نقاد يناقشون رواية "ليلة صنع الله" للكاتب فؤاد مرسي بمعرض الكتاب
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
شهدت قاعة "فكر وإبداع" ندوة ضمن فعاليات الأعمال الروائية بالبرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، لمناقشة رواية "ليلة صنع الله" للكاتب فؤاد مرسي، والتى ناقشها الناقد الدكتور حسام جايل، الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الألسن جامعة الأقصر، والناقد الدكتور شوقي عبدالحميد، وأدار الندوة طارق جادو.
فى البداية قدم الكاتب والروائي فؤاد مرسي، نبذه مختصرة عن مقدمة الرواية، التي تعبر عن العصرية كنوع من التعبير عن تعقيدات ذلك العالم، حيث تتناول طبيعة معبرة عن مدى بساطة العالم المسرود أو تعقيده.
وقال الدكتور شوقي عبد الحميد، في نقده وتحليله، إن تجربه الرواية في رؤيتها تعود إلى 25 يناير، حيث كانت واضحة وصريحة في معانيها، بالإضافة إلى أن الكاتب فؤاد مرسي، ترك العديد من المفاهيم إلى القارئ حتى يستطيع اكتشافها بنفسه، كما أنها لم تذكر بصيغة مباشرة أحداث يناير أو التجربة، ولكنها كانت فيها شيء من المشوش وغير واضح.
وأشار إلى أن الكاتب خلق وشبه حالات عديدة من الشخصيات التي كان لديها قيود في النزول أم لا فاعتمد على طريقه السرد غير المباشرة حتى يترك الأمر للقارئ في هذه الأحداث، بالإضافة إلى أنه قسم الرواية رغم صغرها إلى أجزاء عديدة وواضحة ومهمة، من خلال الواقعية التي كانت جزءًا كبيرًا مما حدث على أرض الواقع بالفعل،
وشدد على أنه في نهاية السرد كانت الواقعية هي الأساس في الاعتماد عليها خلال سرد داخل الرواية.
وقال الدكتور حسام جايل: "إن هذا العمل جعلني أعيش معه، حيث اعتمد الكاتب فؤاد مرسي على سرد وتوضيح العالم الواقعي، بالإضافة إلى استخدام الشعر والأدب العربي، كما أنه استطاع التنسيق بين أجزائها المختلفة.
وأشار إلى أن الكاتب اعتمد على القيم الجمالية والإبداعية وهذا ما ظهر بالفعل داخل هذا العمل، كما اعتمد على السرد بكل تفاصيله من وضوح وتعبير مفصل، حيث تحتوي الرواية على رسائل ومعانٍ عديدة، ووسع فكره إلى أقصى حدود ممكن يلجأ إليها القارئ.
وأوضح أن هذه الرواية تستطيع أن تلجأ إليها كل الأجيال والأعمار؛ لأنها لم تلتزم بزمن معين، كما أن البطل الحقيقي في هذه الرواية هو الحدث وليست الأشخاص، معلقا أن الوعي هو أساس إدراك الشخص بما يحدث حوله.
وأضاف جايل: "المرأة كانت ظاهرة أساسية داخل السرد القصصي، حيث أوضح الكاتب داخل هذه الرواية كل مظاهر الحياة والسرد الواقعي بطريقة أدبية عميقة، ومع ذلك تسهل على القارئ فهمها"، موضحًا أن ذلك العمل يشير إلى أن هذا العالم محفوف الأخطار لأن الكاتب يواجه ازدواجيه بين الواقع عن الثورة والخيال السردي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جامعة الاقصر عرض القاهرة الدولي للكتاب قسم اللغة العربية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ الأعمال الروائية فؤاد مرسی أن الکاتب إلى أن
إقرأ أيضاً:
قراءة تحليلية لكتاب “الحرب” للكاتب بوب وودورد
بقلم: إبراهيم برسي - 10 ديسمبر 2024
الكتاب “الحرب” للكاتب الصحفي بوب وودورد يُعتبر شهادة بالغة الأهمية حول فترة عصيبة في السياسة الأميركية، حيث يغوص في التوترات السياسية (political tensions)، الاجتماعية، والأحداث العسكرية التي رسمت معالم العصر الحديث، خاصة في ما يتعلق بصعود الشخصيات المثيرة للجدل مثل دونالد ترامب.
الكتاب ليس فقط انعكاسًا للواقع السياسي المعاصر، ولكنه أيضًا عمل ينتمي إلى السرد الاستقصائي (investigative journalism)، مما يمنحه مزيجًا نادرًا من التحليل الصحفي والتأمل الفكري.
يبدأ الكتاب بتحليل شخصية ترامب كرجل أعمال محتال وطموح، نمت شخصيته على مزيجٍ من النرجسية والدقة الاستراتيجية. وصف وودورد (Woodward) لترامب بأنه شخصية “مصممة للتلاعب بالآخرين بدقة ولمسة من القسوة” يفتح النقاش أمام قراءة فلسفية أعمق. فالكاتب، وإن بدا محايدًا في عرضه، يعكس ظاهرة يمكن ربطها بمفهوم “الإرادة إلى القوة” عند نيتشه، حيث يتجسد ترامب كفرد يسعى للسيطرة على محيطه، سواء في السياسة أو الأعمال، اعتمادًا على إحساسه الداخلي بالعظمة والتفرد.
لكن هذه العظمة ليست سوى واجهة تخفي خواءً داخليًا، يظهر في لحظات المواجهة، مثلما كشف وودورد في تعامله مع الهزيمة السياسية.
في أحد الفصول، يروي الكاتب كيف قاوم ترامب قبول نتائج انتخابات 2020، معتبرًا إياها “مزورة” (fraudulent)، وهو موقف يعكس عدم قدرته على تقبل الفشل كواقع، مما يُذكر بفلسفة هيغل حول صراع السيد والعبد، حيث يرفض السيد، هنا ترامب، مواجهة لحظة الانكسار.
وودورد أيضًا يُدخل القارئ في خفايا القرارات العسكرية والدبلوماسية التي اتخذتها الإدارة الأميركية، خاصة في علاقتها مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين. هنا، يظهر التركيز على نزعة الهيمنة، ليس فقط عند ترامب، ولكن أيضًا في بنية النظام الأميركي نفسه. التوتر بين القيم الديمقراطية المعلنة والسياسات القمعية التي تُمارس داخليًا وخارجيًا تضع الديمقراطية الأميركية في مواجهة مع ذاتها، ما يذكرنا بآراء الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي حول الهيمنة الثقافية (cultural hegemony). فالولايات المتحدة، بحسب سرد وودورد، تبدو كما لو أنها تمارس “ديكتاتورية ناعمة”، تسعى من خلالها لإقناع الداخل والخارج بشرعية سياساتها من خلال بروباغندا إعلامية (media propaganda) ودبلوماسية موجهة.
من زاوية اشتراكية، يمكن استدعاء نقد كارل ماركس للرأسمالية هنا، حيث يُبرز الكتاب كيف تُسخّر الأنظمة السياسية المؤسسات لتحقيق مكاسب اقتصادية على حساب الطبقات الدنيا.
التركيز في الكتاب على دور الشركات الكبرى في تمويل الحملات السياسية وتحكمها في الاقتصاد الأميركي يكشف مدى التواطؤ بين النخبة السياسية والاقتصادية. هذه العلاقة الملتبسة بين الدولة ورأس المال تجعل “الحرب”، سواء العسكرية أو الاقتصادية، مجرد وسيلة لإعادة إنتاج نظام الهيمنة.
وودورد يستخدم لغة مباشرة وسردًا غنيًا بالتفاصيل، لكنه يترك المجال للقارئ للتأمل والتفكير في البنية الفلسفية للظواهر التي يصفها. على سبيل المثال، تصويره للأحداث العنيفة التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول، يُظهر كيف يمكن للخطاب الشعبوي أن يتحول إلى أداة تحريض للفوضى. هنا، يمكن استدعاء فكرة جان بول سارتر عن “الحرية المطلقة” (absolute freedom)، حيث تصبح الحرية غير المنضبطة قوة مدمرة حين تُستخدم كذريعة لتبرير أعمال غير أخلاقية.
كما أن الكتاب يسلط الضوء على التحولات الجيوسياسية الكبرى التي تطرأ نتيجة التغيرات في موازين القوى (balance of power) العالمية، وهو ما يعيدنا إلى مفهوم هيغل عن “روح العالم”، حيث تسعى الأمم إلى تحقيق أهدافها كجزء من حركة تاريخية أوسع. لكن في “الحرب”، هذه الحركة تبدو وكأنها فقدت وجهتها الأخلاقية، حيث يتم اختزال القيم الإنسانية في حسابات مادية بحتة.
بوب وودورد يقدم عملًا ذا قيمة عالية في توثيق الحقبة، لكنه يقع أحيانًا في فخ الحياد السطحي، حيث يغيب التحليل النقدي الجذري للبنية السياسية والاقتصادية التي يُفترض أن الكتاب يكشف عيوبها.
لا يطرح الكاتب بدائل حقيقية للواقع المأزوم، بل يكتفي بتقديم صورة تشريحية لهذا الواقع.
الكتاب يكشف في النهاية عن أزمة أعمق بكثير من السياسة أو القيادة الفردية؛ إنها أزمة نظام، أزمة قيم، وأزمة رؤية.
“الحرب” ليس مجرد كتاب عن ترامب أو أميركا، بل هو شهادة على عصر تتصارع فيه القوى العظمى على حساب مستقبل الإنسانية، مما يجعله نداءً للتأمل في طبيعة الصراع نفسه: هل هو صراع من أجل الهيمنة (dominance)، أم صراع من أجل البقاء؟
zoolsaay@yahoo.com