يمانيون – متابعات
قبلَ أربعِ سنوات كانت جبهة “نهم” واحدةً من أكثرِ الجبهات اشتعالاً في سِياقِ المواجهةِ مع مرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ، لكن الجبهةَ انطفأت إثر العملية التاريخية العظيمة “البُنيان المرصوص”.

التاريخ 29 يناير 2020م..

المكان “جبهة نهم” بمحافظة صنعاء..

والحربُ المستعرة كانت بين فصيلَين:- الأول: مَن ارتموا في حُضن العدوان الأمريكي السعوديّ ويسمَّون “المرتزِقة”، والفصيل الآخر: هم الأبطال المؤمنون المجاهدون من الجيش واللجان الشعبيّة.

نتائج العملية كانت كارثيةً ومؤلمةً على الأعداء، ومثَّلت فتحاً كَبيراً لليمن في سياق معركته مع الأعداء، حَيثُ وصلت قوات الجيش واللجان الشعبيّة إلى مفرق الجوف، وتقدمت والتحمت مع القوات هناك، وبدأت بعد ذلك في عملية هجومية أُخرى لتحرير مناطق في محافظتي مأرب والجوف، وتم تكبيد العدوّ خسائر فادحة واغتنام عتاد عسكري كبير.

بلغ إجمالي مساحة تلك المناطق التي تم تحريرها إلى أكثر 2500 كيلو متر مربع طولاً وعرضاً، فيما بلغت خسائرُ العدوّ خلال هذه العملية في عدد القتلى والمصابين والأسرى، أكثرَ من 3 آلاف و500، منهم ألف وخمسمِئة قتيل وبينهم عدد كبير من القيادات من مختلف المستويات، بينما بلغ عددُ المصابين ألفًا وثمانمِئة وثلاثين مصابًا والمئات من الأسرى.

وتعد عملية “البنيان المرصوص” واحدةً من أهمِّ العمليات العسكرية في تاريخ الحروب المعاصرة، وقد وصفها قائدُ المنطقة العسكرية المركزية، اللواء عبد الخالق الحوثي، بـ “المعجزة”، واعتبرها آيةً من آيات الله؛ لما تجسد فيها من تأييد إلهي عجيب منقطع النظير.

وكان العدوانُ ومرتزِقته قد ركّزوا جهدَهم بشكل كبير حول العاصمة صنعاء، والتي كانت بالنسبة للعدوان هدفاً أَسَاسياً ركز عليه بشكل كبير، وقام بتجييشِ الجيوش للزحف نحو العاصمة ومعهم الإسناد الجوي المكثّـف؛ لكنهم انصدموا بصخرة صماء أمامهم وتفاجأوا بهذه العملية التي استمرت لثلاثة أَيَّـام فقط؛ لخصت مرحلة كبيرة من المواجهة الطويلة والمعارك الشديدة.

ووصف خبراءُ ومحللون عسكريون هذه العملية بـ فاتحة الانتصارات؛ وذلك بعد عملية “نصر من الله” في وادي آل أبو جُبارة؛ فكانت هذه العملية هي الأكبر من حَيثُ الدلالة والمعنى، وقد قلبت موازينَ المعركة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.

وفي هذا السياقِ، يقول الخبير العسكري اللواء الركن عبد الله الجفري: “نستحضرُ تلك الانتصارات والبطولات والتضحيات للمجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ولا ننسى أن نترحَّمَ على أرواح الشهداء والشفاء للجرحى الذين سطَّروا أروعَ الملاحم وأعظم الانتصارات في هذه المعركة المقدسة”.

ويشيرُ اللواء الجفري في تصريحٍ لصحيفة “المسيرة” إلى أنَّ “هذه المعركة اتسمت بالنوعيةِ بكُلِّ المقاييس العسكرية والاستراتيجية، وأنها من أهم العمليات وأضخمها وأقدسها على المستوى العسكري والاستخباراتي والعملياتي والتكتيكي والتي حقّقت إنجازات كبيرة جِـدًّا وانتصارات ساحقة وعظيمة في فترة زمنية قياسية ومساحة شاسعة وبأقل تكلفة وخسائر بشرية رغم المعارك الشرسة التي دارت في مناطقَ ذات طبيعة جغرافية وعرة وتضاريس مناخية قاسية”.

ويلفت الجفري إلى أن “الفضل بعد الله -سبحانه وتعالى- كان لتطوير القدرات العسكرية الاستراتيجية للقوى الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر وبقية الوحدات العسكرية الأُخرى للجيش واللجان الشعبيّة، التي فرضت معادلةً جديدةً لتوازن القوى العسكرية، من خلال استراتيجية (توازن الردع) في قواعد الاشتباك”، مُشيراً إلى أن “العملية أصبحت محلَّ اهتمام الخبراء والمستشارين والمتخصصين العسكريين لدراستها كمنهجٍ يدرَّسُ في الجامعات والأكاديميات والمعاهد والمدارس العسكرية اليمنية للاستفادة منها واستخلاص الدروس والعِبَر”.

دروسٌ عسكرية:

ويرى الخبراءُ العسكريون بأن الذكرى الرابعة للعملية يستفاد منها الكثير من الدروس والعبر المساندة والداعمة للتحَرّك الجهادي على مختلف الميادين والأصعدة؛ حَيثُ يقول الخبير والباحث العسكري زين العابدين عثمان: “إننا نستلهم من “عملية البنيان المرصوص” الكثير من الدروس والمسائل العسكرية الهامة؛ باعتبارها إحدى أكبر وأهمِّ العمليات الهجومية التي نفذتها قواتنا المسلحة ضد قوى العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته؛ كونها حرّرت جبهاتٍ هي الأكثر تعقيداً وأهميّةً عسكرية كجبهة نهم التي كانت أخطر جبهة تعتمدُها قوى العدوان كمحور ضغط رئيسي على العاصمة صنعاء ورأس حربه”.

ويضيف عثمان في تصريحٍ لصحيفة “المسيرة” أن “ما حقّقته عملية البنيان المرصوص يُعتَبَرُ انتصاراً عظيماً لقواتنا بفضل الله تعالى، وتمكيناً كَبيراً لم يكن في الحسبان العسكري، فقد حسمت جبهاتٍ كاملةً، وطهَّرت مساحاتٍ تُقَدَّرُ بـ 2500 كم2 بدايةً من جبهة نهم، ومديريات أُخرى في محافظة الجوف ومأرب”، متبعاً أن “هذه العملية عطلت فرقة عسكرية كاملة من قوات المرتزِقة مشكلة من ٢٢ لواء تم اغتنامُ عتادِها وإلحاق الخسائر الفادحة في عديدها”.

من خصائص عملية البنيان المرصوص كذلك أنها اتسمت بعوامل الإعداد والتخطيط والتنظيم الدقيق والتكامل بين الوحدات العسكرية، وهذه كانت إحدى الجزئيات الهامة، حَيثُ كانت عملية مشتركة تداخلت فيها كُـلّ التشكيلات البرية والجوية والصاروخية التي شكلت قوة مقاتلة نظامية تساندها وحدات نارية شاملة.

ويشير إلى أن “قواتِنا المسلحة ومن خلال هذه العملية وغيرها من العمليات المماثلة أصبح لديها تراكُمٌ من التجارب الناجحة، والتي عزَّزت مستوى الاحترافية والمهارات والقدرات القتالية للمجاهدين بشكلٍ أكثرَ نظاميةً وأكثر فاعلية وقدمت مدارسَ استثنائيةً في فنون الحرب والعلوم العسكرية”.

صدمةٌ للعدو وفشلٌ لمخطّطاته:

من جانبه يشير الخبير العسكري اللواء يحيى المهدي، إلى أن “عملية “البنيان المرصوص” كانت من أهم وأعظم وأكبر العمليات العسكرية التي تحقّقت فيها أروع الانتصارات، وتجلت فيها الآيات الدالة على تحقيق وعود الله ونصره وتأييده للمؤمنين الصادقين الصابرين المرابطين في سبيله، من حَيثُ دقة التخطيط والإعداد والشجاعة والإقدام وقوة الثقة بالله أنه الناصر والمعين.

أما من حَيثُ اجتماع المناطق والقوات المسلحة المختلفة والاشتراك في معركةٍ واحدة وتحت قيادة واحدة ليُهزمَ الجمع ويولوا الدُّبُر؛ يلفت المهدي إلى أن “العدوّ كان يعتبر هزيمتَه في تلك الجبال الشاهقة والتحصينات الكبيرة من تضاريس طبيعية صعبة الاختراق ومن تحصينات إسمنتية رهيبة وحفر خنادق كبرى وتجميع أكبر قوة وعتاد وسلاح لمختلف الوحدات العسكرية مدعومة من أغنى دول العالم، والتي كانت دول العدوان وأحذيتها من العملاء والخونة تعتبر تلك المنطقةَ الكبيرة في مساحتها والشاهقة في ارتفاعها والمدججة بمختلف أنواع الآليات العسكرية وأحدث التكنولوجيا العسكرية والتحصينات المعقدة تعتبرها حصاراً خانقاً ومؤلماً للعاصمة صنعاء،

وتجلَّى ذلك من خلال الزيارات المتعاقبة لكبار قادة دول العدوان ومرتزِقتهم بما فيهم الناطق باسم دول تحالف العدوان (المالكي) الذي تفاخر بوصوله إلى تلك المنطقة المطلة على العاصمة صنعاء، والتي حشد فيها العدوان أكبرَ قوته طيلة أربع سنوات متتالية؛ بهدفِ الانقضاض على العاصمة بقوة لا قِبَلَ لليمنيين بها”.

ويتحدث بأن “عملية البنيان المرصوص كانت مفاجِئَةً وصادمةً ومرعبة للعدو أربكت قيادتَهم وأفشلت كُـلَّ مخطّطاتهم؛ وأن ما بنوه في أربع سنوات بكل الإمْكَانات الكبرى تم هدمُه في أربعة أَيَّـام؛ لتتجلى آيات الله العظمى، كما قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَـمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)”.

ويواصل: “لقد تجلت في تلك المعركة الحاسمة والخاطفة الآياتُ الربانية، من حَيثُ تثبيت أقدام المجاهدين والربط على قلوبهم لاقتحام أكبر وأشد منطقة عسكرية محصَّنة، ومن حَيثُ بثّ الرعب في قلوب الأعداء المعتدين الباغين الظالمين، وجعلهم ينهارون سريعاً، ولم تُغْنِ عنهم قوتُهم من الله شيئاً وضاقت عليهم الأرضُ بما رَحُبت ثم ولوا مدبِرين، ومن حَيثُ تحقيق وعدِ الله بغلبة القلة القليلة من المؤمنين على الفئة الكثيرة من أولياء اليهود والنصارى”.

أما من حَيثُ الدروس المستفادة من عملية البنيان المرصوص في ذكراها الرابعة يلخص اللواء المهدي قائلاً: “مهما كانت إمْكَانات العدوّ كبيرة وتحصيناته عظيمة وخططه محكمة ومهما مكث من سنواتٍ طويلة فَــإنَّ اللهَ قادرٌ على تحطيم كُـلّ ما صنعوا في لمح البصر”.

ويقول: “إن الأهمَّ من كُـلّ ذلك أن يكون ولاؤهم لله ولرسوله وللمؤمنين؛ ليتحقّق لهم النصر المبين، فقد وعد اللهُ كُـلَّ من يتولَّى أُولئك بالغلبة على أعدائهم مهما كانت قوة العدوّ وإمْكَاناته الرهيبة، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وهذا ما يدعونا في هذه الأيّام، ونحن نتعرَّضُ لعدوان أمريكي بريطاني صهيوني مباشر أن نقولَ: إنَّ هلاكهم سيكون في لمح البصر على أيدي “رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً”.

ويزيد: “بالتالي فَــإنَّ الأمريكيين ومن معهم أكثر الناس حرصاً على الحياة وحباً للبقاء فيها وأكثر ولاءً للشيطان الذي أمر الله عباده بقتال أولياء الشيطان ووصف كيد الشيطان بالضعيف والمذموم والمدحور، أما أمريكا فهي تمثِّلُ رأسَ الشر وهي الشيطان الأكبر فسيكون زوالُ هيمنتها وغطرستها وكبرها ونهاية جرائمها على أيدي المستضعَفين في الأرض؛ لتتحقّقَ إرادَة الله تعالى التي قال فيها: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)”.

ويذكر المجاهدون المشاركون في هذه العملية أن التدخُّلَ الإلهي حاضرٌ بقوة في تحييد الطيران؛ فقد أرسل اللهُ في تلك العملية غُيُوماً حجبت الرؤيةَ على الطيران، وأرسل اللهُ الأمطارَ على غير عادتها؛ لتثبِّتَ الأقدام وتتلطَّفَ الأجواءُ الباردة بفعل الأمطار؛ فحمى الله المجاهدين من استهداف الطيران الذي ظل يحلّق لكنه لا يرى الأهداف، كما أن القوةَ الصاروخية كانت قد استهدفت الاتصالاتِ ونجحت في قطع الاتصالات بين المرتزِقة بعضهم ببعض وبينهم وبين طيران التحالف الذي حتى وإن قصف، فقد كانت ضرباتُه عشوائيةً دون جدوى؛ كونه لا يعرف ماذا يحدُثُ على الأرض! وقد شاركت وحداتُ الدفاع الجوي في العملية وكانت لمنظومة فاطر1 دورٌ مهمٌّ في إرباك طيران العدوّ وإعاقته عن شن الغارات إلى جانب استهداف العدوّ في العمق السعوديّ، من خلال عمليات القوة الصاروخية والطيران المسيَّر التي استهدفت مرابضَ الطائرات في الأراضي والمطارات السعوديّة.

وبهذا يتحقّقُ الوعدُ الحَقُّ من الله الذي قطعه لأوليائه وللمؤمنين الذين يسيرون على هديه ومنهاجِه بأن ينجيَهم من كيد الكائدين ويحقّقَ على أيديهم الآيات العظيمة ويغلبَ بهم قوى الاستكبار والجبروت؛ وهو ما تشهدُه اليمنُ والمنطقةُ هذه الأيّام من أحداث وما يتحقَّقُ من انتصاراتٍ ضد رأسِ الشرِّ أمريكا وأتباعِها.

صحيفة المسيرة

4 سنوات على عملية “البُنيان المرصوص”.. طريقُ الانتصارات من “نهم”
قبلَ أربعِ سنوات كانت جبهة “نهم” واحدةً من أكثرِ الجبهات اشتعالاً في سِياقِ المواجهةِ مع مرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ، لكن الجبهةَ انطفأت إثر العملية التاريخية العظيمة “البُنيان المرصوص”.

التاريخ 29 يناير 2020م..

المكان “جبهة نهم” بمحافظة صنعاء..

والحربُ المستعرة كانت بين فصيلَين:- الأول: مَن ارتموا في حُضن العدوان الأمريكي السعوديّ ويسمَّون “المرتزِقة”، والفصيل الآخر: هم الأبطال المؤمنون المجاهدون من الجيش واللجان الشعبيّة.

نتائج العملية كانت كارثيةً ومؤلمةً على الأعداء، ومثَّلت فتحاً كَبيراً لليمن في سياق معركته مع الأعداء، حَيثُ وصلت قوات الجيش واللجان الشعبيّة إلى مفرق الجوف، وتقدمت والتحمت مع القوات هناك، وبدأت بعد ذلك في عملية هجومية أُخرى لتحرير مناطق في محافظتي مأرب والجوف، وتم تكبيد العدوّ خسائر فادحة واغتنام عتاد عسكري كبير.

بلغ إجمالي مساحة تلك المناطق التي تم تحريرها إلى أكثر 2500 كيلو متر مربع طولاً وعرضاً، فيما بلغت خسائرُ العدوّ خلال هذه العملية في عدد القتلى والمصابين والأسرى، أكثرَ من 3 آلاف و500، منهم ألف وخمسمِئة قتيل وبينهم عدد كبير من القيادات من مختلف المستويات، بينما بلغ عددُ المصابين ألفًا وثمانمِئة وثلاثين مصابًا والمئات من الأسرى.

وتعد عملية “البنيان المرصوص” واحدةً من أهمِّ العمليات العسكرية في تاريخ الحروب المعاصرة، وقد وصفها قائدُ المنطقة العسكرية المركزية، اللواء عبد الخالق الحوثي، بـ “المعجزة”، واعتبرها آيةً من آيات الله؛ لما تجسد فيها من تأييد إلهي عجيب منقطع النظير.

وكان العدوانُ ومرتزِقته قد ركّزوا جهدَهم بشكل كبير حول العاصمة صنعاء، والتي كانت بالنسبة للعدوان هدفاً أَسَاسياً ركز عليه بشكل كبير، وقام بتجييشِ الجيوش للزحف نحو العاصمة ومعهم الإسناد الجوي المكثّـف؛ لكنهم انصدموا بصخرة صماء أمامهم وتفاجأوا بهذه العملية التي استمرت لثلاثة أَيَّـام فقط؛ لخصت مرحلة كبيرة من المواجهة الطويلة والمعارك الشديدة.

ووصف خبراءُ ومحللون عسكريون هذه العملية بـ فاتحة الانتصارات؛ وذلك بعد عملية “نصر من الله” في وادي آل أبو جُبارة؛ فكانت هذه العملية هي الأكبر من حَيثُ الدلالة والمعنى، وقد قلبت موازينَ المعركة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.

وفي هذا السياقِ، يقول الخبير العسكري اللواء الركن عبد الله الجفري: “نستحضرُ تلك الانتصارات والبطولات والتضحيات للمجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ولا ننسى أن نترحَّمَ على أرواح الشهداء والشفاء للجرحى الذين سطَّروا أروعَ الملاحم وأعظم الانتصارات في هذه المعركة المقدسة”.

ويشيرُ اللواء الجفري في تصريحٍ لصحيفة “المسيرة” إلى أنَّ “هذه المعركة اتسمت بالنوعيةِ بكُلِّ المقاييس العسكرية والاستراتيجية، وأنها من أهم العمليات وأضخمها وأقدسها على المستوى العسكري والاستخباراتي والعملياتي والتكتيكي والتي حقّقت إنجازات كبيرة جِـدًّا وانتصارات ساحقة وعظيمة في فترة زمنية قياسية ومساحة شاسعة وبأقل تكلفة وخسائر بشرية رغم المعارك الشرسة التي دارت في مناطقَ ذات طبيعة جغرافية وعرة وتضاريس مناخية قاسية”.

ويلفت الجفري إلى أن “الفضل بعد الله -سبحانه وتعالى- كان لتطوير القدرات العسكرية الاستراتيجية للقوى الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر وبقية الوحدات العسكرية الأُخرى للجيش واللجان الشعبيّة، التي فرضت معادلةً جديدةً لتوازن القوى العسكرية، من خلال استراتيجية (توازن الردع) في قواعد الاشتباك”، مُشيراً إلى أن “العملية أصبحت محلَّ اهتمام الخبراء والمستشارين والمتخصصين العسكريين لدراستها كمنهجٍ يدرَّسُ في الجامعات والأكاديميات والمعاهد والمدارس العسكرية اليمنية للاستفادة منها واستخلاص الدروس والعِبَر”.

دروسٌ عسكرية:

ويرى الخبراءُ العسكريون بأن الذكرى الرابعة للعملية يستفاد منها الكثير من الدروس والعبر المساندة والداعمة للتحَرّك الجهادي على مختلف الميادين والأصعدة؛ حَيثُ يقول الخبير والباحث العسكري زين العابدين عثمان: “إننا نستلهم من “عملية البنيان المرصوص” الكثير من الدروس والمسائل العسكرية الهامة؛ باعتبارها إحدى أكبر وأهمِّ العمليات الهجومية التي نفذتها قواتنا المسلحة ضد قوى العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته؛ كونها حرّرت جبهاتٍ هي الأكثر تعقيداً وأهميّةً عسكرية كجبهة نهم التي كانت أخطر جبهة تعتمدُها قوى العدوان كمحور ضغط رئيسي على العاصمة صنعاء ورأس حربه”.

ويضيف عثمان في تصريحٍ لصحيفة “المسيرة” أن “ما حقّقته عملية البنيان المرصوص يُعتَبَرُ انتصاراً عظيماً لقواتنا بفضل الله تعالى، وتمكيناً كَبيراً لم يكن في الحسبان العسكري، فقد حسمت جبهاتٍ كاملةً، وطهَّرت مساحاتٍ تُقَدَّرُ بـ 2500 كم2 بدايةً من جبهة نهم، ومديريات أُخرى في محافظة الجوف ومأرب”، متبعاً أن “هذه العملية عطلت فرقة عسكرية كاملة من قوات المرتزِقة مشكلة من ٢٢ لواء تم اغتنامُ عتادِها وإلحاق الخسائر الفادحة في عديدها”.

من خصائص عملية البنيان المرصوص كذلك أنها اتسمت بعوامل الإعداد والتخطيط والتنظيم الدقيق والتكامل بين الوحدات العسكرية، وهذه كانت إحدى الجزئيات الهامة، حَيثُ كانت عملية مشتركة تداخلت فيها كُـلّ التشكيلات البرية والجوية والصاروخية التي شكلت قوة مقاتلة نظامية تساندها وحدات نارية شاملة.

ويشير إلى أن “قواتِنا المسلحة ومن خلال هذه العملية وغيرها من العمليات المماثلة أصبح لديها تراكُمٌ من التجارب الناجحة، والتي عزَّزت مستوى الاحترافية والمهارات والقدرات القتالية للمجاهدين بشكلٍ أكثرَ نظاميةً وأكثر فاعلية وقدمت مدارسَ استثنائيةً في فنون الحرب والعلوم العسكرية”.

صدمةٌ للعدو وفشلٌ لمخطّطاته:

من جانبه يشير الخبير العسكري اللواء يحيى المهدي، إلى أن “عملية “البنيان المرصوص” كانت من أهم وأعظم وأكبر العمليات العسكرية التي تحقّقت فيها أروع الانتصارات، وتجلت فيها الآيات الدالة على تحقيق وعود الله ونصره وتأييده للمؤمنين الصادقين الصابرين المرابطين في سبيله، من حَيثُ دقة التخطيط والإعداد والشجاعة والإقدام وقوة الثقة بالله أنه الناصر والمعين.

أما من حَيثُ اجتماع المناطق والقوات المسلحة المختلفة والاشتراك في معركةٍ واحدة وتحت قيادة واحدة ليُهزمَ الجمع ويولوا الدُّبُر؛ يلفت المهدي إلى أن “العدوّ كان يعتبر هزيمتَه في تلك الجبال الشاهقة والتحصينات الكبيرة من تضاريس طبيعية صعبة الاختراق ومن تحصينات إسمنتية رهيبة وحفر خنادق كبرى وتجميع أكبر قوة وعتاد وسلاح لمختلف الوحدات العسكرية مدعومة من أغنى دول العالم، والتي كانت دول العدوان وأحذيتها من العملاء والخونة تعتبر تلك المنطقةَ الكبيرة في مساحتها والشاهقة في ارتفاعها والمدججة بمختلف أنواع الآليات العسكرية وأحدث التكنولوجيا العسكرية والتحصينات المعقدة تعتبرها حصاراً خانقاً ومؤلماً للعاصمة صنعاء،

وتجلَّى ذلك من خلال الزيارات المتعاقبة لكبار قادة دول العدوان ومرتزِقتهم بما فيهم الناطق باسم دول تحالف العدوان (المالكي) الذي تفاخر بوصوله إلى تلك المنطقة المطلة على العاصمة صنعاء، والتي حشد فيها العدوان أكبرَ قوته طيلة أربع سنوات متتالية؛ بهدفِ الانقضاض على العاصمة بقوة لا قِبَلَ لليمنيين بها”.

ويتحدث بأن “عملية البنيان المرصوص كانت مفاجِئَةً وصادمةً ومرعبة للعدو أربكت قيادتَهم وأفشلت كُـلَّ مخطّطاتهم؛ وأن ما بنوه في أربع سنوات بكل الإمْكَانات الكبرى تم هدمُه في أربعة أَيَّـام؛ لتتجلى آيات الله العظمى، كما قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَـمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)”.

ويواصل: “لقد تجلت في تلك المعركة الحاسمة والخاطفة الآياتُ الربانية، من حَيثُ تثبيت أقدام المجاهدين والربط على قلوبهم لاقتحام أكبر وأشد منطقة عسكرية محصَّنة، ومن حَيثُ بثّ الرعب في قلوب الأعداء المعتدين الباغين الظالمين، وجعلهم ينهارون سريعاً، ولم تُغْنِ عنهم قوتُهم من الله شيئاً وضاقت عليهم الأرضُ بما رَحُبت ثم ولوا مدبِرين، ومن حَيثُ تحقيق وعدِ الله بغلبة القلة القليلة من المؤمنين على الفئة الكثيرة من أولياء اليهود والنصارى”.

أما من حَيثُ الدروس المستفادة من عملية البنيان المرصوص في ذكراها الرابعة يلخص اللواء المهدي قائلاً: “مهما كانت إمْكَانات العدوّ كبيرة وتحصيناته عظيمة وخططه محكمة ومهما مكث من سنواتٍ طويلة فَــإنَّ اللهَ قادرٌ على تحطيم كُـلّ ما صنعوا في لمح البصر”.

ويقول: “إن الأهمَّ من كُـلّ ذلك أن يكون ولاؤهم لله ولرسوله وللمؤمنين؛ ليتحقّق لهم النصر المبين، فقد وعد اللهُ كُـلَّ من يتولَّى أُولئك بالغلبة على أعدائهم مهما كانت قوة العدوّ وإمْكَاناته الرهيبة، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وهذا ما يدعونا في هذه الأيّام، ونحن نتعرَّضُ لعدوان أمريكي بريطاني صهيوني مباشر أن نقولَ: إنَّ هلاكهم سيكون في لمح البصر على أيدي “رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً”.

ويزيد: “بالتالي فَــإنَّ الأمريكيين ومن معهم أكثر الناس حرصاً على الحياة وحباً للبقاء فيها وأكثر ولاءً للشيطان الذي أمر الله عباده بقتال أولياء الشيطان ووصف كيد الشيطان بالضعيف والمذموم والمدحور، أما أمريكا فهي تمثِّلُ رأسَ الشر وهي الشيطان الأكبر فسيكون زوالُ هيمنتها وغطرستها وكبرها ونهاية جرائمها على أيدي المستضعَفين في الأرض؛ لتتحقّقَ إرادَة الله تعالى التي قال فيها: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)”.

ويذكر المجاهدون المشاركون في هذه العملية أن التدخُّلَ الإلهي حاضرٌ بقوة في تحييد الطيران؛ فقد أرسل اللهُ في تلك العملية غُيُوماً حجبت الرؤيةَ على الطيران، وأرسل اللهُ الأمطارَ على غير عادتها؛ لتثبِّتَ الأقدام وتتلطَّفَ الأجواءُ الباردة بفعل الأمطار؛ فحمى الله المجاهدين من استهداف الطيران الذي ظل يحلّق لكنه لا يرى الأهداف، كما أن القوةَ الصاروخية كانت قد استهدفت الاتصالاتِ ونجحت في قطع الاتصالات بين المرتزِقة بعضهم ببعض وبينهم وبين طيران التحالف الذي حتى وإن قصف، فقد كانت ضرباتُه عشوائيةً دون جدوى؛ كونه لا يعرف ماذا يحدُثُ على الأرض! وقد شاركت وحداتُ الدفاع الجوي في العملية وكانت لمنظومة فاطر1 دورٌ مهمٌّ في إرباك طيران العدوّ وإعاقته عن شن الغارات إلى جانب استهداف العدوّ في العمق السعوديّ، من خلال عمليات القوة الصاروخية والطيران المسيَّر التي استهدفت مرابضَ الطائرات في الأراضي والمطارات السعوديّة.

وبهذا يتحقّقُ الوعدُ الحَقُّ من الله الذي قطعه لأوليائه وللمؤمنين الذين يسيرون على هديه ومنهاجِه بأن ينجيَهم من كيد الكائدين ويحقّقَ على أيديهم الآيات العظيمة ويغلبَ بهم قوى الاستكبار والجبروت؛ وهو ما تشهدُه اليمنُ والمنطقةُ هذه الأيّام من أحداث وما يتحقَّقُ من انتصاراتٍ ضد رأسِ الشرِّ أمريكا وأتباعِها.

– صحيفة المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدوان الأمریکی السعودی الخبیر العسکری اللواء العملیات العسکریة على العاصمة صنعاء الوحدات العسکریة خلال هذه العملیة فی لمح البصر تلک المنطقة قوى العدوان دول العدوان هذه المعرکة والتی کانت أربع سنوات الله تعالى التی کانت آیات الله بشکل کبیر قال تعالى مهما کانت کبیرة من فی تصریح ة عسکریة على أیدی ا ف ی ال فی أربع من خلال من الله إلى أن فی هذه ة التی من أهم ف ــإن ذلک أن فی تلک ک انات

إقرأ أيضاً:

فرانكفورت يعود إلى «سكة الانتصارات»

 
برلين (أ ف ب)

أخبار ذات صلة بايرن ميونيخ.. «نزيف جديد»! كيميتش يفضل بايرن ميونيخ على أموال الخارج»!


عاد آينتراخت فرانكفورت إلى سكة الانتصارات بفوزه الثمين على مضيفه بوخوم 3-1 في المرحلة السادسة والعشرين من بطولة ألمانيا لكرة القدم.
وحسم فرانكفورت نتيجة المباراة في شوطها الأول بتسجيله هدفين عبر مدافعه الدنماركي راسموس كريستنسن (27) ولاعب وسطه الفرنسي جان-ماتيو باهويا (32)، قبل أن ينجح أصحاب الأرض في تسجيل هدف الشرف منتصف الشوط الثاني بواسطة مهاجمه جيريت هولتمان (73).
وقضى البديل الدولي البلجيكي ميشي باتشوياي على آمال بوخوم في إدراك التعادل بتسجيله الهدف الثالث في الدقيقة السادسة من الوقت بدل الضائع.
وتلقى فرانكفورت ضربة موجعة في أواخر المباراة بإصابة لاعب وسطه الدولي التونسي إلياس السخيري في أربطة ركبته اليسرى اثر تدخل قوي من الخلف للاعب الوسط السلوفاكي ماتوس بيرو.
وجاءت إصابة السخيري قبل أيام قليلة من مباراتين مهمتين لمنتخب بلاده في التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026 ضد ليبيريا ومالاوي.
ووضع آينتراخت فرانكفورت حداً لثلاث هزائم متتالية، وحقق فوزه الثالث عشر هذا الموسم رافعا رصيده إلى 45 نقطة في المركز الرابع بفارق الأهداف خلف ماينز الثالث والمتعادل مع فرايبورج 2-2، فيما عاد بوخوم إلى سكة الهزائم بعد فوزه المثير على مضيفه بايرن ميونيخ 3-2 في المرحلة الماضية.
وتجمد رصيد بوخوم عند 18 نقطة في المركز السادس عشر، وهو يواجه خطر التراجع إلى المركز السابع عشر قبل الأخير في حال فوز هايدنهايم الأخير (16 نقطة) أو هولشتاين كيل (17) في قمتهما المرتقبة.
وتأخر انطلاق المباراة قرابة ساعة بسبب لافتات في مدرجات الضيوف كانت تحجب مخرج الطوارئ في الملعب.
وكتب المسؤولون عن الملعب على الشاشات العملاقة للملعب «أعزائي مشجعو آينتراخت فرانكفورت، طالماً أن المخارج وأبواب الطوارئ مغطاة، فلا يمكن أن تبدأ المباراة»، مع إعلان نهائي عبر الميكروفون في الساعة 16:10 كان له تأثير، حيث قام ألتراس فرانكفورت بإزالة اللافتات المعنية.
وعاد لاعبو الناديين إلى أرض الملعب مرة أخرى لإجراء عمليات الإحماء قبل انطلاق المباراة نحو حوالي الساعة 16:20.

 

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • فرانكفورت يعود إلى «سكة الانتصارات»
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الوزارة تضع آليات لضمان استفادة الجيش من خبرات الضباط المنشقين بالشكل الأمثل وتعتبرهم جزءاً أصيلاً من المؤسسة العسكرية ومن الواجب تكريمهم وإعطاؤهم المكانة التي يستحقونها
  • "أونروا": نزوح 35 ألف فلسطيني جراء العملية العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية
  • رسميا: صنعاء تكشف عن الخسائر التي خلفتها الغارات الأمريكية اليوم
  • بعد بدء العملية العسكرية.. ترامب: أقول للحوثيين حان وقتكم
  • الاتحاد الآسيوي يضع خارطة طريق توضح المعايير التي ينبغي الالتزام بها
  • محمد أبو هاشم: آل البيت هم السنة العملية لرسول الله ومكانتهم فرض في الصلاة
  • عاجل . البنك المركزي اليمني يكشف عن نقل مراكز البنوك التي كانت بصنعاء الى إلى عدن. ضربة موجعة للمليشيا الحوثية
  • مدينة جبلة تستعيد حيويتها بعد عودة الأمان وانتهاء العملية العسكرية في الساحل السوري