سودانايل:
2025-04-26@09:35:13 GMT

الممكن والمستحيل فى حل الأزمة السودانية

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

المقدمة :
بما أن كل حروب العالم قد تم حلها على طاولة التفاوض والحوار وأن لا حلول سياسية بدون وقف الحرب وإسترشاداً بتجربة الحرب فى ليبيريا والصومال وغيرها وبالرجوع إلى ما تعلمناه فى العلاقات الدولية حول كيفية فض النزاعات أسمحوا لى بأن أتقدم إليكم بهذا الجهد الإنسانى المتواضع وأطرحه عليكم للمناقشة والتصويب والكمال لله وحده و عسى ولعلى أن أكون قد رميت حجراً صغيراً لتحريك المياه الراكضة فى بركة الأزمة السودانية أملاً كل الخير لبلادنا .


كيف نبدأ :
إننا لا نبدأ من الصفر فى محاولة حل الأزمة السودانية فى حدود الحد الأدنى من بداية الطريق و نشجع أن يبدأ حل الأزمة من خلال التفاوض والحوار بين الطرفين المتقاتلين والإتفاق أولاً على وقف إطلاق النار بصورة جدية قبل الإنتقال إلى عدة مراحل أخرى فى السعى لحل الأزمة عبر تفاهمات توقف الحرب الدائرة .
المرحلة الأولى :
وقف إطلاق النار أولاً والإلتزام الصارم من الطرفين به وهو يتطلب فك الإرتباط الميدانى فى ساحات القتال بين الطرفين ونسبة لإنعدام الثقة بين طرفى الحرب ومن خلال تجربة الهدن السابقة غير الناجحة فلا بد من وجود قوات أفريقية لضمان عدم تجدد القتال بين الطرفين مرة أخرى .
المرحلة الثانية :
بعد وقف إطلاق النار يتم تشكيل سلطة إنتقالية مدنية خالصة من الكفاءات العلمية المقتدرة ذات الخبرة والمعرفة بعيداً عن الأحزاب والمخاصصات تبدأ من القمة إلى القاعدة ( مجلس السيادة ) ( مجلس الوزراء ) ومن الأهمية القصوى بمكان تشكيل المجلس التشريعى فوراً الذى تمثل فيه كل الولايات وأن يكون تمثيل المرأة والشباب فيه بنسبة 60% للرقابة وضبط الإيقاع الحكومى .
المرحلة الثالثة :
تبدأ عملية الإصلاح الأمنى والعسكرى بصورة متزامنة مع عملية تشكيل السلطة الإنتقالية المدنية لبناء جيش وطنى موحد ذو عقيدة وطنية بعيداً عن الأحزاب والأيدولوجيات المختلفة ويتم خلاله عملية الدمج والتسريح الكامل لكل القوات والجيوش المنتشرة فى جميع أنحاء البلاد وفق اللوائح والضوابط العسكرية وبضمان ورقابة القوات الأفريقية ( كجسم محايد ) حتى إنتهاء الفترة الإنتقالية حتى نضمن تماماً عدم قيام الجيش بإنقلاب آخر مثل ما حدث فى 25 إكتوبر 2021 .

المرحلة الرابعة :
تشكيل المفوضيات المختلفة المتخصصة وبصورة عاجلة من الكفاءات العلمية وأهمها مفوضية الإنتخابات وأن يتم القيام بعملية تعداد سكانى قبل الأنتخابات العامة .
المرحلة الخامسة :
هناك أهمية بإفراد مفوضية خاصة للبناء والتعمير على وجه السرعة لإصلاح ما دمرته الحرب خاصة فى البنية التحتية كافة .
ختام :
لا اقول إن هذه الأفكار قد وصلت الكمال أو إنها الحل الوحيد للمشكلة ولكننى أود أن نتشارك الأفكار والحلول من خلال الحوار الموضوعى والعلمى لعلنا نوفق فى نهاية المطاف إلى إيجاد حلول إيجابية توصلنا لحل الأزمة الحالية بصورة جادة والأمر فى الأول والأخر مفتوح ومتروك لكم ومساهماتكم الفكرية ودمتم .

دكتور / عكاشة السيد عكاشة
نيروبى / كينيا
فبراير 2024

 

akashaalsayed@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن

لم يعد السودانيون يملكون ترف التأجيل، ولا فسحة الإنكار. فما بين حرائق الحرب، وتشظي الجغرافيا، وانكسار المعنى، تترنح البلاد على حافة الفناء. آلاف يُشرَّدون كل يوم، مدن تُمحى من الوجود، وقلوب تفيض بالغضب والحسرة والخذلان. لسنا في لحظة خلاف سياسي عابر، بل أمام تصدّع نفسي وجمعي بلغ أعماق الوجدان، وأوشك أن يقضي على آخر ما تبقى من الروابط الجامعة لهذا الشعب الذي تقاذفته نخبه وأودت به من خيبة إلى أخرى.

لقد بات من العبث أن نتحدث عن الخروج من الأزمة دون الاعتراف الجاد والعميق بأننا جميعاً في ورطة: نُخبةً وشعباً، إسلاميين وغيرهم، زرقةً وعرباً، نظاميين ومدنيين، زغاوة وعطاوة، مركزاً وهامشاً. الجميع مأزوم، وكل طرف يجرّ خلفه تاريخاً من الانكسارات أو التورط أو الغفلة. وما لم نواجه هذه الورطة بشجاعة أخلاقية ونقد ذاتي مسؤول، فإننا سنبقى أسرى سرديات التناحر والاستقطاب، وسيتسرب الوطن من بين أيدينا كما تتسرب المعاني من قلب مكلوم.

ما نعيشه اليوم لا يمكن تفسيره فقط بأدوات السياسة التقليدية؛ نحن أمام مأزق بنيوي يعيد إنتاج نفسه، مأزقٌ تتصارع فيه الروايات والهويات والمصالح بشكل متشابك، حتى أصبح الوضع شبيهاً بما تسميه “نظرية اللعبة” في العلوم السياسية: كل طرف يظن أن انتصاره مرهون بخسارة الآخر، بينما الشعب كله، في المركز والهامش، يعيش حالة خسارة مزدوجة.

الإسلاميون في مأزق أخلاقي لأن خطابهم اختُطف لصالح تيار متشدد يدّعي تمثيل الإسلام، بينما يُقصى المعتدلون الذين ما زالوا يؤمنون بشرعة الوطن الجامع. الشماليون في أزمة وجودية لأنهم تواطؤوا لقرون مع سلطة المركز وتاملوا — بوعي أو دون وعي — على ظلم المجموعات الزنجية واضطهاد الفئات المستضعفة، ثم وجدوا أنفسهم لاحقًا هدفًا للانتقام. العطاوة (الرزيقات خاصة) وُظفوا لعقود خلت كأدوات بيد المركز حتى صاروا جزءًا من معادلة سلطة لا مفر للخروج منها أو احتكارها دون خسائر باهظة.

الزرقة (الزغاوة خاصة) في ورطة لأن فصائل مسلحة اختطفت تمثيلهم السياسي باسم البندقية لا باسم الشرعية الشعبية. والمساليت، برغم عدالة قضيتهم، ارتهنوا انفسهم للنخبة العسكرية التي لا تسعى إلى حل، بل إلى تدوير الأزمة من خلال السعي لاستيلاد المليشيات. السؤال: هل ستظل قضية دار المساليت جرحاً ينكأ بلا ضماد، وبأي ثمن؟
هل سيظل السودان رهينة لخطابات الكراهية والدم ومرتعاً للغبينة وإثارة الضغائن؟

ما لم ننجح في تحويل هذا الصراع إلى معادلة “رابح-رابح”. وهنا، تحضرني “نظرية اللعبة” (Game Theory) ثانية كعدسة تحليلية يمكن أن تضيء لنا مخرجًا. فنحن كأطراف متنازعة، نتصرف كسجناء في معضلة كلاسيكية: كل طرف يفضل خيانة الآخر خشية أن يُخدع، فتضيع الفرصة على الجميع. لكننا لا نعيش معضلة سجناء، بل مصير وطن، ولا خيار لنا سوى قلب هذه المعادلة نحو “رابح/رابح” (Win/Win). ولا يتحقق هذا إلا باعترافنا المتبادل، وتخلينا عن عقلية “كل شيء أو لا شيء”.

ما نحتاجه في السودان ليس تكراراً لنموذج رواندا، رغم ما فيه من عِبَر، فالجرح السوداني أوسع وأكثر تشعباً من أن يُختصر في ثنائية قبيلتين. تجربة جنوب أفريقيا هي الأقرب لما نمر به: بلاد مزقتها العنصرية، وعُصِرت بماضٍ دموي، ثم نهضت، لا بالمحاكمات الانتقامية، ولا بالتعميم المخل، بل بـ”لجنة الحقيقة والمصالحة”، التي جعلت الاعتراف بالخطأ مدخلاً للتسامح، لا مدخلاً للتبرير.

في جنوب أفريقيا، لم يُطلب من الجلاد أن يُحب ضحيته، ولا من الضحية أن تنسى جراحها، بل طُلب من كليهما أن يعترفا بالحقيقة، ويُسهما في صناعة مستقبل مشترك. وذاك هو جوهر العدالة الانتقالية التي نحتاجها في السودان. عدالة لا تكتفي بالعقاب، ولا تكتفي بالعفو، بل تسعى إلى تحقيق التوازن الأخلاقي والوطني، بإعادة توزيع المعنى والثقة، قبل الثروة والسلطة.

ثقتي أن لنا في موروثاتنا الوطنية والدينية من الحكمة ما يؤهلنا للقيام بهذا الدور وإن افتقرنا حالياً إلى القيادة الفذة وإلى شجاعة الكبار. نحتاج فقط إلى سردية وطنية جديدة، لا تعيد إنتاج المظالم، بل تعترف بها وتعالج جذورها. سردية تُشرك الجميع في كتابة عقد اجتماعي جديد، يضع الوطن فوق الهويات الجزئية والمصالح المؤقتة. إن بقي كل طرف يكتب روايته وحده، فستبقى الذاكرة منقسمة، والدماء مستباحة. لكن إن اتفقنا على رواية واحدة—رواية المأساة الجماعية والمسؤولية المشتركة والأمل الممكن—فقد ننجو، بل قد نبني شيئاً أجمل مما تهدم.

‏ *April 23, 2025*  

مقالات مشابهة

  • الحركة الإسلامية السودانية… المأزق والغنيمة
  • أوكرانيا في مرمى الاتهامات .. تفاصيل عملية استهداف جنرال روسي بارز في موسكو
  • في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن
  • يجب حظر الحركة الإسلامية السودانية
  • انفجار الحرب من جديد… اندلاع موجهات وحرب عسكرية بين الهند وباكستان بعد عملية كشمير
  • اندلاع أول اشتباك مسلح بين الهند وباكستان بعد عملية كشمير
  • الخارجية السودانية تبلغ البعثات الدبلوماسية بإجراءات استلام مقارها في الخرطوم
  • الفاشر بين الحرب والمأساة.. تصاعد القتال وتفاقم الأزمة الإنسانية
  • عبد الله علي إبراهيم: من الثورة إلى الحرب: الطريق الوعر لبناء الدولة السودانية (دار الموسوعة الصغيرة، 2025)
  • الإمارات.. رؤية شاملة لإنهاء الأزمة السودانية