هل سيدخل حزب الله في حرب شاملة؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
منذ عملية "طوفان الأقصى" وبدء إسرائيل بحرب إبادة لفلسطينيي قطاع غزة تمهيدًا لتهجيرهم منه بعدما أصبح أرضًا محروقة من المستحيل أن يعيش فيها الانسان، لا يزال العالم يعيش حالًا من الترقب عمّا سيكون عليه الموقف النهائي لطهران مما يتعرّض له القطاع من مجازر يومية، وكيف يمكنها أن تستثمر ما راكمته على مدى سنوات طويلة من أسلحة صاروخية متطورة في ترسانة "حزب الله"، الذي بدأ منذ أسبوع تقريبًا تغيير استراتيجيته القتالية على طول الخطّ الأزرق، وذلك بإدخاله إلى ساحة القتال أنواعًا جديدة من الصواريخ، التي لم يسبق له أن استخدمها، والتي تُعرف بمدى دقتها في إصابة الأهداف المباشرة.
والسؤال الذي طرحه أكثر من مراقب دولي عندما اغتالت إسرائيل خمسة من القادة الإيرانيين العاملين في سوريا في غارة استهدفت منطقة المزة في دمشق: هل ستردّ طهران على هذا العدوان في المكان والزمان المناسبين بما يتناسب وحجم الخسارة، التي لحقت بها، وكيف سترّد وبأي طريقة؟
الخبراء الاستراتيجيون يؤكدون أن قرار طهران بخوض أي حرب شاملة وواسعة لم يُتخذ بعد، وهي تحاول إبعاد هذه الكأس عنها بالمباشر قدر الإمكان، ولكنها لا تألو جهدًا بالتوازي عن تحريك وكلائها في المنطقة على امتداد الجبهة العربية من اليمن حتى غزة، مستفيدة مما أحدثته من وقائع جديدة لدى الحوثيين و"حزب الله" و"الحشد الشعبي" في العراق وحركة "حماس" في فلسطين. فحربها مع إسرائيل لن تكون بالمباشر، ولو أرادت خوضها بالفعل لكانت فعلت منذ اليوم الأول، الذي تلى عملية "طوفان الأقصى"، تمامًا كما فعل "حزب الله"، وكما يفعل الحوثيون، الذين عطّلوا الملاحة التجارية العالمية في البحر الأحمر، وكما يفعل المجاهدون في العراق وسوريا ضد القواعد الأميركية.
ومع أن "حزب الله" الذي أدخل الجنوب في حرب لا تزال مفاعيلها محدودة على المستوى اللبناني العام لا يزال في موقع لا يسمح له بالانجرار في حرب شاملة تريدها إسرائيل اليوم قبل الغد، وذلك لأسباب كثيرة، ومن بينها وضعية نتنياهو المهتزّة داخليًا، والمأزومة خارجيًا بعد تنامي الحركات العالمية المناهضة لحربه ضد غزة وأهاليها.
وانطلاقًا من معادلة أن قرار السلم في أيدي اللبنانيين بينما قرار الحرب هو بيد إسرائيل وحدها فإن انتقال "حزب الله" إلى مرحلة خوض حرب "كسر عظم" مع إسرائيل تبدو ظروفها الدولية والإقليمية والمحلية اللبنانية غير مؤهلة وغير ملائمة، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن يستتبع ذلك من انعكاسات خطيرة قد تقلب وضعية موازين القوى الحالية رأسًا على عقب، مع ما يشهده الداخل اللبناني من حركة اعتراضية على أي عمل قد يقدم عليه "حزب الله" من دون أخذه في الحسبان ما يمكن أن تكون عليه نتائج أي خطوة غير مدروسة وغير محسوبة ردود الفعل عليها.
المقرّبون من "حارة حريك" يؤكدون أن أي عمل يقوم به "حزب الله" في الجنوب يبقى هدفه الأول والأخير مساندة أهل غزة ومحاولة التخفيف مما يتعرّض له القطاع من ضغط عسكري، وهو ليس في وارد السماح لإسرائيل بجرّه إلى حرب شاملة وواسعة، وأن التعامل مع استفزازات تل أبيب اليومية يتمّ بما يتناسب مع الهدف الرئيسي، الذي على أساسه دخل في حرب "الردّ على الردّ"، من ضمن معادلة "قذيفة مقابل قذيفة" و"عملية مقابل عدوان" و"استهداف مدنيين ردّا على استهداف مدنيين لبنانيين". أمّا أن يكون لإسرائيل غايات وأهداف مغايرة لما هو واقع الحال فإن لا أحد يشكّ في ما تسعى إليه، سواء في قطاع غزة ولاحقًا في الضفة الغربية أو في لبنان، وهي لم تكن في السابق بحاجة إلى أي ذريعة لاعتداءاتها المتكررة، ولن تلجأ اليوم إليها.
وعلى وقع قرع طبول الحرب، وقد تكون ثالثة عالميًا هذه المرّة، انطلاقًا من الجنوب وليس من أي مكان آخر، فإن الحاجة اليوم إلى انتخاب رئيس للجمهورية هو أكثر من ضروري على خلفية ما يمكن أن تطرحه "اللجنة الخماسية" من حلول وسطية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حرب شاملة حزب الله فی حرب
إقرأ أيضاً:
القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس
بدأت اليوم الثلاثاء في باريس محاكمة السوري مجدي نعمة المقاتل السابق في صفوف "جيش الإسلام" حيث يواجه تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في ضواحي دمشق.
ويدحض نعمة البالغ من العمر 36 عاما التهم الموجّهة إليه، مشدّدا على "الدور المحدود" الذي اضطلع به في إطار هذه الجماعة التي حاربت النظام السوري وكانت تدعو إلى تطبيق للشريعة الإسلامية.
وُضع نعمة في الحبس الاحتياطي منذ يناير/كانون الثاني 2020، ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن 20 عاما.
وإلى جانب تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والمساعدة في التخطيط لها، يشتبه في أن المقاتل السوري ساعد على تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف "أشبال الإسلام" وتدريبهم على العمل المسلح.
وقد رفض رئيس محكمة الجنايات جان-مارك لافيرن أن يتكلم المتهم بالإنجليزية، طالبا أن يستخدم لغته الأم العربية.
وقد تجاهل مجدي نعمة هذه التوجيهات. وعندما طُلب منه التعريف عن نفسه، ردّ بالإنجليزية. وقال "لا أدلة إطلاقا على الأفعال المنسوبة لي"، مؤكّدا أن هذه القضية "سياسية بحتة".
الانشقاق والغوطة وتركياوهذه ثاني محاكمة تقام في فرنسا على خلفية جرائم مرتكبة في سوريا، بعد محاكمة أولى جرت في مايو/أيار 2024 في غياب المتّهمين وهم مسؤولون رفيعو المستوى في النظام السوري أدينوا بتهمة ضلوعهم في الاختفاء القسري لفرنسيَّيْن من أصل سوري ومقتلهما.
إعلانأما مجدي نعمة، فقد انشقّ عن الجيش السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لينضم إلى زهران علوش مؤسس وقائد "لواء الإسلام" الذي أصبح "جيش الإسلام" عام 2013.
وسيطرت هذه الجماعة على الغوطة الشرقية شمال شرق دمشق في عام 2011 "ويشتبه في ارتكابها جرائم حرب خصوصا في حقّ المدنيين".
وكان المتهم القريب من زعيم الجماعة اتخذ من إسلام علوش اسما حركيا. وأكد للمحققين أنه غادر الغوطة الشرقية نهاية مايو/أيار 2013 إلى تركيا حيث كان المتحدث باسم "جيش الإسلام"، مما يثبت أنه لم يكن بإمكانه ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. ويزعم أنه ترك الجماعة عام 2016.
وفي نوفمبر/تشرين 2019 وصل إلى فرنسا كطالب لمتابعة دراسته في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس مارسيليا (جنوب شرق).
وأوقِف مجدي نعمة في يناير/كانون الثاني 2020 بعد بضعة أشهر من تقديم شكوى في فرنسا ضدّ "جيش الإسلام"، ووجَّه إليه قاض تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والتخطيط لها.
اختفاء قسريوأحيل لاحقا على محكمة الجنايات بتهمة التواطؤ في حالات الاختفاء القسري. واتهم كعضو في "جيش الإسلام" بخطف 4 نشطاء في مجال حقوق الإنسان بينهم المحامية والصحفية السورية رزان زيتونة. ولم يعثر على هؤلاء إلى اليوم.
لكن محكمة استئناف باريس ألغت هذه الملاحقات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لأسباب إجرائية، رغم أنها أكدت في حكمها أنه "يجب اعتبار جيش الإسلام مسؤولا عن اختفاء" الناشطين الأربعة. ثم ثبّتت محكمة التمييز، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، هذا الحكم.
وكان فريق الدفاع عن مجدي نعمة قد طعن خلال التحقيق في مبدأ الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي الذي يسمح له بمحاكمة أجنبي بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب في الخارج ضدّ أجانب، لكن محكمة التمييز ردت الطعن.
وقبل انطلاق المحاكمة، أشار وكيلا الدفاع عن نعمة إلى أن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 يفتح آفاقا جديدة ويثير "مسألة شرعية" هذه المحاكمة.
إعلانوبالنسبة إلى مارك بايي، المحامي المكلّف بالدفاع عن عدّة أطراف مدنية في هذه القضية، فيعتبر أنه "في الوضع الحالي من المستحيل إجراء محاكمة على خلفية هذه الجرائم في سوريا".
ومن المتوقع أن يصدر الحكم في 27 مايو/أيار المقبل.