الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية.. نهاية حقبة
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
منذ السابع من أكتوبر الماضي ومع تلقي الكيان الإسرائيلي هزيمة عسكرية مباغتة، هي الأهم على صعيد المواجهات العسكرية بين إسرائيل والدول العربية، والحرب تأخذ منحى متصاعدا على صعيد التفكك والجدل والانقسام داخل الكيان الإسرائيلي من خلال النزاع والاتهامات المتبادلة بين السياسيين بحكومة بنيامين نتانياهو المتطرفة والقيادات العسكرية ممثلة في وزير الدفاع وأجهزة الأمن، من خلال محاولة نتانياهو توجيه التقصير والتسبب في الهزيمة التاريخية يوم السابع من أكتوبر للقيادات العسكرية والأمنية، وهو الأمر الذي رفضه وزير الدفاع.
إن القضية الفلسطينية أصبحت أكثر واقعا وتفاعلا من المجتمع الدولي من خلال المظاهرات الكبيرة التي شهدتها العواصم الغربية، كما أن هناك متغيرا مهما هو تسجيل الجيش الإسرائيلي فقْد عددٍ متزايدٍ من قواته وعتاده العسكري خلال المعارك القاسية في قطاع غزة، كما تعرّض الكيان الإسرائيلي لأول مرة منذ قيام الاحتلال الإسرائيلي إلى اتهامات صريحة بسلوك الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، من خلال تقديم ملف متكامل لمحكمة العدل الدولية، وهناك ملفات قانونية سوف تقدمها عدد من الدول لمحكمة الجنايات الدولية، وهذا جعل سمعة الكيان الإسرائيلي في الحضيض، كما أن الإعلام الرقمي أدى دورا كبيرا وحاسما في كشف أكبر جريمة بشعة ضد الأطفال والنساء وكبار السن وقصف المستشفيات والطواقم الطبية ورجال الإسعاف أقدم عليها الكيان الصهيوني من خلال قواته الإرهابية. إن الكيان الإسرائيلي تعرّض لضربة قوية أفقدت جيشه توازنه وشنّ حملة قصف جوي شرسة ضد المدنيين في قطاع غزة مدمرا عشرات الآلاف من منازل السكان الفلسطينيين ومخلّفا عشرات الآلاف من الشهداء من النساء والأطفال والذين يشكلون أكثر من ثلثي الشهداء الذين تجاوز عددهم ٢٧ ألفا وأكثر من ٦٠ ألفا من الجرحى في إطار جريمة إبادة مكتملة الأركان، إذ يعد المتغير الأساسي هو الإعلام الرقمي ومن خلال نشر مقاطع فيديو حول القصف الجوي العدواني الصهيوني على الشعب الفلسطيني في مدن قطاع غزة وهو قطاع محدود مكانيا ومزدحم سكانيا.
إن الكيان الإسرائيلي شن حملة انتقام ممنهجة ضد المدنيين بعد فشله وهزيمته المدوية ضد المقاومة الفلسطينية. ومن هنا فإن العالم شاهد عبر الشاشات الإخبارية ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي كل الأحداث دقيقة بدقيقة وحجم الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وعموم فلسطين. كما أن المأساة الإنسانية في قطاع غزة تمثلت في منع الكيان الصهيوني الإجرامي في وصول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، علاوة على اتباع سياسة الأرض المحروقة حيث دمّر أحياءً بكاملها وارتكب مجازر يومية بحق الأطفال والنساء وكبار السن والذين يشكلون النسبة الأكبر من الشهداء.
لقد واجه الكيان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر تحديا وجوديا لأول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني في الخامس عشر من مايو ١٩٤٨ من خلال وعد بلفور المشؤوم الذي أحدث نكبة فلسطين منذ أكثر من سبعة عقود، وعلى ضوء ذلك حدثت متغيرات استراتيجية وعسكرية من خلال المواجهة المحدودة حتى الآن بين قوات حزب الله وقوات الكيان الإسرائيلي في الجبهة الشمالية. كما شنّت جماعة أنصار الله هجمات متواصلة في البحر الأحمر على عدد من السفن الغربية وشركات الشحن وهناك هجمات للمقاومة الإسلامية في العراق وسوريا على القواعد العسكرية الأمريكية، ومن هنا فإن الكيان الصهيوني يعيش أوقاتا صعبة ومعقدة، وهناك متغير مهم وهو ملف المحتجزين من الإسرائيليين لدى حركات المقاومة الفلسطينية خاصة حماس. ولعل المظاهرات اليومية لأهالي المحتجزين في تل أبيب تعطي مؤشرا على عجز الجيش الإسرائيلي عن استرداد المحتجزين، بل إن القوات الجوية الإسرائيلية ومن خلال القصف الجوي العشوائي قتلت عددا من المحتجزين وبعضهم ظهر يتحدث في فيديوهات قبل عملية القصف الجوي. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي على أعتاب عام انتخابي، في مستنقع الحرب ضد جماعة أنصار الله وضد المقاومة الإسلامية في العراق. ومن هنا فإن لهيب الحرب قد يشتعل على نطاق جغرافي أوسع في ظل الصراع العسكري المفتوح في مياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب حيث تتعرّض الملاحة البحرية لخطر كبير في الهجمات المتبادلة بين أنصار الله والقوات الأمريكية.
إن العالم يشهد نهاية حقبة خاصة على صعيد الكيان الصهيوني وعلى صعيد أوضاع الدولة الأمريكية حيث إن الكيان سوف يشهد بعد الحرب نهاية حقبة القيادات العسكرية والسياسية الحالية بعد هزيمة السابع من أكتوبر المدوية والتي جعلت جيش الاحتلال في وضع مزر وانتهت معه أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. أما على صعيد الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تعيش أوضاعا داخلية لافتة خاصة قضية ولاية تكساس وهي إحدى أكبر الولايات الأمريكية من خلال المواجهة بين الولاية وحاكمها والدولة الفيدرالية في واشنطن، كما أن الرأي العام الأمريكي قد يعاقب الإدارة الديمقراطية الحالية من خلال الانتخابات نحو السباق إلى البيت الأبيض في شهر نوفمبر من هذا العام وسط تدني شعبية الرئيس الأمريكي بايدن وتقدم منافسه الرئيس الأمريكي السابق ترامب. ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي والإقليمي يعيش أوضاعا صعبة وهناك تحركات دبلوماسية في الغرب واقتناع دولي وإقليمي بأن الصراع العربي الإسرائيلي لن يتوقف إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ذات سيادة ولعل هذا التحول الاستراتيجي سيكون إحدى نتائج الحرب بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية. وإذا حدث ذلك تكون منطقة الشرق الأوسط قد شهدت نهاية حقبة بعد سلسلة من الحروب والصراعات بين الكيان الإسرائيلي والعرب. وأيضا على صعيد الثورات والحروب الأهلية في أكثر من بلد عربي وعلى ضوء ذلك فإن الكيان الصهيوني يمر بأزمة عسكرية وأخلاقية واقتصادية وفشل خطط مزيد من التطبيع وسوف ينتصر الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ومن خلال التأييد الكبير لقضية فلسطين على صعيد شعوب العالم وقيادتها.
عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکیان الإسرائیلی السابع من أکتوبر الکیان الصهیونی فی قطاع غزة نهایة حقبة إن الکیان ومن خلال على صعید أکثر من من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
سياسي مغربي: الدور اليمني في دعم غزة يمثل تحولاً استراتيجياً ضد الكيان الصهيوني
يمانيون../
أشاد منسق الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، محمد الغفري، بالدور المحوري والمشرف الذي تلعبه القوات المسلحة اليمنية في دعم الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن العمليات العسكرية اليمنية، وخاصة البحرية منها، أصابت الاقتصاد الصهيوني في مقتل وشكلت ضغطاً هائلاً على القوى الغربية الداعمة للكيان، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي حديثه لصحيفة عرب جورنال، أوضح الغفري أن “اليمن نجح في فرض معادلة جديدة تقوم على مبدأ الندية مع الكيان الصهيوني وداعميه، حيث أصبح البحر الأحمر وباب المندب مناطق لا تعبرها السفن المرتبطة بالاحتلال”، مشيراً إلى أن هذه العمليات أحدثت خسائر كبيرة للكيان، ليس فقط على المستوى العسكري، بل على الصعيد الاقتصادي أيضاً، مما زاد من التكلفة الاقتصادية والسياسية للصراع في المنطقة.
وأضاف الغفري: “ما جسدته المقاومة اليمنية من شجاعة وإقدام في البحرين الأحمر والعربي، إلى جانب دورها في دعم غزة، يمثل ملحمة إضافية في سياق ملحمة طوفان الأقصى. هذه العمليات تعد مفخرة للعرب ولكل أحرار العالم، وتجسد دعماً عملياً وحقيقياً للمقاومة الفلسطينية من قلب الميدان”.
وأشار إلى أن الدور اليمني يعكس تحولاً نوعياً في استراتيجية مواجهة الاحتلال الصهيوني، حيث أصبحت المقاومة لا تقتصر على الحدود الجغرافية المباشرة لغزة، بل امتدت لتشمل عمق البحر الأحمر، ما يعكس تضامناً عربياً حقيقياً وتكاملاً في مواجهة المشروع الصهيوني.
### **الخلاصة:**
تعتبر هذه التصريحات تأكيداً جديداً على أن اليمن، رغم ظروفه الخاصة، نجح في لعب دور فاعل ومؤثر على المستوى الإقليمي والدولي، بما يحقق دعماً غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية في غزة ويفرض معادلات جديدة على الصراع مع الكيان الصهيوني.