هآرتس: دول خليجية وعربية تمنع أمريكا من معاقبة إيران.. واستراتيجة طهران أرهقت واشنطن
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
خلقت إيران شبكة توازن منسوجة جيدا مع دول الخليج قبل اندلاع الحرب الحالية في غزة وتداعياتها الإقليمية، ما ترك الولايات المتحدة تائهة الآن في حرب لا تستطيع تصعيدها لتكون ضد إيران، ولكن فقط ضد جماعات تدعمها إيران، وهو ما يعني أن طهران باتت تضع الآن استراتيجيتها الناجحة في المنطقة بينما تكتفي الولايات المتحدة بردود باهتة.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، مشيرا إلى أن إدارة بايدن نجد نفسها الآن تخوض حربا ثانوية مستمرة ضد الميليشيات الموالية لإيران، دون جدوى، ما أضر بقوة الردع الأمريكي مجددا في نظر حلفائها بالمنطقة.
ورغم توعد بايدن بالرد على الهجوم الذي شنته ميليشيات مدعومة من إيران على قاعدة عسكرية أمريكية، شمال شرقي الأردن وأدى لمقتل 3 جنود أمريكيين، فإن واشنطن تسارع، على الجهة الأخرى، لمحاولة تهدئة المنطقة، وتسعى لوقف الحرب في غزة، ولو مؤقتا.
اقرأ أيضاً
إيران: لسنا مسؤولين عن أفعال أي مجموعة بالمنطقة
حرب ثانوية مرهقةوهكذا، تجد واشنطن نفسها في حرب ثانوية مرهقة ومستمرة مع الجماعات والميليشيات وليس مع الدول.
ويقول التحليل إن حرب غزة تسببت في أضرار جسيمة لاقتصاديات دول المنطقة، التي أدركت بالفعل أن الردع الأمريكي لم يظهر نتائج حقيقية.
وبعض تلك الدول، بما فيها مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، بادرت إلى خطوات "خاصة" لم يتم تنسيقها مع الولايات المتحدة، ليس فقط في التواصل مع هذه الجماعات، بل أيضاً فيما يتعلق بإيران.
ولفت التحليل إلى ما نشره موقع "العربي الجديد"، قبل يومين، حول طلب مصر من الحوثيين قصر هجماتهم على السفن المتوجهة لإسرائيل فقط، وعدم توسيعها لتشمل سفن غربية، في محاولة لتقليل التأثير السلبي على قناة السويس، لكن الحوثيون رفضوا الطلب المصري، رغم مشاركة إيران في تلك المحادثات.
من جانبها، تواصل السعودية متابعة الخطوات الدبلوماسية نحو اتفاق السلام مع الحوثيين في اليمن، ولا تريد إفساده.
وكانت الإمارات أول الدول التي سارعت إلى التهدئة مع الحوثيين في اليمن والتوصل إلى اتفاق يحميها من هجمات الجماعة اليمنية.
أما قطر، فهي حليف قديم لإيران، وستعارض بشدة أيضا أية تحركات أمريكية ضد طهران.
اقرأ أيضاً
حسابات معقدة للرد على إيران.. بوليتيكو: هذا ما يخشاه بايدن
شبكة أمان لإيرانويخلص التحليل إلى أن شبكة الاتصالات التي أنشأتها إيران مع دول الخليج العربي، والتي بلغت ذروتها العام الماضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وتحسس إعادة العلاقات مع مصر، توفر شبكة أمان تشكل جزءًا من توازن الردع الذي كانت الولايات المتحدة تحاول بناءه في أعقاب اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
والنتيجة هي أن أي إجراء تنوي واشنطن اتخاذه ضد إيران سيصطدم بحاجز دفاعي توفره هذه الشبكة من الدول العربية، يقول التحليل.
ولتوازن الردع هذا أيضا جانب دبلوماسي، بحسب التحليل، بدليل مطالبة العراق الولايات المتحدة سحب قواتها منه، بعد أن هاجم الجيش الأمريكي أكثر من 150 هدفًا أمريكيًا في سوريا والعراق منذ بداية الحرب.
وبعد أن قال الأمريكيون إنهم لا ينوون سحب قواتهم، وأنهم موجودون في العراق في إطار القتال ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، التقى فريق من المهنيين العراقيين والأمريكيين للمرة الأولى، السبت الماضي، لمناقشة الجدول الزمني والترتيبات اللازمة لانسحاب القوات.
وترى الصحيفة أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق الانسحاب، فسيشكل ذلك انتصاراً حقيقياً للميليشيات الموالية لإيران ولإيران نفسها.
وضمن شبكة العلاقات التي تقيد قدرتها على الرد بشكل كامل ومباشر ضد إيران، تحاول واشنطن التفاوض مع طهران لتهدئة المنطقة.
اقرأ أيضاً
إيران تجدد دعوتها قطع الشرايين الاقتصادية والسياسية لإسرائيل
مفاوضات للتهدئةوفي 8 يناير/كانون الثاني الجاري، قال السفير الإيراني لدى سوريا، حسين أكبري، في مقابلة، إنه "قبل عشرة أيام، نقلت الولايات المتحدة رسالة إلى إيران عبر إحدى دول الخليج [لم يذكر اسمها]، مفادها أن واشنطن مهتمة في ترتيب شامل في المنطقة وليس مجرد حلول جزئية".
وإذا كانت ادعاءات أكبري صحيحة - ولم يتم نفيها حتى الآن - فإنها تتناقض مع الرسائل التي تم نقلها إلى طهران عبر سفارة سويسرا، التي تمثل الولايات المتحدة في العاصمة الإيرانية.
وحتى الآن، صدرت بشكل رئيسي تحذيرات وتهديدات ضد تورط الجيش الإيراني في المنطقة.
وتتحدث تقارير أخرى عن مشاركة دبلوماسية مكثفة من جانب السعودية، التي تقوم، مع عمان وقطر، بنقل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
إما وقف إبادة غزة أو حرب إقليمية.. موقع أمريكي: على بايدن الاختيار الآن
السعودية معنية بالتهدئةويشارك السعوديون أيضًا في التطورات السياسية في لبنان بهدف إخراج البلاد من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها منذ عام 2019.
ويبدو أن الرياض أصبحت شريكاً في الحديث مع طهران، وهي مستعدة لتخفيف موقفها تجاه "حزب الله" – بالقدر اللازم للتوصل إلى تسوية بشأن تعيين رئيس لبناني وحكومة لبنانية – وتسوية مسألة الحدود اللبنانية الإسرائيلية بطريقة تزيل خطر المواجهة بين إسرائيل و"حزب الله".
ويختم التحليل بالقول: المشكلة هي أن هذه التطورات، التي هي نتاج الحرب في غزة، تترك الولايات المتحدة دون خطة منظ، . فهي تتطلب من الولايات المتحدة تحديد استراتيجيتها بناءً على ردود إيران وتصرفات الميليشيات التي تخلق واقعًا دبلوماسيًا جديدًا من خلال الهجمات التكتيكية.
المصدر | هآرتس - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية إيران حرب غزة دول الخليج العلاقات الإيرانية الخليجية العلاقات الأمريكية الإيرانية الولایات المتحدة اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
بينما كانت التهديدات المتبادلة -حول القصف والرد- سيدة الموقف بين واشنطن وطهران قبل أسابيع، انتقل الجانبان إلی موقف دبلوماسي يُرجح التفاهم مستقبلا. ولا يخرج الوضع القائم عن أولويات أي من الطرفين. فإيران تريد إلغاءً للعقوبات وواشنطن تريده اتفاقا يضع سقفا للتطور النووي في إيران.
وبدأت في 12 أبريل/نيسان الجاري، جولة جديدة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عمانية. ورغم اختلاف المقاربات حول طبيعة تلك الجولة وما سيُتفاوض فيه خلالها، فإن الراشح منها واتفاق الجانبين على استمرارها يوحي بإيجابيتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أفريقيا ساحة تنافس عالمي متزايد على المعادن الإستراتيجيةlist 2 of 2السلام البارد أو التصعيد العسكري.. إلى أين تسير علاقات مصر وإسرائيل؟end of listوحول آفاق هذه الجولة وقدرتها على إيقاف خطاب التهديد، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "جولة دبلوماسية جديدة بين إيران والولايات المتحدة: المستجد والمآلات" تناول الأستاذ بجامعة طهران حسن أحمديان الدوافع وراء العودة لهذه المفاوضات ومآلاتها المحتملة.
وكانت إيران قد وقعت للتو الاتفاق النووي حينما وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبيت الأبيض المرة الأولى عام 2016، وأجهز عليه بعد عامين معلنا إنهاء التزام بلاده ببنوده.
ويعود ترامب اليوم إلى المربع الأول بالتشديد على منع إيران من التسلح النووي، وهو ما تضمنه الاتفاق السابق، لكن المختلف هذه المرة هو السياق الذي يشمل نوعية العقوبات التي فرضها ترامب بولايته السابقة، والمتغيرات الإقليمية التي وصلت بالمواجهة إلى ذروتها خلال الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل خلال عام 2024.
وبينما واصل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ممارسة "الضغوط القصوى" ولم يعد إلى الاتفاق النووي، أبدت إيران مقاومة شرسة أمام العقوبات كادت أن تصل في بعض المناسبات إلى الصدام المباشر.
إعلانوبعد الخطاب المعادي الذي أبداه ترامب تجاه إيران، عاد مرة أخرى إلى فكرة مواءمة احتمالات التفاهم مع طهران بعد إظهار انفتاحها على الدبلوماسية الثنائية، وشرع ترامب في العبور من الضغوط القصوى إلى طاولة الحوار، واضعا إياها كخيار إستراتيجي للتعاطي مع طهران ومقايضتها.
بالنسبة لإيران، ثمة حاجة للحد من الضغوط الاقتصادية عبر تفاهم يقيد برنامجها النووي بصيغة مشابهة لاتفاق 2015، ويجب عليها بالمقابل إبداء الشفافية النووية التي توضح تراجع التقدم الواسع في برنامجها النووي.
وبالنظر إلى تعرض طهران للّدغ من ترامب عام 2018، فإن المفاوضات تشتمل في أغلب الظن على سبل وأدوات الضمان وتوثيق التزامات واشنطن بما يضمن عدم تنصلها في المستقبل، وهو ما يراه آخرون صعبا إن لم يكن مستحيلا.
وبالنسبة لواشنطن، لا هدف سوى منع طهران من امتلاك سلاح نووي. إلا أن هناك خلافا -بين من مستشار الأمن القومي مايكل والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو من جهة، ورئيس فريق التفاوض ستيف ويتكوف وجيه دي فانس نائب الرئيس من جهة أخرى- حول استغلال حالة الضعف الإيرانية للحصول على كل المرجو منها، أو التعامل بواقعية والالتقاء في مساحة الممكن الإيراني، بينما يميل ترامب إلى الفريق الثاني بتأكيده أنه لا يريد سوى منع تسلح إيران نوويا.
وبين هذا الخلاف، تشق طهران طريقها في المفاوضات، فالمرشد الأعلى علي خامنئي يتكلم عن الوقوف بين التشاؤم والتفاؤل، في حين يطالب وزير الخارجية عباس عراقجي واشنطن بعدم وضع شروط غير واقعية على الطاولة.
ورغم أن إلغاء العقوبات يعد الهدف الأساسي من وراء المفاوضات مع واشنطن، فإن طهران تنظر إلى الحد من إمكانية المواجهة بوصفها هدفا قد يؤثر على موقفها.
إعلانويشترك الطرفان بالرغبة في تجنب المواجهة، فترامب يعلم أن كلفة الحرب باهظة، وقد حرص الإيرانيون في مناوراتهم على إظهار جوانب من قدراتهم وما قد تصل إليه كلفة الحرب.
ويظهر في تجاوز إيران لما كان محرما سابقا في عقد مفاوضات ثنائية -وإن كانت غير مباشرة مع الولايات المتحدة- أنها في حاجة ملحة لإلغاء العقوبات، خاصة وأنها مع الرئيس الذي تنصل من الاتفاق النووي وفرض عليها عقوبات قصوى واغتال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني.