شبكة اخبار العراق:
2024-07-03@22:10:00 GMT

كوابيس الشعوب وكواليس السياسة

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

كوابيس الشعوب وكواليس السياسة

آخر تحديث: 31 يناير 2024 - 9:54 صبقلم:فاروق يوسف صار معروفا أن جزءا مما يقال علنا عن اللقاءات التي تجري في الخفاء لا يمت إلى الحقيقة بصلة. فما يقال داخل صالات مغلقة يظل حبيس تلك الصالات. وإن غضب رئيس حكومة على وزرائه فلا أحد يجرؤ على نقل الكلمات التي تفوه بها. أما التسريبات فلها شأن آخر. يسخر مسؤول من معارضيه بطريقة مشينة ليفاجأ بأن كل كلمة كان قد قالها وجدت طريقها إلى آذان الناس.

ولأن السياسيين هم من معدن مختلف عن معدن البشر فإنهم لا يضيقون ذرعا بما يحدث. لديهم قدرة استثنائية على التعايش مع الفضائح التي قد تسقطهم أو تجرهم إلى المحاكم بعض الأحيان. السياسة تعني بشكل أساس القيام بتصريف شؤون الشعب. ولكن الأمر مقلوب في العالم العربي. الشعب هو الذي يقوم بتصريف شؤونه بشكل روتيني. أما السياسيون فلهم مهمات أخرى لا تُرى، وليس من حق أحد أن يطلع عليها. وكل حديث عن الشفافية هو مقلب فيه الكثير من المزاح الثقيل. لا يجد السياسي العربي ضرورة في أن يعرف الشعب ما الذي يقوم به وما الذي يفعله كما لو أن حياته الشخصية قد استولت على كل المساحة التي يتحرك فيها. قليلة تلك الحالات التي قدم فيها سياسي عربي استقالته بسبب كارثة يقع جزء منها على مسؤوليته. تنهار بنايات وتتصادم قطارات وتقع حرائق في مبان عامة ويتم الإعلان عن عمليات سرقة للمال العام ولا يحمّل سياسي واحد نفسه المسؤولية. ما جرى عام 2020 في لبنان حين انفجر مرفأ بيروت ليدمر نصف المدينة التاريخي هو أكثر المواقف التي تدل على أن العلاقة بين السياسي ووظيفته إنما تقيم في مكان يقع خارج المسؤولية. يقول بول بريمر، إنه كان يهين أفراد الطبقة السياسية الذين اختارتهم الولايات المتحدة لحكم العراق أثناء سنته التي قضاها حاكما مدنيا في سلطة الاحتلال الأميركي. حين صدرت مذكرات بريمر لم يُكذب سياسي عراقي واحد ممن صاروا حكاما مطلقي السلطة سطرا واحدا من تلك المذكرات. كانوا يتلقون إهانات المندوب السامي الأميركي برضا ومن غير سخط. أولا لأنهم يدركون أن النعمة التي هبطت عليهم هي ثمن وضاعتهم وخيانتهم وتدني منسوب الإنسانية في نفوسهم. وثانيا لأنهم يعرفون أن بريمر ذاهب وهم باقون. لذلك قرروا أن يحنوا رؤوسهم للعاصفة في انتظار أن يقفوا يوما ما ليصرحوا من غير خجل بأنهم قاوموا المحتل الأميركي وأنهم هددوه بأن يزلزلوا الأرض تحت قدميه إن لم تغادر قواته. قال نوري المالكي ذلك في لقاء تلفزيوني. والمالكي هو الذي حكم العراق في ظل الحماية العسكرية الأميركية ولم يغادر الحكم إلا بعد هزيمة القوات العراقية في الموصل في معركة لم تقع ضد مئات من مقاتلي “داعش” الذين دخلوا من الحدود مع سوريا بأسلحة خفيفة وسيارات مدنية. غير أن الأهم أن المالكي نفسه هو الذي وقّع مع الأميركان اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي تسمح لهم ببناء قواعد عسكرية على الأراضي العراقية. ما الذي قاله المالكي للرئيس الأميركي جورج بوش قبل أن يسعى إلى أن يبعد حذائي منتظر الزيدي عن وجهه ليقنعه بالإبقاء على جزء من قواته وذلك من أجل حماية النظام؟ في مقابل ذلك الحدث التاريخي الذي لم تُعرف تفاصيله تكون كل تصريحات المالكي عن المقاومة مجرد هراء رخيص لا يمكن النظر إليه بطريقة جادة. وفي مكان آخر وإن كان متصلا يمكننا تخيل الصدمات التي تحدثها إسرائيل لو أنها كشفت عما قدمته لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” من خدمات لتتمكن تلك الحركة من فصل غزة عن فلسطين وإضعاف السلطة الفلسطينية. لن تقوم إسرائيل بذلك لأن الفضيحة ستضمها إلى جانب “حماس” طرفي تخادم ونزاع في الوقت نفسه. هناك أطراف عربية كانت لها يد في كل ما جرى تمهيدا للوصول إلى كابوس غزة الذي صار يُقلق العالم خوفا على حياة الأبرياء الذين صاروا ضحايا لما كان يجري في الكواليس.“ولكنه ضحك كالبكاء” قال المتنبي. ما جرى في كواليس السياسة وما يجري هو الأساس الذي تُقام عليه المعادلات السياسية في عالمنا العربي، وكلها معادلات كارثية. تضرب الفجائع فيها الشعوب فيما ينجو السياسيون كما لو أنهم لم يفعلوا شيئا. غير أن الأكثر مدعاة للضحك الذي يشبه البكاء أن تلك الشعوب المنكوبة لا يزال في إمكانها أن تصنع من سياسييها أبطالا. وليس لنا إلا العزاء.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

