دواء تجريبي يمنع الألم من الوصول للدماغ.. ما علاقته بالأفيون؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفية جينا كولاتا قالت فيه إن شركة "فيرتكس" لصناعة الأدوية أعلنت أنها طورت عقارا تجريبيا يخفف الألم المتوسط إلى الشديد، ويمنع إشارات الألم قبل أن تتمكن من الوصول إلى الدماغ.
وأضافت في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن العقار يعمل فقط على الأعصاب الطرفية، الموجودة خارج الدماغ والحبل الشوكي، ما يجعله مختلفا عن المواد الأفيونية.
وذكرت الشركة أنها أكملت دراستين عشوائيتين، الأولى على 1118 شخصا خضعوا لعمليات شد البطن والأخرى على 1073 شخصا خضعوا لجراحة الورم. ويُستخدم الإجراءان بشكل شائع في الدراسات التي تُجرى على الأشخاص الذين يعانون من آلام حادة، وهو النوع المؤقت الذي يحدث بسبب عملية جراحية ومن المرجح أن يخف مع مرور الوقت، وفقا للتقرير.
وقال التقرير إن شركة فيرتكس قامت عبر تجاربها السريرية بقياس تأثير الدواء باستخدام مقياس الألم القياسي الذي قام المرضى من خلاله بتقييم شدة الألم من 1 إلى 10، مع 10 الأكثر شدة. وتشير التقارير إلى أن أولئك الذين تناولوا الدواء شهدوا انخفاضا ملموسا إحصائيا وسريريا في الألم. ونظرت دراسة ثالثة في سلامة الدواء ومدى تحمله لدى الأشخاص الذين يعانون من الألم الناتج عن مجموعة متنوعة من الحالات.
مدعومة بالنتائج، التي لم يتم نشرها أو تقديمها بعد في مؤتمر، تخطط فيرتكس لتقديم طلب إلى إدارة الغذاء والدواء بحلول منتصف العام للحصول على الموافقة لتسويق الدواء، وهو قرص يسمى في الوقت الحالي VX-548.
ولم تذكر الشركة متى ستتاح النتائج والبيانات الكاملة، لكن العلماء الذين لم يشاركوا في تطوير الدواء قالوا إن المعلومات التي نشرتها الشركة كانت واعدة، وفقا للتقرير.
ونقل التقرير عن الدكتور هنري كرانزلر، أستاذ الطب النفسي ومدير مركز دراسات الإدمان في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا، وصفه للعقار بأنه "اختراق علاجي".
وقال كرانزلر إن تطويره يعتمد على مجموعة قوية من العلوم، وعلى الأقل بالنسبة للألم الحاد، "يبدو واعدا للغاية" بفعالية، رغم أنها ليست أفضل من الأوكسيكودون الأفيوني، فهي ليست أسوأ أيضا.
بدروه، قال الدكتور ستيفن واكسمان، أستاذ علم الأعصاب وعلم الصيدلة في جامعة ييل: "من الممكن أن يحقق هذا نجاحا كبيرا". لم يكن الدكتور واكسمان مرتبطا بالدراسة ولكن حصل على مكافأة قدرها 1000 دولار من الشركة مقابل إلقاء محاضرة. وتوقع أن يكون عقار فيرتكس مجرد أول غزوة في هذا المجال الجديد.
وأضاف: "أحب أن أعتقد أنها بداية الأدوية غير المسببة للإدمان للألم"، بحسب ما نقله التقرير.
وقال الدكتور جيمس بي راثميل، أستاذ التخدير في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن هذا هو الحلم الذي يراودنا جميعا في هذا العمل منذ فترة طويلة.
وذكر التقرير أنه في الوقت الحالي، لدى معظم الأشخاص الذين يحتاجون إلى تخفيف الألم المعتدل إلى الشديد خياران: أدوية مثل الإيبوبروفين ومثبطات COX-2، أو المواد الأفيونية. إن الأدوية مثل الإيبوبروفين ليست فعالة للغاية، كما أن المواد الأفيونية، كما هو معروف، يمكن أن تسبب الإدمان بسبب طريقة عملها. لا توجد طريقة لفصل تأثيرات المواد الأفيونية — تخفيف الألم — عن الآثار الجانبية: التغيرات في التفكير والإدراك والطاقة والعواطف.
وأشار إلى أن أزمة المواد الأفيونية، وهي واحدة من أخطر المخاوف على الصحة العامة في الولايات المتحدة، بدأت منذ أكثر من عقدين من الزمن وشملت الأشخاص الذين بدأوا في تناول الأدوية لعلاج الألم ولكنهم أصبحوا مدمنين. ومع تشديد الولايات لتنظيم المواد الأفيونية التي تستلزم وصفة طبية، تحول الكثيرون إلى المخدرات غير المشروعة في الشوارع مثل الهيروين والفنتانيل. على الرغم من أن الأطباء أصبحوا أكثر حذرا بشأن وصف المواد الأفيونية الآن، إلا أن الكثير منهم ما زالوا يفعلون ذلك بسبب قلة البدائل.
وقال إن الجهود المبذولة لتطوير فئة جديدة من أدوية علاج الألم بدأت بشكل جدي في التسعينيات. سأل الباحثون عن ما إذا كانت هناك قنوات صوديوم خاصة بالأعصاب الطرفية. هذه هي البوابات التي تفتح لإرسال إشارات الألم من الأعصاب إلى الدماغ ثم تغلق لتتوقف عن الإرسال. فإذا كانت هناك بوابات تتحكم فقط في الإشارات الصادرة من الأعصاب الطرفية، فإن ذلك يشير إلى إمكانية وجود أدوية لسدها والسيطرة على الألم دون التأثير على الدماغ، ودون التسبب في الإدمان. قد يتوقف الألم عند مصدره.
لذلك بدأ الباحثون في البحث في جميع أنحاء العالم عن الأشخاص الذين لديهم طفرات جينية تمنع الأعصاب الطرفية من نقل إشارات الألم، أو التي تجعل الأعصاب الطرفية ترسل إشارات الألم بشكل مستمر تقريبا. وإذا وجدوا تلك الطفرات، فيمكن استهداف الجينات المعنية بالأدوية، وفي النهاية، وجدوا كلا النوعين من الطفرات، بحسب التقرير.
في ولاية ألاباما، تسببت إحدى الطفرات الجينية في إصابة عائلة بحالة تعرف باسم متلازمة الرجل المحترق والتي تؤدي إلى زيادة نشاط الأعصاب الطرفية. ويشعر الناس بألم شديد قال البعض إنه يشبه الحمم الساخنة بداخلهم. أي نوع من الدفء يمكن أن يجلبه ارتداء الجوارب أو السترة أو الخروج عندما تكون درجة الحرارة 21 درجة مئوية.
ونقل التقرير عن الدكتور واكسمان، قوله إنه "مرض مأساوي. إنه حرفيا يدفع البعض إلى الانتحار".
وبعد سنوات من البحث، وجد الباحثون أشخاصا لديهم طفرة جينية أدت إلى التأثير المعاكس. بدأ الاكتشاف مع صبي مراهق في باكستان. لقد كسب المال عن طريق المشي على الفحم أو جرح نفسه بشفرات حادة في عروض الشوارع. وقال الدكتور واكسمان إن أفراد عائلته لديهم نفس الطفرة، مع "كسور غير مؤلمة، وحروق غير مؤلمة، وقلع أسنان غير مؤلمة، وولادة غير مؤلمة".
وأضاف أن الأمر لا يعني أن الأشخاص الذين يعانون من مثل هذه الطفرات يشعرون بألم أقل بل إنهم "لا يشعرون بأي ألم"، بحسب التقرير.
هذه الطفرات والأبحاث اللاحقة دفعت الباحثين إلى اكتشاف أن هناك حاجة إلى اثنين من الجينات لنقل الألم المعروفين باسمي Nav1.7 وNav1.8، وكان السباق مستمرا للعثور على دواء يعتمد على أحد تلك الجينات.
وقال الدكتور ديفيد ألتشولر، كبير المسؤولين العلميين في شركة فيرتكس لصناعة الأدوية: "لقد عملت كل الشركات الكبرى عليها".
