موقع النيلين:
2024-11-26@20:04:06 GMT

غزة والمعركة القانونية

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT


أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بخصوص الحرب، التي شنتها «إسرائيل» على قطاع غزة، إثر عملية طوفان الأقصى (7 تشرين الأول / أكتوبر 2023)، بناءً على الدعوى التي أقامتها حكومة جنوب إفريقيا، والتي تم النظر فيها يومي 11 و 12 كانون الثاني / يناير 2024. أثار القرار ردود فعل مختلفة قانونية وغير قانونية، فبعضها استقبله بتحفّظ، بل شكّك بقيمة قرار تصدره محكمة تابعة للأمم المتحدة، التي تتحكم بها الولايات المتحدة والقوى الكبرى.

وبعضها الآخر كان يعوّل عليه تحقيق العدالة المنشودة وإنصاف الضحايا، لعدم درايته بالإجراءات القانونية المعقدة، وثمة رأي إيجابي اعتبر القرار خطوةً بالاتجاه الصحيح في إطار المعركة القانونية والدبلوماسية.

وبغض النظر عن الاختلافات بشأن القرار، فلا بدّ من الاطّلاع على حيثياته، التي تلزم «إسرائيل» باتخاذ التدابير لوقف عمليات الإبادة وقتل الفلسطينيين أو إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بهم، بما يسبب في فنائهم أو فناء قسم منهم، كما منع القرار التحريض على الإبادة الجماعية ومعاقبة المحرضين عليها، وتضمن تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وطالب «إسرائيل» بتقديم تقرير خلال شهر واحد لتطبيق الإجراءات الواردة في قرار المحكمة. ومن جهة أخرى، دعا القرار إلى الإفراج الفوري عن أسرى الحرب «الإسرائيليين» واعتبارهم رهائن.

لم يتضمن قرار المحكمة وقف إطلاق النار، كما كان يطمح إلى ذلك سكان غزة المنكوبين منذ عدة أشهر والمحاصرين منذ العام 2007، وهو ما أعطى انطباعاً سلبياً لدى البعض، إلّا أن القراءة القانونية تقول:

{ أولاً – إن جنوب أفريقيا لم تطلب من المحكمة ذلك، بل كان جوهر الشكوى النظر في جرائم الإبادة الجماعية، وهو ما قامت به المحكمة بقبول الدعوى، التي من اختصاصها النظر فيها وإصدار إجراء أوّلي بشأنها. والقرار الذي صدر عنها يشمل ذلك، علماً بأن المحكمة رفضت طلب «إسرائيل» ردّ الدعوى.

{ ثانياً- إن المحكمة أصدرت قراراً أهم وأقوى في حجيته القانونية، ونعني به وقف أعمال الإبادة، وهذا أشمل من وقف إطلاق النار، ويتضمن إدانة «إسرائيل» بالقيام بجريمة الإبادة الجماعية.

{ ثالثاً – يمثل القرار تقويضاً لشرعية «إسرائيل»، خصوصاً حين يتهمها بممارسة أعمال إبادة جماعية بحق مجموعة سكانية عرقية فلسطينية، وهو ما يمكن البناء عليه في المعركة الدبلوماسية والقانونية، استكمالاً لجوانب المعركة الأخرى.

{ رابعاً – إن طلب المحكمة توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الفورية لسكان غزة يعني تجاوز الحصار «الإسرائيلي» المفروض عليها بقرار قضائي.

{ خامساً – صدر القرار بأغلبية ساحقة من جانب القضاة، وهو ما يؤكد توفّر الركن المادي لجريمة الإبادة (الأعمال الفعلية)، والركن المعنوي (وجود نيّة الإبادة) لدى «إسرائيل» في حربها المفتوحة على غزة، الأمر الذي دفع بعض القضاة إلى مخالفة المواقف الرسمية لدولهم، كما فعل القاضي الألماني والقاضي الفرنسي والقاضية الأمريكية، باستثناء القاضية الأوغندية التي صوتت ضدّ القرار، بل إن القاضي «الإسرائيلي» صوّت لصالح بندين من القرار، الأول يتعلق بمنع التحريض والثاني توفير الخدمات، كما أنه لم يعترض على اختصاص المحكمة في النظر بالقضية.

كقانوني أستطيع تقييم هذا القرار إيجابياً، وعلى نحو كبير جداً، لاستناده إلى قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي واتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، بل إنه القرار الأول من نوعه، وهو يتضمن إدانة الممارسات «الإسرائيلية» بشكل واضح ويطالبها باتخاذ تدابير محددة، بما فيه تكليفها بتقديم تقرير خلال شهر عن مدى التزامها بما طلبته المحكمة، وهو قرار ملزم، على خلاف الفتوى الاستشارية القانونية بشأن الجدار العازل التي صدرت عن المحكمة العام 2004.

وهو وإن كان قراراً احترازياً مؤقتاً، إلّا أنه سيكون مدخلاً لإصدار قرار باتٍّ واجب التنفيذ فيما إذا امتنعت «إسرائيل» من تنفيذه ويفترض فرض عقوبات عليها، وحينئذ يمكن الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرار، وإذا ما استخدم «حق الفيتو» من جانب حلفاء «إسرائيل»، فإنه سيضعهم شركاء في جريمة الإبادة، وفي ذلك جانب أخلاقي وأدبي، وعندها يمكن الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 377 والمعنون «متّحدون من أجل السلام».

عبدالحسين شعبان – جريدة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة وهو ما

إقرأ أيضاً:

ازدواجية مفكر فرنسي.. انتقد المحكمة الجنائية مع إسرائيل ودعمها ضد بوتين

أثار المفكر والفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي بعد انتقاده محكمة الجنايات الدولية وإظهار تناقضا كبير في تعاطيه مع قضايا حقوق الإنسان في النزاعين الأوكراني والفلسطيني.

وأظهر ليفي موقفًا متناقضًا بانتقاده قرار المحكمة الجنائية الدولية بعد اصدار مذكر اعتقال لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق غالانت، في الوقت الذي يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة في حرب ضروس راح ضحيتها آلاف المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال يتفادى ليفي إدانة هذا السلوك.

وكتب ليفي عبر حسابة على منصة إكس " إن المحكمة الجنائية الدولية تشوه القانون الدولي، وتشوه الفكرة النبيلة للعدالة الدولية التي اخترعت في القرن العشرين لملاحقة المجرمين في بلدان لا تمتلك أنظمة قضائية مناسبة. ولهذا السبب، يجب إلغاء المحكمة الجنائية الدولية واستبدالها."

The International Criminal Court distorts international law. It disfigures the noble idea of international justice invented in the 20th century to prosecute criminals in countries without proper judicial systems. For this reason, the #ICC must be abolished and replaced. — Bernard-Henri Lévy (@BHL) November 22, 2024


ويأتي التناقض في رد فعل ليفي حين العودة للأحداث والوقت الذي أصدرت فيه المحكمة مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب تهم تتعلق بنقل أطفال أوكرانيين قسريًا إلى روسيا، وتجنب المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات مشابهة ضد إسرائيل على خلفية تصاعد العنف في غزة.

ودعم ليفي في تصريحاته إصدار المحكمة لمذكرة الاعتقال ضد بوتين، مشيرًا إلى ضرورة محاسبة كل من يرتكب جرائم حرب. وفي هذا السياق، أكد أن نقل الأطفال الأوكرانيين إلى الأراضي الروسية يمثل جريمة حرب واضحة تستحق التحقيق والملاحقة القضائية. وعلى الرغم من دعمه للمحكمة في هذا القرار.

وقال حينها الفيلسوف الفرنسي عبر منصة إكس " أخبار رائعة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بلاديمير بوتين بتهمة ترحيل أطفال أوكرانيين، الحقيقة الصارخة.

https://t.co/L6GVPfki5r pic.twitter.com/plgonXivnF — Mehdi Hasan (@mehdirhasan) November 22, 2024


في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي بدأت منذ شباط / فبراير 2022، تتوالى الاتهامات لروسيا بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات على المدنيين ونقل أطفال إلى الأراضي الروسية، في المقابل، تشهد غزة، التي تعاني من الحصار الإسرائيلي منذ سنوات، تصعيدًا ميدانيًا دمويًا منذ تشرين الأول / أكتوبر 2023، مع قصف غير مسبوق استهدف مناطق سكنية وبنية تحتية، مخلفًا مئات الشهداء والجرحى من المدنيين الفلسطينيين معظمهم من الأطفال والنساء.

وأثارت الازدواجية في التعامل مع القضايا الإنسانية والعدالة الدولية العديد من التساؤلات وردود الأفعال والانحيازيات السياسية وتأثيرها على تطبيق القانون الدولي.

ويعد برنار هنري ليفي وهو مفكر وفيلسوف فرنسي يهودي، ولد في 1948. من أبرز الشخصيات الفلسفية في فرنسا ومن القيادات الفكرية البارزة في حركة الفلسفة الجديد، ويعرف بمواقفه السياسية المثيرة للجدل واهتمامه بالشؤون الدولية.

مقالات مشابهة

  • تقرير تركي يوثق الإبادة بغزة ويدعو لإستراتيجية جديدة لملاحقة إسرائيل
  • حرب الإبادة.. إسرائيل تواصل عدوانها على غزة وغرق خيام «خان يونس»
  • الأورومتوسطي: "إسرائيل" تمنع إدخال الأغطية والملابس والأحذية لغزة
  • أب يخسر معركته القانونية ضد تحويل ابنه جنسياً في أمريكا.. القاضي منح القرار للأم
  • صباغ : سورية تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية السافرة على دول المنطقة وشعوبها، وإدانة جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني
  • منذ حرب الإبادة بغزة.. نادي الأسير: إسرائيل اعتقلت 435 فلسطينية
  • وجود السودان علي المحك. والمعركة لا تدور فقط في ميدان القتال
  • إسرائيل تقرر عدم التحقيق مع وزراء حرضوا على الإبادة في غزة
  • ازدواجية مفكر فرنسي.. انتقد المحكمة الجنائية مع إسرائيل ودعمها ضد بوتين
  • التداعيات القانونية والسياسية لأمر "الجنائية الدولية" ضد إسرائيل