WSJ: كيف تحدت إيران أمريكا لتصبح قوة دولية؟

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعده سون إنجيل راسموسين ولورنس نورمان، قالا فيه إن إيران تحدت الولايات المتحدة لتصبح قوة دولية، ورغم عقود من الضغوط الغربية لا تزال طهران تمثل تهديدا على مصالح الولايات المتحدة، بسبب علاقاتها مع روسيا والصين.

وجاء في التقرير أن الفائز في انتخابات إيران الرئاسية سيرث انقساما داخليا واقتصادا أضعفته العقوبات الأمريكية المستمرة، لكنه سيرث أيضا مظاهر قوة، وهي أن لإيران تأثير متزايد على المسرح الدولي أكثر مما كان الحال قبل عقود.

ففي ظل المرشد الأعلى للجمهورية، أية الله علي خامنئي، أحبطت إيران عقودا من الضغوط الأمريكية وخرجت من سنوات العزلة عبر انحيازها لكل من الصين وروسيا، وفي الوقت نفسه زادت من مستوى المواجهة مع واشنطن. ولا يزال اقتصاد إيران ضعيفا إلا أن صفقات بيع النفط للصين والأسلحة لروسيا قدمت منافع مالية ودبلوماسية.

كما واستغلت إيران عقودا من الأخطاء الأمريكية في الشرق الأوسط والاختلافات الكبيرة في سياسات الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض.

وتعلق الصحيفة أن إيران تمثل اليوم تهديدا كبيرا على المصالح الأمريكية وحلفائها في الشرق الأوسط، أكثر من أي لحظة منذ الثورة الإسلامية عام 1979، مضيفة أن بصمات طهران العسكرية وصلت مرحلة أوسع وأعمق وأكثر من أي وقت مضى.

وأوضحت أن الجماعات المؤيدة لإيران نفذت هجمات على المنشآت النفطية السعودية، وشلت حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر، وتهيمن على السياسة في لبنان والعراق وسوريا، وشنت أكثر الهجمات دمارا على إسرائيل منذ إنشائها عندما قامت حماس بشن هجومها في تشرين الأول/أكتوبر، بل وشنت إيران أول هجوم مباشر على إسرائيل في نيسان/أبريل. وكذا لاحقت المعارضين لها في الدول الخارج، حسب مسؤولين غربيين.



وستظل تداعيات صفقات المسيرات لروسيا في حرب أوكرانيا وتوسع الجماعات الموالية لإيران في المنطقة وزيادة تطوير الملف النووي، قضايا ملحة، بعيدا عمن سيفوز في جولة الإعادة الرئاسية الإيرانية التي ستعقد في 5 تموز/يوليو أو نتائج الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر.

وتقول سوزان مالوني، مديرة برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز "في أكثر من ملمح، إيران قوية وأكثر تأثيرا وخطورة وأكثر تهديدا مما كانت عليه قبل 45 عاما"، إلا أن السياسة الخارجية جاءت بثمن باهظ وعلى حساب اقتصادها المتأخر عن جارتها في دول الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية، كما وخسر النظام الكثير من الدعم الذي دفعه للسلطة قبل عقود وأدى لتظاهرات واسعة عادة ما تواجه بقمع.

ويقول إريك بريرور، المدير السابق لمجلس الأمن القومي "في كل مرة تسنح فرصة لخامنئي الخروج من العزلة يزيد من قمعه".

وترى الصحيفة أن قوة إيران المتزايدة هي علامة عن فشل الغرب. ومنذ فشل جيمي كارتر في احتواء إيران، تحولت هذه إلى الحوت الأبيض الكبير لدى صناع السياسة الغربية. فلم تعد أداة الدبلوماسية لدى الغرب ولا العقوبات ناجعة لعزل طهران. فقد ردت الأخيرة بتعميق علاقاتها مع محور روسيا- الصين، بشكل عقد الدبلوماسية أكثر، حسب رأي المحللين. وفي خارج الشرق الأوسط ساعدت صناعة المسيرات الإيرانية روسيا في حربها بأوكرانيا.

ويقول سيد حسين موساويان، المسؤول السابق في السياسة الخارجية والباحث حاليا في جامعة برنستون إن العقوبات الغربية كلفت مليارات الدولارات و "لكن لأي هدف" و "إيران مؤثرة بشكل كبير في المنطقة وأكثر من أي وقت مضى، وسيطرت الصين على الاقتصاد الإيراني وأصبحت إيران قريبة من روسيا".

ولأكثر من عقدين ظلت السياسة الغربية من إيران متأرجحة، وحول الرؤساء الأمريكيون التوازن مرارا وتكرارا من الدبلوماسية إلى القوة، التواصل أو محاولة العزلة. وكمثال، عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان عام 2001 تلقت الدعم العسكري والاستخباراتي من إيران للإطاحة بنظام طالبان.

وبعد عدة أشهر صنف جورج دبليو بوش إيران ضمن محور الشر إلى جانب العراق وكوريا الشمالية. ومن جانبها تبنت إيران وخلال العقود الماضية استراتيجية "الدفاع المتقدم" لردع الهجمات من الأعداء وبناء شبكة من الجماعات المسلحة الموالية لها.



وساهمت السياسات الأمريكية، احيانا وبطريقة غير مقصودة بقوة إيران. ففي عام 2003، أطاحت بنظام صدام حسين حيث خلصت طهران من عدو لدود قريبا من حدودها. وأدى فشل واشنطن بتحقيق الاستقرار في عراق ما بعد الحرب إلى تقوية التأثير الإيراني.

وبعد التخلص من نظام طالبان في أفغانستان عام 2001 كانت القوة الأمريكية بالمنطقة ضاربة، إلا أن طهران وبعد أشهر من غزو العراق عام 2003 أوقفت كل عملها على تطوير ملفها النووي، ذلك أن مبرر إدارة بوش لغزو العراق هي مزاعم امتلاكه أسلحة دمار شامل. وبدأت كما يقول مسؤولون أمريكيون مفاوضات استمرت عشرين عاما بشأن ملفها النووي.

إلا أن غزو العراق كان حلقة في تراجع حظوظ الأمريكيين بشكل نفع إيران. فقد زاد تأثيرها السياسي العسكري، وبخاصة من خلال الجماعات الوكيلة عنها. كما أن الحرب المستعصية التي قتل فيها 4,500 جنديا أمريكا ومئات الألاف من العراقيين أدت لتحول موقف الرأي العام الأمريكي من الحرب في المنطقة.

ولم تحقق إيران بعد هدفها النهائي بإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، كما ولا تزال أمريكا هي عراب القوة الرئيسي في الشرق الأوسط. إلا أن إيران وجدت بتحالفها مع روسيا والصين قوتين تشتركان معها في هدف إضعاف القوة الأمريكية في العالم.

وبنت إيران نفوذها الإقليمي في وقت حافظت فيه على الخطوط الحمر وتجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة. وهذا راجع إلى أن القرارات المصيرية هي بيد مؤسسات غير منتخبة، ممثلة بمكتب المرشد خامنئي والحرس الثوري الذي يهمين على الاقتصاد والدفاع.

وتتولى الوحدات أو المقرات التي يديرها قائد سابق في الحرس الثوري، مهمة فرض الزي الإسلامي وهندسة انتخابات من بين عدة واجبات. وتهدف لتعبئة جماعاتها من أفراد المجتمع المدني وعددهم 4 ملايين شاب إيران لفرض السياسات الثقافية والأيديولوجية لرجال الدين، وبدون الرجوع إلى مؤسسات الحكومة المنتخبة.

ولكن السياسة الإيرانية تظل منقسمة بين المعسكر الإصلاحي المؤيد للتواصل مع الغرب والمعسكر المتشدد الذي يرى أن مصالح إيران هي بتحالف مع روسيا والصين. وبرز هذا الانقسام في الانتخابات الأخيرة، حيث ستكون جولة الإعادة بين الإصلاحي مسعود بزشكيان والمتشدد سعيد جليلي.

ويقدم المشروع النووي الإيراني صورة عن الطريقة التي تكيفت فيها طهران مع مواقف الإدارة الأمريكية المتناقضة، ففي عهد إدارة باراك أوباما وقعت طهران اتفاقية في 2015 للحد من نشاطاتها النووية مقابل رفع العقوبات، إلا أن المعارضون للاتفاق رأوا أنه لا ينهي الخطر النووي الإيراني، ولهذا دفعوا إدارة بايدن للخروج منه عام 2018.

وظهر التأثير الإيراني في سوريا التي دعمت فيها نظام بشار الأسد ضد التظاهرات السلمية. واستفادت من الثورة السورية لبناء ممر بري عبر العراق إلى سوريا ولبنان، استخدمته لنقل الأسلحة والجنود. وفي سوريا وثقت إيران علاقاتها مع روسيا التي سارعت لنجدة الأسد عام 2015. ونمت العلاقة أكثر أثناء الحرب الأوكرانية وصفقات المسيرات لروسيا.

مقالات مشابهة

  • محضر الفيدرالي: مسؤولو البنك أقروا بتراجع ضغوط الأسعار
  • الإعلان عن موعد لقاء بين بايدن ونتنياهو بواشنطن
  • وقفات في ذمار تنديداً باستمرار المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين
  • ذمار.. وقفات شعبية تنديداً باستمرار المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين
  • وقفات تضامنية في مدينة ذمار نصرة للشعب الفلسطيني
  • أمريكا وإسرائيل.. حكاية حبّ يجب أن تُروى.. في السياسة لا بدّ من الإيضاح
  • ما هي أسرار الناتو التي اكتشفتها روسيا في صاروخ ATACMS الذي استولت عليه؟
  • أيّ تأثير للانتخابات الفرنسيّة على لبنان؟
  • حلقة عمل حول دليل إعداد السياسات العامة لمختلف الجهات والهيئات الحكومية
  • WSJ: كيف تحدت إيران أمريكا لتصبح قوة دولية؟