في الشرق الأوسط قنبلة عملاقة على بايدن ألا يشعل فتيلها بضرب إيران
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
أدت الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر إلى إشعال فتيل أسفل الشرق الأوسط كله. ولعل القنبلة الرمزية المخيفة التي يتصل بها هذا الفتيل في نهاية المطاف ـ وهي الصراع المباشر بين الولايات المتحدة وإيران ـ موشكة الآن على الانفجار مهددةً بعواقب مدمرة.
مع استمرار القصف الإسرائيلي اليومي غير المشروع لغزة، ومع كل تقدير جديد بمصرع عشرات الآلاف من الفلسطينيين، يزداد التفجير قربا.
والآن، في أعقاب أحدث هجمة ميليشيا تمت يوم الأحد على قاعدة للولايات المتحدة في الأردن وأدت إلى مصرع ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة كثيرين آخرين، وبعد أن وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن اللوم بشكل محدد إلى إيران، هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟ هل الأمر على هذا النحو؟ هل القنبلة على وشك الانفجار؟
تصر إيران على أنها لا تتحمل المسؤولية. ولا تكاد تجد في واشنطن من يصدق قولا كهذا، نظرا لتاريخ إيران الطويل في دعم الميلشيات الوكيلة وتدريبها وتسليحها وفق السياسة التي ارتادها الجنرال قاسم سليماني من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى أن اغتالته الولايات المتحدة في يناير عام 2020.
إن هدف إيران الاستراتيجي الثابت منذ أمد بعيد هو إخراج القوات الأمريكية من قواعدها في العراق وسوريا والخليج، وفي نهاية المطاف إنهاء وجود الولايات المتحدة في المنطقة. وقد تسبب الرعب الرهيب الذي نشأ في السابع من أكتوبر والرد الإسرائيلي البغيض عليه بدعم الولايات المتحدة، في إتاحة فرصة لا تعوّض لطهران كي تمضي قدما وراء ذلك الهدف.
لكن من غير الواضح حتى الآن هل الهجمة التي وقعت في الأردن كانت تصعيدا متعمدا من إيران وحليفها المحلي أي المقاومة الإسلامية في العراق. فلعلها كانت محض هجمة عشوائية انتهازية أخرى نفذت بطائرة مسيرة، وللأسف كتب لها «النجاح» خلافا لعمليات كثيرة مماثلة.
بعبارة أخرى، من الممكن أن تكون إيران و/أو حلفاؤها قد أخطأوا في حساباتهم، وقاموا عن غير قصد بخطوة مصيرية طال الخوف منها فمضت بهم الخطوة إلى أبعد مما ينبغي. وهذا أمر حاسم؛ لأنه سوف يحدد الحجم والمدى اللذين سيتم في حدودهما الرد الذي تعهد بايدن بتنفيذه في أي لحظة.
إذا ما خلص الأمريكيون إلى أن الميليشيات ببساطة قد صادفها الحظ، وعاونها ما تردد عن فشل نظام الدفاع الوقائي المضاد للصواريخ في القاعدة، فلعلهم يقتصرون على رد محدود بهجمات على قواعد الميليشيا التي انطلقت منها الهجمة.
لكن إذا ما قرروا (بافتراض أن لديهم القدر الكافي من المعلومات الاستخباراتية الموثوقة، وهذا افتراض بعيد) أن الواقعة تصعيد متعمد، فقد يأتي الرد عقابيا واسع النطاق وقد ينطوي على استهداف أصول وأرض إيرانية.
ومثلما تبين من سلوك الائتلاف الإسرائيلي اليميني المتطرف الحاكم بقيادة بنيامين نتانياهو في حرب غزة، فسوف تلعب الحسابات السياسية في هذا القرار دورا يماثل على أقل تقدير ضخامة الضرورات العسكرية. وبايدن واقع تحت ضغط هائل لرد الضربة مباشرة لطهران.
