مستر No /آند/مستر Yes: وبينهما تضارب مصالح ورغم التحارب سيؤدي بهم للاندماج والتصالح
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
بقلم/ عمر الحويج
***
وسيضطرهم تحاربهم هذا ، إلى الإندماج والتصالح لمحاربة شعب السودان مجتمعين ، حين يُضَّيق عليهم شعب السودان الخناق ، فلا شئ بين الطرفين يربطهم بهذا الشعب ، الرافض لكليهما ، فقد نُكِّب هذا الشعب منهما سوياً ، فالطرفين ، وبإصرار وترصد ، وبلا وازع من ضمير أو دين أو أخلاق ، تتعالى من منسوبيهم بالحناجر المزيفة ، الهتاف المقدس على ألسنة السوءات الظلامية ، نفاقاً مخادعاً "الله أكبر" مكررة بالمرات المتعددة ، وأثبتت كل تجاربهم مع شعب السودان ، أن هؤلاء وأولئك لا علاقة تربطهم مع الله ، وبيسر الهتاف المختطف عنوة وأقتداراً وأبتزازاً ، يقتلون النفس التي حرم الله قتلها ، فقد شمروا عن ساعد الشر والسلاح الفتاك من زمان بعيد ، وتوجهوا بمعول آلات الحرب المدمرة ، التي يمتلكونها ، إلى قلب وروح وجسد ، هذا البلد الطيب أهله ، فخربوه ودمروه ، وسرقوا بيوته وسكَّنوها ، وربما في آخر المطاف إمتلكَّوها ، إستحلوا مؤسساته ، وبنيته التحتية : شوارعها ، عماراتها ، مصانعها ، كباريها ، مكتباتها ومتاحفها ، بعثروا تراثها في الأرض الخراب ، وجعلوا منها حفنات من هباب ، وحرائرها لم يرحموهن ، فأغتصابهن كان لهم فعلاً مستباح ، وأسكتوا صوت شهرزاد بالسلاح عن الكلام ، حتى عن الصراخ المباح ، وعلموه كيف النزوح على الأقدام والدواب ، أما القتل ، ثم القتل ، ثم القتل فقد كان صُراح ، إلى أن تعدى ، وفاق الخمسة عشر صريعاً بالآلاف ، غير الذي ما خفي وكان أعظم ، وهي في طريق التعداد والإحصاء والتمام والإكتمال ، لرفعه حين الحساب لجهات الإختصاص داخلياً ودولياً ، فلا مجال للهروب من العقاب .
وكل ذلك ، ومستشارية حميدتي ، المنغمسة في حرب الجنجوكوز مع طرفهم الآخر الإسلاموكوز ، في هذه الجرائم المشتركة معأ ، تقاسُّماً : في البشاعة والشناعة والضراوة ، حذو النعل بالنعل ، ووقع الحافر على الحافر .
هذه المستشارية التي تدير حرب المافياكوز "بطرفيها" ، ما هي إلا تنظيم كامل الدسم ، وله وحول وسطه وعلى جنباته ، دِثَّاراً به يتخفي ، ومرجعية بها يتقوى ويتوقى ، بل وينهل من مائها الآسن السراب ، وهي ثعلبية شيخهم ، الذي عَلَمَ الطرفين السحر ، وكل ما كانا به لايعلمان ، ولا كانا به يريان ، ولكن الله الذي لا يقدساه يرى ، وهما بذلك يعلمان .
هذه المستشارية ليست نبتاً شيطانياً ، خرجت من أوتون الحرب اللعينة ، إنما هي في قلب الحدث والمشهد منذ زمان ، وأريدكم أن تستبعدوا من تصوراتكم يا رفاقنا في "تقدم" أن الجند الجنجويدي ، الذي تحارب به مستشارية حميدتي ، ماهي إلا أداتهم للقمع والإرهاب ، فهي ليست منهم وليسوا منها ، إنما هي فرقة قائمة على إرتكاب الجريمة المنظمة والإرهاب فقط .
لقد خرجت ولازلت "أعني مستشارية حميدتي" من رحم وجلباب تنظيمهم الأم الأخواني ، المنقسم في حينها إلى فصيلين ، فصيل القصر وفصيل المنشية ، (البشير- الترابي) ، وتنامي بينهما ، الحقد والضغينة ، ما صنعه الحداد ، حتى نهايات المسافات الممتدة ، التي قررها ، صاحب المثل الشعبي . الذين ربما يكونوا ليسوا بذاتهم وذواتهم وأسمائهم ، اولئك الذين صنعوا ذلك الإنقسام ، وإن لم يكونوا هم أيضاً بذاتهم ، من تلك القيادات ، بشحمها ولحمها ، ولكنهم شباب المستشارية أغلبهم ، حملوا الفكرة ، واستصحبوا معهم حتى الكتاب الأسود ، ومتبنيه العنصري المدعو "عبد المنعم الربيع"! ، مما يدعوا للشك في تماسك هذه المستشارية ، وكما قلت في مقال سابق ، أن هذه المستشارية ، ستتمزق شذر مذر ، بعضها يدعو من داخلها إلى حكم السودان بأكمله ، وتحويل السيطرة عليه ، إلى أبناء غربه ، واستبعاد شماله عن سيطرة نخبه على الحكم ، وبعضهم يحلم بفصل دولة دارفور لهم كاملة غير منقوصة ، حتى أن بعضهم يحلم ، بدولة الساحل والصحراء ، موحدة وكاملة تضم كل إعراب دول الجوار ، وقد نصحتها ، في ذات المقال السابق إن كانوا جادين ، فما عليهم ، إلا أن يكونوا حزبهم لديمقراطية حرة نزيهة ، بعيداً عن جنجوبدهم المسلحين ، وحينها الحشاش يملأ شبكته ، والله يكذب الشينة .
وتذكرون ما ناله هذا الطرف المنشق ، عقاباً لمفارقتهم الأصل ، فساموه العذاب بالمطاردة والسجون ، وظل حقدهم مابينهم دفيناُ ، حتى أنفجر حرباً لا تبغي ولا تذر ، في الخامس عشر من إبريل المشؤوم ولن يوقفها ، تفاوض أو وساطة حسب تخطيط كل منهما ، إلى أن يُفني أحدهما الآخر ، فالطرفان لهم فيها كثير ناقة وجمل ، ولهما في الإستئثار بالحكم مآرب ، والطرفان الموهومان بالعودة من جديد للسلطة وهي لله هي لله ، فمواصلةالحرب داخلهم ، فقط أضغاث أحلام الخيال الخصيب ، ستعمل عجلتها على فنائهما معاً ، وانظروا إلى صوت ناطقهم الأعلى والفعلي ، "الإنصرافي" المجهول الإسم والهوية " ، الذي يدير حرباً هلامية ، من خياله المريض ، والآخر "عبد المنعم الربيع" الذي يدير حربه بأكذوبة الديمقراطية والدولة المدنية ، ويرونقها بحقوق الإنسان والعدالة السلمية ، ورغم ذلك سيبقى السودان دونهما قاعداً متربعاً ، في فناء داره وأقمار أرضه وسماه بألوانها القزحية .
وبحثاً عن من أين أتت هذه المستشارية ، كما تساءل راحلنا الطيب صالح في حق فصيلهم الأوحد وهو موحد ، فقد سَهُّلَت الإجابة هنا مع هذا المتشظي ، فهم قطعاً خرجوا من رحم قوات المخلوع أولاً بإدعاء حمايتي كما قال . ثم من رحم البرهان ، حين حَمِّل به جنيناً سِفاحاً ، بحلم أبيه لرئاسة السودان ، فلا داعي لكُتابنا ومحللينا السياسيين ، وهم موقنون بإسلامويتهم ، فلا داعي للتساول من أين أتى هؤلاء ، لقد خرجوا من صلب الإسلام السياسي الذي حكم وجُرِب في ثلاثينيته المدمرة والمتهورة دون وجه حق .
كما عرفنا هذه المستشارية الإسلاموية كقيادة ظاهرية "للقتل السريع" ، إلا أن المرجح أن لهم قيادة مستترة ، وقد تكون أخرى سرية ولكنها هي الأصيلة ، وما تترى من أخبار حول أيلولة قيادة المؤتمر الشعبي ، بعد استبعاد على الحاج ، وبالضرورة صوتهم الأعلى كمال عمر ، العضو الفاعل في مركزية الحرية والتغيير ، وعودة الموتمر الشعبي إلى جماعة أبراهيم السنوسي الحاكم بأمره لولاية شمال كردفان ، ثم لاحقاً مساعداً للرئيس حيث إغتنى وأفترى وعسف ، كمولاه المخلوع ، فلا إستبعد قيادتهم لهذه الحرب من بدايتها ، وربما رتبوا لها من قبل إنطلاقتها ، حين خبروا طموحات حميدتي ، وحلمه المؤرق أن يكون رئيساً للسودان ، وأقنعوه أنهم سيتكفلون له بذلك تحت رعايتهم ، وبدمقراطيتهم المسلحة ، المخجوجة حتماً تكون ( وهي بذلك كانت أشطر من أولئك جماعة الرفض" No"والتي أفقدهم تكتيكهم الفاشل والغبي ، الأرض والدساكر ، ومدن الحضر والبدو التي تركوها يباب ، وعليها فقدان علاقات الدول العالمية ودول الجوار ، فكانت بذلك جماعة المستشارية الثعلبية كما شيخهم ، أذكى منهم وهم يرددون في كل محفل "Yes" وقطعاً الأولون هم الكاسبون) .
أما حميدتي فقد سلم مستشاريته الكيزانية ، أعز ما يملك ، وهي عصابته الجنجويدية المتدربة على الشر بكل أصنافه ، فاستخدمتها المستشارية ، كاداة قتل وترويع وإرهاب ودمار ، فقط شرطهم عليه الرضوخ لهم تماماً ، بأن يتبع تعليماتهم الفوقية ، ويتمثلها ويمثلها أحسن تمثيل ، وقد كان ، وأولها رفع شعارات ثورة ديسمبر خدعة شيخهم ، التي أوصلته إلى السلطة سابقاً " أذهب أنت إلى القصر رئيساً ، وأنا إلى السجن حبيساً " .
وتنفيذاً لتوجيهاتهم وشروطهم هذه ، فقد رفع حميدتي بمثابرة يحسد عليها ، وكأنه ليس هو الذي عمل منذ اول بدايات انتصار ثورة ديسمبر المجيدة لإجهاضها ، وظل يلوك شعاراتها بحذافيرها ، من بداية شعار الدولة المدنية الديمقراطية حتى شعار العسكر للثكنات والجنحويد ينحل ، وإن خففوها له " حتى لايغضب عليهم وينفض من حولهم ويعودوا بخفي حنين ، خاويّ الوفاض" ، فكان الدمج دون الحل . الغريب في الأمر أن مركزية الحرية والتغيير ، بتكوينها السابق ، وقد تُواصِل ذات نهجها في تقدم الجديد ، تظن أنها والظن ليس إثماً "عند التكالب على كراسي الحكم" ، هي التي "جابت الديب من ديلو" وأنها هي صاحبة فكرة الدمج هذه ، وتظنها من بنات أفكارها التنازلية ، التي جبلت عليها ، حتى أصبحت مؤهلة لحمل وصف أهل الهبوط الناعم ، والحقيقة هي ، أن فكرة الدمج جاءت من أولئك الثعلبيين الماكرين ، وهم "وأعني المركزي" قد نسوا أو تناسوا أن هؤلاء الثعالبة ، يلعبون باليضة والحجر ، وليس بالمركزي وحده . ومقالي القادم ، وأرجو أن يكون نقد محبة حتى الآن ، وليس نقد ضدياً ، إلا إن كنت مضطراً ومعذوراً ، إذا ما واصلوا هبوطهم الناعم ، ونحن نسمع ونقرأ ، من بعض قياداتهم ، من يرغب إدخال الكيزان في المفاوضات ، ومن بعدها المصالحات لإعطائهم الشرعية ، ومساعدتهم للهروب من العقاب ، وحينها يكونوا بذلك ، قد تدحرجوا وسقطوا وأنتهوا ، حتى قاع سلم الهبوط الناعم ، الذي سيمضي بهم إلى رفضهم نهائياً من قبل شعب السودان ، وفي مقدمتهم جماهيرهم التي يقودونها ، فالفرصة تأتي لمرة واحدة ، وليس لثلاث مرات كما جاءت لحمدوك وهم حاضنته ، كانت ثلاث مرات حاسمات وعادوا منها خاسرين .
والثورة جاهزة ومستمرة .
والردة مستحيلة .
والعسكر للثكنات والجنجويد للحل .
omeralhiwaig441@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: شعب السودان
إقرأ أيضاً:
مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
فى عالم يتجه نحو التعددية القطبية واحترام سيادة الدول، يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ما زال يعيش فى حقبة مختلفة، حيث يتصور نفسه «حاكماً بأمره» فى شئون دول أخرى. ترامب، الذى يعتقد أن بإمكانه فرض إرادته على الشعوب والحكومات، يغفل حقيقة أساسية: أن العالم لم يعد يتقبل منطق التهديدات والاستعلاء، وأن عهد الاستعمار والهيمنة المطلقة قد ولى منذ زمن طويل.
ترامب، الذى يعمل وفقاً لسياسة «أمريكا أولاً»، يتصرف كأن العالم ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية. لكنه ينسى أن لكل شعب حقاً فى تقرير مصيره، ورفض ما لا يتوافق مع مصالحه الوطنية. الشعوب اليوم ليست مستعدة للخضوع لإملاءات خارجية، خاصة عندما تأتى بشكل تهديدات واستعلاء.
فى قضية غزة، حاول ترامب فرض رؤيته الشخصية على مصر والأردن، متصوراً أن بإمكانه إجبارهما على استقبال لاجئين من غزة. لكن الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى كان واضحاً فى رفضه القاطع لهذا الطرح. السيسى أكد أن مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين، ولن تكون طرفاً فى أى مخطط يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. هذا الموقف يعكس إرادة شعبية راسخة، ترفض الانصياع لضغوط خارجية، مهما كان مصدرها.
ترامب، الذى اعتاد أسلوب التهديد، يبدو أنه لم يستوعب بعد أن هذا الأسلوب لم يعد يجدى نفعاً مع الشعوب التى تتمسك بسيادتها وكرامتها. مصر، كدولة ذات تاريخ عريق وإرادة قوية، لن تنكسر أمام تهديدات، ولن تسمح لأحد أن يفرض عليها ما يتعارض مع مصالحها الوطنية.
ترامب، الذى بدأ ولايته الرئاسية بموجة من القرارات المثيرة للجدل، لم يحصد سوى كراهية الشعوب حول العالم. من المكسيك إلى بنما، ومن الدنمارك إلى كولومبيا، توالت ردود الأفعال الرافضة لسياساته التهديدية والاستعلائية.
فى المكسيك، رفضت الحكومة استقبال طائرة محملة بالمهاجرين، وهددت بالتعامل مع الولايات المتحدة بالمثل. وفى بنما، رفض الرئيس خوسيه راؤول مولينو تصريحات ترامب التى طالبت بتبعية قناة بنما للولايات المتحدة، مؤكداً أن بنما دولة مستقلة ولن تقبل أى مساس بسيادتها.
أما فى الدنمارك، فقد رفضت رئيسة الوزراء ميتى فريدريكسن بشكل قاطع أى محاولة لشراء جزيرة جرينلاند، مؤكدة أن «جرينلاند ليست للبيع». وفى كولومبيا، وصف الرئيس جوستافو بيترو ترامب بأنه يمثل «عرقاً أدنى»، ورفض مصافحة «تجار الرقيق البيض»، فى إشارة إلى سياسات ترامب العنصرية.
حتى القضاء الأمريكي، رفض العديد من قرارات ترامب، خاصة تلك المتعلقة بالهجرة والمهاجرين. العالم بأسره، لأول مرة، يتفق على رفض سياسات ترامب، ما يعكس مدى العزلة التى يعيشها الرئيس الأمريكي.
ترامب، الذى يعتقد أنه قادر على فرض إرادته على العالم، يغفل حقيقة أن الشعوب لم تعد تقبل منطق التهديدات والاستعلاء. العالم اليوم مختلف، والسيادة الوطنية لم تعد مجرد شعارات، بل واقع يعيشه كل شعب. ترامب، الذى يحصد العداء من كل حدب وصوب، عليه أن يعيد النظر فى سياساته، وأن يدرك أن العالم ليس ملكاً لأحد، وأن الشعوب لن تقبل بأن تكون مجرد أدوات فى لعبة القوى العظمى.
فى النهاية، العالم يتجه نحو التعددية واحترام السيادة، وترامب، إن أراد أن يترك إرثاً إيجابياً، عليه أن يتكيف مع هذا الواقع الجديد، بدلاً من الاستمرار فى سياسات عفا عليها الزمن.