سودانايل:
2025-07-03@23:55:30 GMT

كيف نؤسس حوليات سودانية لإعادة كتابة التاريخ

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

التاريخ هو علم وفن وفلسفة وسياسة وثقافة وهوية, إنه دراسة للماضي وتفسيره وتقييمه وتوثيقه وتعليمه ونقله وتأثيره على الحاضر والمستقبل, إنه مصدر للمعرفة والحكمة والإلهام والتعلم والتغيير والتحدي والتحرير والتحول و إنه مرآة للذات والآخر والعالم والإنسانية, إنه حوار بين الأجيال والحضارات والشعوب والأمم والأفراد ولكن التاريخ ليس ثابتاً أو محايداً أو موضوعياً أو نهائياً, إنه متغير ومتناقض ومتعدد ومتنوع ومتجدد ومتطور و إنه يعتمد على المصادر والمناهج والمنظورات والأهداف والسياقات والظروف والتأويلات والانتقادات والتحديات والتصحيحات والتعديلات والإضافات والحذفات والإعادات والإنشاءات والإبداعات والابتكارات ولذلك إنه يتأثر بالوقت والمكان والفضاء والثقافة والسلطة والمصالحة والمصلحة والهوية والانتماء والتمييز والتحريض والتضليل والتزوير والتزييف والتحريف والتشويه والتدمير والتخريب والتهميش والتجاهل والتناسي والتنكر والتغييب والتغيير

سأتناول موضوع إعادة كتابة التاريخ السوداني لأغراض وطنية و سأحاول الإجابة على الأسئلة التالية ما هو الغرض من إعادة كتابة التاريخ السوداني؟ ما هو الجمهور المستهدف لهذه العملية؟ ما هي الرسالة التي تريد إيصالها؟ كيف يمكن إعادة كتابة التاريخ السوداني بطريقة علمية وفنية وفلسفية وسياسية وثقافية وهوية؟ ما هي المناهج والمعايير والأدلة والمصادر والمراجع والنماذج والأمثلة والحالات والتجارب والدروس والتوصيات والاستنتاجات والمقترحات التي يمكن استخدامها والاستفادة منها في هذه العملية؟ ما هي التحديات والصعوبات والمخاطر والفرص والآثار والنتائج والمسؤوليات والالتزامات والتطلعات والآمال والأحلام المتعلقة بهذا الموضوع؟

فرضيتي أو رأيي أو موقفي هو أن إعادة كتابة التاريخ السوداني هي عملية ضرورية ومهمة ومفيدة ومشروعة ومشرفة وممكنة ومطلوبة ومستحقة ومستحبة ومستحيلة ومستمرة ومتجددة ومتطورة ومتحولة ومتحررة ومتحدية ومتأثرة ومؤثرة ومبدعة ومبتكرة ومجددة ومحدثة ومتقدمة ومتنمية ومتحولة هنالك أحداث تاريخية كثيرة لم تجد حظها من البحث والتويثق والتحليل التاريخي العلمي ، ولقد شهد السودان العديد من الأحداث المهمة والمؤثرة على مصيره ومنطقته.

من بين هذه الأحداث، يمكن ذكر بعض الأمثلة التالية: قيام مملكة كوش في الألفية الأولى قبل الميلاد، والتي كانت إحدى أقوى الحضارات الإفريقية القديمة، والتي تركت آثاراً معمارية وفنية مميزة، مثل الهرمات والمعابد والنقوش ودخول الإسلام إلى السودان في القرن السابع الميلادي، وانتشاره بين السكان بفضل الدعوة والتجارة والزواج، وتأثيره على اللغة والدين والقانون والفن والعلوم وتأسيس مملكة سنار في القرن السادس عشر الميلادي، والتي كانت دولة إسلامية ثيوقراطية، والتي حكمت على معظم أجزاء السودان الحالي، وقاومت الغزو التركي والمصري، وأنتجت أدباً وشعراً وفقهاً وتاريخاً والغزو التركي المصري للسودان في القرن التاسع عشر الميلادي، والذي أنهى حكم مملكة سنار وغيرها من السلطنات السودانية، وفرض الضرائب والاستعباد والاستغلال على السودانيين، وأدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةوكذلك رصد الثورة المهدية في القرن التاسع عشر الميلادي، والتي قادها محمد أحمد المهدي، والتي نادت بالجهاد ضد الاستعمار والتحرير من الظلم والفساد، والتي أسقطت الحكم التركي المصري، وأقامت دولة المهدية، والتي قاومت الاحتلال البريطاني، والتي انتهت بمعركة كرري ومرورا بالحكم الاستعماري الثنائي البريطاني المصري للسودان في القرن العشرين، والذي فرض نظاماً كولونيالياً اقتصادياً وسياسياً على السودان، وسعى إلى تقسيمه وتمييزه وتهميشه، وأثار مقاومة ورفضاً من السودانيين، وأدى إلى نشوء الحركة الوطنية السودانية.استقلال السودان عن الحكم الاستعماري الثنائي في عام 1956، والذي تحقق بعد سنوات من النضال والتضحية والتفاوض من قبل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجماهير الشعبية، والذي كان حلماً وهدفاً للسودانيين، والذي فتح باباً جديداً لبناء دولة مستقلة وسيادية

حرب الجنوب الأولى والثانية في القرن العشرين، والتي كانت صراعاً مسلحاً بين الحكومة المركزية والحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي تسببت في مقتل ونزوح الملايين من السودانيين، والتي انتهت باتفاقية السلام الشامل في عام 2005، والتي أدت إلى استفتاء الاستقلال وانفصال جنوب السودان في عام 2011.صراع دارفور في القرن الحادي والعشرين، والذي كان نزاعاً مسلحاً بين الحكومة المركزية والحركات المسلحة في إقليم دارفور، والذي نشب بسبب الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والذي أوقع مئات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين، والذي تم التوصل إلى اتفاقية سلام في عام 2020.ثورة ديسمبر في القرن الحادي والعشرين، والتي كانت انتفاضة شعبية سلمية ضد النظام الحاكم بقيادة عمر البشير، والتي اندلعت بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتي استمرت لأشهر، والتي أطاحت بالنظام بمساعدة الجيش، والتي أدت إلى تشكيل حكومة انتقالية مدنية عسكرية.هذه بعض الأحداث التاريخية الهامة في تاريخ السودان، في العصور القديمة، كان السودان موطناً لمملكة كوش، التي كانت إحدى أقوى الحضارات الإفريقية، والتي امتدت من الشلال الأول إلى الشلال السادس في نهر النيل، وكانت لها علاقات تجارية وسياسية وثقافية مع مصر القديمة واليونان وروما والهند والحبشة . كانت اللغة المصرية القديمة هي اللغة الرسمية لمملكة كوش، وكانت تستخدم الهيروغليفية والميرويتيكية كأنظمة كتابة

في العصور الوسطى، دخل الإسلام إلى السودان في القرن السابع الميلادي، وانتشر بين السكان بفضل الدعوة والتجارة والزواج، وتأثرت اللغة والدين والقانون والفن والعلوم بالحضارة الإسلامية وظهرت عدة ممالك وسلطنات إسلامية في أجزاء مختلفة من السودان، مثل مملكة سنار وسلطنة دارفور ومملكة المسبعات وسلطنة تقلي وسلطنة الفور، وكانت لها حدود متغيرة ومتنازع عليها مع بعضها البعض ومع الدول المجاورة. كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية والشائعة لهذه الممالك والسلطنات، وكانت تستخدم الخط العربي كنظام كتابة

في العصور الحديثة، تعرض السودان للغزو التركي المصري في القرن التاسع عشر الميلادي، والذي أنهى حكم مملكة سنار وغيرها من السلطنات السودانية، وفرض الضرائب والاستعباد والاستغلال على السودانيين، وأدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية4. كان السودان يحتل مساحة أكبر من حدوده الحالية، ويشمل أجزاء من تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا ومصر، وكان يدار بواسطة الخديوي المصري والوالي التركي، وكان يتبع النظام العثماني. اندلعت الثورة المهدية في القرن التاسع عشر الميلادي، والتي قادها محمد أحمد المهدي، والتي نادت بالجهاد ضد الاستعمار والتحرير من الظلم والفساد، والتي أسقطت الحكم التركي المصري، وأقامت دولة المهدية، والتي قاومت الاحتلال البريطاني، والتي انتهت بمعركة كرري. كانت دولة المهدية تحترم حدود السودان الطبيعية، وتدار بواسطة الخليفة والأنصار، وتتبع النظام الإسلامي

في القرن العشرين، دخل السودان في عهد الحكم الاستعماري الثنائي (البريطاني – المصري)، والذي فرض نظاماً كولونيالياً اقتصادياً وسياسياً على السودان، وسعى إلى تقسيمه وتمييزه وتهميشه، وأثار مقاومة ورفضاً من السودانيين، وأدى إلى نشوء الحركة الوطنية السودانية. تم ترسيم حدود السودان الحالية بعد عدة اتفاقيات مع الدول الاستعمارية الأخرى والدول الحدودية، وتم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب بناءً على الخصائص العرقية والدينية والثقافية، وتم إدارة السودان بواسطة المحافظ العام والمجلس التشريعي، وتم تطبيق النظام البريطاني. استقل السودان عن الحكم الاستعماري الثنائي في عام 1956، والذي تحقق بعد سنوات من النضال والتضحية والتفاوض من قبل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجماهير الشعبية، والذي كان حلماً وهدفاً للسودانيين، والذي فتح باباً جديداً لبناء دولة مستقلة وسيادية

إن إعادة كتابة التاريخ السوداني هي عملية تتطلب الجهد والتعاون والتواصل والتفاهم والتقدير والاحترام والتسامح والتنوع والتعددية والتضامن والتكامل والتوافق والتوازن والتناغم والتنمية والتحول بين جميع السودانيين. إنها عملية تهدف إلى تصحيح وتعديل وتحديث وتجديد وتحرير وتحول وتنمية وتقدم التاريخ السوداني. إنها عملية تسعى إلى توثيق وتعليم ونقل وتأثير وتحفيز وتشجيع وتهنئة وتقدير وتكريم وتمجيد وتعظيم وترقي وترفيع وتعالي وتسمي وتنوي وتحلي وتزين وتزكي وتطهر وتنور وتبهر وتبدع وتبتكر وتجدد وتحدث وتقدم وتنمي وتحول التاريخ السوداني. إنها عملية تريد أن تعكس وتعبر وتنمي وتحمي وتدافع وتناضل وتقاتل وتفوز وتنتصر وتسود وتحكم وتقود وتوجه وترشد وتهدي وتنير وتبصر وتبصير وتبين وتوضح وتفسر وتحلل وتناقش وتناقش وتحاور وتتفاهم وتتفق وتتحد وتتكاتف وتتعاون وتتضامن وتتكامل وتتوافق وتتوازن وتتناغم وتتنم وتتحول وتتحرر وتتحدى وتتأثر وتؤثر وتبدع وتبتكر وتجدد وتحدث وتقدم وتنمي وتحول التاريخ السوداني

أن إعادة كتابة التاريخ هي عملية تهدف إلى إعادة النظر في الماضي وتقديم رؤية جديدة أو مختلفة أو محدثة أو مصححة أو متعمقة أو متنوعة أو متعددة أو متحررة أو متحولة أو مبدعة أو مبتكرة أو مجددة للتاريخ إنها عملية تتطلب البحث والتحليل والتفسير والتوثيق والتعليم والنقل والتأثير والتحفيز والتشجيع والتحدي والتغيير للتاريخ. إنها عملية تتأثر بالمصادر والمناهج والمنظورات والأهداف والسياقات والظروف والتأويلات والانتقادات والتحديات والتصحيحات والتعديلات والإضافات والحذفات والإعادات والإنشاءات والإبداعات والابتكارات للتاريخ. إنها عملية ترتبط بالوقت والمكان والفضاء والثقافة والسلطة والمصالحة والمصلحة والهوية والانتماء والتمييز والتحريض والتضليل والتزوير والتزييف والتحريف والتشويه والتدمير والتخريب والتهميش والتجاهل والتناسي والتنكر والتغييب والتغيير للتاريخ , لتطبيق مفهوم إعادة كتابة التاريخ علىنا يجب أن تحدد أولاً ما هي الأسباب والدوافع والأهداف والغايات من هذه العملية. هل تريد إعادة كتابة التاريخ لتصحيح الأخطاء والتحيزات والتناقضات والثغرات والنقص والزيادة والتحريف والتشويه والتدمير والتخريب والتهميش والتجاهل والتناسي والتنكر والتغييب التي وقعت في كتابة التاريخ السابق؟ هل تريد إعادة كتابة التاريخ لتحديث وتجديد وتحرير وتحول وتنمية وتقدم وتحول التاريخ الحالي؟ هل تريد إعادة كتابة التاريخ لتأثير وتحفيز وتشجيع وتحدي وتغيير وتحول التاريخ المستقبلي؟

إعادة كتابة التاريخ لأغراض وطنية هي عملية تهدف إلى إبراز الهوية والقيم والمصالح والأهداف والإنجازات والتضحيات والمقاومة والنضال والتحرير والتحول والتنمية والتقدم والتحدي والتغيير والتأثير والتحفيز والتشجيع والتوحيد والتكامل والتضامن والتعاون والتفاهم والتوافق والتناغم والتنوع والتعددية والتسامح والاحترام والتقدير والتكريم والتمجيد والتعظيم والترقي والترفيع والتعالي والتسمي والتنوي والتحلي والتزين والتزكي والتطهر والتنور والتبهر والتبدع والتبتكر والتجدد والتحدث والتقدم والتنمي والتحول للشعب والوطن. إنها عملية تستند إلى المصادر والمناهج والمنظورات والسياقات والظروف والتأويلات والانتقادات والتحديات والتصحيحات والتعديلات والإضافات والحذفات والإعادات والإنشاءات والإبداعات والابتكارات والتجديدات والتحدثات والتقدمات والتنميات والتحولات للتاريخ. إنها عملية تتأثر بالوقت والمكان والفضاء والثقافة والسلطة والمصالحة والمصلحة والهوية والانتماء والتمييز والتحريض والتضليل والتزوير والتزييف والتحريف والتشويه والتدمير والتخريب والتهميش والتجاهل والتناسي والتنكر والتغييب والتغيير للتاريخ

بناء روح الوحدة الوطنية لدي الثوار هو هدف ونتيجة وآثر ومسؤولية والتزام وتطلع وأمل وحلم من أهداف ونتائج وآثار ومسؤوليات والتزامات وتطلعات وآمال وأحلام إعادة كتابة التاريخ لأغراض وطنية. إنه يعني توحيد الرؤى والمواقف والمطالب والحلول والخطط والبرامج والمشاريع والمبادرات والأنشطة والحملات والتحالفات والتعاونات والتضامنات والتكاتفات والتكاملات والتوافقات والتناغمات والتنوعات والتعددات والتسامحات والاحترامات والتقديرات والتكريمات والتمجيدات والتعظيمات والترقيات والترفيعات والتعاليات والتسميات والتنويات والتحليات والتزينات والتزكيات والتطهرات والتنورات والتبهرات والتبدعات والتبتكرات والتجددات والتحدثات والتقدمات والتنميات والتحولات بين الثوار والقوى والحركات والأحزاب والمنظمات والمؤسسات والجمعيات والنقابات والمهنيات والمجتمعات والجماهير والفئات والمجموعات والأفراد الذين يناضلون ويقاومون ويحاربون ويفوزون وينتصرون ويسودون ويحكمون ويقودون ويوجهون ويرشدون ويهدون وينيرون ويبصرون ويبصيرون ويبينون ويوضحون ويفسرون ويحللون ويناقشون ويحاورون ويتفاهمون ويتفقون ويتحدون ويتكاتفون ويتعاونون ويتضامنون ويتكاملون ويتحدثون ويتقدمون ويتنمون ويتحولون من أجل الشعب والوطن

لابد إعادة كتابة التاريخ لأغراض وطنية منها التبصر وفهم تتطور الامة عبر الجقب وبناء روح الوحدة الوطنية لدي الثوار، يمكننا الاطلاع على بعض المصادر والمراجع والكتب والمقالات والدراسات والأبحاث والتجارب والحالات والأمثلة والنماذج والدروس والتوصيات والاستنتاجات والمقترحات التي تتناول هذا الموضوع من منظورات مختلفة ومتنوعة ومتعددة ومتحررة ومتحولة ومبدعة ومبتكرة ومجددة ومحدثة ومتقدمة ومتنمية لهذا كان هذا كل الجهد والاقوال حاولت أنقلها هنا .

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الترکی المصری على السودان إنها عملیة السودان فی والتی کانت من السودان التی کانت هی عملیة وأدى إلى فی عام

إقرأ أيضاً:

الدين والسياسة والدولة.. نحو علمانية سودانية

عبدالله رزق أبو سيمازه

فشلت الإنقاذ، خلال ثلاثة عقود، في ترجمة مشروع  الحل الاسلامي، الذي ظلت تبشر به الجماعات السياسية المغطاة بالدين، منذ ظهور الإخوان المسلمين في المسرح السياسي، على أرض الواقع بما يؤكد مصداقيته، كاختيار يحقق مصالح الناس وتطلعاتهم . غير أن الشعار لم ينجح في الاختبار العملي، ولم ينجح الإسلاميون، بدورهم ، وفق سعة إدراكهم ووعيهم، إلا في تجسيد الاستبداد الديني والسياسي، المظلة الواسعة للفساد  بكافة أشكاله، فيما أصبح التمييز الديني، الذي افرزه التطبيق، مهددا للوحدة الوطنية، محرضا  للتشظي الطائفي والاحتراب، ولم يكن اقتلاع البشير، رأس النظام، من قبل لجنته الأمنية سوى إقرار من داخل  النظام، بفشله، ضمن محاولة يائسة للحفاظ على ركائزه الأساسية . إن سقوط الإنقاذ، لايقتصر مغزاه على السودان، وانما يتجاوزه إلى ما وراء الحدود، حيث يتوسل الإسلاميون بالدين الاستيلاء على السلطة، وتوظيفها لمصلحتهم الخاصة . لقد وفر الشعب السوداني على الشعوب الأخرى، معاناة تجربة الحل الاسلامي المزعوم  . إن سقوط البشير تحت ضغط الانتفاضة الشعبية، يثير  مرة اخرى  أهمية البحث  المشروع والملح، عن  طرح جديد للعلاقة بين الدين والدولة،  في إطار تحقيق أهداف الانتفاضة ، في الحرية والعدالة والسلام، وبما يصون الوحدة الوطنية،  ويحقق الديموقراطية، ويحترم حقوق الإنسان السوداني  كافة .

جذور العلمانية السودانية

عرف السودان المستقل، تجارب في السياسة والحكم، حافظ فيها الدين على مسافة من السياسة ومن الحكم والدولة، وهو  ما يعني أن العلمانية، أو فصل الدين عن السياسة، وبالتالي، عن الدولة ليست طارئة  على السياق السياسي السوداني أو غريبة عن الثقافة الوطنية  . كما تدعي التنظيمات السياسية، ذات الأغطية الدينية، الأمر الذي يسمح بافتراض وجود  ما يمكن وصفه بجينات علمانية سودانية ، تستند لرصيد من التجارب والخبرات العملية والتصور النظري، منذ الاستقلال على الاقل . ولا تتصادم هذه العلمانية الجنينية،  مع  حقائق الدين، وانما تلتقي مع جوهره، بما   أوضحه  د. محمد عمارة، بالاستناد للامام محمد عبده، بشان استقلال الدين عن السياسة، ونفي وجود دولة دينية في الاسلام . فعلى الرغم  من أن الحزبين الكبيرين، حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي، يستندان إلى قواعد طائفية، والى رعاية من زعيمي طائفتي الأنصار و الختمية، على التوالي، منذ انفضاض مؤتمر الخريجين، ومن ثم تكوين الحزبين، الا أنه تمت مراعاة الفاصلة الضرورية  بين ما هو ديني، وما هو سياسي، في الممارسة وفي الهياكل التنظيمية والادارية . وقد استمر هذا الوضع طويلا، الى أن آلت رئاسة حزب الاتحاديين بالكامل الى السيد محمد عثمان المرغني، زعيم طائفة  الختمية، منتصف ثمانينات القرن الماضي  . وجمع الصادق المهدي، في التسعينات، رئاسة طائفة الأنصار إلى رئاسته لحزب الأمة، حين ابتدع آلية انتخاب الامام، وهو منصب ديني ، من قاعدة الطائفة، بينما  أخضع المرغني التنظيم السياسي لتقاليد الطائفة الدينية، ومن ثم شهدت العلاقة بين الدين والسياسة تطورا جديدا، مشحونا بالتوتر .

