قال الدكتور إبراهيم نجم -مستشار مفتي الجمهورية، الأمين العام للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن القيادة السياسية المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي واجه ويواجه التحديات المحيطة بالدولة المصرية بحكمة وبصيرة وعقلانية واقتدار خاصة فيما يتعلق بالتحديات الراهنة التي تواجه المنطقة، وكذلك فيما يخص القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن تصفية القضية أكبر جريمة تاريخيَّة في حق ضمائر الأحرار في العالم.

المفتي: موقف مصر تجاه قضية فلسطين سيظل فخرًا لها على مر العصور المفتي: نؤيد مواقف القيادة السياسية في دعم الدول العربية الشقيقة

جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها أمام أساتذة وطلاب كلية الدراسات الدولية بجامعة سنغافورة، وذلك على هامش زيارته إلى سنغافورة مرافقًا لفضيلة المفتي في زيارته الرسمية التي تبدأ اليوم.

وأكد مستشار مفتي الجمهورية أن إصدار الفتاوى من أهم الخطوات للفهم الصحيح للعلاقة بين الإسلام والعالم الحديث وليس كما يفهم البعض في الغرب أنها مجرد أحكام سياسية من قِبل قادة الدول.

صناعة الإفتاء تقوم على المنهج المؤسسي الوسطي المعتدل 

وأوضح الدكتور نجم أن صناعة الإفتاء التي تقوم على المنهج المؤسسي الوسطي المعتدل الذي تنتهجه دار الإفتاء المصرية ومؤسساتنا الدينية الوطنية، يختلف تمامًا في مضمونه ومعطياته ونتائجه عن الإفتاء العشوائي السطحي الذي يمارسه بعض الهواة والمتعالمين.

وأضاف أن دار الإفتاء المصرية هي الصوت المرجعي لإصدار الفتاوى في مصر والعالم الإسلامي، وأن الدار تصدر قرابة المليون ونصف المليون فتوى كل عام بـ 12 لغة مختلفة، مؤكدًا أن الدار حريصة أشد الحرص على التواصل مع المسلمين في كافة أنحاء العالم وبناء جسور التواصل، لذلك عملت على تحقيق طفرة كبيرة في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، وخوض غمار مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد متابعي الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على "فيس بوك" أكثر من ١٢ مليون مستخدم.

وأشار مستشار المفتي إلى أن الدار استفادت كذلك من استخدام تطبيقات الهواتف الذكية لتلقي الأسئلة والإجابة عنها والتي كان آخرها تطبيق "فتوى برو" الذي يخدم المسلمين في الغرب ويتلقى تساؤلاتهم من مختلف دول العالم ويتم الرد عليها بلغات مختلفة مع مراعاة السياقات المجتمعية في البلدان التي يأتي منها الأسئلة.

وشدَّد الدكتور نجم على أنه من الخطأ في حق وطننا وديننا أن نترك للمتطرفين الساحة الدولية فارغة يشوهون فيها صورة الإسلام والوطن، وأن الإسلام الصحيح قادر أن يُسكِت الأقلية المتطرفة، فالإرهابيون يتعبدون بسفك الدماء المحرمة ويجاهدون بالقتل والإرهاب.

وأوضح أن وسائل الإعلام وحكومات العالم يجب أن تكون أكثر تدقيقًا في التعامل مع علماء الدين، لضمان تفوُّق صوت الاعتدال على الأقلية المتطرفة، فالدين الصحيح قادر على توفير حلول لمواجهة التحديات التي تواجه العالم.

وأشار إلى أن تبادل المعرفة بين الشباب هو الطريق المضمون من أجل تحسين قيم التسامح بين الجيل القادم من القادة في كلا الجانبين؛ لأنه خلف كل عمل إرهابي توجد أفكار متطرفة تلعب دور السند الأيديولوجي المُبَرِّرِ للأعمال الإرهابية.

وأكد مستشار فضيلة المفتي أن دار الإفتاء المصرية حريصة كذلك على التعاون مع كافة دُور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم، ومن أجل ذلك أنشأت في عام 2015 كيانًا دوليًّا هو "الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم" لتكون مظلة جامعة لمفتين من أكثر من ٩٠ دولة، حيث نتعاون جميعًا من أجل وضع حلول للتحديات التي نواجهها ومستجدات العصر.

وأشار إلى إنشاء دار الإفتاء لمركز "سلام" لدراسات التطرف، الذي يأتي ضمن مجهودات دار الإفتاء في مواجهة التطرف والإرهاب، وقدم شرحًا حول فكرة ودَور المركز الذي يعدُّ منصة بحثية وأكاديمية تعمل تحت إشراف الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم ودار الإفتاء المصرية، وتُعنى بدراسة وتحليل ومعالجة ظاهرة التطرف باسم الدين. ويرتكز مركز سلام على أُسس علمية في تعميق المناقشات العامة والأكاديمية والدينية المتعلقة بقضية التشدد والتطرف، ودعم عملية صنع السياسات الخاصة بعملية مكافحة التطرف وقايةً وعلاجًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء إبراهيم نجم القضية الفلسطينية دار الإفتاء دار الإفتاء المصریة الإفتاء فی فی العالم

إقرأ أيضاً:

فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان

كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الضرب سواء كان للأطفال أو من هم في سن المراهقة فنجد البعض يشترط أحكاما كثيرة والآخر لا يراها لازمة ونجد أيضا من الصالحين كما يقال من يضرب الضرب المبرح إلى أن تكسر العصا على المضروب ويفتخر بذلك ويقول هذا أفضل له من نار جهنم، نريد ضابطا عاما لهذه القضية؟

تقدمت أجوبة في مناسبات عديدة سابقة في هذه القضية ولا مانع من إعادة تلخيص ما ورد في تلك الأجوبة، لكن لا بد من التنبيه أولا إلى أن الذي حدا بطرح مثل هذا الموضوع، هو ما يقع فيه كثير من الناس من أخطاء في التربية عموما وفي استعمال التأديب بالضرب خصوصا، ولعل بعض الحالات بلغ فيها الحال إلى حد مجاوزة الحدود، واستعمال العنف الذي لا يرضاه شرع الله تبارك وتعالى، ولا تقره الأخلاق ولا المروءات وكان ذلك العنف المبالغ فيه سببا لحصول عكس مقصود التأديب وحسن التربية عند الناشئة وفي المجتمع عموما لذلك فإن هذه القضية قضية مهمة باعتبار أنها تتصل بشيء من الأحكام الشرعية ثم هي مهمة كذلك لما ينتج عنها من آثار

في نفوس الذين يتلقون التربية والتأديب من الأولياء والمربين، وهذا يدفعنا إلى ضرورة التأكيد على هؤلاء من الآباء والأمهات والمربين أن يتقوا الله تبارك وتعالى في هذه الأمانات التي كلفهم الله تبارك وتعالى بحسن رعايتهم، وبجميل تأديبهم، وبتنشئتهم التنشئة الصالحة، وباتباع أساليب الخلق القويم، والكلمة الطيبة، والترغيب والترهيب، وعدم اللجوء إلى ما يمكن أن يورث الناشئة شيئا من النفور، أو أن يكون في ذاته من القسوة والغلظة التي لا يرضاها دين الله تبارك وتعالى، هذا مما يجب على الأولياء وأقصد هنا الآباء والأمهات والمربين أن يتنبهوا له وأن يولوه عنايتهم.

ولهذا نجد أن فقهاء الإسلام كانوا شديدي الحرص في بيان الضوابط والآداب التي تحقق عند اللجوء إلى الضرب كوسيلة، تدور حول ما يأتي أولا من أن تستفرغ الوسائل الأخرى دون الضرب فلا يصح أن يعمد مرب إلى الضرب أول الأمر حينما وجه لتعليم الأولاد الصلاة،

قال: «علموهم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» يعني ثلاث سنوات هذه السنوات الثلاث كلها استفراغ للوسع وبذل لغاية العناية في توجيه الناشئة للمحافظة على الصلاة فالشرط الأول هو استفراغ الوسع في وسائل التربية الأخرى في وسائل الإصلاح دون الضرب وهذا يشمل الترغيبية والترهيبية والموعظة والقدوة والكلمة الطيبة وضرب المثال وضرب القصة إلى آخر الوسائل التي على الأولياء أن يتقنوها.

