موقع النيلين:
2025-01-31@04:10:24 GMT

القول ونقيضه في جملة واحدة

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT


لكل قولٍ نقيضه. الحياة من حولنا تعجّ بالمتناقضات، وهذه المتناقضات هي من سنّة الحياة وطبيعتها، فهي مفيدة وضرورية في كثير من الحالات، وإلّا لكانت الحياة من لونٍ واحد فقط، ولكانت الخيارات أمام الناس عصيّة، ولكن هناك متناقضات سلبية، حين تشي بازدواجية الشخصية مثلاً، وكثيراً ما تنطوي هذه الازدواجية على قدرٍ من الرياء والنفاق، كأن يُظهر المرء شيئاً غير الذي يخفيه.

ما من مفردة تُوحد بين الشيء ونقيضه كمفردة «لكن»، سواء بالعربية أو بما يحمل معناها في اللغات الأخرى، واتساقاً مع منطق الأشياء سنجزم أنه ما من لغة في العالم تخلو من مفردة تحمل المعنى نفسه الذي تحمله مفردتنا العربية: «لكن».

في قصة قصيرة للكاتبة المجرية كريستينا توت، تحكي البطلة الشابة عن علاقتها بأمها، فحين تستشير البنت الأم في أمرٍ ما، يأتي رد الأم كالتالي: «أنتِ أدرى بمصلحتك»، كما حدث حين أخبرتها البنت مرةً أنها أجّلت امتحانها إلى شهر سبتمبر/أيلول التالي، فكان الرد نفسه، الجملة المكوّنة من ثلاث كلمات: «أنتِ أدرى بمصلحتك». وهي الجملة التي كانت أكثر ما سمعته البنت من أمها في حياتها. وللوهلة الأولى تنمّ هذه الجملة عن ثقة كبيرة توليها الأم لابنتها، في قدرتها على اتخاذ القرارات الصحيحة، لولا استدراك كاتبة القصة بالقول على لسان البنت: «بعد أنتِ الأدرى عادة ما تأتي كلمة (لكن)، ففي جملة أنتِ الأدرى تلك كانت أمي تستطيع خلط ظلال لا تحصى من التهديد والابتزاز».

تضيف كاتبة القصة التي حوتها مجموعتها القصصية «باركود» التي ترجمها إلى العربية كريم جمال الدين، أن أذن البنت التي تربّت على سماع تلك الجملة استطاعت أن تستخلص منها عدم الرضا والاعتراض التام، وإذا كانت هناك مشكلة أكبر وأرادت الأم أن تبدو أكثر حسماً، فإنها تضع جانباً ما تمسك به من ملعقة أو صحن أو تليفون، وتقول لابنتها: «ليس لديّ تعليق على ذلك».

هي هكذا مفردة «لكن» السحرية جامعة النقائض في جملة واحدة، فبفضلها يأتي الناس على ما يشاؤون من الأقوال، ويقطعون على أنفسهم ما شاؤوا من الوعود والمواثيق والالتزامات، ثم يرفقونها ب «ولكن»، لتليها جملة من نوع: «هذا يتوقف على الظروف وعلى المشاغل وعلى الملابسات وعلى المستجدات»، إلى آخر ما في هذه القائمة من مفردات أو تعابير.

والحياة حافلة بهذا النوع من الاستدراكات التي تتوخى التبرير، هروباً من شجاعة الإقرار بالأخطاء والتقصيرات وسوء إدارة الأمور، وبأن الأحوال كانت ستصبح أفضل لو أننا كنا غير ما نحن عليه، أو لو كان مَنْ تصدَّى للمهام أكثر كفاءة ودراية.

حسن مدن – جريدة الخليج

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

تدخلت حركة حماس مع حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى في السابع من أكتوبر 2023 في غفوة من النظام الإسرائيلي باستخباراته وقوته، وأسرت العديد من الجنود والمجندات الإسرائيليين وحتى بعض المدنيين، والعالم كله يعرف بما فيه إسرائيل أن حركات المقاومة لا تعني الأسر بالمعنى المُطلق له ولكنها تأسر من أجل إنقاذ أسرى لها مظلومين في السجون الإسرائيلية، ساعتها هبَّ العالم المنافق كله متداعيًا لأجل إسرائيل، مدعين أنَّ حركات المقاومة هي الظالمة والمعتدية وحتى الإرهابية، ونسوا أن أكبر كثافة سكانية على الإطلاق في العالم في قطاع غزة، محاصرة منذ سبعة عشر عامًا.

لقد عانوا تحت هذا الحصار ولم يبق أمامهم إما العيش بكرامة أو الموت بكرامة، وما أصعب على الإنسان أن يختار بين العيش والموت.

المهم حصل ما حصل والعالم شاهد على ذلك، ولكن الغطرسة الإسرائيلية والجبروت الصهيوني لم يقبل ذلك فقد أعلن الحرب على غزة في حدودها الضيقة جدًا وجغرافيتها الصغيرة، معلنًا أن أهداف الحرب تتمثل في القضاء على حماس وتحرير الأسرى.

ولكن ماذا حصل بعد 471 يومًا من الحرب؟ هل تم القضاء على حماس وهل تحرر الأسرى؟

كلا، لم يحدث من ذلك شيء؛ بل العكس، هُزم الجيش الذي يزعم أنه لا يُقهر، على الرغم من الدعم الأمريكي المنقطع النظير والدعم الأوروبي الوفير، فلقد بقي المجاهدون أمام أعتى القوات العالمية وانتصروا بكل بسالة وشجاعة.

نعم هكذا هي المقاومة عندما يتقدم قادتها رجالهم المقاتلين ولا يبقون في الصفوف الخلفية فلقد استُشهد القائد إسماعيل هنية واستُشهد يحيى السنوار وشهد له العالم أجمع بأنه استشهد مقبلًا غير مدبر، ولم يكن محتميًا بالأسرى ولا بالدروع البشرية كما ادعى العدو.

وعند توقيع إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار مرغمة على الرغم من الدعم الأمريكي والأوروبي لها، ماذا حدث؟ ومع تسليم أول دفعة من الأسيرات الإسرائيليات ماذا الذي ظهر؟ ظهر رجال المقاومة بكل عدتهم وعتادهم وسياراتهم منتشين رافعين الروس.

إذن.. فمن كانت تقاتل إسرائيل ومن قتلت وفي عددهم 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح.

الظاهر والواقع والحقيقة أنها لم تقتل ولم تجرح سوى المدنيين الأبرياء العزل، وقد عاثت فسادًا بتجريف الشوارع وهدم المدارس والمساجد والمستشفيات والجامعات، وحتى نبش القبور وفي أكبر المظاهر الإنسانية اشمئزازًا سماحها للكلاب الضالة بنهش الجثث.

فهل بعد هذا إنسانية؟

ولله في خلقه شؤون.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مفيدة شيحة باكية: أتحدث إلى والدتي في المقابر كما لو كانت على قيد الحياة
  • مصر.. تفاعل مع جملة قالها أشرف بن شرقي عند إعلان انضمامه للأهلي
  • خلال ندوة بالمعرض.. كيف كانت الحياة اليومية في عصر الرعامسة؟
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • دراسة صادمة: التوتر أثناء الحمل يؤثر على صحة الطفل مدى الحياة
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • العثور على جثة رجل ميت قرب سوق الجملة للخضر والفواكه بإنزكان
  • تفاعل مع جملة قالها نيمار لعلي البليهي عند وداع البرازيلي للاعبي الهلال
  • د.حماد عبدالله يكتب: الأعلام المصرى مفتقد ( للقائد ) !!
  • من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