سرايا - قررت 17 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)؛ بناء على مزاعم "إسرائيل" بمشاركة 12 موظفا من الوكالة بهجوم "حماس" على قواعد عسكرية ومستوطنات "إسرائيلية" محاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.


هذا القرار اعتبره مسؤول أردني، في تصريح للأناضول، "سياسي مئة بالمئة"، ظاهره مزاعم مشاركة الموظفين في الهجوم، وباطنه إنهاء الهدف من وجود الوكالة، وهو حق العودة لنحو 5.

9 ملايين لاجئ، فرضت عليهم حرب عام 1948 ترك منازلهم، في وقت تحاول فيه تل أبيب تهجير المزيد.

ومنذ 26 يناير/ كانون الثاني الجاري علقت 17 دولة والتكتل الأوروبي تمويلها لـ"أونروا" وهي: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا واليابان والنمسا والسويد ونيوزيلاند وأيسلندا ورومانيا وإستونيا والاتحاد الأوروبي، وفقا للأمم المتحدة حتى مساء الثلاثاء.

ودعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال اتصال هاتفي مع مفوض عام الوكالة فيليب لازاريني في 29 يناير الجاري، إلى استمرار دعم "أونروا"، مؤكدا أنها تقوم بدور "لا يمكن الاستغناء عنه" في قطاع غزة.

ومنذ 7 أكتوبر تشن "إسرائيل" حربا مدمرة على غزة، تسببت بنزوح نحو مليوني فلسطيني، أي أكثر من 85 بالمئة من سكان القطاع، مع كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل شح إمدادات الغذاء والماء والدواء، بحسب الأمم المتحدة.

كما أكد ملك الأردن عبد الله الثاني، في اتصال مع الأمين للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، "ضرورة مواصلة المجتمع الدولي دعم أونروا، للاستمرار في تقديم خدماتها الإنسانية الحيوية وفق تكليفها الأممي، وتمكينها من تقديم المساعدات لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة يعيشون أوضاعا إنسانية كارثية".

وحذرت الوكالة من أنها لن تتمكن من مواصلة العمليات في غزة والمنطقة بعد نهاية فبراير/ شباط المقبل، إذا لم يُستأنف التمويل.
و"أونروا" تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، وهي الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.

ويعاني الأردن من ظروف اقتصادية صعبة؛ إثر تداعيات الأزمات المحيطة به، وسيزيد قرار تعليق تمويل "أونروا" الوضع صعوبة، إذ يوجد في المملكة 13 مخيما للاجئين الفلسطينيين تعتمد في خدماتها الأساسية على الوكالة الأممية.

ومنذ أزمة عام 2018، التي تعرضت لها "أونروا" إثر وقف التمويل الأمريكي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب (2017-2021)، تواصل عمان الدعوة إلى حشد الدعم الدولي لاستمرار عمل الوكالة، لكن موقفها السياسي المندد بحرب "إسرائيل" على غزة، ربما سيضعها تحت ضغوط تتطلب منها مزيدا من الحراك الدبلوماسي.

أزمة كبيرة
مدير دائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن رفيق خرفان، قال للأناضول: "يوجد على أراضي الأردن 13 مخيما للاجئين الفلسطينيين، 10 منهم تعترف بها أونروا؛ كونها هي مَن وزعت الأراضي على المنتفعين من اللاجئين".

وتابع: "أما الثلاثة الأخرى فهي مخيمات مادبا (وسط) وحي الأمير حسن (بالعاصمة) والسخنة (بمحافظة الزرقاء- وسط)، وأونروا تقدم فيها خدمات الإغاثة والصحة والتعليم، إلا أنها تفتقد لمدراء وخدمة النظافة".

خرفان أفاد بأن "عدد اللاجئين الفلسطينيين داخل الأردن هو 2.5 مليون، يعيش منهم 460 ألفا داخل المخيمات، والباقون يعيشون بمحافظات المملكة ومدنها".

وفيما يتعلق بقرار تعليق المساعدات، قال: "للأسف، سمعنا بالاتهامات والمزاعم "الإسرائيلية" التي وُجهت لـ12 موظفا من موظفي الوكالة ولم يتم التحقق منها بعد (الوكالة بدأت تحقيقا في الأمر)، وتعليق دول لمساعداتها التي تبلغ نحو 70 بالمئة من احتياجات الوكالة".

وأردف: "هذا القرار سيؤثر بشكل كبير على قدرة أونروا على القيام بمهامها وخدماتها وفق قرار إنشائها، وخاصة أننا حاليا بأمس الحاجة لخدماتها في غزة".

