"كازينوهات وكحول وتبغ" تعويضا عن الإبادة!
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
تعرض سكان أمريكا الشمالية الأصليون لعمليات إبادة منهجية وجدت تجليها في أمر صدر من السلطات الامريكية لهم في 31 يناير عام 1876 بالانتقال إلى "المحميات".
إقرأ المزيد
عملية الإبعاد هذه إلى ما يصفها زعماء الهنود الحمر بمعسكرات الاعتقال، كانت أطرت في عام 1830 بقانون أقره الكونغرس لإعادة توطين الهنود الحمر في أراضي لا قيمة لها خارج نهر المسسبي، وكان أحد الأسباب لذلك، توفير الظروف المناسبة لاستخراج الذهب الذي كان اكتشف في الولايات المتحدة.
في البداية استمرت تلك الإقامة للإجبارية للهنود الحمر في المحميات إلى أن احتاج المستوطنون الأوروبيون إلى التوسع أكثر ولا سيما المزارعون منهم والصيادون والعاملون في مجال التعدين ومد البنى التحيتة ابعد.
السلطات الفيدرالية الأمريكية أجبرت الهنود الحمر على توقيع عقود تم بموجبها إرسالهم إلى محميات خاصة، وكان يحق لهم الحصول على تعويض سنوي، إلا أن الأرض سُحبت من تحتهم ولم يتم دفع المال لهم. فجر ذلك الموقف المهين غضب الهند وأثار مقاومتهم، وحاول هؤلاء اليائسون الدفاع عن حقوقهم المسلوبة.
المستوطنون الأوربيون أداروا الحرب ضد السكان الأصليين بمهارة، فشجعوا الاقتتال بين قبائلهم، واستمالوا بعضها لتقاتل إلى جانبهم ضد أبناء جلدتهم من القبائل الهندية الأخرى.
علاوة على ذلك، لم يستطع الهنود أصحاب التسليح البدائي البسيطة منافسة الوحدات العسكرية الأمريكية المدربة والمسلحة جيدا، ولذلك أدى ذلك الصراع غير المتكافئ إلى إبادة الهنود الحمر عمليا بحلول عام 1880.
الأعداد القليلة نسبيا التي بقيت من السكان الأصليين لم يعودوا يملكون من بين الأراضي الشاسعة التي تزيد عن 19 مليون فدان، إلا نقاط من المحميات في مناطق مهجورة لا توجد بها مقومات مناسبة للحياة.
خطط إبادة الهنود الحمر بدأت في وقت مبكر بإبادة الأمريكيين الوافدين لـ 75 مليون من ثيران "البيسون" التي كانت تعد المصدر الرئيس لمعيشة السكان الأصليين، وبعد تمرير قانون إعادة توطين الهنود في المحميات، فقدت جميع قبائل الهنود الحمر أراضي أسلافهم وأجبرت على العيش في محميات تقع في مناطق صحراوية وجبلية بعيدة عن مصادر المياه، وما كان أي هندي ليجرؤ على مغادرة المحمية التي حشر فيها من دون إذن السلطات الأمريكية. السكان الاصليون أصبحوا غرباء في أرض أجدادهم.
اللافت أن الهنود الحمر لم يكونوا جميعا يحملون الجنسية الأمريكية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. حتى أولئك الذين خدموا عمليا في الجيش الأمريكي من السكان الأصليين لم يحصلوا إلا في عام 1919 على الحق في أن يصبحوا مواطنين أمريكيين بشكل رسمي. لم يكن هذا الحق "الطبيعي" لجميع الهنود الحمر متاحا إلا في عام 1924، ومع ذلك ظلت الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المحميات الهندية بائسة للغاية، وهي تعد حتى الآن أكثر المناطق تخلفا في جميع الميادين في الولايات المتحدة.
عدد من المنظمات والمؤرخين في أوساط السكان الأصليين في الولايات المتحدة يقولون إن عدد الهنود الحمر انخفض بين عامي 1500 - 1900 من 15 مليون إلى 237 ألف شخص، فيما انتزعت الولايات المتحدة منذ عام 1776، من السكان الأصليين حوالي 600 مليون هكتار من الأراضي.
التقارير تذكر أن حوالي خمسة ملايين من السكان الأصليين يعيشون في الوقت الحالي في الولايات المتحدة، أي ما نسبته 1.6 في المائة من مجمل سكان البلاد.
السلطات الأمريكية تتحدث عن جهود تبذلها للرفع من مستوى معيشة الهنود الحمر وتعويض القبائل المتضررة، ومنح امتيازات اقتصادية لها.
