بروفيسور حسن بشير محمد نور
نعم حدثت في دارفور انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وتم ارتكاب ابشع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ولفترة طويلة امتدت لاكثر من عشرين عاما ولا زالت مستمرة، لكن مع ذلك هناك انتهاكات مماثلة خطيرة ارتكبت في مناطق اخرى من السودان ومن ضمنها ما تم في واقعة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم عندما تم القتل والحرق والاغتصاب ورمي الناس أحياء مكبلين في النيل من فوق الجسور، اضافة لجرائم في مختلف انحاء السودان في الشرق أو النيل الأزرق أو جبال النوبة وكردفان وغيرها.
أما الحرب المستعرة الان في السودان منذ 15 ابريل 2023 فهي حرب علي الشعب السوداني في مجمله، وما تم من انتهاكات في الخرطوم والجزيرة ومناطق واسعة في كردفان وغيرها عبارة عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب كاملة الاركان.
اذن لماذا اهتمام المجتمع الدولي ومنظمات الامم المتحدة والعديد من المنظمات والدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الامريكية (التي يقال إنها خصصت في هذه الايام جائزة مالية كبرى لمن يرشد علي أحمد هارون المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور منذ زمن طويل) ، لماذا كل هذا الاهتمام بدارفور علي وجه التحديد دون أخذ الانتهاكات والجرائم بشكل شامل ومتوازن سواء في التقارير والاحاطات الدولية وفي التناول الاعلامي المهمل في تغطيته للحرب الجارية في السودان ولانتهاكات طرفيها بالشكل الذي يتناسب مع الواقع؟. الاسباب عديدة لكن اهمها:
1/ ان دار فور دخلت ضمن منظومة الرأي العام العالمي والغربي علي وجه الخصوص والامريكي بشكل اخص وبالتالي أصبحت ملف جيد التوظيف للكسب السياسي وفي الحملات الانتخابية خاصة وإن هناك انتخابات أمريكية علي الأبواب.
2/ عندما تصبح اي قضية مسألة رأي عام يتكون لها لوبي مساند، وهذا اللوبي بقدر ما يفيد يستفيد سياسيا وماديا وما اكثر المكاسب المادية والمالية التي تقف وراءها السياسية بشكل غير مباشر في الدول المتقدمة وفي العلن خارج تلك الدول.
3/ أصبحت قضية دارفور بقرة حلوب تستجلب التمويل للعديد من المنظمات ومن ذلك التمويل تخرج (لقمات حلوة) لموظفي تلك المنظمات والقائمين علي امرها مما يجعل اولئك الاشخاص كافراد أو كشخصيات اعتبارية شديدي الحرص علي تعلية صوت تلك المناطق الساخنة (Hot spot area) لضمان التمويل وبالتالي تحقيق المكاسب.
لذلك يجب ان نكون ساذجين حتي نصدق أن الاهتمام الكبير بما يحدث في دار فور (رغم ايجابيته بشكل عام) مع أهمال الانتهاكات الاخري، كما يحدث مع فظائع حرب 15 ابريل أو علي الاقل وضع تلك الحرب وماسيها بما فيها ويلات الجوع والمرض في دائرة الاهتمام، يجب ان نكون ساذجين حتي نصدق أن كل ذلك الاهتمام بدارفور يتم من أجل عيون الدارفورين بعيدا عن المكاسب السياسية والمالية وبدون التوظيف في تعظيم تلك المكاسب وإلا لعملت تلك الجهات علي ايقاف الحرب هناك، والمستمرة لحوالي ربع قرن أو علي الاقل الذهاب بمجرمي تلك الحرب للعدالة الدولية وجعلهم عبرة لمن بعتبر، لكن يبدو ان الاستثمار في الماسي وويلات الشعوب وتحقيق المكاسب من وراءها اهم من الارواح التي تزهق والفظائع التي ترتكب هناك. انني علي قناعة بان القوى الفاعلة دوليا إذا ارادت لكل ذلك العبث ان يتوقف لتوقف.
الان بالاضافة لجميع انتهاكات طرفي حرب 15 ابريل هناك مجاعة تهدد ما لا يقل عن نصف سكان السودان بناءا علي اجماع الجهات المختصة حول ذلك، والامل ان يكون للمجتمع الدولي والمنظمات الأممية والدولية والدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية تجاه هذه الكارثة المحدقة وتجاه انتهاكات طرفي حرب 15 ابريل، ان يكون لتلك الأطراف نفس الحساسية والاهتمام إلذي تجده انتهاكات دارفور دون العمل علي تطاولها أو استثمارها في تحقيق اهداف معادية للانسان السوداني اينما كان موقعه أو جنسه أو عرقه.
لقد هتف ثوار وثائرات ديسمبر (يا عنصري ومغرور كل البلد دار فور) والان بالفعل أصبحت كل البلد دار فور فهل سنشهد الاهتمام المنشود بما يجري في السودان بشكل متكامل.
mnhassanb8@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: دار فور
إقرأ أيضاً:
أعضاء في الكونغرس يعملون على حظر مبيعات الأسلحة للإمارات.. ما فرص نجاحه؟
منع الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي غريغوري ميكس، مبيعات الأسلحة لدولة الإمارات، التي تعد شريكا رئيسيا في الشرق الأوسط، بسبب دورها المزعوم في الحرب الأهلية الجارية حاليا في السودان.
وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن هذا المنع "تم بهدوء منذ أواخر العام الماضي"، إلا أن ميكس يخطط للكشف عن ذلك بشكل علني عندما يقدم مشروع قانون لـ"اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يغذون الحرب في السودان".
وأوضحت الصحيفة أن "الإمارات اتُهمت على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان ومراقبي الصراع الخارجيين بتسليح وتمويل مليشيا متهمة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب في السودان سرا".
ويستطيع أي من كبار المشرعين الأربعة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب فرض حظر على مبيعات الأسلحة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان حظر ميكس قد منع بنشاط أي عمليات نقل أسلحة إلى أبو ظبي حتى الآن.
ومن غير الواضح ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب سيلتزم بمثل هذا الحظر، ففي الشهر الماضي، أعلن عن بيع أسلحة بقيمة 7.4 مليار دولار لـ"إسرائيل" على الرغم من طلب ميكس إيقاف البيع مؤقتًا حتى يتلقى مزيدا من المعلومات، وهو ما مثّل سابقة بشأن مراجعات الكونغرس لمبيعات الأسلحة الكبرى.
وأسفرت الحرب الأهلية التي استمرت قرابة العامين في السودان عن مقتل ما يقدر بنحو 150 ألف شخص وتركت حوالي 30 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات غذائية وطبية. واتهمت الولايات المتحدة كلا الطرفين المتحاربين، الجيش السوداني ومليشيا قوات الدعم السريع، بارتكاب جرائم حرب وفظائع.
وقبل وقت قصير من مغادرة الرئيس جو بايدن منصبه، قررت إدارته أن قوات الدعم السريع كانت ترتكب إبادة جماعية واتهمت القوات المسلحة السودانية باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وأكدت الصحيفة أن "الحرب الأهلية في السودان أصبحت بمثابة حاضنة للقوى بالوكالة التي تتنافس على النفوذ، حيث تُتهم الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع، بينما تتلقى القوات المسلحة السودانية الدعم من مصر والسعودية وإيران".
وذكرت أن "مشروع قانون ميكس يهدف إلى دفع الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لإنهاء الصراع في السودان".
ونقلت عن ثلاثة مساعدين في الكونغرس مطلعين على الخطة تأكديهم أن هذا "يشمل منع نقل المعدات العسكرية الأمريكية إلى أي دولة تسلح أي من الجانبين في الحرب، كما أن مشروع القانون الذي يحمل عنوان "قانون المشاركة الأمريكية في السلام السوداني"، يحمل خططًا لتعزيز العقوبات على الأطراف المتحاربة ويخصص التمويل لمبعوث خاص للسودان".
وبيّنت أن الطريق إلى أن يصبح مشروع قانون ميكس قانونا غير مؤكد؛ نظرا لسيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، وحتى الآن لم تقل الإدارة الجديدة الكثير عن نهجها تجاه الحرب الأهلية في السودان.
ودعم الجمهوريون في مجلس الشيوخ ومجلس النواب قرارات ومشاريع قوانين تدين الحرب في السودان في الماضي، لكنهم لم يقدموا أي تشريع مهم بشأن الصراع منذ تولي ترامب منصبه.
ونهاية الأسبوع الماضي، رفعت الحكومة السودانية دعوى أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية، متهمة الإمارات بالتواطؤ في الإبادة الجماعية بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
ورد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، على الاتهامات قائلا: "يجب أن تكون أولوية السودان وقف إطلاق النار في هذه الحرب السخيفة والمدمرة ومعالجة الكارثة الإنسانية الهائلة"، مضيفا أن القوات المسلحة السودانية كانت بدلاً من ذلك تجري "مناورات إعلامية ضعيفة لتبرير رفضها للسلام والمسار السياسي".
يذكر أن مشروع ميكس ليس الوحيد الذي يفحص دور الإمارات في الحرب الأهلية في السودان، نظرا لأن السيناتور كريس فان هولين، والنائبة سارة جاكوبس يعملان على تقديم تشريع منفصل خاص بهما بشأن هذه المسألة خلال الأسبوع الجاري.
وعلى عكس مشروع قانون ميكس، الذي يدعو إلى منع مبيعات الأسلحة لأي دولة متورطة في الصراع، فإن مشروع قانون فان هولين وجاكوبس يدعو صراحة إلى منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
وفي الأيام الأخيرة من ولايته، قال فان هولين وجاكوبس إن مسؤولي إدارة بايدن أكدوا لهما أن الإمارات كانت تزود المجموعة بالأسلحة، في تناقض مباشر مع التأكيدات التي قدمتها لواشنطن.
وقال جاكوبس: "بينما الإمارات العربية المتحدة شريك مهم في الشرق الأوسط، لا ينبغي لأمريكا أن تزود أي دولة تستفيد من فظائع قوات الدعم السريع بالأسلحة".
قرار رفض
وبخلاف عملية مراجعة مبيعات الأسلحة من قبل قادة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال فان هولين في مقابلة إنه ينوي اتخاذ خطوة أخرى لمنع المبيعات، ستكون بتقديم قرار مشترك بالرفض، وهي وسيلة تشريعية يمكنها تجاوز قادة مجلس الشيوخ للحصول على تصويت تلقائي، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يمر في ظل أغلبية جمهورية.
ولم يسبق لأي قرار رفض أن يُمرر في مجلس النواب والشيوخ وينجو من الفيتو الرئاسي، وقد أدت مثل هذه القرارات في بعض الأحيان إلى مناقشات ساخنة سلطت الضوء على مخاوف حقوق الإنسان واستياء المشرعين من مبيعات الأسلحة.
ولطالما كانت الإمارات مشتريا رئيسيا للأسلحة الأمريكية. ففي أكتوبر، أعلنت إدارة بايدن، على سبيل المثال، أنها وافقت على بيع محتمل لذخائر "GMLRS" و"ATACMS"، والدعم المرتبط بها، مقابل 1.2 مليار دولار.
وتصنع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية صواريخ نظام إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (LMT.N)، مع إنتاج محرك الصواريخ الذي يعمل بالوقود الصلب للنظام، إضافة لتصنيعها أيضا صواريخ "ATACMS" طويلة المدى.
وتسعى القرارات والتحركات الحالية في الكونغرس حديثًا لوقف عمليات البيع هذه بالتحديد.
ويذكر أن الرئيس السابق جو بايدن، اعترف هذا العام بالإمارات كشريك دفاعي رئيسي، وتستضيف الدولة الخليجية قاعدة الظفرة الجوية التي تضم طائرات عسكرية أمريكية وآلاف الأفراد الأمريكيين.
واتهم جيش السودان الإمارات العربية المتحدة بتقديم الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع في حرب السودان التي استمرت 17 شهرًا. وتنفي الدولة الخليجية هذه المزاعم. ووصف مراقبو عقوبات الأمم المتحدة الاتهامات بأن الإمارات العربية المتحدة قدمت دعمًا عسكريًا لقوات الدعم السريع بأنها ذات مصداقية.
ونفت الإمارات ضلوعها في الدعم العسكري لأي من الأحزاب المتنافسة في السودان.
اندلعت الحرب في نيسان/ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشأن الانتقال إلى انتخابات حرة، حيث قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص. وقالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من 25 مليون شخص - نصف سكان السودان - بحاجة إلى المساعدة، والمجاعة تلوح في الأفق وفر حوالي 8 ملايين شخص من منازلهم.
وقالت جاكوبس، التي التقت اللاجئين السودانيين على الحدود مع تشاد هذا العام، في بيان: "الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أكبر الجهات الخارجية التي تغذي العنف في السودان، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة على وشك بيع أسلحة أخرى لها بقيمة 1.2 مليار دولار قد تنتهي في أيدي قوات الدعم السريع".