أردول.. نحن قوى وطنية لا نستطيع سداد فاتورة الغداء الغربي
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
رصد – نبض السودان
تعليقاً لإعتراف متحدثة تقدم بتلقي الأموال من الخزائن الغربية نقول لها، عفوا هل هنالك غداء مجاني !!!؟…
في البدء لابد من إرسال كلمات الشكر والتقدير للسيدة رشاء عوض المتحدثة الرسمية باسم كتلة تقدم (قحت + حمدوك) نشكرها لهذه الصراحة والوضوح ، في برنامج قناة الجزيرة مباشر في إفصاحها لمصادر تلقي الأموال ورعاية الجلسات والمؤتمرات والندوات و(الهيلامانة) في عواصم الدولة المختلفة ، مرة في اديس ابابا ومرة في القاهرة ومرة في نيروبي ومرة كمبالا، وهكذا نشاطاً وحضوراً كثيفاً بعث لنا عدد من التساؤلات.
وكما هي القاعدة في السياسة تقول ليس هناك غداء مجاني (there is no free lunch ) فإنه حتما سيكون الفاتورة المراد تسديدها ليست كما تقول عنها السيدة هذه، عن الديمقراطية والحكم الرشيد يجعل تلك المنظمات الغربية تدعم جماعات سياسية بسخاء وتسندها مليشيا مسلحة عابرة للحدود ترتكب أبشع أشكال الفظائع والانتهاكات الجسيمة في حقوق الشعب السوداني.
الفاتورة التي لا تريد «رشا» ذكرها او قد لا تعلم عنها ، فهي دوما لن يجعلونها تقترب من مطابخ القرار لما أفشته هذه المرة من معلومة مهمة كهذه ، والتي تعتبر كارثية في حق قوى (تقدم ) هذه، وقد ناولت تمريرة سدد بها هدف تهم العمالة التي كانت يرددها خصوم تقدم دون ادلة ، وحتى أنني كنت لا أميل لتصديق مثل هذه العبارات ولكن ليس هنالك بد الان بعد الإفصاح الواضح الفاضح جداً.
الغرب سمعته وحاضره مشكوك فيه وفي امر دعمه للديمقراطية وخاصة ملف هذه المنظمات مع دول الجنوب بدلا عن اجهزة الاستخبارات في الستينيات من القرن الماضي ، هي نفس المنظمات التي دعمت مثل خوان غواديو في فنزويلا على الرئيس نيكولاس مادورو واعترفوا به (٦٠) دولة تتقدمهم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، وظل خوان رئيسا للغرب حتى تغيرت المعادلة الدولية والقت به نفس هذه الدوائر فجاة في سلة المهملات ، وكذلك هي نفس الجهات التي سجنت الرئيس لويس ايناسيو لولا داسيلفا لأكثر من عام في البرازيل بتهم الفساد وعاد بعدها إلى القصر، واتت ايضا بحامد كرزاي رئيسا لافغانستان على وقع مدافع التحالف الغربي تحت رايات محاربة الارهاب وتدمير طالبان، والذين هربوا منها بعد عشرة أعوام ملتصقين بأجنحة الطائرات الأمريكية هذه والتي تخلت عنهم فجاة كذلك، واكتفت بتسكينهم لاجئين في بعض الدول .
وقوف الغرب وسماحه الواضح لإبادة الشعب الفلسطيني يعد اسوأ أنواع الجرائم في العصر الحديث حيث اتبعت اسرائيل سياسة العقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني في حربها ضد حماس، وهذا الموقف الغربي جمعا أوروبا وأمريكا جعل قاعدتهم الأخلاقية مهتزة تماما وفاقدة الثقة وافقدت حضارتهم التي تباهوا بها ومبررات تدخلاتهم في شؤون الدول أفقدتهم الأرضية الإنسانية السامية التي تدعي انها من اجل الديمقراطية والحكم الرشيد ، قاد هذا الأمر الدول الحرة تقدمها المجتمع المدني الجنوب افريقي (ليست حكومة سيريل رامافوزا) الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني الافريقي لمقاضاة ومحاكمة الغرب في نفس مؤسساتها العدلية التي أنشأتها، وكان النصر للجنوب وللقيم الانسانية من هناك.
وعودة لامر «رشا» كيف يمكن أن نفهم بان تقدم نفس هذه الخزائن الأموال لرعاية ديمقراطية رشاء وحكمها الرشيد (الذي نعرفه وخبرناه) وفي نفس الوقت تقدم نفس الأموال لابادة شعب واغتصاب ارضه وتشريده ، كيف يستقيم هذا، وماهي المعايير المزدوجة بربكم؟.
حتى لا يضيع احدا منا ومنهم وقته فان تجربة السودانيين تجاه الاستعمار ومناهضة التدخلات الخارجية متجذرة فيه نفوسهم، فهو الذي تغني ” يا غريب يالله يالله يالله لبلدك سوق معاك ولدك” ، وتغني له الكابلي وعنه في باندونغ معبرا عن دول عدم الانحياز وعن الثورة الجزائرية والشهيدة فضة التي لم تبلغ سن العشرين واختارت جيش التحرير.
المتأمل في الواقع السياسي في السودان يشوبه العديد من التساؤلات الغير منطقية والتي لا تدخل العقل احياناً، فالغرب اليميني الذي يرصد ملايين الدولارات للاستدلال ومعاقبة الإخوان احمد محمد هارون والشيخ علي كرتي اليميين المعروفين هو نفسه الغرب الذي يرعى أنشطة الرفاق الحاج وراق والباقر عفيف وياسر عرمان ودكتور حمدوك اليساريين بل الاشتراكيين المعروفين، ويسعى لتثبيتهم في الحكم! فمن الذي تغير هل الغرب بيمينه ام اليمين عندنا او اليسار؟ من الذي يناهض الإمبريالية وفق تصنيفاتها ومن الذي يداهنها !!؟عذراً فيسارنا قد تيمن ويميننا تيسر!.
نقول للسيدة «رشا» ان فاتورة الغرب التي تسددونها جراء هذا التمويل السخي واضحة وتتمثل في المواقف الممجوجة التي تظهرها تقدم في الحرب هذه وتزويرها لتقارير الانتهاكات ومحاولاتها لإدراج القوات المسلحة ومساواتها بالمليشيا وكذلك صمتها امام إنتهاكات المليشيا الجسيمة وحتى التي تحدث لاهلها، وقبولها بان تصبح الغطاء السياسي لها رغم كل شي، وختاما من يتسال عن لماذا لا تواكب الحرية والتغيير -الكتلة الديموقراطية نشاط تقدم نقول له ببساطة نحن قوى وطنية ننتمي لشعبنا ونستمد موقفنا من ارثنا ولا نستطيع سداد فاتورة الغداء الغربي .
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: قوى أردول لا نحن نستطيع وطنية
إقرأ أيضاً:
مبتدأ وخبر
#مبتدأ_وخبر
د. #هاشم_غرايبه
المبتدأ: عندما توفي أبوصابر تاركا زوجة ثكلى وأيتاما صغارا، ضاقت الدنيا بأم صابر خوفا على ابنائها العنت، خاصة وأن العائلة ظلت تعيش على الكفاف، حيث يتدبرون أمور معيشتهم بصعوبة من ناتج ارضهم، والتي وإن كانت مديدة فسيحة، أن الانتاج كان شحيحا، بسبب ضعف إدارة أبي صابر وتكاسله.
لذا فقد رحبت الأرملة الحزينة بأول طالب ليدها وكان المختار أبو فيصل، والذي ما أراد الزواج بها لجمالها أو حسبها، بل طمعا في الأراضي الكثيرة التي ورثتها عن زوجها.
لم تكتشف المسكينة حقيقة الزوج إلا بعد فوات الأوان، فقد كان مدمنا على القمار زيادة على أنه مدخن شره، ورغم أنه وعدها بداية أنه سيخلصها وأولادها من معيشة الفقر، وهي صبرت عليه طويلا ولم تستعجلهلإنجاز وعده، إلا أن ظروفهم كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم.
وكانت حسرتها تزداد وخيبة أملها تتضاعف كلما وجدته يبيع قطعة من الأرض ليسدد ديونه المتفاقمة، وفي كل مرة كانت ترضخ لطلبه بيع قطعة جديدة، وحجته التحرر من قبضة الدائنين، لكي يتفرغ لإطعام أولادها وكسوتهم،
لكن مرت السنون والأولاد كانوا يزدادون هزالا وعريا، عندها يئست وأدركت أنها لوبقيت أرملة لكان الحال أفضل، فطلبت الطلاق، لكن هيهات، لأن المختار رفض مدعيا أنه متمسك بها حبا لها، لكنها تعلم الحقيقة المرة، وهي أنه لن يفرج عنها الا بعد أن يستنزف كل ما عندها.
