موقع النيلين:
2025-02-07@08:31:57 GMT

غزة والمعركة القانونية

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT


أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بخصوص الحرب، التي شنتها «إسرائيل» على قطاع غزة، إثر عملية طوفان الأقصى (7 تشرين الأول / أكتوبر 2023)، بناءً على الدعوى التي أقامتها حكومة جنوب إفريقيا، والتي تم النظر فيها يومي 11 و 12 كانون الثاني / يناير 2024. أثار القرار ردود فعل مختلفة قانونية وغير قانونية، فبعضها استقبله بتحفّظ، بل شكّك بقيمة قرار تصدره محكمة تابعة للأمم المتحدة، التي تتحكم بها الولايات المتحدة والقوى الكبرى.

وبعضها الآخر كان يعوّل عليه تحقيق العدالة المنشودة وإنصاف الضحايا، لعدم درايته بالإجراءات القانونية المعقدة، وثمة رأي إيجابي اعتبر القرار خطوةً بالاتجاه الصحيح في إطار المعركة القانونية والدبلوماسية.

وبغض النظر عن الاختلافات بشأن القرار، فلا بدّ من الاطّلاع على حيثياته، التي تلزم «إسرائيل» باتخاذ التدابير لوقف عمليات الإبادة وقتل الفلسطينيين أو إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بهم، بما يسبب في فنائهم أو فناء قسم منهم، كما منع القرار التحريض على الإبادة الجماعية ومعاقبة المحرضين عليها، وتضمن تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وطالب «إسرائيل» بتقديم تقرير خلال شهر واحد لتطبيق الإجراءات الواردة في قرار المحكمة. ومن جهة أخرى، دعا القرار إلى الإفراج الفوري عن أسرى الحرب «الإسرائيليين» واعتبارهم رهائن.

لم يتضمن قرار المحكمة وقف إطلاق النار، كما كان يطمح إلى ذلك سكان غزة المنكوبين منذ عدة أشهر والمحاصرين منذ العام 2007، وهو ما أعطى انطباعاً سلبياً لدى البعض، إلّا أن القراءة القانونية تقول:

{ أولاً – إن جنوب أفريقيا لم تطلب من المحكمة ذلك، بل كان جوهر الشكوى النظر في جرائم الإبادة الجماعية، وهو ما قامت به المحكمة بقبول الدعوى، التي من اختصاصها النظر فيها وإصدار إجراء أوّلي بشأنها. والقرار الذي صدر عنها يشمل ذلك، علماً بأن المحكمة رفضت طلب «إسرائيل» ردّ الدعوى.

{ ثانياً- إن المحكمة أصدرت قراراً أهم وأقوى في حجيته القانونية، ونعني به وقف أعمال الإبادة، وهذا أشمل من وقف إطلاق النار، ويتضمن إدانة «إسرائيل» بالقيام بجريمة الإبادة الجماعية.

{ ثالثاً – يمثل القرار تقويضاً لشرعية «إسرائيل»، خصوصاً حين يتهمها بممارسة أعمال إبادة جماعية بحق مجموعة سكانية عرقية فلسطينية، وهو ما يمكن البناء عليه في المعركة الدبلوماسية والقانونية، استكمالاً لجوانب المعركة الأخرى.

{ رابعاً – إن طلب المحكمة توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الفورية لسكان غزة يعني تجاوز الحصار «الإسرائيلي» المفروض عليها بقرار قضائي.

{ خامساً – صدر القرار بأغلبية ساحقة من جانب القضاة، وهو ما يؤكد توفّر الركن المادي لجريمة الإبادة (الأعمال الفعلية)، والركن المعنوي (وجود نيّة الإبادة) لدى «إسرائيل» في حربها المفتوحة على غزة، الأمر الذي دفع بعض القضاة إلى مخالفة المواقف الرسمية لدولهم، كما فعل القاضي الألماني والقاضي الفرنسي والقاضية الأمريكية، باستثناء القاضية الأوغندية التي صوتت ضدّ القرار، بل إن القاضي «الإسرائيلي» صوّت لصالح بندين من القرار، الأول يتعلق بمنع التحريض والثاني توفير الخدمات، كما أنه لم يعترض على اختصاص المحكمة في النظر بالقضية.

كقانوني أستطيع تقييم هذا القرار إيجابياً، وعلى نحو كبير جداً، لاستناده إلى قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي واتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، بل إنه القرار الأول من نوعه، وهو يتضمن إدانة الممارسات «الإسرائيلية» بشكل واضح ويطالبها باتخاذ تدابير محددة، بما فيه تكليفها بتقديم تقرير خلال شهر عن مدى التزامها بما طلبته المحكمة، وهو قرار ملزم، على خلاف الفتوى الاستشارية القانونية بشأن الجدار العازل التي صدرت عن المحكمة العام 2004.

وهو وإن كان قراراً احترازياً مؤقتاً، إلّا أنه سيكون مدخلاً لإصدار قرار باتٍّ واجب التنفيذ فيما إذا امتنعت «إسرائيل» من تنفيذه ويفترض فرض عقوبات عليها، وحينئذ يمكن الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرار، وإذا ما استخدم «حق الفيتو» من جانب حلفاء «إسرائيل»، فإنه سيضعهم شركاء في جريمة الإبادة، وفي ذلك جانب أخلاقي وأدبي، وعندها يمكن الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 377 والمعنون «متّحدون من أجل السلام».

عبدالحسين شعبان – جريدة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة وهو ما

إقرأ أيضاً:

ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل

أعلن مسؤول في البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقع أمرا يقضي بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

وفي وقت سابق من الخميس، قال مسؤول أميركي بارز إن سبب قرار ترامب هو أن المحكمة "استهدفت الولايات المتحدة وحلفاءها مثل إسرائيل".

وأضاف المسؤول أن العقوبات مالية وأخرى متعلقة بالتأشيرات على الأفراد وأسرهم، الذين يساعدون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بشأن مواطنين أميركيين أو حلفاء للولايات المتحدة.

وتأتي الخطوة بعد أن عرقل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي، جهودا يقودها جمهوريون لمعاقبة المحكمة، احتجاجا على مذكرتي اعتقال أصدرتهما ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بسبب حرب غزة.

ويزور نتنياهو واشنطن حاليا، وشهدت العاصمة الأميركية احتجاجات من مؤيدين للفلسطينيين يطالبون باعتقاله.

ولم ترد المحكمة الجنائية الدولية على طلب للتعليق بعد.

وقالت مصادر لـ"رويترز" الشهر الماضي، إن المحكمة اتخذت إجراءات لحماية موظفيها من عقوبات أميركية محتملة، إذ دفعت رواتب 3 أشهر مقدما واستعدت لقيود مالية قد تعرقل جهودها.

وفي ديسمبر الماضي، حذرت رئيسة المحكمة القاضية توموكو أكاني من أن العقوبات من شأنها أن "تقوض عمليات المحكمة في جميع المواقف والقضايا سريعا، وتهدد وجودها ذاته".

والعقوبات الأميركية الجديدة هي الواقعة الثانية من نوعها، إذ فرضت واشنطن خلال إدارة ترامب الأولى في 2020 عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها، بسبب تحقيق المحكمة في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها قوات أميركية في أفغانستان.

ويبلغ عدد الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية 125 دولة، وهي محكمة دائمة يمكن لها مقاضاة أفراد بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم العدوان على أراضي الدول الأعضاء أو العدوان من قبل مواطنيها.

ويشار إلى أن الولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل ليسوا أعضاء بالمحكمة.

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني يؤكد ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها
  • ماذا تعرف عن المحكمة الجنائية الدولية التي عاقبها ترامب؟
  • ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل
  • فلسطينيو الداخل: التهجير لن يمر حتى لو سيطرت إسرائيل على القرار الأمريكي
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • تعطيل الدوام في (3) محافظات احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية بإيقاف تعديل قانون العفو العام
  • الإطار يدعم قرار المحكمة الاتحادية بإيقاف تنفيذ القوانين الجدلية
  • لبنان يقدم شكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل بسبب خروقات القرار 1701
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • لبنان يشكو إسرائيل لدى مجلس الأمن بسبب القرار 1701