صراع القداسة والسياسة.. في التجربة السودانية

ويمكن التقرير بأن نشوء أحزاب جديدة، تستخدم الدين، مثل جماعة الإخوان المسلمين، وتصدر رجال الدين، في إيران، الثورة التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي، وتعميمها شعارات ماعرف بالصحوة الإسلامية، ثم تبني نظام نميري، في آخر خطوات انتقاله من أقصى اليسار الى اليمين المتطرف، عام ١٩٨٣، للشريعة الاسلامية، لفك عزلته بتوسيع قاعدته الجماهيرية،  بجانب ارهاب خصومه السياسيين، بسلاح التكفير، كان ذلك  وراء تهافت القوى السياسية، على الدين،  ولحرمان القوى المنافسة، احزابا أو حكومات، من احتكاره وتوظيفه لمصلحتها . غير أن الوعي بأهمية فصل الدين عن السياسة، لم يكن غائبا عن  الساحة السياسية . فقد قاومت قيادات وجماهير حزب الحركة الوطنية، الوطني الاتحادي، طويلا، تدخل المراغنة، الذين تسببوا في انقسام الحزب بعيد الاستقلال،  في السياسة، ورفعوا شعار : ” لا قداسة في السياسة. ”  ووجد الموقف من زج الدين في السياسة أو توظيفه في خدمة السياسة،من قبل، مكانا له في برامج الأحزاب اليسارية . غير أن توجهات نميري الدينية، دفعت إلى أن يتوحد معارضو مايو، وأبرزهم الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة الراحل جون غرانغ،  حوله، طارحين شعار العلمانية، وفصل الدين عن الدولة . واحتلت المطالبة بإلغاء قوانين سبتمبر ١٩٨٣، التي فرضها جعفر نميري، باسم الشريعة، بدعم من جماعة الإخوان المسلمين، مكانا متقدما في شعارات القوى المعارضة لنظام مايو، بما في ذلك حزب الأمة، بقيادة الصادق المهدي . لكن  الحزب، الذي صعد للحكم، نتيجة الانتخابات التي أجريت بعد سقوط نميري، مانع ، بتأييد من حليفه الاتحادي، وضغط من الاخوان، في إلغاء تلك القوانين، دون بديل اسلامي . وكان ذلك موقف الحكم الانتقالي، برئاسة المشير عبدالرحمن سوار الذهب . هكذا أصبحت قوانين سبتمبر ، التي عادت إلى صدارة المشهد السياسي، و احتل إلغاؤها مقدمة  شعارات المعارضة، عقدة في السياسة السودانية منذ ذلك الحين، و حاجزا أمام أي اتجاه نحو التوافق والإجماع الوطني . واكتفت الحكومات والأنظمة  المتعاقبة، بما فيها نظام الإنقاذ، بتجميد تطبيقها، خاصة، قانون الحدود، لتفادي المواجهة مع المجتمع الدولي  في ميدان حقوق الانسان . وتعليقا على الحرج الذي يجد النظام الاسلاموي نفسه فيه، كتبت مقترحا عليه ، إعلان خلو  السودان من الجرائم الحدية، خاصة : السرقة الحدية ، زنا المحصن، الحرابة، الردة، كتفسير أو تبرير للامتناع عن إنفاذ هذه العقوبات، مأزق التمسك بها دون تطبيقها . وقد اقترح المستشار حسن العشماوي، صاحب “الإسلام السياسي ” و ” أصول الشريعة “، وقف إنفاذ العقوبات الحدية، تأسيا،  بموقف الخليفة الراشد، عمر بن الخطاب، من حد الردة، في عام الرمادة . وعادت إشكالية الشريعة والعلمانية،   بعد انتفاضة ديسمبر، لتشكل عقبة أمام توافق الحكومة الانتقالية، بقيادة د.عبدالله حمدوك  مع الحركة الشعبية  لتحرير السودان – شمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو .

ويسألونك عن العلمانية

يبدو  مصطلح العلمانية ، المثقل بالخبرات التاريخية، مثيرا للجدل، حال  تجريده من واقعه، الذي انبثق منه، وتجاهل محمولاته التاريخية، بحيث  يبدو صالحا لكل زمان ومكان، ويبدو – بالتالي –  بحاجة إلى إعادة تعريف، في ضوء ما يحتمله من تباينات، على مستوى التطبيق والتنظير، والتجارب العيانية ، ليوافق ما يتطلبه الوضع  المحدد من استجابات، تتناسب مع شروطه التاريخية  . اذ يشكل  المصطلح، بما يحتقبه من إرث تاريخي، يتصل بالصراعات الدينية التي شهدتها أوروبا، مادة للاختلاف .  فالعلمانية،  تحتمل مفاهيم متباينة، بدلالة السياق  التاريخي، الذي تكونت فيه، والخبرات والتجارب التي تختزلها  .  يشار في هذا الاطار، الى العلمانية التركية، التي فرضها كمال اتاتورك بعد إلغاء الخلافة الإسلامية، والفرنسية، المعروفة باللائكية، والسوفييتية، المرتبطة بموقف الماركسية – اللينينية من الدين، على سبيل المثال . لذلك تثير  العلمانية من الخلاف، في الساحة السياسية ، اكثر مما تثيره العلاقة الملتبسة بين الدين والسياسة، والدين والدولة، مما يحتم  تحقيق توافق حولها، ابتداء . ومن واقع التجربة السودانية، يمكن التقرير بأن الفترة السابقة للإنقاذ، (باستثناء حقبة نميري الاسلاموية )،  قد شهدت نمطا من الممارسة العلمانية، يتعين التوقف عنده وتحليله،  لاستخلاص معالم تلك العلمانية، وخصائصها، والتأسيس عليها . إذ ان طرح  العلمانية، في إطار برنامج سياسي، يستدعي التساؤل : اي علمانية،   واي مضمون تحتمله، والى أي مدي تحقق الاستجابة، التي يقتضيها الوضع المحدد . فمما استقر من  التجربة السودانية، في سؤال الدين والدولة، تبدى   في  ان الدولة، غير الدينية، ابتداء  ، تعترف  بالاديان وتعددها، لكنها تقف على مسافة واحدة من كل منها . وتقر بالإسلام، كدين للأغلبية، ومصدر من مصادر التشريع، لكن ليس المصدر الوحيد . وتقوم برعاية بعض الشؤون الدينية،  وتقر بالاحتكام للدين  في الاحوال الشخصية…الخ .

يمكن التقرير بان الخلاف، لا يتعلق بالموقف من الدين وموقعه من الحياة السياسية، بقدر ما يتعلق بالمصطلح، نفسه . وتكمن المسألة، اذن، في تحديد مضمون العلمانية المطلوبة، في ضوء ما قد ينطوي عليه من تباينات، واشكالات . قد تتطلب ابتداع صيغة ما، والاصطلاح  عليها  بما يعكس خصوصية التجربة، او تعيين ما هو مطلوب في شأن العلاقة بين الدين والدولة، والدين والسياسة، بعيدا عن الشعارات أو القوالب الفكرية  الجاهزة، وبالاستناد إلى متطلبات الواقع الملموس . فالنظرية رمادية، بينما  شجرة الحياة في اخضرار .

الوسومعبدالله رزق أبو سيمازه

مقالات مشابهة

  • إكس تختبر كتابة “ملاحظات المجتمع” بالذكاء الاصطناعي
  • «عمره 80 ألف عام».. اكتشاف أثري في الإمارات يعيد كتابة تاريخ البشر الأوائل
  • بعد توقف دام أكثر من عامين.. شركة «الخليج للنفط» تبحث إعادة تشغيل حقل سيناون
  • لإعادة الإعمار.. “هواوي” تعلن استعدادها لتنفيذ مشروع ضخم في السودان
  • رئيس وزراء لبنان: نعمل على التحضير لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار في الأشهر المقبلة
  • الهلال السعودي يواصل كتابة التاريخ في مونديال الأندية 2025| تفاصيل
  • تقدم أمام محكمة جبن الابتدائية م.الضالع الأخ/ علي ناصر مدعياً انه حصل خطأ في كتابة اسمه في جواز السفر
  • إظلام تام وانقطاع مفاجئ للكهرباء بعدة ولايات سودانية بسبب أعطال فنية
  • الدين والسياسة والدولة.. نحو علمانية سودانية
  • ورشة في وزارة النقل السورية لإعادة هندسة العمليات في المواصلات الطرقية