السكان الأصليون في هذا السياق، حصلوا في عام 1990 على الحق في إقامة كازينوهات للقمار داخل "المحميات"، ويعتقد أن ذلك "ساعد بشكل كبير على رفاهيتهم"، فيما تعود تجارة الكحول والتبغ التي سمح لسكان المحميات بمزاولتها من دون دفع ضرائب، بعائدات عليهم. لكن على الرغم من كل ذلك يعيش ربع أسر الهنود الحمر تحت خط الفقر.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف فی الولایات المتحدة من السکان الأصلیین الهنود الحمر فی عام
إقرأ أيضاً:
غزة.. ملحمة صمود في وجه الإبادة
لم يكن الرابع عشر من أيار يومًا عاديًا في تاريخ غزة، بل كان أشبه بنيزك هوى على قلب فلسطين، ولا يزال أثره غائرًا حتى يومنا هذا. فمنذ ما يقارب سبعة وسبعين عامًا، أقدمت عصابات من الصهاينة الغزاة على طرد شعب من أرضه وتهجيره قسرًا، تنفيذًا لوعد بلفور المشؤوم، الذي كان جزءًا من مخططاتهم الإجرامية القائمة على القمع والتهجير والتعسف، وإعطاء فلسطين لليهود، برعاية الإمبراطورية البريطانية آنذاك، ومع وطأة الظلم، ونير الاقتتال، وتجاوزات العدو، أقسم أبناء هذه الأرض ألا يحيدوا عن درب النضال، وأن يفنوا ما تبقى من عمرهم في سبيل كرامة الوطن.
في السابع من أكتوبر المجيد لعام 2023، انقدحت شرارة طوفان الأقصى معلنة فجرًا جديدًا من المقاومة وكاشفة زيف المواقف العربية المتوارية خلف قرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي الساعية لترسيخ دعائم المشروع الاستيطاني الصهيوني في غزة وطمس معالم القضية الفلسطينية إلى الأبد. كل ذلك يجري وفق خطط صهيونية خبيثة بدأها ترامب وأكملها بايدن مستغلين عوامل التطبيع والدعم المشبوه لتحقيق مصالح شخصية بثمن بخس.
مع غمرة طوفان السابع من أكتوبر، سطرت الكتائب في غزة ملاحم بطولية، ونفذت عمليات عسكرية محكمة، أرعبت قادة الكيان، وشلت قوى دفاعاتهم في مواقع عدة، واستولت على قواعدهم العسكرية، لتتوج ذلك بالسيطرة على بعض مستوطناتهم لفترة وجيزة، كان هذا المشهد زلزالًا مدويًا للكيان المتغطرس، الذي لم يتخيل يومًا أن يتحول الصياد إلى طريدة، وأن شجرة الزيتون المباركة قد أنجبت رجالاً من حديد، لا يعرفون الخضوع، ولا يرضون بالهوان.
لم تنته الحكاية هنا! إنما هي للتو بدأت. ففي الوقت الذي أعلن فيه الطوفان بدء انتفاضته، تحرك النظام الإسرائيلي تحت غطاء الدفاع عن النفس بأعتى الهجمات وأعنف الضربات، ممهدًا بذلك الخطوة الأولى لحرب الإبادة في غزة، مستهدفًا المدنيين العزل والبنى التحتية والمنشآت، وكل شيء في القطاع. علمًا بأن الضربات المدوية لم تكن عشوائية، بل كانت جزءًا من خطط مدروسة وسياسة واضحة تهدف إلى جعل القطاع غير صالح للعيش، فتتلاشى الحياة فيه شيئًا فشيئًا.
إنه النظام المارق الذي طغى وتجبر في هيمنته على القطاع المحاصر، وشن حرب إبادة جماعية بأبشع صور الوحشية والدموية على الإطلاق، مستغلًا خذلان العرب لغزة وموقفهم المتخاذل من القضية الفلسطينية، كذلك وهن مجلس الأمن الدولي الذي يكتفي ببيانات الشجب والإدانة منذ عقود دون أن يحرك ساكنًا. علمًا بأن الموازين ستختلف حتمًا لو تجرأت أرض الزيتون وحلفاؤها على المساس بأمن الكيان الإسرائيلي، حينها سيهب العالم بأسره لنجدته، وتطبيق قرارات حاسمة ترضي غرور الصهاينة.
إن واقع اليوم يعكس مدى الخسة والانحدار الذي أصاب العالم والأنظمة العربية خاصة، ويكشف عن مأساة تتجدد، وتاريخ يعيد نفسه، ودمار قادم تكتب فصوله بغباء الشعوب وتخاذل حكامهم، ولكن العاقبة للمتقين.