الخبر: بعد إسقاطه الدولة العثمانية التي كانت تحكم الأمة الإسلامية، لم يحتل الغرب أراضيها عسكريا، كما كان يفعل سابقا في حروبه، لأنه يعلم طبيعة هذه الأمة الصعبة المراس، فسوف يكلفه ذلك كثيرا، وفضل أن يحكمها بالوكالة، أي أن يولي عليها حكاما متعاونين معه، يؤمنون له مصالحه بلا كلف، بل ينال خدماتهم وإخلاصهم مقابل بقائهم على كرسي الحكم، واختار من بينها فلسطين، كونها تقع في قلب ديار الأمة، فما جلا عنها إلا بعد أن أمّن تشكيل كيان لقيط جمع فيه شذاذ الآفاق وأوهمهم أنه وطن جامع لهم، فيما هو في حقيقته لا يعدو كونه كلب حراسة القطيع، يراقب ويرصد التزام الأنظمة العربية بما فرضه عليها من تبعية، وإدامة إضعافها وتفرقها درءا لأية محاولة وحدة تستعيد فيها قوتها.
لكي تتقبل الشعوب ذلك ويستتب الأمن للحاكمين، كان من الضروري تأميلهم بالرخاء والتقدم، لذلك شنت حملة ثقافية متعددة العناصر، لإقناع الشعوب بأن يأملوا الخير العميم من منهاج الحكم الجديد (العلماني) النقيض (للإسلامي) الذي جربوه طوال القرون السابقة، وحققوا فيه السيادة والتفوق الحضاري، رغم أن تطبيق الحكام له كان متفاوتا من خلال الحقب الماضية، بين من طبقه بنسبة 100 % في أوله، ومن طبق نصفه أو ربعه أو عُشره، ورغم ذلك وحتى في أدنى الحدود، فرغم انحسار حالة التفوق، إلا أن الحكم الإسلامي كان في أسوأ حالاته محققا للعزة والكرامة، لكونه حمى أراضي الأمة ومياهها من الطامعين.
الحملة الثقافية كانت مستهدفة منهج الأمة (الدين)، كونه الممانع الأعظم لانهزامها، وللصد عنه أسبغوا على نقيضه (العلمانية) القدسية والتبجيل، وسوقوه تزويرا على أنه الوصفة السحرية للتقدم، فيما كان السبب الحقيقي المخفي للصعود الأوروبي هو الاستيلاء على خيرات الشعوب الفقيرة خلال المرحلة الامبريالية الاحتكارية التي رافقت الثورة الصناعية.
وفيما كانت الأنظمة تقوم بما أوكل لها، ومتيقظة صارمة في ممانعة العودة الى الحكم الإسلامي من جديد، كانت خطة الغرب مستهدفة المتعلمين في تبشيريات الغرب، الذين تشربوا ثقافته، فكافأهم بأن اطلق عليهم مسمى المثقفين التنويريين، مقابل تسمية متبعي منهج الله بالظلاميين، فكون هؤلاء طابورا آخر للغرب، عملوا من جانب كمخوفين للأقليات غير المسلمة من قيام الدولة الاسلامية، ومبشرين بأن العلمانية هي ما يحقق مساواة المواطنين، ومن جانب آخر أسسوا أحزابا سياسية قائمة على مبادئ علمانية رافضة لاتباع منهج الله، فبات نشاطها معززا لمهام الأنظمة، وهذا تفسير لماذا حظرت الأنظمة تشكيل الحزب ان كان اسلاميا، كما يفسر تأييد الأحزاب اليسارية للأنظمة القمعية، رغم علمها بفسادها وفشلها.
هكذا ضاعت الأمة طوال القرن الماضي كالأيتام في موائد اللئام، فزوج الأم لن يكون كالأب الحقيقي، وعندما يكون طمعه في ما لدى الأم، لن يطلقها بالحسنى الا بعد استنزافه لكل مقدراتها.