لماذا يكشف حزب الله الآن عن بعض أسلحته النوعية؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
يمانيون – متابعات
كانت لافتة مؤخرًا مجموعة الأسلحة النوعية التي كشف عنها حزب الله في مواجهة العدو الإسرائيلي، وذلك ضمن الاشتباك الاستثنائي الذي يخوضه على الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة. وبمعزل عن الأهداف العسكرية والميدانية التي أثبتت هذه الأسلحة بأنها قادرة على تحقيقها، فإنّ أغلب المتابعين كانوا مهتمين وبشكل كبير، بمعرفة الأسباب الحقيقية من وراء كشف المقاومة عن كل هذه القدرات النوعية في المرحلة الأخيرة.
ممّا لا شك فيه أن الهدف من هذا الكشف مؤخرًا هو تكتيكي ميداني محض، ومن الواضح أنه يرتبط بمسار تطور مستوى الاشتباك في مواجهة العدو الإسرائيلي، هذا المسار الذي احترمه حزب الله منذ بداية الحرب على غزة، والذي هو بعنوان دعم ومساندة المقاومة الفلسطينية في معركتها الدفاعية ضد العدوان الصهيوني في غزة وفي الضفة الغربية.
هذا المسار من التطور في مستوى القدرات والأسلحة النوعية، والتي هي ذات طابع تكتيكي، بدأ برماية هواوين بسيطة على مواقع العدو في مزارع شبعا المحتلة، في اليوم الثاني لعملية طوفان الأاقصى، ليتطور لاحقًا إلى رمايات بأسلحة فردية ومتوسطة في المزارع المحتلة المذكورة، ثم توسّع تباعًا إلى اشتباكات في أغلب المواقع الحدودية، وتطور إلى رماية صواريخ موجهة على أبراج المراقبة الحدودية للعدو وعلى وسائله وتجهيزاته كافة الخاصة بالجمع الاستعلامي وبالرصد وبالتنصت، وذلك من خلال استعمال صواريخ موجهة من الجيل الأول بداية، لتصبح لاحقًا من الجيل الثاني (كورنيت) ذات مدى رمي بحدود الـ ٤ كلم، استهدفت أيضًا أغلب دباباته التي كانت تنتشر على مراكزه الحدودية، ولتتطور هذه الأسلحة لاحقًا إلى بركان وطائرات مسيّرة قاذفة انقضاضية، ثم إلى الكورنيت المطور بمدى ١٠ كلم ومنظومة ثار الله المزدوجة الفوهات، والتي ترمي صواريخ الكورنيت.
لاحقًا، كشفت المقاومة عن صواريخ تدميرية موجهة وعن صواريخ ضد الدروع والتحصينات بمسار قوسي غير مباشر مجهزة بكاميرا محورية على الصاروخ، تعطي معطيات الهدف أو المنطقة المستهدفة للرامي أو لغرفة التحكّم بالصاروخ، ليكون الكشف الأخير عن صاروخ فلق ١ البالستي.
الهدف طبعًا هو رفع مستوى الضغط على العدو وردعه بأسلحة تكتيكية نوعية، من دون استعمال أسلحة ردع استراتيجية من التي يفتح استعمالها الباب بشكل شبه مؤكد إلى اندلاع مواجهة واسعة وحرب مفتوحة.
اذًا، نتكلم عن أسلحة تكتيكية نوعية، هدفها فرض توازن ميداني وعسكري على جبهة المواجهة الحالية، وذلك ضمن مسار الاشتباك المفتوح، والذي حتى الآن ما يزال مقيدًا بخطوط يتجاوزها العدو أحيًانًا ليكون ردًأ مناسبًا من حزب الله، من دون الذهاب إلى تطور واسع خارج دائرة القرار الحالي للمقاومة.
هذا المستوى من الردع والتوازن التكتيكي الذي أراد حزب الله فرضه على العدو، من خلال الكشف عن هذه الأسلحة النوعية المذكورة، يمكن فهمه من الناحية العسكرية والميدانية والعملياتية على الشكل الآتي:
1- المسيّرات الانقضاضية: تحقق بفضل إمكاناتها الفعالة في استهداف مواقع خلفية ومحمية للعدو، ما يشبه التوازن إلى حد ما وبنسبة معقولة، مع إمكانات العدو الجوية بالمسيّرات والقاذفات، ولو كان مستوى الدقة والقدرة الجوية لدى العدو أعلى.
2- صاروخا بركان وفلق١: انطلاقًا أيضًا من قدرة الصاروخين التدميرية، والتي تابعناها في أغلب عمليات استهداف مواقع العدو بها، وخاصة صاروخ بركان في أحد استهدافات ثكنة افيفيم، فإنّه قادر أيضًا على إحداث تدمير غير بسيط وقريب إلى القدرة التدميرية التي تسببها غارة جوية للعدو بصاروخ موجه أو بقنبلة ذكية بقدرة تدميرية تقارب الـ ٥٠٠ كلغ من المتفجرات شديدة الانفجار، وعلى مدى يصل إلى ١٠ كلم، حيث تعدّ هي المسافة القصوى التي تتركز فيها ثكنات الحد الأمامي للعدو ومواقعه القتالية والعملانية، والتي تخدم جبهته الدفاعية على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
3- الصواريخ الموجهة المضادة للدروع وللتحصينات: ربما في إجراء مقارنة مع ما حققه ضد دبابات العدو صاروخ كورنيت النسخة القديمة في حرب تموز ٢٠٠٦، حيث كانت مسافة الرمي لديه ٤ كلم، مع ما يمكن أن يحققه اليوم الكورنيت المطور بمدى ١٠ كلم، فإنّ هذه المقارنة كافية لوحدها للتوصل إلى استنتاج أن هذا الصاروخ المطور، مع منظومة ثار الله المزدوجة الفوهات له، سوف يفرض مستوى صادمًا من الردع التكتيكي في مواجهة أي محاولة تقدم أو هجوم مدرع أو مؤلل للعدو إلى الداخل اللبناني.
4- تضاف إلى هذه الإمكانات اليوم، قدرات استثنائية في استهداف أهداف عدوة مخفية ومحمية، ثابتة أو متحركة وعلى مسافة تصل الى ١٠ كلم، وذلك بعد أن كشفت المقاومة عن الصاروخ الموجه المضاد للدروع أو للتحصينات ATGM ذو المسار القوسي، والذي استهدف مؤخرًا قبة تنصت مخفية ومحمية داخل موقع جل العلام المعادي الحدودي.
أخيرًا، ومع إضافة قدرات الرصد والاستعلام الجوي لمواقع عسكرية حساسة داخل الأراضي المحتلة بمسيّرات خاصة بالمراقبة، والتي كشفت عن صورها مؤخرًا المقاومة، وتحديدًا لمنظومة الدفاع الجوي العدوة في موقع كفربلوم في الجليل الأوسط، يمكن أن تتكامل كل هذه الإمكانات مع بعضها لتفرض على العدو مستوى مرتفعًا من الردع التكتيكي الميداني، لن يكون حتمًا إلا مصحوبًا بعمليات اختراق لعناصر المقاومة – ولقوة الرضوان تحديدًا – إلى داخل الجليل المحتل، فيما لو فكر العدو بأي عدوان هجومي مجنون، يرى فيه محاولة للتخلص من الوضع الصعب الذي فرضه حزب الله على جبهته الشمالية وعلى مستوطني الجليل كاملًا.
شارل أبي نادر
المصدر : موقع العهد الاخباري
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: حزب الله مؤخر ا لاحق ا
إقرأ أيضاً:
وهبي يكشف عن أهم التعديلات التي جاءت بها مراجعة قانون الأسرة
قال عبد اللطيف وهبي وزير العدل، إن مضامين مراجعة مدونة الأسرة، تهْدف إلى تجاوز بعض النقائص والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا؛
وأضاف وهبي اليوم الثلاثاء 24 دجنبر 2024، خلال تقديمه الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة، بعد الجلسة التي ترأسها الملك محمد السادس، مساء الاثنين، اضاف نحن اليوم، أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات، كما حددتها الرسالة الملكية السامية، ووفق الضوابط والحدود التي وَضَعتها؛ غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تُناسب مغرب اليوم، قادرة على الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها، في حِرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته، تعزيز مكانة المرأة وحقوقها، وحماية حقوق الأطفال، والمُحافظة على كرامة الرجل؛
وهكذا، فإن من بين ما تم اعتماده، تأسيسا على مقترحات الهيئة والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، يمكن الإشارة، على الخصوص، إلى ما يلي:
أولا- إمكانية توثيق الخِطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج؛
ثانيا- إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك؛
ثالثا- تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفَتى والفَتاة في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يُحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”؛
رابعا- إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط؛
وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيُصبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانِع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية؛
خامسا- إحداث هيئة، غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مَهَمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار؛
سادسا- جعْل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يُغطي جُلها، وتحديد أجل ستة (6) أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق؛
سابعا- تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية؛
ثامنا- اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق، مع قَبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة؛
تاسعا- اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده، في حال الاتفاق، بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سُكْنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به؛
عاشرا-عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها؛
حادي عشر- وضع معايير مرجعية وقيمية تُراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها؛
ثاني عشر- جعل “النيابة القانونية” مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يَتَأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون؛
ثالث عشر- تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلْكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يُجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه؛
رابع عشر- حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون؛
خامس عشر- تفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع “إرث البنات”، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحُكمية مقام الحيازة الفِعلية؛
سادس عشر – فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين، في حال اختلاف الدين؛
وبالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا تَوقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية؛
السيدات والسادة
أما فيما يتعلق بالمقترحات ذات الصبغة العامة، الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، فتهم على الخصوص:
أولا- توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر؛
ثانيا- مراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة؛
ثالثا- تسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث “شباك موحد” على مستوى محاكم الأسرة؛
رابعا- تأهيل المقبلين على الزواج، من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج، مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع؛
خامسا- دراسة إمكانية إحداث سجل وطني تُسجل فيه عقود الزواج والطلاق؛
السيدات والسادة
لقد حرص جلالة الملك نصره الله، خلال إشرافه على كل مراحل هذا الإصلاح، على أن يُحيطه بكل فضائل المشاركة والتملك، وذلك بتوفير إطار للتوافق البناء، القادر على إدماج مساهمة الجميع، كل من موقعه، بالشكل الذي يؤدي إلى استمرار غايات التجديد والتطوير والاجتهاد، التي عبرت عنها مدونة الأسرة لحظة وضعها سنة 2004، وبما حظيت به، من ترحيب وتنويه وطني ودولي، مُشدد على تميز منهج المملكة في الإصلاح؛ المبني على الثبات والتدرج والتراكم، ووسطية واعتدالية مرجعيتها الدينية السمحة، وقُدرة أدوات الاجتهاد المُبدع على خلق التوفيق بين مقاصد الشريعة، وبين التطورات المُسجلة على مستوى الحقوق والحريات؛
لهذا، فإن التعليمات السامية لجلالة الملك، والتي حرص بلاغ الديوان الملكي، في الموضوع، على بَيانها، والموجهة إلى السيد رئيس الحكومة، وإلى السيدة الوزيرة والسادة الوزراء المعنيين مباشرة بمشروع مراجعة مدونة الأسرة، تُؤكد على ضرورة أن تستمر هذه الروح، في مرحلة صياغة مشروع المراجعة، وكذا في سياق مناقشته والتصويت عليه من قبل البرلمان، للوصول إلى اعتماد صيغة جديدة للمدونة، تُثمن مكاسب نُسختها الأولى وتُعضدها، وتُراجع نِقاط تعثُرها. على أن تكون الغاية المشتركة في ذلك، تحقيق المساواة والتوازن الأسري، وترسيخ مبادئ العدل والإنصاف والتضامن والانسجام، بانخراط الجميع، وبحس المواطنة المعهود، لوضع لبنة جديدة في مسلسل دعم دولة الحق والقانون، وبناء المجتمع الديمقراطي، الذي يقوده، بحزم وعزم، جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأَيده.