عربي21:
2024-11-08@07:27:42 GMT

إعادة الاعتبار للقانون الدولي قبل فوات الأوان

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

قد يخفّف قرار محكمة العدل الدولية إلى حد ما من الشعور العام بالظلم الفادح المسلط على الفلسطينيين في غزة بعد زهاء الأربعة أشهر من الجحيم، وربما يكون من المأمول كذلك أن يخفّف، ولو نسبيا، من عمى الألوان الذي أصاب معظم القوى الغربية التي تدافعت لتأييد العدوان الإسرائيلي بعد ما حدث في السابع من أكتوبر الماضي متجاهلة عن عمد السياق الذي جاء فيه.



ومع ذلك، فإن ما استقر من قناعات لدى الرأي العام الفلسطيني والعربي، وكذلك جزء من الرأي العالمي المتفهّم والمتعاطف، من الصعب أن يزول بسهولة بمجرد قرار محكمة لاهاي، على أهميته وتاريخيته، وهو الذي تنتظره تحديات كثيرة لتطبيقه خاصة وأنه لم ينص عن وقف لإطلاق النار وإن كان من المفترض أن يقود الانصياع الإسرائيلي له ضمنيا إلى ذلك.

لا أمل على الإطلاق في نصرة الحكومات العربية للفلسطينيين، بل بات المطلوب أن يكفوا أذاهم عنهم لا أكثر،يمكن إيجاز هذا القناعات في ثلاثة مستويات:
لا أمل على الإطلاق في أن تفهم الحكومات الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وحشية العدوان على الفلسطينيين مع أنه جلي وصارخ، فموالاة إسرائيل وتبرير ممارساتها والتعامي الدائم على جرائمها بات مستفزا وصارخا لدى هذه الحكومات، ولدى النخب السياسية والإعلامية هناك، ما قاد في النهاية إلى إيمان بأن مجمل هذه الأطراف، عدا استثناءات قليلة، إنما هي ملّة واحدة منافقة وساقطة أخلاقيا، الشيء الذي أيقظ إلى حد كبير رؤية «الفسطاطين» التي روّجت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 وما تلاها، مع عودة قوية للبعد الديني في متابعة كل ما جرى ويجري.

لا أمل على الإطلاق في نصرة الحكومات العربية للفلسطينيين، بل بات المطلوب أن يكفوا أذاهم عنهم لا أكثر، فهذه الحكومات توزّعت ـ في نظر أغلب الشارع العربي ـ بين مطبّع مع إسرائيل لم تعد تعنيه القضية في شيء وليس مستعدا حتى لسحب سفير ناهيك عن قطع العلاقات، وبين مساهم أصلا في الحصار الخانق على غزة بدواع اختلط فيها الوجيه بالمفتعل، وبين تأييد حنجري لم تعد له أية مصداقية حتى صار مبتذلا وثقيل الظل. ولم تشذ عن كل ذلك سوى أطراف «غير رسمية» بغض النظر عن دوافعها وحساباتها، كالحوثيين في اليمن، وهم يربكون الملاحة الدولية حتى يتوقف العدوان عن غزة ويغاث أهلها، أو حزب الله اللبناني ضد الإسرائيليين أو بعض الفصائل في العراق أو سوريا.

لا أمل على الإطلاق في خيار التسوية والحل السلمي للقضية الفلسطينية وأن الاحتلال لا يرتدع ولا يفهم سوى لغة القوة، ومن هنا جاء هذا التأييد القوي للمقاومة المسلحة في غزة والإعجاب الجارف بأدائها. وما يزيد من ترسّخ هذه القناعة أن ما تتعرض له الضفة الغربية من اقتحامات واعتقالات وقتل وهدم بيوت وتجريف شوارع وقطع أشجار، مع عربدة المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، يتم رغم كل الاتفاقات الموقعة التي لم تراع إسرائيل أيا منها أقله احترام مناطق السلطة الفلسطينية المعروفة بمناطق (أ) والتي لم تعد لها أي اعتبار، ما أعاد عمليا كل الضفة إلى أرض محتلة بالكامل.


مثل هذه القناعات الواسعة الانتشار حاليا في الشارع العربي، بغض النظر عن مدى اتفاق الجميع بشأنها، لا يجوز التعامل معها بخفة أو سوء تقدير لأن لكل منها تداعياته المستقبلية القريبة والبعيدة، فقناعة «الفسطاطين» أصابت في مقتل أي احترام للغرب والقيم التي يتشدّق بها وزادت من شعور العرب والمسلمين، بمن فيهم المقيمون في الغرب، بالمظلومية التي تستدعي القطع الكامل معه، ولكل ذلك تكلفته الثقافية بل وحتى الأمنية التي يجب عدم استبعادها. أما «رمي طوبة» الحكومات العربية نهائيا فطبيعي ألا يؤدي سوى إلى زيادة الاحتقان ضدها فهي، في نظر من نفض اليد منها بالكامل، حكومات ليست فقط «متخاذلة أو متواطئة أو متآمرة» ضد الفلسطينيين، وإنما هي أيضا ضد مواطنيها أنفسهم في لقمة عيشهم وحريتهم وكرامتهم ما يغذي نوازع التمرد عليها. أما الكفر بخيار التسوية فقد يؤدي مستقبلا إلى إعاقة أي توجه تفاوضي قد يصل اليه الصراع مع الاحتلال في أي مرحلة من المراحل، ومهما كانت صيغته ومرجعيته، حتى وإن ذهبت إليه حركة «حماس» وفصائل المقاومة الأخرى في لحظة من اللحظات.

