د. عبدالله المرزوقي لـ «العرب»: كتاب وإعلاميون يفسدون «العربية».. والنقد اللغوي «غائب»
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
دعا الخبير الإعلامي الدكتور عبدالله فرج المرزوقي إلى ضرورة التزام العاملين في مجال الكتابة الإبداعية والإعلام بقواعد اللغة العربية. وأكد في تصريحات خاصة لـ «العرب» ضرورة عدم الاستهانة بقواعد اللغة العربية، وأن المسؤولية تقع مضاعفة على الكتاب والمذيعين لحماية لغة الضاد، كاشفاً عن وقوع الكثيرين منهم في الأخطاء اللغوية الشائعة، وأن النقد اللغوي تراجع ليفسح المجال أم النقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا، إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة.
وقال د. المرزوقي في هذا السياق «إن من شروط الكتابة إتقان اللغة، لكن الأدباء استهانوا بأحكامها وقواعدها، وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى»، منوهاً إلى كثرة هذه الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة.
ودعا المرزوقي، إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية، وأكد أن الإعلامي يجب أن يكون قارئا جيدا حتى يتمكن من ناصية اللغة العربية، وأن ينقل الخبر دون أن أخطاء ودون أن يؤذي آذان المستمعين بأخطاء أصبحنا نلاحظها في الكتابات الإبداعية ونسمعها في النشرات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية.
وأوضح أن هذه الأخطاء شاهد على عدم إتقان صاحبها اللسان العربي الذي يكتب أو يتحدث به، منوهاً بأنه لا يجب الخلط بين الضبط اللغوي والنقد لأن الفرق بينهما شاسع، لافتا إلى أن التدقيق اللغوي يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، ويقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح برفقته أو بدلاً منه، مستنكراً نشر هذه الأعمال بالأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر.
وكان الدكتور عبدالله فرج المرزوقي قد شارك في ندوة «الملتقى القطري للمؤلفين» بوزارة الثقافة، بعنوان الأخطاء اللغوية في الكتابة الإبداعية للشباب» ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية وقدم الندوة الدكتور أحمد الجنابي على هامش فعاليات معرض جامعة قطر للكتاب بنسخته الثانية.
وقدم الدكتور المرزوقي خلال الندوة اتجاهات الكتابة الإبداعية، وأنواعها وجماليات اللغة والتعبير، وشرح لأنواع النص الإبداعي، مع تعريف بالمحسّنات اللفظية والبيانية والبديعية، موضحاً الفروق بين المذاهب الأدبية المختلفة في كافة حقول الكتابة الإبداعية، مستعيناً بنماذج استدلالية من كتب ودراسات ومقالات، مع بيان أنواع المفردة وكيفية بناء الحقل المعجمي.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر د عبدالله المرزوقي الكتابة الإبداعية قواعد اللغة العربية النقد الأدبي الکتابة الإبداعیة
إقرأ أيضاً:
ملاحون عرب لم تسمعوا بهم
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مازلت ارى ان مقرراتنا المدرسية المخصصة لمادة التاريخ لم تكن موفقة في التعامل مع الملاحين العرب الذين كانوا روادا في الملاحة الساحلية والفلكية. ربما سمعتم بالربان شهاب الدين احمد بن ماجد، وسمعتم عن المهري وعن جاسم القطامي، لكنكم لم تسمعوا ولم تقرأوا عن الملاحين الذين انطلقوا من السواحل العمانية وتوجهوا نحو مرافئ الأندلس، ثم شقوا عباب بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) حتى وطأت أقدامهم أرض أمريكا قبل كولومبس بكثير. فإن كنتم لا تدرون يتعين عليكم ان تقرأوا كتاب: (العُمانيون اكتشفوا أمريكا قبل كريستوفر كولمبوس) للكاتب محمد الجويلي، وهو من إصدارات عام 2009. بإمكانكم الحصول عليه مجاناً بصيغة PDF. .
يعتقد الكثيرون اننا نمزح عندما نقول ان الملاحين العرب اكتشفوا امريكا قبل كولومبس، ولا يعلمون ان هذه الحقائق التاريخية اثيرت حولها التساؤلات داخل الولايات المتحدة نفسها، وذلك بمناسبة مرور خمسمائة سنة على مزاعم كولومبس، الذي لم يكن باستطاعته عبور المحيط الأطلسي لولا خرائط الملاحين العرب المكدسة في خزانة قرطبة، ثم عثر عليها الأسبان هناك بعد سقوط الأندلس سنة 1492. وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول أنّ الملاحين العرب رسموا خرائط السواحل الأمريكية المطلة على المحيط الهادي قبل رحلة كولمبس بسنوات. .
تؤكد الدلائل التاريخية أنّ الخليج العربي هو الحاضنة الأولى لكل الفنون البحرية في العالم. حيث اقتحم السومريون البحر منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وكانت لهم الريادة في ترويضه وتطويعه. وكان عرب الخليج يسكنون المنطقة التي أطلق عليها السومريون تسمية (مجان)، ولهم الدور الفاعل في دفع الملاحة البحرية وصولا إلى أرقى درجات تطورها، ويعود لهم الفضل أيضاً في إقامة علاقات منتظمة مع شعوب بعيدة لا يصلهم بها إلاّ البحر. .
يقول المسعودي في كتابه مروج الذهب: (إنّ رجلاً من أهل الأندلس يُقال له خشخاش، وكان من فتيان قرطبة، جمع جماعةً من شبابها، وركب بهم مراكب أبحرت بهم في المحيط الأطلنطي، فغاب فيه ثم انثنى بغنائم واسعة، وخبَرُه مشهور عند أهل الأندلس)، كانت رحلة خشخاش بن الأسود من ميناء (ولبة) الأندلسية سنة 889 تقريبا، وقد أكد هذا الأمر الدكتور يوسف مروة، وأضاف: ذكر المؤرخ أبو بكر بن عمر القوطية: (أنه في عهد الخليفة هشام الثاني في الأندلس قام ابن فروخ، وهو بحّار عربي آخر من غرناطة، بالإبحار من مدينة قادس الأندلسية عام 999 إلى المحيط الأطلسي، ونزل في جزيرة غاندو (وهي من جزر الكناري الكبرى اليوم)، زائرا الملك غواناريجا، ثم اتجه غرباً، حيث رأى جزيرتين الأولى كابراريا، والثانية بويتانان ثم رجع إلى الأندلس في مايو عام 999). .
وهناك كلامٌ كثير في هذا الموضوع المهم، ولكن يبقى السؤال: متى يعترف الغرب بأفضال العرب عليهم ؟ الجواب: عندما يقدّر العرب أفضالهم على العالم، ويعيدوا بقوّةٍ ما فقدوه بسبب خمولهم وبعدهم عن العلم والاكتشافات. .
من المؤكد ان معظم العرب لا يعلمون شيئا عن الغارة البحرية التي شنتها السفن الليبية عام 1803 ضد السفينة الحربية الأمريكية يو إس إس فيلادلفيا (USS Philadelphia)، حتى وقعت في قبضة الدولة الحاكمة في طرابلس، وكانت تلك الغارة واحدة من سلسلة عمليات تضمنت حصارا بحريا فرضه العرب على السفن الأمريكية. وكان حاكم طرابلس (يوسف القرمانلي) هو الذي يبسط نفوذه على مسطحات البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. .
فأرسل الأمريكيون سفينتهم الحربية (فيلادلفيا) بقيادة الأميرال وليام بينبردج William Bainbridge لدك حصون القلاع الليبية، لكنها وقعت في الأسر مع طاقمها الذين يزيد تعدادهم على 300، وشكلت الحادثة صدمة لدى الكونغرس، وحصل يوسف باشا على سفينة من الطراز الأول، وأسر عددا كبيرا بينهم قباطنة بارزون، وهو ما استدعى اعطاء الاوامر باسترجاعها أو على الأقل حرقها في أسوء الحالات، وهذا ما حدث بعد أسابيع اذ تمكنت فرقة امريكية من حرقها خفية واعتبر حرقها لدى الأمريكيين عملا بطوليا وألهم مخيلة الشعراء والرسامين. .
كتب الكابتن وليام بينبردج وهو في الأسر إلى وزير البحرية الأمريكية يقول:
(تقهرني الظروف وتجبرني على الكتابة إليكم عن أسوأ خبر رأيته في حياتي وأنه لمن المؤلم أن أقول أن هذا الخبر هو فقدان البارجة فيلادلفيا التي كانت تحت قيادتي، وكم أتمنى أن يغفر لنا الجميع هذه الكارثة التي لا يمكن وصفها). .
هذا غيض من فيض، وبالتالي يتعين على الأكاديميات العربية تخصيص مقررات دراسية تسلط الأضواء على النشاطات الملاحية الرائدة. .