ولكن تبين أن العثور على دواء فعال كان مهمة صعبة. وقال الدكتور ألتشولر إن شركة فيرتكس أمضت 20 عاما في المشروع.
والنتيجة هي VX-548. فهو يثبط Nav1.8، ويمنع بشكل مؤقت البروتين اللازم للأعصاب لنقل إشارات الألم.
وفقا للتقرير، فقد شملت الدراسات أشخاصا يعانون من آلام حادة. لكن الشركة تدرس الآن الأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة بسبب اعتلال الأعصاب المحيطية السكري والمرضى الذين يعانون من نوع من آلام الظهر، اعتلال الجذور القطنية العجزية، الناجم عن ضعف أو إصابة العصب في العمود الفقري القطني.
في الوقت الحالي، لن يتم استخدام عقار فيرتكس، إذا تمت الموافقة عليه، إلا في نطاق ضيق إلى حد ما من الحالات. الحاجة الأكبر هي للأدوية غير المسببة للإدمان للسيطرة على الألم المزمن، وبينما لا تزال الدراسات جارية، في الوقت الحالي فقط أولئك الذين يعانون من الألم الحاد هم الذين سيستفيدون، بحسب ما أورده التقرير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العقار الدواء الصحة صحة امريكا دواء عقار صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأشخاص الذین یعانون من المواد الأفیونیة الأعصاب الطرفیة فی الوقت الحالی وقال الدکتور غیر مؤلمة من آلام
إقرأ أيضاً:
الدكتور عبدالله علي إبراهيم.. مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
الدكتور عبدالله علي إبراهيم
مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، ناقد ثقافي سوداني يرتقي جالسا في ذروة الفكر المفضي إلى ثورة الإبداع .
صاحب مشروع فكري حداثي ، يتأبى على التسليم الخانع ، والاتباع القانع والتقليد العاجز .
تنظر متأملا في مشروعه الأكاديمي الدارس للثقافة السودانية ، أو ، في منجزه الكتابي الإبداعي المسرحي ودراساته النقدية ، تجد أنه يزرع روح التمرد والمغامرة والتطلع إلى المستقبل ، ضد إجماع الإذعان لسرب الصفوة في السودان .
يرى أن الإنتاج الذهني ، ليس دوائر مغلقة بقدرما هي إجابات مفتوحة لأسئلة أخرى أيضا ، لذا نجد في إنتاجه محاولات لمحاورة نفسه ، ، بذات القدر الذي يحاور غيره .
ففي كل ما يكتبه عبدالله علي إبراهيم لن تجد إلا الأسئلة المعرفية المفتوحة ، والإجابات التي لا تعرف حدود الإنغلاق .
فالسلطة عنده هي سلطة الوعي ، وأن الثقافي الثوري المبدع يجب أن يكون غير أحادي البعد ، ولا المحدود ، ولا الجامد المتكلس ، فالثورية عنده ، أعمق وأوسع وأشمل من المعنى الإيديولوجي .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .
وبتلك المنظورت تفرد الدكتور عبدالله علي إبراهيم برؤية خاصة في المسألة السودانية وأزمات السودان إذ يرى أن ” الصفوة ” هي أصل البلاء والمحن إذ قال ” صفوتنا ضيوف ثقلاء على الواقع ” .. وفي مقالته : ” الصفوة والمكشن بلا بصل ” قال :
( من غضب الله علينا أن الصفوة – وهذا ما يسمي خريجو المدارس والمهنيون أنفسهم – طالقة لسانها في الآخرين ولم تجد بعد من يطلق لسانها فيها بصورة منهجية .
فهي تصف جماعات غمار الناس ، بالأمية ، أو البدائية ، أو المتخلفة ، أو بالمصابة بالذهن الرعوي ، أو ببله الريف أو انها مستعربة أو متأسلمة .
واحتكرت حق تبخيس الآخرين أشياءهم . واحتكرت حتى نقدها لنفسها ، ولكن برفق . فهي فاشلة أو مدمنة الفشل بما يشبه التوبيخ على حالة عارضة تلبستها وستخرج منها متى صح منها العزم ،
وقليلاً ما عثرت على نقد للصفوة تخطى ما تواضعت عليه من الرأفة بنفسها والعشم في صحوتها إلى نقد جذري يطال فشلها بالنظر إلى اقتصادها السياسي :
إلى مناشئها الثقافية والاجتماعية ومنازلها من العملية الإنتاجية ) ..
ويرى الدكتور عبدالله علي إبراهيم أن الصفوة السودانية خالية من ” الحمية ” وذلك أن الغرب قد أفرغها في مدارسها ، وجعل منهم طائفة بلا أدنى شغف بأهلهم وثقافتهم ، أطلقوا ألسنتهم فيهم ” يا بدائي ” يا ” أمي ” يا ” متخلف ”
وقال في استدراكته :
( كنت أستغرب مثلاً لماركسي يقول ، تأسياً بلينين ، إن الأمي خارج السياسة وحزبه في قيادة معظم نقابات العمال واتحادات المزارعين التي قوامها أميون .
أو تسمع من يقول لك ” بالله الحاردلو دا لو قرأ كان بدّع “.
وكأن ما قاله الحاردلو شفاهة ناقص ) ..
وفي تعميق آخر لمعنى الصفوة كتب الدكتور عبدالله علي مقالة أخرى بعنوان ( مفهوم الصفوة : إننا نتعثر حين نرى ) قائلا :
( فأعيد النظر في صلاح مفهوم الصفوة لتشخيصها . وهو المفهوم الذي نقلناه إلى خطابنا السياسي عن الفكر الغربي ، ولم نستأنسه بتحر يدني به زمامه لنا لمعرفة أوثق بهذه الحلقة الأثيمة .
ومن الجهة الثانية سأرد ، على بينة مَخْضي لمفهوم الصفوة ، هذه الحلقة إلى ” الثورة المضادة ” الغائبة في تحليلنا السياسي .
فلما قَصَر المفهوم فهمنا لفشل الفترة الانتقالية على تنازع الصفوة أوحى كأنه كان بالوسع ألا تتنازع لولا سوء خلقها .
وخلافاً لذلك سأوطن الصفوة ذاتها في خضم صراع اجتماعي واسع هية طرف فيه وفي حرب بين أطرافها كذلك .
باتت هذه الحلقة الجهنمية مثل دورات الطبيعة في حياتنا السياسية ” أو في اعتقادنا عنها من فرط تكرارها فينا ” تكرر الحيض عند النساء في قول منصور خالد .
وهي ليست كذلك بالطبع . ولم نجعلها كذلك إلا لأننا لم نحسن تشخيص هذا التعاقب ناظرين إلى صراع قوى مجتمعنا حول مصالحها .
وحال دوننا ومثل هذا التشخيص أنه لم ينشأ بيننا علم للسياسة مستقل عن الناشطية السياسة يكفل لنا الترقي من الإثارة إلى الفكر .
فظل الانقلاب فينا ، نظرياً ، من جرائر صفوة أنانية فاشلة تستدرج العسكريين لارتكابه .
وتقع مثل هذه نظرية في باب الأخلاق بجعلها الانقلاب حطة نفس .
ولا تقع في باب السياسة التي يتدافع الناس فيها حول مصالح استراتيجية بتكتيكات مختلفة سلمية وعنيفة ) ..
تأسيسا على ذلك يمكن القول أن الدكتور عبدالله علي إبراهيم في مذهبه هذا ، هو أقرب إلى التيار الذي يرى أن الأيديولوجيا في فضاءاتنا الثقافية العربية قد أنتجت مثقفين سيكولوجيين ، لهم في كل وجه عين واحدة ، وليس أكثر .
والعين الواحدة لا تدرك إلا لونا واحدا ، ولا تعترف إلا بحقيقة واحدة موحدة ..
فالإيديولوجيا مسكونة بالنوايا وبالأهواء ، هي وجهة نظر لا تعرف ولا تعترف بأنها مجرد وجهة نظر ، قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة ، وقد تكون مجرد هلوسات ذهنية ولا شيء أكثر – كما قال الدكتور عبدالكريم برشيد – هذه الإيديولوجيا بتمركزها على الذات ، قد أضرت كثيرا بثقافتنا .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .