«البلدي» يوصي بإنشاء مشاتل وفروع إضافية لأسواق الحلال
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
أوصى المجلس البلدي أمس، بدراسة دعم أصحاب المزارع المرخصة ومساعدتهم في الترويج لمنتجاتهم بالطرق الحديثة. وإنشاء مشاتل حكومية مثل مشتل المطار الموجود في الدوحة للتشجيع على الزراعة والتشجير. وإنشاء فروع إضافية لأسواق المواشي في المناطق الشمالية والغربية لخدمة أهالي هذه المناطق.
ترأس الجلسة سعادة السيد محمد بن علي العذبة رئيس المجلس وحضرها السيد محمد عبدالحميد نصر الله الأمين العام للمجلس، والسادة محمد زابن الدوسري مدير العلاقات العامة والاتصال والسيد خالد محمد الأسود مدير إدارة الاجتماعات وشؤون الأعضاء والمستشار القانوني للمجلس.
كما أوصى المجلس بالتنسيق مع شركة ودام الغذائية لسرعة الانتهاء من تطوير المواقع الأربعة المخصصة للشركة أسوة بما تم إنجازه في مجمع عزب الشيحانية، وإعطاء الأولوية للكوادر القطرية أصحاب الخبرة في إدارة هذه الأنواع من الأسواق.
واستعرض المجلس رد إدارة الثروة الحيوانية بوزارة البلدية حول توصيته بشأن انتشار الكلاب الضالة في مناطق الدولة، مبيناً انتهاج الوزارة لسبل مختلفة للتحكم والسيطرة على اعداد الحيوانات الضالة، بصفة عامة والكلاب بصفة خاصة، مثل حملة رفق لإيواء الكلاب الطليقة، ونقلها إلى مأوى الحيوانات وتنفيذ بلاغات الكلاب الضالة وتجهيز وتوفير الرعاية البيطرية والغذائية اللازمة للكلاب الضالة، وانشاء مركز للتبني حسب المواصفات العالمية. كما استعرض المجلس ردا آخر لوزارة البلدية بشأن موسم الأمطار، وجاء فيه» بالنسبة لنقاط تجمع مياه الأمطار فإن الجهات المعنية تقوم بتحديث النقاط بشكل مستمر، حسب أماكن تساقط الامطار وغزارتها في كل منطقة، وتقوم الجهات بوضع الخطط والبرامج اللازمة بشأن تلك النقاط السوداء».
وفيما يخص المضخات (سحب المياه) أوضحت البلدية» إنها كانت جزءا من الحلول المستخدمة وليست كلها، اما بخصوص تخصيص رقم اتصال دائم ومباشر لتلقي شكاوى الأعضاء أوضحت أن الخط الساخن هو(184)، يقوم بتحويل الشكاوى على حسب المنطقة، وتوجيه الفرق المختصة في جميع البلديات بأنحاء الدولة بالتنسيق مع مقدم الشكوى. وفي سياق آخر استضاف المجلس السيد مقبل مظهور الشمري مدير إدارة النظافة العامة بوزارة البلدية الذي قام بعرض مرئي للسادة الأعضاء تضمنت المراحل التي قامت بها الإدارة حول التوعية بثقافة أهمية تدوير النفايات والمراحل التي وصل اليها البرنامج الوطني للتوعية الذي تقوم بالإشراف على تنفيذه إدارة النظافة العامة لجميع الفئات والمؤسسات والأجهزة الحكومية والمجمعات التجارية الكبرى. واستعرض المجلس عددا من الرسائل الواردة اليه من الجهات، مثل رد وزارة البلدية بشأن تشجير طريق سلوى الدولي والاستفادة من المياه المعالجة، وجاء فيه بأن جهة الاختصاصات أفادت بأن مشروع تشجير طريق سلوى يعتبر كجزء مهم من الخطة الخاصة بتنفيذ مبادرة (10) ملايين شجرة، لافتة إلى أن جهات الاختصاص تعمل بالتنسيق مع الإدارات المختصة بالوزارة ومع هيئة الأشغال العامة «أشغال «على دراسة المخطط الخاص بطريق سلوى للعمل على وضع مشروع تجميل الطريق بشكل كامل.
مقترح بإنشاء استراحات بالطرق الخارجية
ناقش المجلس البلدي المركزي خلال جلسته أمس، ضمن بند ما يستجد من أعمال مقترح رئيس المجلس بشأن تعميم خدمة البحث عن السيارات على جميع المواقف الكبيرة بالدولة، ومقترح ممثل الدائرة العاشرة حول انشاء استراحات على الطرق الخارجية، واستعرض المجلس مسودة التوصية الصادرة إلى وزير البلدية بشأن مكافحة التدخين، وكان المجلس كان قد استضاف السادة المسؤولين بمركز مكافحة التدخين التابع لمؤسسة حمد الطبية، واستعرضوا الجهود التي يقوم بها المركز لمكافحة انتشار آفة التدخين في المجتمع القطري.