ووقود هذا الضغط يتمثل في غضب يمكن تفهمه. ولكن يمكن أيضا تفهم مزاعم الجمهوريين القديمة التي تتردد أصداؤها على لسان خصم انتخابات نوفمبر الرئاسية المحتمل دونالد ترامب ومفادها أن بايدن أبدى ضعفا في الرد على هجمات سابقة بل وحاول استرضاء إيران في المحادثات النووية وتبادل السجناء أخيرا.
لقد قال السناتور الجمهوري توم كوتون متحدثا باسم الكثيرين في اليمين «إنه ترك قواتنا أهدافا مكشوفة... والرد الوحيد لا بد أن يكون ثأرا عسكريا مدمرا يستهدف القوات الإيرانية، في إيران وفي عموم الشرق الأوسط على السواء».
في فترة ما قبل معركة الانتخابات التي يرجَّح أنه سوف يخسرها، قد لا يستطيع بايدن أن يقاوم هذا الضغط وإن يكن أكثره غير عادل ولا شك.
يذهب مستشارو بايدن حتى الآن إلى أن إيران، برغم خطابها العدائي، لا تسعى إلى حرب مع الولايات المتحدة، فهي تعلم أن حربا كهذه سوف تكبدها الكثير والغالي. وهذا منطقي. ومن بعض الاعتبارات، يعمل نتانياهو وأتباعه المتطرفون بالنيابة عن طهران، فيقلبون الحكومات العربية والرأي العام الأكثر اعتدالا على الولايات المتحدة مع إحراجهم حلفاء أوروبيين من قبيل بريطانيا.
لقد أخطأت حسابات بايدن في أعقاب السابع من أكتوبر بتقديمه دعم الولايات المتحدة من غير قيد أو شرط. فبدا -في العلن على الأقل- أنه يعطي لنتانياهو تفويضا مطلقا. والآن قد يخطئ في الحسابات مرة أخرى، مع تداعيات أبشع تترتب على ذلك.
فمن شأن رد عسكري أمريكي مباشر على طهران أن يكون كارثة؛ لأن من شأنه أن يطيل أمد صراع غزة. ومن شأنه بصورة شبه يقينية أن يطلق شرارة هجمة شاملة من حزب الله على إسرائيل. وقد يحيل المعارك المحلية إلى جحيم مستعر في العراق وسوريا، ويزعزع استقرار أنظمة حكم صديقة في مصر والأردن والخليج.
ومن شأن مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران مفتوحة النهاية أن تقسم، ربما على نحو دائم، الديمقراطيات الغربية بين من تؤيد واشنطن من قبيل المملكة المتحدة ومن قد ترى أولوية منطقية في التعامل دبلوماسيا مع طهران من قبيل فرنسا وألمانيا وإيطاليا. ومن شأن ذلك أن يكون عونا للصين على تعزيز طموحاتها الجيوسياسية المعادية للديمقراطية ولروسيا في تبرير عدوانها على أوكرانيا.
والأدهى من ذلك أن من شأنه أن يكون هدية لنتانياهو الذي طالما حرض على عمل عسكري عقابي لإيران والذي ينتهج في ما بعد أكتوبر سياسة الحرب المستمرة.
ولو أن هذا كله غير كاف، فها هو سبب إضافي، بل وأساسي لضرورة أن يلجأ بايدن إلى ممارسة ضبط النفس المتاح كله. فمن شأن الهجوم على إيران ألا يحقق الهدفين المقترنين الأساسيين وهما حماية الأمن الغربي وتغيير سلوك الملالي. ببساطة لا يمكن أن ينجح. بل إنه في حقيقة الأمر سوف يسفر عن نتائج عكسية بتسريعه دوامة التصعيد.
إن مسار العمل الأكثر أمنا وحكمة، والذي سيجعل كثيرا من الناخبين الأمريكيين وكثيرين في العالم يحمدونه له هو أن يعالج بايدن الأسباب الجذرية دونما مزيد من التأخير. فينبغي أن يطالب إسرائيل بإيقاف قصف غزة وفرض وقف إطلاق النار الذي يحرر المحتجزين الإسرائيليين، وقيادة حملة دولية ذات مصداقية للتوصل أخيرا، إلى حل الدولتين في فلسطين.
ذلك أن أمرا واحدا مؤكدٌ، وهو أنه ليست لأي أحد مصلحة في أن تنفجر في الشرق الأوسط تلك القنبلة العملاقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط أن یکون
إقرأ أيضاً:
السعودية وإيران وإسرائيل.. كيف سيتعامل ترامب مع ملفات الشرق الأوسط؟
أبوظبي، والقدس (CNN)-- إذا كان من الممكن اعتبار فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض مؤشرًا على أي شيء، فمن المرجح أن يُبقي الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشرق الأوسط على رأس جدول أعماله.
خلال السنوات الأربع الأولى من ولايته، اتخذ ترامب قرارًا غير مسبوق باختياره المملكة العربية السعودية كوجهة لأول رحلة خارجية له، وحاول التوسط في "صفقة القرن" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وعزز التكامل الإقليمي لإسرائيل، وكثف الضغوط على إيران بشكل كبير.
لكن الشرق الأوسط تغير بشكل كبير منذ أن ترك منصبه في عام 2021، فيما تترقب الجهات الإقليمية الفاعلة باهتمام كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع هذه التحولات.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، الأربعاء، إن "عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض تقدم بداية جديدة لأمريكا، وتؤكد من جديد على التزامنا القوي بالتحالف العظيم بين إسرائيل وأمريكا. هذا انتصار كبير!".
كما رحبت دول الخليج العربية بفوز الرئيس المنتخب. وهنأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في بيان، ترامب على انتخابه كما اتصل محمد بن سلمان بترامب لتهنئته. وقالت الإمارات العربية المتحدة إنها والولايات المتحدة "متحدتان في شراكتنا الدائمة القائمة على الطموحات المشتركة للتقدم".
أما إيران فقد قللت من أهمية الانتخابات الأمريكية، قائلة إنه "لا يوجد فرق كبير" فيمن يصبح رئيسًا في الولايات المتحدة، حسبما نقلت وسائل الإعلام الرسمية. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إن "السياسات العامة للولايات المتحدة وإيران لم تتغير" بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
هكذا قد يؤثر انتخاب ترامب على اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط:
الإسرائيليون والفلسطينيونورأى محللون أن إنهاء الحروب في غزة ولبنان ودمج إسرائيل في الشرق الأوسط من المرجح أن يكونا على رأس أجندة الرئيس المنتخب في الشرق الأوسط.
وقال مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، إن "نتنياهو سيواجه رئيسًا أكثر صرامة مما اعتاد عليه، بمعنى أنني لا أعتقد أن ترامب سيتسامح مع الحروب بالسلوك الذي تجري به"، مضيفا أنه بالنسبة للفلسطينيين، لن يحدث هذا فرقًا كبيرًا "لأن الإدارتين كانتا متحيزتين تماما" لصالح إسرائيل.
وقال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس لشبكة CNN إن ترامب لا يريد أن تكون هذه الحروب "على مكتبه كقضية ملحة" عندما يتم تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني.
وأضاف: "سيقول: أنهوا الأمر؛ أنا لا أحتاج إلى هذا"، وتابع قائلا إن ترامب سيطلب على الأرجح من رئيس الوزراء الإسرائيلي "الإعلان عن النصر" ثم التوصل إلى اتفاق من خلال وسطاء.
Credit: Gettyimagesطوال حملته الانتخابية، لم يحدد ترامب كيف سيتعامل مع الحرب بين إسرائيل وحماس إذا أُعيد انتخابه، أو كيف ستختلف سياساته عن سياسات سلفه جو بايدن. في أبريل/ نيسان الماضي، قال ترامب إن إسرائيل بحاجة إلى "إنهاء ما بدأته" و"إنهائه بسرعة"، مشيرًا إلى أنها "تخسر حرب العلاقات العامة" بسبب الصور القادمة من غزة.
