لجريدة عمان:
2025-02-07@03:43:49 GMT

من جديد: هل ينفع الهربُ إلى المكتبة؟

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

من منا يستطيع أن يقوم بفعل أي شيء، دون أن تحيط به سحابة قاتمة من الشعور بالذنب. من يستطيع أن يحتفل أو يلتقي بالأصدقاء والأحبة، دون أن يبذل جهدًا كبيرًا لدفع فلسطين وما يحدث فيها إلى ما وراء ذهنه، ومع هذا ينتابه العجز الشديد جراء فعل ذلك. بالنسبة لي ولأصدقائي، ممن مثلت القراءة بالنسبة لنا، الملاذ الذي اعتمدناه كل العمر لكي لا يصبح هنالك مجال لأي شيء آخر عدا ما نقرأ، فقدنا أخيرا هذه الصلة، وإذا ما قرأنا، فإننا نتململ سريعا، وأكثرنا نجاة من عاد ليقرأ في التراث أو الأدب العربي المعاصر.

أحد الأصدقاء تأثر بأطروحة عالم الاجتماع الفرنسي هنري لوفيفر «الحق في المدينة» وقد قدم للمكتبة العربية قراءة متواشجة ومتقاطعة مع أطروحة لوفيفر والمدينة العربية، يسائل حضور لوفيفر في الكتابة النقدية العربية واستهلاكه بتطرف خلال السنوات الأخيرة. لكن الأمر تغير كثيرا بالنسبة لصديقي هذا بعد السابع من أكتوبر الماضي، ومع استمرار العدوان على غزة، وجد أنه من السخف بما كان أن ينطلق من أدبيات أوروبية في أطروحته حول المدينة العربية، لم يعد يستطيع فعل ذلك بعد الآن، لذا انكب على التراث وما زال يفعل، علّ روحه تجد ما تسلو به.

أما أنا فلقد قرأت أدبا عربيا، والكثير من الشعر العربي في الآونة الأخيرة، لكنني وجدتُ ضالتي في الأدب اللاتيني، بدا أن هذا العالم أكثر صدقا وتوافقا مع نفسه، تلقفتُ ماركيز في «خبر اختطاف» التي لم أقرأ من قبل، وكولمبيا إبان الاختطافات البابلو اسكوبارية، أتهجأ الأسماء ببطء، وأحاول حفظ الأسماء التي تستخدم لتدليل كل شخصية. أحاول اكتشاف أصولها، ومتابعة الثقافة الحية والملونة للاتينيين. قرأتُ الرواية ببطء غير مسبوق، مكتوبة كما لو أنها تقرير صحفي، إلا أن ماركيز ببصيرته النافذة وشعريته المتجاوزة، يضيء لك النص في جمل مختارة، تشفُ عما تعجز اللغة الصحفية عن الإتيان به. سرعان ما تحول الأمر لفضول أعيشه للمرة الأولى تجاه الموسيقى اللاتينية، وتعرفتُ أخيرا على Camarón de la Isla، والتفتُ لصديق بجانبي قائلة: ماذا لو أن العالم أقل قسوة مما هو عليه، أقل رعبا، وأكثر دعة، ماذا لو أن مركز العالم هم اللاتينيون أو الهنود، ماذا لو لم يكن هنالك مركز واحد؟ ثم بكيت.

وفي الوقت الذي أحار فيه ماذا أقرأ لكي أنسى وأهرب. فقد أصدقائي ممن غادروا غزة قبل سنوات مكتباتهم، بعضهم فقدها في تدمير كامل لبيوتهم، أما معظم أصدقائي فلقد شاهدوا صور كتبهم وهي تتحول لنار، يحاول أهلهم التدفئة بها أو استخدامها في الطبخ. تخيلتُ أن أفقد مكتبتي بهذه الطريقة العنيفة وعرفتُ جيدا كيف أن ما يحدث الآن لا عودة منه على الإطلاق. تماسك بعض أصدقائي الغزيين وانهار البعض الآخر منهم، ميزوا تلك الكتب التي تحرق حتى والصور التي تصلهم مترددة وشحيحة في ظل انقطاع الاتصالات المستمر في غزة، أردتُ أن أسألهم واحدا واحدا: قل لي هل هنالك كتاب وحيد أوصيت بعدم حرقه؟ ماذا سيكون؟ قبل فترة أهداني صديقي الغزي أعدادا قديمة من مجلة الكرمل، تعود للثمانينيات والتسعينيات أوصى عائلته بأن ترسلها له من مكتبته الصغيرة التي غادرها قبل أربع سنوات دون أمل قريب بالعودة، وذلك مع صديقة لنا عادت لزيارة أهلها بعد سنوات هي الأخرى. لديّ الآن في مكتبتي إذن، مشاريع نجت من الحرق، جثثٌ محتملة لتدفئة الأجساد المتجمدة من البرد القارص، لدي أعداد من مجلة الكرمل، فيها رسمت فنانة فلسطينية من غزة لا أعرف إن كانت ما زالت على قيد الحياة، رسوما بقلمها الرصاص فوق القصائد، وفوق مختارات من ديوان الغائب لبول شاؤول، الأمر الذي دفعني يومها لكي أسأل صديقي هذا، هل أحبتك هذه الرسامة؟ لابد وأنها فعلت، خصوصا وقد تركت وردة لتجف في وسط ذلك العدد من الكرمل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح حكم من لا يستطيع الوفاء بالنذر

أجاب الشيخ محمد كمال، أيمن الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال من شعبان علي من محافظة بني سويف، حول حكم استبدال النذر، بمال أقل مما نذره، عندما يعجز عن الوفاء به؟

حكم عدم القدرة على الوفاء بالنذر

وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، حلقة برنامج فتاوى الناس، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء: «النذر هو تعهد من الإنسان لله سبحانه وتعالى بأن يقوم بفعل معين أو ينفق مالًا في سبيل الله إذا تحقق أمر معين، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، وهذه دعوة للالتزام بما نذرناه إذا كان في مقدورنا الوفاء بذلك."

وأوضح الشيخ محمد كمال: «لكن في حال كنت قد نذرت شيئًا مثل ذبح ذبيحة أو دفع مبلغ من المال، ثم وجدَت نفسك في وضع مالي صعب، حيث لا تستطيع الوفاء بالنذر، فلا حرج عليك في هذه الحالة، كما قال العلماء في مذهب الأحناف، يجوز استبدال النذر بمبلغ مالي يعادل قيمته، بمعنى أنه إذا كنت قد نذرت ذبح ذبيحة ولكنك لا تستطيع، يمكنك أن تخرج قيمتها نقدًا، وذلك لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وبالتالي تفي بما نذرته».

هل يجوز استبدال النذر؟

وأضاف: «أما إذا كان النذر الذي نذرته قد يتطلب منك فعلًا أكبر من قدرتك، مثل نذر ذبح بقرة أو أضحية أكبر، فلا يجوز استبدالها بشيء أقل من قيمتها، ولكن يمكن استبدالها بشيء أعلى من النذر إذا كنت قادرًا على ذلك».

وأوضح: «أما في حالة أنك لم تستطع الوفاء بالنذر بشكل كامل، فيمكنك أداء كفارة النذر التي تكون إما إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، كما ذكر في الحديث الشريف، وإذا كانت الظروف قد تحسنت بعد فترة وتمكنت من الوفاء بنذرك، فيفضل أن تقوم بالوفاء به من باب الاستحباب، لأن العلماء اختلفوا في وجوبه في هذه الحالة».

 

مقالات مشابهة

  • جدل العربية في اسم سوريا.. ماذا تعرف عن أسماء الدولة السورية خلال مئة عام؟
  • لص يسقط من الطابق الخامس أثناء محاولته الهرب
  • بالصور.. افتتاح معرضاً للكتاب في المكتبة العامة بقنا
  • منتدى العشيات بحتفي بالكاتب فراس بني هاني في المكتبة الوطنية.
  • (طلس معتت) غير صالح للأكل الآدمي فقط ينفع علف قحاتة
  • إيكونوميست: خطة ترامب لامتلاك غزة ورقة تفاوض أم هراء ينفع نتنياهو؟
  • يحاول يهرب من الأهالي.. سقوط لص من الطابق الخامس بميت عقبة
  • هل يستطيع ترامب كسب الحروب التجارية قبل "الرصاصة الأولى"؟
  • حكم من لا يستطيع الوفاء بالنذر.. أمين الفتوى يوضح
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح حكم من لا يستطيع الوفاء بالنذر