سودانايل:
2025-05-01@16:35:43 GMT

في الكتابة عن بعض تاريخ الإنقاذ المخضب بالدنايا

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

سرف المداد

يبدو أن حكومة الإنقاذ معذورة بعض
العذر فيما تورطت فيه، ودفعت إليه، من ادعاءات لا تمت للواقع بصلة، ولا تصل إليه بسبب، فسيرتها المعوجة في قمع الحريات ،وتكميم الأفواه، أمر من الاطالة التي لا جدوى منها أن نتعرض لاثباته بالبرهان، فالأمثلة والشواهد على قمعها وظلمها لشعبها، يفوق عدده الاحصاء، فلسنا في حاجة إلى بسط تاريخها المخزي الذي تواضع عليه القاصي والداني، ولا إلى نبش طغيانها الذي تمتد له الأسباب، وتُرخى له الأعنة، ولعل أصعب مشقة، وأثقل جهد، يمكن أن يعصف بعقولنا المكدودة، هو تصديق مزاعمها بأن الحريات قد أضحت متاحة، وأن سجونها ومعتقلاتها الممتدة قد باتت خالية من وجود معارضين، وأنها تحتاط لنفسها الآن بالعدل المطلق، وتعتصم بالديمقراطية السمحة، فهي ما فتئت تلتمس مضامين الحرية، حتى وجدت معناها في الحوار الجامع الذي أخذت تنادي به، وتدعو إليه، وتمهد له، حتى صدّعت به رؤوسنا، وما هو إلاّ أكذوبة من أكاذيبها، نعم إن هذا الادعاء الذي أسبغته الإنقاذ على طارفها وتليدها، في سخاء وخفه، نمانعه أشد الممانعة، ونرفضه أشد الرفض، فأنى لوليد الأسى، وربيب الألم شعبها الذي لم يلتأم جرحه، أو تجف عيونه، أن يصدق مثل هذه الترهات والأباطيل.


تســـــــــتّـــروا بــأمـــــور في ديــــــانـــــتــــهــــــــم وإنـــــــــــما ديــــــــنهـــــــُـــــم ديــــــــــــــنُ الزنـاديــــــــــق

تُـــــكـذبُ العقــل في تصديق كاذبهم والعـــــــقل أولـــى بإكــــــــرامٍ وتـــــــصـــــديق

إن الإنقاذ التي انفجر في صدرها الحاني، شريان الهوى الجياش، تجاه محكوميها معذورة، لأنها وقفت وحيدة في ميدان الخسة والنذالة، تكافح معارضة واهنة العزم، كليلة الحد، ساقطة الهمة، لا عين لها ولا لسان، ولم تكن قط مناط ثقة، أو معقد رجاء، لأمة يجول في نفسها بغض الإنقاذ، ويقع تحت حسها الأمل النديان، أمل يخالط أنماطاً شتى من الأجناس، تكابد الجوع والخوف، وتجابه الحرمان، لم تكن إذن الإنقاذ مسرفة ولا غالية، حينما قالت في صفاقة لا تضاهيها صفاقة، أنها قد فرضت على نفسها قيودا محكمة، وأغلالا ثقالا، حتى لا تأخذ من اجتواها بمخايل شك، أو تعنف من تضجر من حكمها الطويل وأظهر الملالا، ولكن الإغراق في هذه الدعوى التي تبغض إلينا الحياة، وتصرفنا عن مباهجها، شيء، ومخرجات حوار الوثبة، وما تمخض عنه شيء آخر، فمخرجات هذا الحوار القمئ، لا يمكن أن ينتهي بنا إلى الخير، فلم يصدر عنه، سوى استحداث منصباً لرئيس الوزراء، تقلده رجلاً صارماً، سوف يدفع لا محالة وزرائه للأخذ برأيه على ما في رأيه من عوج وخطل وأمت، ولقد آثرنا هذا الرجل بالذكر، لأنه أمسى الآن أس الإنقاذ ودعامتها، رغم أن الإنقاذ لم تظهر الحفاوة به، ولا الحرص عليه، حينما كانت في مهدها، إلا أن الفريق بكري حسن صالح ظلّ هو الوحيد من مجلس قيادة الثورة الآفل، الذي لم تشمله سياسة الإقصاء، أو التهميش، ومع كل هذا، ومع فداحة الأعباء التي ألقيت على كاهله، والوظائف السيادية التي أوكلت إليه، لم يكن سيادة الفريق في تلك الحقبة، من الشخصيات التي تشرئب لمقدمها الأعناق، وتشخص لطلعتها الأبصار، إذن ستمتد وتيرة الإنقاذ عقد آخر، فهي لم تكن تنشد من حوارها الممجوج هذا، سوى كسب المزيد من الوقت، وإضفاء إطار الشرعية على نظامها المهترئ الحافل بالثقوب، وإصدار نسخة جديدة منه، ولكن هذا كله على مضه وايلامه، لم يدفع الشعب الذي يمضي في ركب الحياة، بجسد مهدود، وعصب مجهود، وشأو بالي، سوى أن يتحدث في امتعاض ويطيل الحديث، ثم يعود إلى حياته القانعة الخشنة، التي ذوى فيها جسمه من الغرث والدنف، وأرباب طغاته في بضة وعافية، واضطربت فيها روحه من الذعر والخوف، وأقطاب جلاديه في أمن وطمأنينة، لقد استطاب السودانيون هذه الحياة وأذعنوا لها، وإن بقيت نفوسهم، لا تمل من الاستسلام للأمال، والاسترسال مع الأماني، والإنقاذ التي هي كحادي العيس يعنيها أن يستمع الناس لأغانيها الفجة، وأن يجدوا في ألحانها التعيسة لذة ومتاعا، فهي تنشد أن يتجاوب معها الشعب، سواء أراد أو لم يرد، و يضنيها أن يقف حيال سياساتها الخرقاء، مكسور أو ساكن، لأجل ذلك هي تكذب وتفجر في الكذب، حتى يصدر عن السود ما يوحي بالاهتمام.
والسيد نائب الرئيس، ورئيس الوزراء، الذي لا يعنيه رضي الناس عنه، أو سخطوا عليه، أتحفنا في مساء يوم ذاكي، بتصريح يذهل عقل الحصيف، فقد ذهب سيادة الفريق أن الدولة تحترم النصوص القانونية، والقواعد الدستورية الخاصة بحرية الصحافة، ولعل واقع الحريات المزري يفند هذا الزعم، وحال الصحفيين الذين ضاقت طائفة غير قليلة منهم، من تعقب الأجهزة الأمنية لهم، واستدعائهم في مكاتبها الفخمة البنيان، يجعلنا في لحظات يأس وقنوط، نحتشد حول نعش الصحافه، ونتهافت إلى تشييعها ونودعها الثرى، وننتظر في خضوع، مقدم سادتنا ليزرفوا عليها دمعة حزن كاذبة، لقد تجاهل جبابرتنا أن الشعب الذي وطًنّ نفسه على الشراب الكدر، والطعام الوخيم، واللباس الخشن، رغم الجحيم الذي عاش فيه، ما زال عاجز على أن يعلن الشك ويخفي اليقين، فهو الذي أصابه كل كلم، وامتد إليه كل أذى، سوف تعلن هذه الطائفة الصابرة على عرك الشدائد، دون مواربة أو روع، أن الإنقاذ أودت بالصحافة في السودان إلى حتفها، وأنها حتى تبقى ممسكة بأعنة الحكم، قد استمرأت التضييق عليها في أرض النيلين، بمقص الرقيب الذي يستأصل كل ما يفضح جرائرها وسوءاتها، وبمصادرة وحجب الصحف التي تصدت لعسفهم وبطشهم، وبالإستدعاءات المذلة للصحفيين الأبطال، ومنع بعضهم من الكتابة.
د.الطيب النقر

nagar_88@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

“لعبة الكراسي الموسيقية… الإسلاميون يجلسون أولًا!”

الوجوه القديمة بلحى جديدة:
قرار تعيين دفع الله الحاج رئيسًا للوزراء ليس مجرد "تعديل وزاري"، بل هو إعادة تدوير لـأسطوانة النظام القديم، لكن مع غلاف تكنوقراطي مذهّب!
فالرجل الذي قضى 40 عامًا في دهاليز الدبلوماسية خلال عهد الإنقاذ، يعود اليوم كـبطل لحظة الفراغ، وكأن التاريخ يكرر نفسه… لكن هذه المرة بابتسامة دبلوماسية!

من هو دفع الله الحاج؟ (نسخة الإنقاذ المُحدَّثة):
السيرة الذاتية:

تخرج من جامعة الخرطوم أواخر السبعينيات… أيام كانت "الإخوان" توزع الكراسات الدينية في الفصول.

ترقى في السلك الدبلوماسي مع كل انقلاب… كالسلحفاة التي تسبق الأرانب حين تكون المسابقة مُزوَّرة!

مثّل السودان في نيويورك وباريس… لكن خطاباته كانت تُكتب في الخرطوم!

الخلفية الأيديولوجية:

لم ينتمِ علنًا لـ"الجبهة الإسلامية"… لكنه ابن الشرعية غير المعلنة لعهد الإنقاذ.

خبرته في التعامل مع الغرب… كـ"كاردينال" يعرف كيف يبيع صورة النظام بلهجة فرنسية أنيقة!

لماذا يعود الإسلاميون من الباب الخلفي؟
اللعبة القديمة: جيش يمسك العصا… وإسلاميون يحركون الدمى!

البرهان يحتاج لـواجهة مدنية تُرضي المجتمع الدولي… والإسلاميون يحتاجون لـغطاء عسكري يعيدهم للسلطة.

الصفقة واضحة: الجيش يحكم… والإسلاميون يُنظفون الصورة!

السياق الدولي: الغرب يبحث عن "وجه مألوف"!

دفع الله الحاج ليس غريبًا عن السفارات الأجنبية… هو الرجل الذي كان يقدم الشاي للسفراء بينما النظام يحرق القرى!

تعيينه رسالة للغرب: "لا تخافوا… نحن نفس الوجوه، لكن بخطاب معسول!"

إعادة تركيب النظام القديم:

ما فائدة الثورة إذا كان الخدمة المدنية والدبلوماسية ما زالت تحت سيطرة أركان الإنقاذ؟

التعيينات الجديدة تثبت أن "الدولة العميقة" لم تمت… بل انحنت للعاصفة ثم عادت أقوى!

مفارقات التعيين:
المفارقة الأولى:
يُعيّن رئيس وزراء "تكنوقراطي" في وقت يحتاج السودان لـسياسي شجاع… لكن الثورة علمتنا أن "التكنوقراط" في قاموس العسكر يعني: "من لا يعارضنا"!

المفارقة الثانية:
الشعب يُذكَّر يوميًا بأن "عهد الإنقاذ انتهى"… بينما رجاله يعودون كـأشباح بأسماء جديدة!

المفارقة الثالثة (الأكثر مرارة):
الثوار يُسجنون لأنهم هتفوا "يسقط الباطل"… بينما من نفذوا الباطل يعودون ليقودوا "مرحلة الانتقال"!

سؤال يصرخ في الفراغ:
هل سينتبه الشعب إلى أن "الكرة الأرضية" نفسها تدور… لكن اللاعبين هم من كانوا يسحقون أحلامه بالأمس؟
أم سيُمرَّر الأمر تحت شعارات:
"الوطن في خطر… ومطلوب توحيد الصفوف!"…
وهي الجملة التاريخية التي يُخدَّر بها الشعب كلما أراد النظام إعادة تدوير نفسه!

خاتمة ساخرة إذا كان "الكرت الأخضر" في كرة القدم يعني السماح للاعب الأجنبي باللعب…
ففي السودان، الكرت الأخضر يُمنح لـلاعبي النظام القديم فرص بلا حدود كي يسجلوا أهدافًا في مرمى الشعب!

ملاحظة أخيرة , عندما تُشاهدون دفع الله الحاج على التلفزيون الرسمي…
تذكّروا أن "الإنقاذ" لم تُغادر… بل غيرت الزي فقط!

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الصحافة السودانية في المنتدى الأدبي السوداني بأستراليا
  • “لعبة الكراسي الموسيقية… الإسلاميون يجلسون أولًا!”
  • تاريخ يعيد نفسه… أوروبا تلبس ثوب “الرجل المريض” الذي خاطته للعثمانيين
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • عاجل.. براءة متهم من التهم المنسوبة إليه في أحداث جزيرة الوراق
  • مرة تغلبني الكتابة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • محافظ أسيوط يتفقد موقع انهيار منزل بحي غرب
  • ورشة حول الكتابة الصحفية بالجامعة القاسمية
  • في ذكرى ميلاده.. نور الشريف “الأستاذ” الذي كتب اسمه في تاريخ الفن بحروف من نور (تقرير)