وقال بينكاس إن ترامب "لا يهتم بالقضية الفلسطينية". وخلال فترة ولايته الأولى، لم يلق بثقله خلف الدعم الأمريكي الطويل الأمد لدولة فلسطينية مستقلة، مضيفا أن ترامب يرغب في الحل "الذي يحبه الطرفان".
وقال البرغوثي إن هناك مخاوف من أن يسمح ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما من شأنه أن يعني "نهاية حل الدولتين".
خلال فترة ولايته الأولى، اتخذ ترامب عدة خطوات لصالح إسرائيل. ففي عام 2017، اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مخالفًا بذلك عقودًا من السياسة الأمريكية والإجماع الدولي. كما اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا خلال حرب عام 1967.
ولكن في حين يزعم ترامب في كثير من الأحيان أنه الرئيس الأكثر تأييدًا لإسرائيل في التاريخ الحديث، بل وحتى يتباهى بعلاقته الوثيقة والشخصية مع نتنياهو، فإن العلاقات بينهما لم تكن ودية دائمًا.
في عام 2021، عندما كان كلاهما خارج المنصب، اتهم ترامب نتنياهو بالخيانة عندما هنأ الزعيم الإسرائيلي بايدن على فوزه بالرئاسة في عام 2020.
وبعد وقت قصير من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، انتقد ترامب نتنياهو وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لعدم استعدادها، زاعمًا أن الهجوم لم يكن ليحدث لو كان رئيسًا.
وقال بوعز بسموت عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، لشبكة CNN، إن انتخاب ترامب جاء في "الوقت المناسب" لأنه سيوفر فرصة لتوسيع "اتفاقيات إبراهيم" (التطبيع) مع اقتراب الحروب في غزة ولبنان من نهايتها.
وأضاف أن الاتفاقيات، التي سهلتها إدارة ترامب الأولى وشهدت تطبيع إسرائيل للعلاقات مع 4 دول عربية، وضعت احتمالات قيام دولة فلسطينية مستقلة جانبًا. وتابع قائلا: "عندما تنتهي الحرب، ستكون هناك حاجة إلى إعادة تشغيل حقيقية في الشرق الأوسط"، وسيكون ترامب هو الشخص الأفضل لتحقيق "شرق أوسط جديد".
وقال ناداف شتراوكلر، الخبير الاستراتيجي السياسي الذي عمل بشكل وثيق مع نتنياهو، إن انتخاب ترامب يبعث برسالة إلى أعداء إسرائيل في إيران.
ومن المرجح أيضًا أن يكتسب رئيس الوزراء الإسرائيلي المزيد من الجرأة على المستوى المحلي، بعد يوم من إقالته لوزير الدفاع يوآف جالانت إثر أشهر من الصدامات حول السياسة الداخلية وجهود الحرب الإسرائيلية.
وأضاف أن نتنياهو "ربما يحسب تحركاته التالية بشكل مختلف عما كان ليفعله لو فازت هاريس"، وتابع قائلا إن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب قد يعني أنه سيكون هناك المزيد من الضغوط على إسرائيل لإنهاء الحروب في غزة ولبنان، وربما إعادة تركيز الجهود لمواجهة إيران.
إيرانيرى الخبراء أن السنوات الأربع المقبلة قد تكون أكبر اختبار للجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979، مع خضوع طهران لتدقيق ترامب الذي من المرجح أن يؤدي إلى عودة حملة "الضغط الأقصى" التي فرضها خلال ولايته السابقة، والتي زادت من عزلة إيران وشلت اقتصادها.
فشل ترامب، الذي يفتخر بأنه صانع صفقات ماهر، في احتواء نفوذ طهران في الشرق الأوسط رغم انسحابه من الاتفاق النووي لعام 2015 للحد من البرنامج النووي الإيراني، وإعادة فرض العقوبات عليها، وحتى إصدار أمر باغتيال قاسم سليماني، القائد العسكري الذي أشرف على العلاقات مع وكلاء إيران في المنطقة.
منذ مغادرة ترامب منصبه في عام 2020، كثفت إيران تخصيب اليورانيوم، وزادت صادراتها النفطية، وكثفت دعمها للجماعات المسلحة الإقليمية، وأرست سابقة بضرب إسرائيل في هجوم مباشر مرتين.
ولكن مع استمرار إسرائيل في إضعاف قدرات طهران الإقليمية من خلال ضرب وكلائها، تجد إيران نفسها تخسر قوتها الرادعة في مواجهة الاضطرابات الاقتصادية والسخط الداخلي واسع النطاق.
وقال علي فايز مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن "الجمهورية الإسلامية تبدو هشة في حين أن التهديدات ضدها هائلة"، مضيفًا أن المرشد الأعلى علي خامنئي البالغ من العمر 86 عامًا لديه نطاق محدود للتعامل مع جميع الأزمات التي تحدث في الوقت نفسه.
Credit: Gettyimagesوبينما يتأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع نطاقا، مع تهديد إيران بالرد على هجوم إسرائيلي على أراضيها أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك مخاوف من أن انتخاب ترامب قد يمكّن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وهو الأمر الذي حذرت منه إدارة بايدن.
وقال فايز: "هناك سيناريو واحد وهو أن يطلب ترامب من نتنياهو إنهاء المهمة قبل توليه منصبه رسميًا، وهذا يعني أننا قد نشهد تصعيدًا حادًا في التوترات في نوفمبر وديسمبر، حيث تحاول إسرائيل دفع ميزتها لإضعاف إيران ومحور المقاومة (الجماعات المسلحة) قبل أن يتولى ترامب منصبه ... ثم يأت ترامب وينسب الفضل إلى نفسه باعتباره صانع سلام".
لكنه أشار إلى أن هذا قد يتغير إذا قررت إدارة بايدن "سحب القابس" من قدرة إسرائيل على تصعيد التوترات في الأشهر الأخيرة من ولايتها. وقد مهدت الولايات المتحدة بالفعل الطريق لذلك بإرسال خطاب إلى إسرائيل الشهر الماضي تحذر فيه من العواقب إذا لم تحسن إسرائيل الوضع الإنساني في غزة.
وقال فايز إن العامل المهم في علاقة إيران بالرئيس الأمريكي المقبل سيكون هو كيفية رد ترامب على التقارير الاستخباراتية الأمريكية الأخيرة التي تشير إلى أن طهران حاولت اغتياله، وهي المزاعم التي رفضتها إيران ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة وخبيثة"، لكنه شدد على أهمية التمييز بين ترامب وإدارة ترامب.
وأضاف أن "ترامب قد ينجذب إلى إغراء التفوق على الإيرانيين على طاولة المفاوضات لأن ذلك سيكون بالنسبة له الاختبار النهائي لمهارته في فن عقد الصفقة"، مشيرا إلى أنه خلال فترة ولايته الأولى، كان منجذبًا إلى احتمال عقد صفقة مع إيران.
وكتب ترامب في تغريدة عام 2020: "إيران لم تفز أبدًا في حرب، لكنها لم تخسر أبدًا أي مفاوضات!".
ورأى فايز أن إحياء نهج "الضغط الأقصى" الذي ينتهجه ترامب قد يقترن بسياسة "الدعم الأقصى" للشعب الإيراني، وهي سياسة محتملة لتغيير النظام. وقال إن هذا من شأنه أن يجعل من غير المرجح أن تعود الدولتان إلى طاولة المفاوضات.
وأضاف: "لا أعتقد أن أي شخص في فريق الأمن القومي (التابع لترامب) سيشارك هدف التوصل إلى اتفاق مفيد للطرفين مع النظام الإيراني".
السعودية ودول الخليجفي انتظار عودته المحتملة، واصلت دول الخليج العربية التعامل مع ترامب بعد مغادرته منصبه. ويرى المحللون ان هذا قد يكون مثمرا بالنسبة لهم.
ازدهرت العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة في العهد الأول لترامب. فقد اتخذ خطوة تاريخية باختياره الرياض كأول زيارة خارجية له كرئيس في عام 2017، ووقف إلى جانب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال الأزمة المحيطة بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على أيدي عملاء سعوديين في عام 2018، عندما واجه وريث العرش عزلة عالمية.
وقال حسن الحسن، زميل أبحاث سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالبحرين، إن "دول الخليج تولي أهمية كبيرة للقدرة على العمل مع زعيم متشابه التفكير وإدارة العلاقات من خلال الاتصال الشخصي... وهذا يعكس الطريقة التي تدير بها أعمالها مع الدول الأخرى أيضًا".
Credit: Gettyimagesخلال فترة ولايته الأولى، كانت السعودية والإمارات تخوضان حربًا في اليمن، وكانت علاقات البلدين مع إيران في أسوأ حالاتها منذ عقود.
لكن دول الخليج عدلت سياساتها الخارجية بشكل كبير منذ ذلك الحين، واختارت الحد من تدخلاتها العسكرية والتواصل مع أعداء سابقين مثل إيران، في حين عملت على تنويع تحالفاتها في عالم متعدد الأقطاب على نحو متزايد وسط شكوك حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وقال الحسن: "مع إيران، هناك فرصة أن يعود ترامب إلى موقف الضغط الأقصى، ونظرًا لتحسن العلاقات مع إيران، فقد تتعرض (دول الخليج) لضغوط أكبر من الولايات المتحدة للالتزام بأقصى قدر من الضغط".
إن أحد التحديات التي قد تواجهها القوى المتوسطة الناشئة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في عهد ترامب هو إدارة علاقاتها الوثيقة مع الصين. فعلى مدى السنوات الماضية، وسعت الدول المنتجة للنفط علاقاتها التجارية والتكنولوجية مع الصين على الرغم من المنافسة بين واشنطن وبكين.
وتم دعوة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للانضمام إلى مجموعة البريكس للدول النامية، كما حصلت المملكة العربية السعودية على وضع شريك الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي كتلة أمنية واقتصادية آسيوية تقودها الصين.
لقد استخدمت الرياض وأبوظبي التكنولوجيا الصينية في البنية التحتية الرئيسية، ورغم التعهدات بالحد من نفوذ بكين على قطاعات الذكاء الاصطناعي الناشئة، فقد اعتمدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل متزايد على الخبرة الصينية.
وقال الحسن إن "السؤال هو ما إذا كانت إدارة ترامب ستمارس ضغوطا أكبر على دول الخليج لفك ارتباطها بالصين في مجالات معينة، ناهيك عن الحروب الجمركية والتجارية التي من المرجح أن تتفاقم في ظل إدارة ترامب والتي قد يكون لها تأثير على الصادرات الخليجية أيضا".
ويأمل ترامب أيضًا في توسيع اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط، لكنه قد يواجه تحديًا في رفض المملكة العربية السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى ترى طريقًا لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل.
قطر، التي كانت من أوائل الدول التي هنأت ترامب، أصبحت لا غنى عنها في الجهود الأمريكية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة بسبب علاقاتها مع حماس. لكن هذه العلاقات قد تكون عبئا في ظل إدارة ترامب، بحسب الحسن. وقال: "إنهم ربما يشعرون بقلق بالغ بشأن ما قد يكون عليه ترامب في ولايته الثانية".
أمريكاإسرائيلإيرانالإماراتالسعوديةقطرنشر الأربعاء، 06 نوفمبر / تشرين الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.