وتقدم ممثل الدائرة 23 بمقترح وضع ضوابط ورقابة على سوق الأغنام بشأن قلة اعداد الأغنام المعروضة. والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر المجلس البلدي أصحاب المزارع
إقرأ أيضاً:
الإصلاح: الأنساق اللغوية والدلالات السياسية.. مشاتل التغيير (6)
من مداخل الفهم في الإصلاح هو ذلك المدخل اللغوي والأنساق المرتبطة به. ويمكن تعريف "النسق اللغوي" بأنه انتظام مجموعة من الدلالات أو الإشارات اللغوية في بنية واحدة. وإذا كانت اللغة لفظ ومعنى، وكل دراسة لغوية لا بدّ أن يكون موضوعها الأول والأخير هو المعنى وارتباطه بأشكال التعبير المختلفة، وبما أنّ الارتباط بين الشكل والوظيفة هو اللغة وهو صلة المبنى بالمعنى، فإن ارتباط الدّلالة بالأنظمة اللغوية المختلفة هو ما يعكس نسقيّة اللغة، وما ينصرف إلى ماهية النسق اللغوي، وأنواعه، وتجلّياتها الدّلالية.
ويعد الاشتقاق أحد أهم مسالك أن الزيادة في المبنى زيادة في المبنى ضمن ما يمكن تسميته بالسعة الاشتقاقية وما يترتب عليه من اتساع دلالي. والاشتقاق ظاهرة لغوية في اللغة العربية، وهو مصدر من مصادر استخراج الكلمات والمفردات اللغوية في اللغة العربية. وكثيرا ما نرى أن معظم الكلمات يمكننا أن نشتق منها أكثر من كلمة، كما نكتشف أنها ذات أصل واحد، ولها معنى تشترك فيه، وهنا تأتي وظيفة الاشتقاق في اللغة، حيث إنه بواسطته نتعرّف على مفردات اللغة التي تضيف الثروة اللغوية القيمة.
الاشتقاق لغة؛ اشتق الكلمة من الكلمة: أخرجها منها؛ واصطلاحا: هو أخذ كلمة أو أكثر من كلمة أخرى. الاشتقاق: يقول صاحب التعريفات في كتابه "هو نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة"، وكما يقول الثعالبي "الاشتقاق من سنن العرب". مع الاشتقاق يظهر اجتماع الألفاظ أي الكلمات، فيفسره الفيروز آبادي في قاموسه بقوله: "الكلمات في اللغة العربية لا تعيش فرادى منعزلات بل مجتمعات مشتركات كما يعيش العرب في أسرٍ وقبائل. وللكلمة جسم وروح، ولها نسب تلتقي مع مثيلاتها، فتشترك هذه الكلمات في مقدار من حروفها وجزء من أصواتها".
كلمة صلح في هذا الجذر الثلاثي لا تغادر تلك السنن والقوانين اللغوية والدلالية، فهي تكون أسرة ممتدة وعائلة منتسبة وتوليدات مشتقة؛ ومن أفراد أسرتها الصلاح والإصلاح والاستصلاح؛ والصلاحية والمصلحية والمصلحة والمصالح؛ والتصالح والمصالحة وإصلاح ذات البين؛ والإصلاح والمصلح والصالح والصلوح والمصلوح؛ والإصلاحات. وهو جذر غني ليس فقط في مبانيه، ولكنه ثري في معانيه المشتركة والمفترقة والمرتبطة والمنتسبة، وكلها تشير الى مستويات عدة وأدوار منشدة الى بعضها فتتكافل رغم تمايزها وتتكامل رغم اختلافها وتأتلف رغم تنوعها.
وإذا كان المدخل اللغوي يقوم بدور تأسيسي في عملية التنسيب والتوليد اللغوي؛ فإن الدور الرحمي والتراحمي في الثنائيات المقترنة والمتزاوجة لا المتصارعة والمتنافية والمتناقضة تشكل مدخلا إضافيا لفهم الإصلاح والسياسة عندما يتزاوجا سكنا ومودة ورحمة؛ لذا ليس من المصادفات ذلك الارتباط الكيان بين مفهومي الإصلاح والسياسة، حتى أنه يمكننا القول إن مفهوم السياسة مسكون بتضميناته الإصلاحية، ومفهوم الإصلاح مصبوغ بمكنوناته ودلالاته السياسية.
وفي تعريف استثنائي للسياسة ومعاني صناعة السياسة يؤكد أبو زيد البلخي؛ أن المادة في السياسة أمور الرعية التي يتولى الملك القيام بها، والصورة فيها إنما هي المصلحة التي ينحو بفعله نحوها وهي نظير الصحة، لأن المصلحة هي صحة ما، والصحة مصلحة ما، وكذلك المفسدة سقم ما، والسقم مفسدة، والفاعل هو عناية الملك بما يباشره من أمور الرعية، وغرضه فيما يفعله هو بقاء المصلحة ودوامها، والشيء الذي يقوم له مقام الآلة في صناعته إنما هو الترغيب والترهيب.
وفعل السائس الذي هو نظير المعالجة من الطبيب ينقسم بكليته إلى قسمين: أحدهما التعهد، والآخر الاستصلاح. أما التعهد فحفظ المستقيم وأمور الرعية على استقامة وانتظام من الهدوء والسكون حتى لا يزول عن الصورة الفاضلة، وأما الاستصلاح فرد ما عارضه منها الفساد والاختلال إلى الصلاح والالتئام. ونظير هذا التعهد والاستصلاح في صناعة السياسة من صناعة الطب -التي هي صناعة الأجساد- حفظ الصحة وإعادة الصحة، وكما أن الطب كله مدرج في هذين البابين، كذلك السياسة كلها مدرجة في نظيريهما، يعني التعهد والاستصلاح.
أما السياسة فشرعية، عادلة، وصلاح في مواجهة فساد؛ وهي من مخرجات الشريعة؛ ومن له ذوق في الشريعة واطلاع على كمالاتها وأنها لغاية مصالح العباد، في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يفصل بين الخلائق، وأنه لا عدل فوق عدلها ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح، وعرف أن السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها، وأن من له معرفة بمقاصدها، ووضعها مواضعها، وحسن فهمه فيها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة، فإن السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر بعين الشريعة علمها من علمها وجهلها من جهلها.
وقال ابن عقيل في الفنون جرى في جواز العمل في السلطنة بالسياسة الشرعية أنه هو الجزم، ولا يخلو من القول به إمام، فقال الشافعي لا سياسة إلا ما وافق الشرع، فقال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي، فإن أردت بقولك إلا ما وافق الشرع أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وإن أردت لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط، وتغليط للصحابة. وهذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضنك، ومعترك صعب، فرط فيه طائفة فعطلوا الحدود وضيّعوا الحقوق وجرأوا أهل الفجور على الفساد وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، محتاجة إلى غيرها، وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له، وعطلوها مع علمهم وعلم غيرهم قطعا أنه حق مطابق للواقع، ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع.
ولعمر الله إنها لم تناف ما جاء به الرسول، وإن نافت ما فهموه من شريعته باجتهادهم والذي أوجب لهم ذلك نوع تقصير في معرفة الشريعة، وتقصير في معرفة الواقع، وتنزيل أحدهما على الآخر، فلما رأى ولاة الأمور ذلك وأن الناس لا يستقيم لهم أمرهم إلا بأمر وراء ما فهمه هؤلاء من الشريعة؛ أحدثوا من أوضاع سياستهم شرا طويلا وفسادا عريضا، فتفاقم الأمر وتعذر استدراكه، وعز على العالمين بحقائق الشرع تخليص النفوس من ذلك واستنقاذها من تلك المهالك.
وأفرطت طائفة أخرى قابلت هذه الطائفة فسوغت من ذلك ما ينافي حكم الله ورسوله، وكلا الطائفتين أُتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله وأنزل به كتبه، فإن الله سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به الأرض والسماوات، فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه. والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ثم ينفي ما هو أظهر منها وأقوى دلالة وأبين أمارة، فلا يجعله منها ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها، بل قد بين سبحانه بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل بين عباده وقيام الناس بالقسط، فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين ليست مخالفة له، فلا يقال إن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع بل موافقة لما جاء به، بل هي جزء من أجزائه، ونحن نسميها سياسة تبعا لمصطلحكم، وإنما هي عدل الله ورسوله ظهر بهذه الأمارات والعلامات.
والمقصود أن هذا وأمثاله (من أفعال الخلفاء الراشدين) سياسة جزئية بحسب المصلحة يختلف باختلاف الأزمنة فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة إلى يوم القيامة. ولكل عذر وأجر، ومن اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الأجر والأجرين. وهذه السياسة التي ساسوا بها الأمة وإضعافها هي من تأويل القرآن والسنة، ولكن هي من الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة من السياسات الجزئية التابعة للمصالح فيتقيد بها زمانا ومكانا. وهذا كما لو كان للناس عدة طرق إلى البيت وكان سلوكهم في تلك الطرق توقعهم في التفرق والتشتيت ويطمع فيهم العدو، فرأى الإمام جمعهم على طريق واحد فترك بقية الطرق جاز ذلك ولم يكن فيه إبطال، لكون تلك الطرق موصلة إلى المقصود وإن كان فيه نهي عن سلوكها لمصلحة الأمة. والذي اختص به إياس وشريح من مشاركتهما لأهل عصرهما في العلم الفهم في الواقع والاستدلال بالأمارات وشواهد الحال، وهذا الذي فات كثيرا من الحكام فأضاعوا كثيرا من الحقوق.
وبالنظر العميق في تعريف السياسة في الرؤية الإسلامية نلحظ أن هذا التعريف فضلا عن أنه يعيد الاعتبار لمفهوم السياسة ويجعل من اتساعه ورحابته حالة بنيانية لازمة أصلية في داخلية المفهوم غير طارئة عليه من خارجه، بحيث تستوعب المستحدث من تحيل أو ميل أو انحراف أو توظيف أو تبرير، واقع الأمر أن هذا المفهوم وجد عناصر رسوخه ضمن "صبغة" وصيغة" المقاصد. فالسياسة على قول الإمام ابن القيم فيما ينقله عن أستاذه ابن عقيل "ما كانت معه الأمور أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد"، ومناقضة السياسة بمفهومها القيمي تعني أن تكون حال ممارستها أقرب إلى الفساد وأبعد عن الصلاح بمفهوم المخالفة، إنه "السوس" الذي ينخر في الكيان فيفسده ويهدمه.
والمقاصد -وفق هذه الرؤية- تصبغ وتصوغ مفهوم السياسة على شاكلة العشرية المقاصدية؛ القيام على الأمر بما يصلحه: مقدمات ومقومات ومكونات، ومجالات، وحفظ، وأولويات، وموازين، وواقع، ومناطات ومآلات، ووسائل، قيم وسياقات. والسياسة -وفق هذا التصور- ليست فنا أو أسلوبا أو صراعا، بل هي رعاية متكاملة من قَبِل الدولة والفرد لكل شأن من شئون الجماعة.. والسياسة -وفق هذه الرؤية- تتصف بالعموم والشمول، فهو مفهوم يخاطب كلَّ فرد مكلَّف بأن يرى شئونه ويهتم بأمر المسلمين، بل يمارس عمارة الكون في سياق وظيفته الاستخلافية.
وعلى ما يؤكد "الراغب"، فإن السياسة -وفق هذا التصور- تستند في تكييفها إلى حقيقة "الاستخلاف"، ذلك أن الفعل المختص بالإنسان على ثلاثة أنحاء:
1- عمارة الأرض المذكورة في قوله تعالى: "وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" (هود: 61)، وذلك تحصيل ما به تزجية المعاش لنفسه ولغيره.
2- وعبادته المذكورة في قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " (الذاريات: 56)، وذلك هو الامتثال للباري عز وجل بإطاعة أوامره ونواهيه.
3- وخلافته المذكورة في قوله تعالى: "وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" (الأعراف: 129)، وذلك هو الاقتداء بالباري سبحانه على قدر طاقة البشر في السياسة باستعمال مكارم الشريعة.. إن الخلافة تُستحق بالسياسة، وذلك بتحري مكارم الشريعة (أصولها القيمية). والسياسة ضربان: أحدهما سياسة الإنسان نفسه وبدنه وما يختص به، والثاني سياسة غيره من رعيته وأهل بلده. ولا يصلح لسياسة غيره من لا يصلح لسياسة نفسه "لاستحالة أن يهتدي المسوس مع كون السائس ضالا..".
لا شك أن تعريفا يأخذ بحسبانه كل تلك المعايير والأصول القيمية يمكن أن يحرك عناصر جدول أعمال بحثي يختلف -إلى حد كبير- في موضوعاته وصياغته وقضاياه، وأن إخراج "السياسي" و"الدولي" من دائرة القيم أسهم -بدوره- في تبسيط المعقد واختزال الفعل الحضاري المرتبط بهذا الحقل، فإن عمق الفعل السياسي يكمن في القيم الكامنة فيه والمحركة له، وهو ما يحرك أصولا داعمة للفعل الحضاري العمراني، ضمن علاقات يمكن أن تشكل أصولا تقويمية لحركة النظام داخليا كان أم دوليا؛ مركزيا كان أم غير مركزي؛ في مساراته ونمط تفاعلاته وعلاقاته.
وليس ذلك من عيوب تأسيس العلم أو تكوينه، ولكن هو -في حقيقة الأمر- يضمن عملية الوصل بين العلم ووظائفه، وبين العلم وغاياته ومقاصده؛ فيكون الإصلاح في جوهره سياسة وتدبيرا؛ والسياسة في مكنونها ومقاصدها إصلاحا وتغييرا وتأثيرا، إنه المشتل اللغوي الذي يضيف إلينا المعاني الناهضة في مشاتل الإصلاح والتغيير؛ فتكون السياسة تعريفا ومقاما؛ قياما على الأمر بما يصلحه.
x.com/Saif_abdelfatah