لجريدة عمان:
2024-10-05@02:44:07 GMT

من جديد: هل ينفع الهربُ إلى المكتبة؟

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

من منا يستطيع أن يقوم بفعل أي شيء، دون أن تحيط به سحابة قاتمة من الشعور بالذنب. من يستطيع أن يحتفل أو يلتقي بالأصدقاء والأحبة، دون أن يبذل جهدًا كبيرًا لدفع فلسطين وما يحدث فيها إلى ما وراء ذهنه، ومع هذا ينتابه العجز الشديد جراء فعل ذلك. بالنسبة لي ولأصدقائي، ممن مثلت القراءة بالنسبة لنا، الملاذ الذي اعتمدناه كل العمر لكي لا يصبح هنالك مجال لأي شيء آخر عدا ما نقرأ، فقدنا أخيرا هذه الصلة، وإذا ما قرأنا، فإننا نتململ سريعا، وأكثرنا نجاة من عاد ليقرأ في التراث أو الأدب العربي المعاصر.

أحد الأصدقاء تأثر بأطروحة عالم الاجتماع الفرنسي هنري لوفيفر «الحق في المدينة» وقد قدم للمكتبة العربية قراءة متواشجة ومتقاطعة مع أطروحة لوفيفر والمدينة العربية، يسائل حضور لوفيفر في الكتابة النقدية العربية واستهلاكه بتطرف خلال السنوات الأخيرة. لكن الأمر تغير كثيرا بالنسبة لصديقي هذا بعد السابع من أكتوبر الماضي، ومع استمرار العدوان على غزة، وجد أنه من السخف بما كان أن ينطلق من أدبيات أوروبية في أطروحته حول المدينة العربية، لم يعد يستطيع فعل ذلك بعد الآن، لذا انكب على التراث وما زال يفعل، علّ روحه تجد ما تسلو به.

أما أنا فلقد قرأت أدبا عربيا، والكثير من الشعر العربي في الآونة الأخيرة، لكنني وجدتُ ضالتي في الأدب اللاتيني، بدا أن هذا العالم أكثر صدقا وتوافقا مع نفسه، تلقفتُ ماركيز في «خبر اختطاف» التي لم أقرأ من قبل، وكولمبيا إبان الاختطافات البابلو اسكوبارية، أتهجأ الأسماء ببطء، وأحاول حفظ الأسماء التي تستخدم لتدليل كل شخصية. أحاول اكتشاف أصولها، ومتابعة الثقافة الحية والملونة للاتينيين. قرأتُ الرواية ببطء غير مسبوق، مكتوبة كما لو أنها تقرير صحفي، إلا أن ماركيز ببصيرته النافذة وشعريته المتجاوزة، يضيء لك النص في جمل مختارة، تشفُ عما تعجز اللغة الصحفية عن الإتيان به. سرعان ما تحول الأمر لفضول أعيشه للمرة الأولى تجاه الموسيقى اللاتينية، وتعرفتُ أخيرا على Camarón de la Isla، والتفتُ لصديق بجانبي قائلة: ماذا لو أن العالم أقل قسوة مما هو عليه، أقل رعبا، وأكثر دعة، ماذا لو أن مركز العالم هم اللاتينيون أو الهنود، ماذا لو لم يكن هنالك مركز واحد؟ ثم بكيت.

وفي الوقت الذي أحار فيه ماذا أقرأ لكي أنسى وأهرب. فقد أصدقائي ممن غادروا غزة قبل سنوات مكتباتهم، بعضهم فقدها في تدمير كامل لبيوتهم، أما معظم أصدقائي فلقد شاهدوا صور كتبهم وهي تتحول لنار، يحاول أهلهم التدفئة بها أو استخدامها في الطبخ. تخيلتُ أن أفقد مكتبتي بهذه الطريقة العنيفة وعرفتُ جيدا كيف أن ما يحدث الآن لا عودة منه على الإطلاق. تماسك بعض أصدقائي الغزيين وانهار البعض الآخر منهم، ميزوا تلك الكتب التي تحرق حتى والصور التي تصلهم مترددة وشحيحة في ظل انقطاع الاتصالات المستمر في غزة، أردتُ أن أسألهم واحدا واحدا: قل لي هل هنالك كتاب وحيد أوصيت بعدم حرقه؟ ماذا سيكون؟ قبل فترة أهداني صديقي الغزي أعدادا قديمة من مجلة الكرمل، تعود للثمانينيات والتسعينيات أوصى عائلته بأن ترسلها له من مكتبته الصغيرة التي غادرها قبل أربع سنوات دون أمل قريب بالعودة، وذلك مع صديقة لنا عادت لزيارة أهلها بعد سنوات هي الأخرى. لديّ الآن في مكتبتي إذن، مشاريع نجت من الحرق، جثثٌ محتملة لتدفئة الأجساد المتجمدة من البرد القارص، لدي أعداد من مجلة الكرمل، فيها رسمت فنانة فلسطينية من غزة لا أعرف إن كانت ما زالت على قيد الحياة، رسوما بقلمها الرصاص فوق القصائد، وفوق مختارات من ديوان الغائب لبول شاؤول، الأمر الذي دفعني يومها لكي أسأل صديقي هذا، هل أحبتك هذه الرسامة؟ لابد وأنها فعلت، خصوصا وقد تركت وردة لتجف في وسط ذلك العدد من الكرمل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

نقيب أطباء لبنان: القطاع الصحي يستطيع استيعاب أعداد هائلة من الجرحى (فيديو))

قال الدكتور يوسف بخاش، نقيب أطباء لبنان، إنّ عدد ضحايا لبنان تجاوز 1930 شهيدا  وفقا لإحصائيات وزارة الصحة العامة، كما أنّ عدد الإصابات منذ بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان تخطى 9290 مصابا، موضحا أنّ القطاع الطبي بلبنان استطاع التأقلم والتعامل مع كل هذه الإصابات، ولكن كانت الأوضاع الصحية صعبة في بعض الأحيان خاصة عند تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية «البيجر» الذي أدى إلى أكثر من 2500 إصابة.

حسام زكي: الاعتداءات على لبنان لن تحقق الأمن لأي طرف أستاذ علاقات دولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب مكتملة الأركان في لبنان العدوان الإسرائيلي

وأضاف «بخاش»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية منى عوكل، عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ القطاع الطبي في لبنان استطاع التعامل السريع  والاستيعاب لأعداد كبيرة من جرحى العدوان الإسرائيلي، إذ قدم لهم الخدمات الجراحية الأولية، مشيرا إلى أنّ المستشفيات الجامعية ببيروت والمستشفيات الموجودة بالمناطق الحدودية أو مناطق الإجلاء تتبع سياسة استيعاب الصدمة وسرعة معالجة الجرحى ومن ثم توزع هؤلاء الجرحى على مستشفيات ثانوية بعيدة عن مناطق النزاع، بهدف الحفاظ على القدرة الاستيعابية للمستشفيات الأساسية التي يلجأ إليها المصابين.

مستشفيات لبنان

وتابع: «نحن في تحدي كبير لاستمرار عمل مستشفيات لبنان بالمستقبل، بالتالي تسعى وزارة الصحة والحكومة ووزارة المالية  إلى اتخاذ إجراءات لتزويد المستشفيات بالمستلزمات الطبية والإمكانيات اللازمة»، لافتا إلى أنّ نقابة الأطباء تعمل على تطوير الطواقم الطبية الموجودة بلبنان أو التي تمد يد العون من الخارج من الانتشار اللبناني أو عبر مؤسسات غير حكومية.

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن “المسيّرة العراقية” الحديثة التي ضربت إسرائيل وأوقعت عشرات من جنودها بين قتيل وجريح؟
  • ماريسكا : تشيلسي لا يستطيع منافسة أرسنال ومانشيستر سيتي على الألقاب
  • كوستا: جوميز مُعجب بأدائي..ولا أحد يستطيع رفض الانضمام للزمالك
  • كوستا: جوميز مُعجب بأدائي.. ولا أحد يستطيع رفض الانضمام للزمالك
  • نقيب أطباء لبنان: القطاع الصحي يستطيع استيعاب أعداد هائلة من الجرحى (فيديو))
  • نقيب أطباء لبنان: القطاع الصحي يستطيع استيعاب أعداد هائلة من الجرحى
  • معلومات قد تذهلك تفاصيلها… هل يستطيع الذكاء الاصطناعي اكتشاف المشاعر من النصوص
  • القبض على شخص حاول الهرب من نقطة أمنية في تبوك
  • الحرب قد تطول... بو صعب: لا أعلم كم يستطيع لبنان التحمل
  • طلال آل الشيخ: النصر يستطيع منافسة الهلال إذا حافظ على الحالة النفسية الجيدة.. فيديو