قالت مديرة قسم البرامج في منظمة هيومن رايتس ووتش، ساري باشي، إنه يجب السماح للاجئين الفلسطيين بالعودة إلى ديارهم، كما دعت المجتمع الدولي لمحاربة التهجير القسري الذي تقوم به قوات الاحتلال في غزة.

وفي مقال لها على موقع "نيويورك بوكس" قالت باشي إن القانون الدولي يكفل حق العودة للنازحين، لكن كثيرا ممن نزح في غزة لن يجد منزله الذي نزح منه.



وتابعت: "معظم الناس في غزة هم بالفعل لاجئون أو أحفاد اللاجئين الذين فروا أو طردوا من الأراضي التي أصبحت جزءًا من إسرائيل".

وتاليا المقال كاملا:

مرّ ما يقرب من أربعة أشهر منذ أن استأنفت إسرائيل غاراتها على غزة، في أعقاب المذبحة التي راح ضحيتها مئات المدنيين على يد مسلحين تقودهم حماس في جنوب البلاد. ووفقًا للسلطات المحلية، نزح ما يصل إلى 80% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، أكثر من مليون منهم في رفح، على الحدود المصرية. وقُتل أكثر من 26 ألف شخص، من بينهم ما لا يقل عن 10 آلاف طفل.

حتى في ظل استمرار الأعمال العدائية، يتحول الاهتمام إلى الإجراءات التي ينبغي اتخاذها عندما يهدأ القتال. وقالت الحكومة الأمريكية إنه ينبغي السماح لسكان غزة النازحين داخليًّا بالعودة إلى منازلهم، وهو حق يكفله القانون الدولي. لكن الكثيرين لن يكون لديهم منازل يعودون إليها. وأفادت الأمم المتحدة أن أكثر من 60 بالمائة من الوحدات السكنية في القطاع تعرضت لأضرار أو دمرت. كما تعرضت شبكة الكهرباء، ونظام المياه والصرف الصحي، والنظام الصحي، والمطاحن، والأراضي الزراعية، وغيرها من البنية التحتية المدنية لأضرار بالغة. 

علاوة على ذلك، فإن معظم الناس في غزة هم بالفعل لاجئون أو أحفاد اللاجئين الذين فروا أو طردوا من الأراضي التي أصبحت جزءًا من إسرائيل. إذن، ما هي المنازل التي يحق للفلسطينيين في غزة العودة إليها؟

أنا يهودية أمريكية إسرائيلية، متزوجة من لاجئ فلسطيني من غزة، وتاريخ عائلتنا يشير إلى إجابة لهذا السؤال. في المرة الأولى التي أخرج فيها الجيش الإسرائيلي حماتي من منزلها، كان عمرها حوالي خمس سنوات (ليس لديها شهادة ميلاد). في سنة 1948، عندما اقترب الجنود الإسرائيليون من قريتها الواقعة فيما يعرف الآن بالساحل الجنوبي لإسرائيل، هربت عائلتها إلى غزة، من بين أكثر من 700 ألف فلسطيني فروا أو طُردوا في الحرب التي أدت إلى إنشاء إسرائيل. (يطلق الفلسطينيون على أحداث التهجير الجماعي اسم “النكبة”).

وكانوا يعيشون في خيمة في مخيم للاجئين قبل أن ينتقلوا إلى منزل خرساني صغير له سقف من مادة الأسبستوس. وفي المخيم تزوجت من رجل من قريتها، التي هدمتها السلطات الإسرائيلية في نهاية المطاف. وأنجبا خمسة أطفال معًا.

في المرة الثانية التي دمرت فيها قوات الاحتلال منزلها، كانت أمًّا وحيدة في الثلاثينيات من عمرها، تربي الأطفال بمفردها – وكان زوجها قد فر إلى مصر خلال الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة سنة 1967. هدمت قوات الاحتلال منزلها في السبعينيات، من أجل توفير مساحة أكبر للمناورة العسكرية في مخيم اللاجئين المكتظ. ثم عاشت هي وأطفالها مع أقاربهم. في التسعينيات، بعد أن سلمت إسرائيل جزءًا كبيرًا من إدارة أراضي غزة إلى السلطة الفلسطينية، خصص لها مكان في المخيم لبناء مجمع عائلي مكون من ثلاث شقق، واحدة لها وواحدة لولديها وعائلتيهما.

كانت في الثمانين من عمرها عندما أجبرتها قوات الاحتلال على مغادرة منزلها للمرة الثالثة. في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هربت إلى رفح مع أطفالها وأحفادها وأحفاد أحفادها، بعد أن أمرت قوات الاحتلال سكان شمال غزة البالغ عددهم مليون نسمة بالفرار إلى الجنوب. وبعد وقت قصير من فرارهم، تلقى صهري مكالمة هاتفية من مسؤول عسكري إسرائيلي يحذره بضرورة إخلاء منزل العائلة، الذي كان على وشك القصف خلال عشر دقائق. فأجاب: “لن أغادر”، على الرغم من أنه كان في رفح بالفعل؛ يتمتع شقيق زوجي بروح الدعابة.

منذ تشرين الأول/ أكتوبر، شهد بقية أبناء وأحفاد حماتي تدمير منازلهم أو تلقوا تحذيرات هاتفية مماثلة. ونخشى أن تكون هي وزوجها من بين مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة الذين أصبحوا بلا مأوى حديثًا. في هذه الأثناء، تثير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تطالب سكان غزة بمغادرة القطاع، شبح التهجير القسري، الذي يعد جريمة حرب. كما أنها تغذي الصدمات التي تتوارثها الأجيال، بالنسبة لحماتي ونحو 1.7 مليون لاجئ يعيشون في غزة، أي 77 بالمائة من السكان. على مدار خمسة وسبعين عسنة، رفضت الحكومة الإسرائيلية السماح لهم بالعودة إلى الأماكن التي تركوها وراءهم – وهو  ما يمثل أحد الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يغذي التصعيد الحالي للأعمال العدائية.

إن حماتي لها الحق في اختيار مكان العودة؛ إلى المنزل الذي فقدته في تشرين الأول/ أكتوبر أو إلى حيث فقدت منزلها في سنة 1948. وإذا كان صناع السياسات في الولايات المتحدة يريدون الالتزام بشكل وثيق بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، فينبغي لهم ألا يعارضوا التهجير القسري من شمال غزة فحسب، كما فعلوا، بل دعم حق اللاجئين في أن يقرروا بأنفسهم مكان العودة وإعادة البناء، بما في ذلك المناطق التي أصبحت الآن جزءًا من إسرائيل. وذلك لأن حق العودة – المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – يستمر حتى عندما تتغير السيادة على إقليم ما، طالما أن اللاجئين وأحفادهم، بغض النظر عن مكان ولادتهم، لقد حافظوا على روابط كافية مع المنطقة بحيث يمكن اعتبارها “موطنهم”، ويعد هذا الحق  غير قابل للتفاوض.

يملك الجانب الآخر من عائلتي أيضًا تجربة جماعية مع النزوح، فبعد خمس سنوات من خسارة حماتي لمنزلها في سنة 1948، فقد والدي منزله في بغداد، بعد أن جعلت الحكومة العراقية هناك الحياة شبه مستحيلة بالنسبة لليهود في أعقاب إنشاء إسرائيل. وكشرط للسماح له ولوالديه بالمغادرة، وجردته الحكومة العراقية من جنسيته، ووجد ملجأً في إسرائيل حيث أصبح مواطنًا. بالنسبة لوالدي والعديد من اليهود الإسرائيليين الآخرين، فإن احتمال عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل يشعل المخاوف من فقدان الملاذ الآمن الذي تمثله لهم البلاد والأغلبية اليهودية التي يريدون الحفاظ عليها.

يحمل العديد من اليهود الإسرائيليين ذكريات متوارثة بين الأجيال عن المحرقة في أوروبا – والتي أصبحت أكثر فتكًا بسبب رفض الدول في جميع أنحاء العالم قبول اليهود الأوروبيين كلاجئين – والاضطرار إلى الفرار من الدول العربية بعد سنة 1948. بالنسبة للعديد من اليهود،  أدت حرب السابع من تشرين الأول/أكتوبر والجرائم ضد المدنيين الإسرائيليين إلى تفاقم هذه الصدمة. لكل شخص الحق في الحصول على ملاذ آمن، والقانون الدولي لحقوق الإنسان يمنح الحكومة الإسرائيلية حرية واسعة لوضع سياسات الهجرة – بما في ذلك تشجيع الهجرة اليهودية – واتخاذ تدابير لحماية مواطنيها والمقيمين فيها. ولكن ينص على أنه لا ينبغي لأي ملاذ آمن أن يأتي على حساب انتهاك حق الفلسطينيين في الأمان وغيره من الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في العودة.

ما الذي يجب فعله؟ وفي غياب تغييرات جذرية في سياسات الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، لن تتمكن حماتي من إعادة بناء المنزل الذي فقدته عندما كانت طفلة في أي وقت قريب. وسأشعر بالارتياح إذا سُمح لأهل زوجي بالعودة إلى شمال غزة وتلقي الدعم لإعادة بناء منزل هناك. إذا لم تسمح الحكومة الإسرائيلية للاجئين الفلسطينيين في غزة بالعودة إلى ديارهم الأصلية، فعليها على الأقل ألا تقوم بتهجيرهم قسرا من مخيمات اللاجئين حيث بنوا حياة جديدة. ولكن إذا أردنا أن نضع حدا، ليس فقط للعنف الحالي، بل أيضاً لدوامة القمع التي تجتاح إسرائيل وفلسطين، فيتعين علينا أن نتبنى نهجا ثابتا وقائما على الحقوق – مهما كان ما قد يجده البعض غير مريح أو مخيف – والذي يعالج مشكلة الأسباب الجذرية لدوامة العنف. ويشمل ذلك احترام حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة اللاجئين النزوح احتلال غزة لاجئين نزوح طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العودة إلى دیارهم الفلسطینیین فی قوات الاحتلال بالعودة إلى تشرین الأول التی أصبحت أکثر من سنة 1948 فی غزة

إقرأ أيضاً:

ترحيل 174 مهاجرا نيجيريا من ليبيا عبر مطار معيتيقة الدولي

رحّل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بوزارة الداخلية الليبية 174 مهاجرا مخالفين من نيجيريا إلى بلادهم بشكل طوعي عبر مطار معيتيقة الدولي.

ليبيا تعيد 7100 مهاجر قسرا وتسجل 282 حالة وفاة في البحر المتوسط

وقال محمد بريدعة، مساعد الشؤون الأمنية بجهاز مكافحة الهجرة الشرعية في حديثه لـ RT إن المجموعة المترحلة تشمل أطفالا ونساء ورجالا.

وأشار بريدعة إلى أن "عملية الترحيل تمت ضمن إطار التعاون المستمر بين ليبيا والسلطات النيجيرية وذلك لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين غير القانونيين إلى بلدانهم".

وأكد أن "عمليات الترحيل الطوعي ستظل مستمرة في المستقبل القريب بهدف التعامل مع مشكلة الهجرة غير الشرعية بشكل فعال وتقديم الدعم اللازم للمهاجرين الراغبين في العودة إلى أوطانهم".

وأوضح بريدعة أن "هذه الخطوة تأتي ضمن جهود ليبيا المستمرة للتعامل مع التحديات التي تواجهها نتيجة تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين وسعيها لتحسين الأوضاع الإنسانية للمهاجرين وتوفير بيئة آمنة لهم حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بسلام".

وفي سياق منفصل، شارك وفد رسمي من وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية بصفة مراقب وبدعوة من وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء في المؤتمر الإقليمي الثاني لكبار المسؤولين بعنوان "تعزيز نهج تعاوني للحماية الدولية للأشخاص المستضعفين على طول طرق الهجرة بمن فيهم النساء والأطفال" والذي عقد في لاهاي هولندا خلال الفترة من 25 إلى 27 يونيو الجاري.

وركزت جلسات المؤتمر على "تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية ودول شمال أفريقيا لإيجاد أفضل السبل لتوفير الحماية للمهاجرين القصر غير المصحوبين بذويهم عبر طرق الهجرة، ويأتي هذا المؤتمر ضمن المشروع التجريبي الإقليمي لوكالة الاتحاد الأوروبي للجوء لدول شمال إفريقيا والنيجر (RPP).

وتأتي مشاركة ليبيا من منطلق "أهمية التفاعل الإيجابي مع المؤتمرات والندوات الإقليمية والدولية المعنية بظاهرة اللجوء والهجرة".

وتولي وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية أهمية بالغة لمتابعة هذه الظاهرة إقليميا ودوليا بهدف التأكيد على "رؤية الدولة الليبية المستندة إلى تشريعاتها وقوانينها بما في ذلك القانون رقم (5) لسنة 1997 بشأن حماية الطفولة" على الرغم من اعتبار الأطفال الأجانب غير المصحوبين بذويهم والذين دخلوا ليبيا بطرق غير شرعية كمهاجرين غير قانونيين تتعامل الدولة الليبية معهم بمنظور إنساني وفقا للمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها وصادقت عليها ليبيا بشأن حماية الطفل.

ونظم المؤتمر بالتعاون بين الحكومة الهولندية والحكومة المصرية، وشاركت فيه دول عديدة من بينها مصر، المغرب، تونس، الجزائر، إيطاليا، النمسا، هولندا، ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، مالطا، تشيكيا، والدنمارك، إلى جانب ممثلين عن وكالات الأمم المتحدة المتخصصة ووكالة الاتحاد الأوروبي للجوء.

المصدر: RT

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • احتراق 51 مأوى للاجئين الأفارقة في مخيم للنازحين بمأرب
  • بوليفيا.. آخر ما قاله قائد محاولة الانقلاب قبل اعتقاله
  • تقارير حقوقية توثق اعتقال آلاف من لاجئي سوريا العائدين لبلادهم
  • "مناهضة الفصل العنصري" يطالبون بوقف جنون إسرائيل بشكل فعلي وليس شفوي
  • الرئيس السلوفاكي يقطع المساعدات عن اللاجئين الأوكرانيين
  • السودان:لجنة الطوارئ الإنسانية ترحب بإعلان بعض اللاجئين الرغبة في العودة الطوعية
  • البرهان يبحث مع مسؤولة باليونسيف إعادة النازحين إلى ديارهم
  • “30 يونيو آخر موعد”.. رسالة هامة من متحدث الحكومة للاجئين في مصر
  • ترحيل 174 مهاجرا نيجيريا من ليبيا عبر مطار معيتيقة الدولي
  • "بعد أزمة حلايب وشلاتين".. فنانة شهيرة توجه رسالة قاسية للاجئين في مصر