ومشددا على تميز دور الوكالة، قال خرفان: "هناك جهات عديدة تقدم خدماتها في غزة، إلا أن أونروا هي أهم جهة تقوم بإيصال المساعدات وتوفر مراكز الإيواء لأكثر من مليون نازح فيه، يعتمدون كليا على الوكالة في المأكل والمشرب ومراكز الإيواء".

واعتبر أنه "كان الأجدى بالدول المانحة أن تزيد من مساهماتها لأونروا في الوقت الحالي؛ لأنها تمر بأزمة مالية كبيرة حتى قبل 7 أكتوبر".

وواصفا تعليق التمويل بأنه "صادم جدا"، أضاف: "ننظر إلى أونروا كعامل استقرار بالمنطقة، فهي ليست فقط لتقديم الخدمات، بل هي رمز للجوء الفلسطيني وشاهد على القضية إلى حين عودة اللاجئين إلى ديارهم، فرمزية الوكالة مهمة جدا".

وحذر خرفان من أنه "بمجرد علم اللاجئين الفلسطينيين بوقف التمويل، سيعتبرون أن المجتمع الدولي تخلى عنهم، وهذا سيؤدي إلى إشكالات وعدم استقرار للمنطقة بشكل عام؛ لأن خدمات الوكالة تقدم بخمسة أقاليم ولنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني".

وأكد أنه "كان هناك تسرع في قرار تعليق التمويل، فهذا عقاب جماعي، فبمجرد زعم إسرائيل باتهام 12 من أصل 30 ألف يعملون بالوكالة، منهم 13 ألف بغزة، تسابقت الدول بقرارها".

عبء إضافي
وبسؤاله بشأن إذا ما كان قرار تعليق التمويل سياسي، أجاب المسؤول الأردني: "مئة بالمئة هو سياسي، فقد لاحظنا كم هو العداء التي تكنه "إسرائيل" لأونروا والاتهامات المتلاحقة لها ومطالبتها لمفوضها بالاستقالة".

واستطرد: "طبعا هو إجراء انتقامي (من إسرائيل)، فقناعتهم أن المعلومات التي حصلت عليها محكمة العدل الدولية هي من أونروا؛ كونها موجودة داخل غزة وشاهدة على كل ما حدث".

وفي 26 يناير الجاري، أمرت محكمة العدل الدولية وهي أعلي هيئة قضائية بالأمم المتحدة، "إسرائيل" باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، لكنها لم تأمر بوقف إطلاق النار.

وقال خرفان إن "إسرائيل تحاول دائما اتهامها (أونروا)، فهم (إسرائيل) يريدون القضاء على حلم العودة، وما دامت الوكالة موجودة فحق العودة موجود، وهم يريدون إنهاء كلمة لاجئ".

وتابع: "كان هناك محاولات عديدة لتحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهي تُعنى بكل اللاجئين في العالم، وتهدف إلى توطينهم بأماكن وجودهم أو نقلهم إلى أماكن أخرى، وليس بالإعادة إلى أوطانهم، بينما أونروا تختص باللاجئين الفلسطينيين".

وبالعودة إلى أثر القرار على مخيمات الأردن، قال خرفان: "الكل يعلم الأعباء الاقتصادية علينا، وهذا سيكون عبء إضافي، ولكن كما تعودنا، فالملك عبد الله خلال السنوات الماضية كان المدافع الأول عن قضية اللجوء وأونروا بالذات، وتلك الجهود ساهمت بحشد دعم دولي كبير تمخض عنها تبرعات كبيرة".

وأردف: "نعول على كل دول العالم الحر أن تقف مع أونروا وتدعمها لأنها بأمس الحاجة؛ حتى تقوم بواجباتها في غزة، وأتوقع بأن يكون هناك حراكا على مستوى الجامعة العربية لمناصرة أونروا ورفع الظلم الواقع على أهلنا بغزة".

أما عن الخدمات في مخيمات الأردن، فأشار خرفان إلى أن "دائرة الشؤون الفلسطينية وأونروا هي المسؤولة عن تقديمها.. أونروا تقدم خدمات الصحة والتعليم والإغاثة، والدولة الأردنية تقوم بباقي الخدمات من أمور تنظيمية وبنية تحتية والمشاريع داخل المخيمات".

وختم المسؤول الأردني بقوله: "نأمل تخطي هذه الأزمة كما حدث سابقا، ونأمل من الدول إعادة النظر في قراراتهم، أو على الأقل (حتى) انتهاء نتائج التحقيق، وحتى لو أُدين 12 شخصا، لا يجوز العقاب الجماعي لـ6 ملايين لاجئ و30 ألف موظف".

تصفية القضية
رئيس لجنة خدمات مخيم الزرقاء (وسط) محمد هشام البوريني (69 عاما)، قال للأناضول إن "القرار سينعكس سلبا على خدمات الوكالة في جميع المخيمات، واللاجئون يستنكرون هذا القرار؛ لأنهم يدركون أن هناك دلالات، وهو القضاء على حلم العودة، وهي محاولات متكررة".

وزاد بأن "الوكالة شاهد على النكبة (1948)، وإلغاؤها يقضى على الهدف الذى أُنشأت من أجله وهو حق العودة، لتحقيق الهدف البعيد لإسرائيل وداعميها، وهو تصفية القضية الفلسطينية برمتها".

البوريني تابع: "نتوقع أن يتحرك العالم لإيقاف هذه المحاولات التي تهدف إلى تعطيل عمل الوكالة، حتى تعود للقيام بواجباتها الإغاثية، وهو واجب أممي تم إقراره في هيئة الأمم المتحدة، فلا يعقل أن يتخلى العالم المتحضر، وطبقا للقانون الإنساني الدولي، عن هذه الواجبات".

وأكد أن "استمرار وكالة الغوث ووجودها شاهد على الحق الفلسطيني في العودة، الذي تولد أصلا بسبب ما قامت به إسرائيل من احتلال الجزء الأول من فلسطين عام 1948، وتهجير الفلسطينيين من هذه المواقع".

وأردف: "لذا فنحن ندرك تماما، بالإضافة إلى البعد الإغاثي، أن هناك بعد سياسي يحاك من خلاله مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية، عبر إلغاء هذا الشاهد (أونروا) على النكبة وحق الفلسطينيين في أرضهم".


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین قرار تعلیق فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تعلن حصيلة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين خلال 2024

أعلنت الأمم المتحدة عن حصيلة اعتداءات المستوطنين على الشعب الفلسطيني خلال العام الماضي 2024.

وأصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا) تقريرا أكد فيه أن المستعمرين "تورطوا في حوالي 1400 حادثة عنف ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، خلال عام 2024".

وأضاف التقرير الصادر مساء أمس الثلاثاء، أن الاعتداءات التي يقوم بها المستعمرون في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتم توثيقها منذ نحو 20 عامًا، مشيرًا إلى تورط المستعمرين في حوالي 1400 حادثة خلال 2024، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".

وأشار "أوتشا" إلى أن الاعتداءات تضمنت اعتداءات جسدية، وإشعال حرائق، واقتحامات لتجمعات فلسطينية، بالإضافة إلى الإضرار بالأشجار المثمرة وتدمير الممتلكات.

ولفت إلى أن المستعمرين متورطون في حوالي 4 حوادث يومية في الضفة الغربية المحتلة بما ذلك القدس الشرقية عام 2024، وأن ذلك تسبب في تهجير العديد من الفلسطينيين.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد وإصابة نحو 160 ألفًا، أغلبيتهم من النساء والأطفال، في حصيلة غير نهائية، وبالتوازي مع ذلك، صعد المستعمرون وجيش الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن استشهاد 835 مواطنًا وإصابة 6700 آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • “نيويورك تايمز”: الأمم المتحدة تستعد لإنهاء عمل “أونروا” في غزة والضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تستعد لحسم مصير "أونروا" بعد "فرمان" إسرائيل
  • الأمم المتحدة: 1400 حادثة عنف من المستعمرين ضد الفلسطينيين في الضفة خلال 2024
  • «الأمم المتحدة»: 1400 حادثة عنف من المستعمرين ضد الفلسطينيين بالضفة خلال 2024
  • عبدالحفيظ: إسرائيل تفرض معادلة الاستسلام أو الموت على الفلسطينيين
  • الأمم المتحدة تعلن حصيلة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين خلال 2024
  • أونروا: مياه الأمطار غمرت 100 خيمة جنوب قطاع غزة
  • كاتب صحفي: إسرائيل تفرض معادلة الاستسلام أو الموت على الفلسطينيين
  • كاتب بريطاني: كارتر كان محقا بشأن إسرائيل ونظام الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين
  • خبراء أمميون: إسرائيل يجب أن تواجه عواقب بسبب معاناة الفلسطينيين في غزة