه في هذه الظروف العصيبة، وسأبقى مناضلا في صفوفه مساهمة أو محاكمة أو شهادة، فابحثوا عن شخص اخر لتقدموا له هذا العرض الشفوق. وقد أقام الاستاذ علي حفل شاي صغير وأنيق للأديب الطيب صالح وتجاذبا أطراف الحديث حول ذكريات الشمال والاذاعة السودانية وBBC وأيام وليالي لندن.
وقد فوجئ الطيب بالمقدرة النقدية الفائقة للرجل وهو يستعرض معه كتابات دومة ود حامد وعرس الزين وموسم الهجرة إلى الشمال وحتى آخر مؤلفاته (المنسي) ومقالاته في الورقة الأخيرة في مجلة (المجلة). فقال الطيب صالح متعجباً ومتسائلاً : وكيف وجدت وقتاً للقراءة وانت مستغرق في فسيفساء السياسة السودانية ويومياتها التي لا تنقضي؟
فرد عليه الاستاذ علي عثمان بابتسامته المعهودة أن القراءة يا استاذ الطيب هي آخر المتع التي تبقت لنا والأيام تجري سراعا صوب الرحيل، وعندما حانت صلاة المغرب صلى الاستاذ علي بأيات من سورة المائدة وبعد انقضاء الصلاة وانتهاء الدعاء والباقيات الصالحات، قال له الاستاذ الطيب صالح بصوته الرخيم العميق الممزوج بالفكاهة المتسائلة ما دمت قد صليت بالمائدة فلماذا توقفت يا استاذ علي عند ( ٱلۡيَوۡمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ )
وكان الأولى أن تكمل الآية التي نزلت في حقي وحق آخرين فقال استاذ علي متعجبا وهل نزلت في حقك وآخرين آية يا استاذ الطيب؟
فقال الرجل ضاحكا ألا تعلم يا استاذ علي أن نصارى بريطانيا قد منحوني في سخاءٍ الراتب والطعام والزوجة وقرأ الآية (ٱلۡيَوۡمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُۖ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّٞ لَّهُمۡۖ وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِيٓ أَخۡدَانٖۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ)
وهنا دخل الجميع في موجة من الضحك المتواصل والتعليقات الذكية قبل أن يتدفق الحديث في أشواك السياسة وأشواق الخلق السوداني المتسامح.
ولعلنا نلقى سانحة أخرى في الإفاضة في هذه الجلسة التي توسدت إحدى نجيمات الخرطوم البعيدة، رد الله غربتها ورحم الله الطيب وأعاد الله الاستاذ علي عثمان لمجلسه ومسجده واعترافاته الكبار في مذكراته التي ستملأ الدنيا وتشغل الناس.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب