"80 شكسبير" يعيشون في ChatGPT
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
هل يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي يمكن مقارنته بالدماغ البشري؟ وهل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من التفوق على الذكاء البشري في المستقبل؟
بحسب الأكاديمي الروسي إيغور كالييف، فإن برنامج الدردشة الآلي لا يختلف بشكل أساسي عن نظام الاتصال السريع الشهير T9 الموجود في الهاتف المحمول. واستنادا إلى الحروف الأولى، فإنه يخمن كلمة تريد كتابتها ويقدم خيارات جاهزة من القاموس.
ويقول إيغور كالييف: "لقد بدأت القصة في عام 2019، عندما قدمت شركة Open AI نظام GPT-2، وهو نظام يستخدم التعلم الآلي لإنشاء النصوص. فماذا فعلوا؟ لقد استخدموا خدمة Reddit عبر الإنترنت، وقاموا بتنزيل جميع الرسائل التي حصلت على أكثر من ثلاثة إعجابات (لايك) من هناك، وقاموا بتحميلها على الشبكة العصبية. وكان هناك 8 ملايين من هذه الرسائل، وكان الحجم الإجمالي 40 غيغابايت".
إقرأ المزيد الإعلان عن نسخ مطوّرة من برمجيات الذكاء الاصطناعي "GPT-4"وعلى سبيل المقارنة، فإن حجم جميع أعمال شكسبير يشغل مساحة 5 ميغا بايت (أي بمقدار 8 آلاف مرة أقل). وفي الوقت نفسه، احتوى نموذج GPT-2 على 1.5 مليار صفة، وكلما زاد عدد المواصفات التي تم تدريب النموذج عليها، أصبح "أكثر ذكاء".
لكن الظاهرة المبهرة حدثت عند الانتقال إلى GPT-3 حيث ازداد حجم النصوص التدريبية بمقدار 10 أضعاف، أي حتى 420 غيغابايت. وتم توسيع عدد صفات النموذج إلى 175 مليارا. وكما يقول المطورون: "في مكان ما عند مطلع 13 مليار صفة حدثت قفزة نوعية، وبدأ النظام فجأة في حل المشكلات التي لم يتم تدريبه عليها. وكانت هذه أبسط المهام، لكن هذا الأمر يدل على ظهور بدايات الذكاء الاصطناعي القوي، حيث كان للآلة القدرة على اكتساب وإنشاء معرفة جديدة. وحتى الآن، تم تطوير هذه الجودة في الذكاء الاصطناعي على مستوى الطفل.
ولكن ماذا سيحدث غدا أو بعد غد؟ هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من التفوق على الذكاء البشري في المستقبل؟
تصنيع نظير "حديدي" للدماغ سيحتاج إلى طاقة محطة كهرومائية واحدة
قال الأكاديمي إيغور كالييف: "أنا لا أؤمن بذلك"، وشرح سبب عدم إيمانه بقدرة الذكاء الاصطناعي على التفوق على الذكاء البشري مضيفا: " في بداية عام 2018، حاولت الصين محاكاة عمل الدماغ البشري على الكمبيوتر العملاق Sunway Taihulight، وكان آنذاك أسرع كمبيوتر خارق في العالم. واستغرق الأمر 4 دقائق من وقت الكمبيوتر لإعادة إنتاج ثانية واحدة من نشاط الدماغ البشري في 1% من الدماغ. إذا قمنا بتوسيع هذا الوضع إلى 100% من الدماغ البشري، فسنحتاج إلى حاسوب عملاق بأداء أكبر بثلاثة أضعاف مما هو موجود حاليا".
ومن الناحية النظرية، يمكن أن يظهر مثل هذا الحاسوب بحلول عام 2030. وإذا تم تطويره على أساس التقنيات الحالية، فسيكون هذا الكمبيوتر العملاق بحجم مبنى مكوّن من 17 طابقا بأساس يعادل 300 × 300 متر. وسوف يستهلك 1.63 غيغاوات من الكهرباء، وهو ما يعادل تقريبا إنتاج محطة طاقة كهرومائية متوسطة. وعلى سبيل المقارنة فإن دماغ الإنسان يستهلك 20 واطا من الطاقة ويشغل حجما قدره 1300 سم مكعب".
وبطبيعة الحال، فإن التكنولوجيا تتحسن وتتطور باستمرار، ولكن هنا طريق مسدود. وحسب الأكاديمي الروسي لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل بدون أجهزة كمبيوتر عملاقة، لأنه من الممكن تدريب الشبكات العصبية والعمل مع كميات كبيرة من المعلومات وأحجام نصوص التدريب بمساعدة هذه الآلات المعجزة فقط. وعلى سبيل المثال، تم تطوير Gpt-4 بالفعل على أساس الكمبيوتر العملاق Azure AI الذي تم إنشاؤه خصيصا لذلك، وإنه يحتوي على 285 ألف معالج ويبلغ أداءه 30 بيتافلوب. لكن الحقيقة تكمن في أننا وصلنا بالفعل إلى الحد المادي لأداء أجهزة الكمبيوتر العملاقة الحديثة المصنوعة من السيليكون.
ووصلت المعايير التكنولوجية الحديثة لإنشاء الدوائر الدقيقة إلى 3-5 نانومتر، والمسافة بين ذرات السيليكون هي 0.6 نانومتر فقط. هذا هو الحد الذي لا يمكننا تجاوزه. وبالإضافة إلى ذلك تتمتع أجهزة الكمبيوتر العملاقة بأداء عال في فئة ضيقة جدا من المهام، ولا تؤدي الزيادة في عدد المعالجات فقط إلى زيادة الأداء بل على العكس من ذلك، فإنها تبدأ في الانخفاض، لأن معظم الوقت يتم إنفاقه على تنظيم العمليات الحسابية بدلا من العمليات المفيدة.
وبالطبع، فإن العلم لا يقف ساكنا، وهناك العديد من الأساليب الواعدة، ويتم تطوير أحدها داخل المركز الوطني الروسي للفيزياء والرياضيات. وتولى الأكاديمي كاليايف الإشراف على قسم أجهزة الكمبيوتر العملاقة والذكاء الاصطناعي هناك. وتعود الفرص الجديدة في هذا المجال إلى إنشاء مسرّعات الفوتون. وأظهرت الدراسات النظرية أن استخدامها يمكن أن يزيد من سرعة التعلم الآلي بمقدار ثلاثة أضعاف.
ولكن يبدو أن الذكاء الاصطناعي لن يتمكن أبدا من المقارنة بالدماغ البشري.
المصدر: كومسومولسكايا برافدا
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: تكنولوجيا روبوت مشروع جديد الذکاء الاصطناعی الدماغ البشری
إقرأ أيضاً:
أبو الغيط: الاحتلال وظف تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشريرة في حربه على غزة
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن عدداً كبيراً من الدول العربية يسعى وبقوة لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ومواكبة تطورات ومتطلبات العصر الحديث في هذا المجال المهم، واستغلال الطاقات والفرص الكامنة لديها، حيث أطلقت العديد من الدول العربية مبادرات لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات الحيوية.
وقال أبو الغيط إنه يتابع التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة على صعيد ما يُعرف بـ "النماذج اللغوية الكبيرة"، والذكاء التوليدي، وقد صار المشهد أقرب إلى "سباق التسلح" بين القوى الكبرى في ابتداع منظومات وتطبيقات جديدة لهذه التكنولوجيا الخطيرة، بكفاءة وإمكانيات أكبر وتكلفة أقل، وقد رأينا مؤخراً كيف أدى ظهور تطبيق صيني جديد في مجال الذكاء الاصطناعي إلى هزة مفاجئة في الأسواق ولدى الشركات التكنولوجية الكبرى.
جاء ذلك خلال أعمال دائرة الحوار العربي للذكاء الاصطناعي التي نظمتها جامعة الدول العربية تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية" برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وبحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومحمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، والدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
وأضاف أن هذه المنافسة الضاربة سوف تزداد حدتها في المرحلة القادمة، فلا أحد يمكنه تحمل تكلفة التخلف في هذا المضمار، لا سيما وأن له انعكاسات عسكرية مباشرة، وثمة تخوفات واضحة لدى الكثير من الأوساط من تأثير هذه المنافسة على القواعد والقيم الإنسانية والاعتبارات الأخلاقية، وما يمكن أن تفضي إليه من نتائج كارثية على البشرية.
وتطرق الأمين العام للجامعة العربية إلى ما أسماه "التطبيقات الشريرة" التي تم استخدمها ووظفها الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الوحشية على غزة، كان من شأنها -كما رأينا- مضاعفة الخسائر بين المدنيين، وارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين.
وأوضح أنه “في الوقت الذي نُدين هذه الجوانب غير الأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ونحذر من مخاطرها على مستقبل الإنسانية، إن أُطلقت يد المنافسة والسوق بلا أي ضابط أو كابح فأننا نشدد في نفس الوقت على ما تتيحه من إمكانيات غير مسبوقة للنمو والازدهار البشري، وإيجاد التوازن المناسب بين المخاطر المحتملة والمنافع المنتظرة هو سؤال كبير في عصرنا الراهن، ويتعين أن ينشغل العقل العربي بهذا السؤال، وأن يكون له إسهام واضح في محاولة الإجابة عنه”.
وشدد على أنه لا يجب أن تتأخر المنطقة العربية عن ملاحقة ومواكبة هذا التطور المهم، ويتعين أن يكون علماؤنا وسياسيونا ومفكرونا مواكبين لكل ما يدور بشأن الذكاء الاصطناعي في العالم، خاصة أنه ملف سيشمل جميع جوانب الحياة بلا استثناء، حيث ستعيد هذه التكنولوجيا ذات الأغراض العامة، تشكيل الطريقة التي نعمل ونتفاعل ونعيش بها بشكل يدفع نمط الحياة إلى التغيُّر بوتيرة لم نشهدها منذ انتشار استخدام المطبعة قبل ستة قرون مضت.