الشرط الثاني أن يكون المقصود الإصلاح، ليس تنفيسا لغضب أو ردة فعل لخطأ وقع فيه المربَى وهذا يعني أن يكون الضرب مؤديا إلى الصلاح، وألا تكون عاقبته إلا عاقبة طيبة. والشرط الثالث وهو أن يحسب للعاقبة حسابها فينظر هل هذا الضرب يمكن أن يؤدي إلى إصلاح وهو بذلك استفرغ الوسائل الأخرى في التربية، ثم إنه يقصد فعلا إلى حسن التربية وجميل التأديب وأن هذا الضرب سيؤدي إلى هذه النتيجة وسيكون مقصود الضرب واضحا عند المتلقي.

والشرط الرابع هو الاعتدال فيجب أن يقتصر على ما يحقق الغرض وفي كل الأحوال ليس له أن يجاوز الحد الذي يمكن أن يكون مبرحا وأن يبلغ إلى حد إفساد الولد المربَى، لا بد أن يكون ضربا بقدر يحقق الغرض ويكسر نفسه أكثر مما يؤلم جسده.

والشرط الخامس هو أن يتقي الظاهر من البدن كالوجه وظاهر البدن حتى لا يوصم من قبل أترابه وأقرانه أو من المجتمع بما يورثه شيئا من الأمراض أو يكون مفضيا إلى غير مقصود التأديب والتربية، كوجود علامات في الوجه، ويمكن أن تورثه شيئا من الأمراض النفسية، أو غير ذلك من العلل التي يجب أن يتم تجنبها.

وهنا اختلفوا في الحد في هذه الحالة قيل لا يجاوز ثلاث ضربات، ولكن هذا يعتمد على قوة الضارب وعلى الأداة المستعملة، ومقصود الفقهاء في مناقشة ما لا يصح أن يجاوز هو منع هذا الذي خول هذه المسؤولية من التعدي ومجاوزة الحدود، فالمقصود هو قدر من الإيلام يؤدي إلى الغرض، وهذا الإيلام يشمل الإيلام الجسدي ويشمل الإيلام المعنوي، ويتفاوت المتربون في ذلك، فمنهم من يؤلمه الجانب المعنوي وهذا يكفيه، ومنهم من يزيده الضرب الخفيف عتوا ونفورا ويمكن أن يكون سببا للاستهزاء فلا يصلح له أن يكون الضرب إلا ضربا يشعر به ويحس به، بعض الفقهاء نص على أن يكون دون غضب لأن الغضبان لا يدرى أين يصل به غضبه، فعليه أن يتذكر قدرة الله تبارك وتعالى عليه. وبعضهم ذكر الشروط الفرعية كأن يكون السبب معلوما يعني ألا يضربه دون أن يبين له السبب، فلا بد أن يكشف له سبب ضربه وأن يتبين أولًا قبل أن يضربه.

والضرب ليس بالوسيلة المختارة في الفقه الإسلامي المتعلق بالتربية ونظرا لجهل لكثير من الناس أو لعدم امتثالهم لهذه الشروط فإن الحذر واجب والتوقف عن الضرب في أحيان كثيرة هو الأولى، ومما ينبغي أن ينبه إذا وجدت من التشريعات والقوانين ما تحد من سلطة الضرب فيجب الوقوف عندها، لأن الأصل أنه فيما يتعلق بتربية الوالد أو الوالدين لأولادهم أن هذا الحق مكفول لهما بالشروط المتقدمة، لكن في غير الوالدين، بل حتى الخلاف في الأم دون الأب، خلاف طويل في المعلم والمربي والمحتسب كلهم، يدور في فقه السماح لهم بالضرب وحدود الضرب خلاف فقهي كبير.

وقد اطلعت بنفسي على أخطار جسيمة تحملها الأولاد بسبب جور الآباء عليهم في التعنيف والضرب، فجهل الناس اليوم هو من الأسباب التي تدعو في الحقيقة إلى الحد من هذه الوسيلة التربوية، مع التأكيد على الوسائل التي تقدمت الإشارة إليها، والله تعالى أعلم.

مسافرون يعملون في الصحراء يصلون في غرفة متنقلة، والشركة تتنقل من موقع إلى آخر بين فترات طويلة، هل يصح لهم أن يقيموا صلاة الجمعة في هذا المصلى، للعلم أن عدد المصلين يصل من خمسين إلى ثمانين مصليا، وما حكم صلواتهم السابقة التي أقاموا فيها صلاة الجمعة إذا كان ذلك لا يصح؟

لا يكون الجواب عن فقه المسألة دون تخصيص بهذا المكان الذي لم يسمه هو في السؤال، وإن كان يريد جوابا عنه فلا بد أن يبين التفاصيل، كيف أقاموا الجمعة هل أخذوا إذنا بذلك، أو استصدروا فتوى شرعية، فينظر في كل الاعتبارات والظروف التي احتفت بخصوص مسألتهم، أما في فقه المسألة، فيوجد لها خلاف هل من شروط إقامة الجمعة القرار في المكان أو يمكن أن يرخص فيما يشبه القرار كأن تطول مدة الإقامة في ذلك المكان لسنوات فهذا أشبه بالاستقرار والسكون في المكان، أو أنهم ما داموا يعلمون أنهم سيرتحلون عن ذلك المكان إلى آخر بسبب طبيعة عمل هذه الشركة، فإن هذا ليس بقرار، وعلى هذا ينخرم هذا الشرط الذي هو من شروط إقامة الجمعة.

وواضح من مثل هذه الصورة أن هذا المخيم أو هذه المساكن الخاصة بالشركة أو مقر الشركة هذا بعيد عن عمران المتأهلين فهم يتحدثون عن خصوص المخيم أو مقر الشركة دون ما يجاورهم من عمران مستقر.

ومن شروط الجمعة أيضا ما يتعلق بأن يكونوا مواطنين في ذلك المكان أي ألا يكونوا مسافرين نظرا لعدم لزوم الجمعة على المسافرين ففي هذه الحالة ينظر هل إذا كان هناك منهم مواطنون يصلون حضرا في ذلك المكان هل يبلغون الحد الأدنى الذي تقام به الجمعة وهو محل خلاف أيضا، وكثير من الفقهاء يرى أن الجمعة تقام بأربعين رجلا واختلف هل هذا الشرط هو شرط أيضا لاستمرار الجمعة أو هي بعد كسائر الجماعات يمكن أن تعقد لأقل من ذلك.

ولذلك فإن النظام المتبع هو أن يتقدم إلى الجهة المعنية لطلب إقامة الجمعة وتدرس الحالة وينظر في اعتباراتها الشرعية والسكانية وغيرها من الشرائط المطلوبة لإقامة الجمعة ثم بعد ذلك يكون الجواب، وأما فقه المسألة في خصوص هذه المسألة التي وردت أو في عموم هذا النوع من المسائل فإن الذي تختلف فيه عن غيرها هو الذي تقدم ذكره. والله تعالى أعلم.

مقالات مشابهة

  • عمرو موسى: مصر فتحت أبوابها لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • أبناء ذمار يؤكدون ثبات الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني وينددون بالصمت الدولي
  • الصحراوي قمعون: القضية الفلسطينية وحروب التضليل
  • مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الكل في وضع سيىء والحل الوحيد هو تطبيق القانون الدولي
  • بولتيكو: "كوربين" سيقود انتفاضة "يسار بريطانيا" ضد حزب العمال لدعم القضية الفلسطينية
  • المغرب يخطط لبناء أكبر ملعب في العالم
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • جلسة حوارية تناقش القيم الفكرية والأدبية لفلسطين
  • مفتي الجمهورية يهنِّئ الرئيس السيسي والشعب المصري بالعام الهجري الجديد