وإذا ما أراد العالم ألا تترسخ أكثر هذه القناعات وألا تزداد الهوة اتساعا بين الغرب والعرب والمسلمين عموما، فلا بد من إعادة الاعتبار إلى القانون الدولي والشرعية الدولية التي ارتضاها الجميع حكما لإدارة هذا العالم وسلاح الضعفاء فيه بالخصوص، لا بد من فرض قوة القانون بديل قانون القوة الذي جعل إسرائيل «دولة بلطجية» فوق المحاسبة يُبرّر لها الأقوياء كل ما تقترفه.

من هنا قد يكون قرار محكمة العدل الدولية بداية يمكن البناء عليها لإعادة الاعتبار للقانون الدولي وإلزام إسرائيل بمقتضياته، التي لم تحترمها أبدا، أما إذا بقيت الأمور على حالها (مسارعة دول غربية لوقف تمويل «الأونروا» مؤشر هام في هذا الاتجاه للأسف) فالقناعات السابقة ستزداد رسوخا وحدة حتى تنفجر في وجوه الجميع.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين غزة الغربية الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال الغرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

معاريف: آن الأوان لترجمة الإنجازات على أرض الواقع وإنهاء حرب غزة

قالت صحيفة "معاريف" العبرية، صباح اليوم الخميس 7 نوفمبر 2024، إنه "ان الاوان كي نترجم الانجازات العسكرية على ارض الواقع وانهاء الحرب في الجبهة الجنوبية (قطاع غزة )".

جاء ذلك في مقال نشرته للصحفي الإسرائيلي "يوسي هدار"، يتحدث فيه عن جملة من العوامل والاسباب التي تدفع اسرائيل الى اتخاذ سلسلة من الخطوات بعد ان تحقق الانجازات العسكرية في الحرب في قطاع غزة بضمنها اعادة المختطفين الى ديارهم، لكن الكاتب يرى ان الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو لا تعمل شيئا سوى ضمان بقائها في السلطة.

وأوضح أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفتقر لرؤية سياسية واستراتيجة، فهو لا يبادر لاي شيء نهائيا، والأنكى من ذلك ليست لديه اية مسؤولية وقيم".

وأضاف ان "نتنياهو لديه استراتجية واحدة فقط تنصب حول ضمان بقائه في السلطة مهما كلف الثمن، ويتبع اسلوبا من خلاله يقوم بإهدار الوقت وعدم فعل اي شيء باستثناء الاعتناء والاهتمام بسلامة الائتلاف الحكومي، ولا يمكن ادارة شؤون دولة باسلوب كهذا ".

وأكد أنه "يجب التوصل الى تسوية بشأن قطاع غزة وضمان ان تكون الغلبة لاسرائيل ويدها هي العليا واعادة المختطفين على الرغم من اعادة المختطفين ستكلفنا ثمنا باهظا".

وأشار إلى أنه "ينبغي انهاء الحرب في غزة ومن ثم تشكيل لجنة تحقيق رسمية لتقصي الحقائق ومعرفة مواطن الفشل واوجه التقصير في الجيش ولدى المستوى السياسي".

المصدر : وكالة سوا - هيئة البث الإسرائيلية مكان

مقالات مشابهة

  • قوانين الكنيست جرائم حرب مكتملة الأركان وانتهاك صارخ للقانون الدولي
  • معاريف: آن الأوان لترجمة الإنجازات على أرض الواقع وإنهاء حرب غزة
  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • بعد إنهاء إسرائيل الاتفاق مع الأونروا| محلل سياسي: تحدٍّ سافر للقانون الدولي.. واستخفاف بالأمم المتحدة
  • نعيم قاسم: الميدان هو الذي سيوقف العدوان وصواريخنا ستصل لكل إسرائيل
  • رئيس الوزراء: مديرة صندوق النقد الدولي أكدت تفهمها لحجم التحديات التي تواجهها مصر
  • افتتاح معرض الفن المستدام على هامش المنتدى الحضري الدولي بمركز المؤتمرات
  • مجلة طبية تهاجم الاحتلال: منع الولادات داخل غزة انتهاك للقانون الدولي
  • الصرامي: هل عاد النصر قبل فوات الأوان .. فيديو
  • السفيرة نميرة نجم رئيسًا فخريًا للجمعية الأفريقية للقانون الدولي