في الشرق الأوسط قنبلة عملاقة على بايدن ألا يشعل فتيلها بضرب إيران
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
أدت الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر إلى إشعال فتيل أسفل الشرق الأوسط كله. ولعل القنبلة الرمزية المخيفة التي يتصل بها هذا الفتيل في نهاية المطاف ـ وهي الصراع المباشر بين الولايات المتحدة وإيران ـ موشكة الآن على الانفجار مهددةً بعواقب مدمرة.
مع استمرار القصف الإسرائيلي اليومي غير المشروع لغزة، ومع كل تقدير جديد بمصرع عشرات الآلاف من الفلسطينيين، يزداد التفجير قربا.
والآن، في أعقاب أحدث هجمة ميليشيا تمت يوم الأحد على قاعدة للولايات المتحدة في الأردن وأدت إلى مصرع ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة كثيرين آخرين، وبعد أن وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن اللوم بشكل محدد إلى إيران، هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟ هل الأمر على هذا النحو؟ هل القنبلة على وشك الانفجار؟
تصر إيران على أنها لا تتحمل المسؤولية. ولا تكاد تجد في واشنطن من يصدق قولا كهذا، نظرا لتاريخ إيران الطويل في دعم الميلشيات الوكيلة وتدريبها وتسليحها وفق السياسة التي ارتادها الجنرال قاسم سليماني من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى أن اغتالته الولايات المتحدة في يناير عام 2020.
إن هدف إيران الاستراتيجي الثابت منذ أمد بعيد هو إخراج القوات الأمريكية من قواعدها في العراق وسوريا والخليج، وفي نهاية المطاف إنهاء وجود الولايات المتحدة في المنطقة. وقد تسبب الرعب الرهيب الذي نشأ في السابع من أكتوبر والرد الإسرائيلي البغيض عليه بدعم الولايات المتحدة، في إتاحة فرصة لا تعوّض لطهران كي تمضي قدما وراء ذلك الهدف.
لكن من غير الواضح حتى الآن هل الهجمة التي وقعت في الأردن كانت تصعيدا متعمدا من إيران وحليفها المحلي أي المقاومة الإسلامية في العراق. فلعلها كانت محض هجمة عشوائية انتهازية أخرى نفذت بطائرة مسيرة، وللأسف كتب لها «النجاح» خلافا لعمليات كثيرة مماثلة.
بعبارة أخرى، من الممكن أن تكون إيران و/أو حلفاؤها قد أخطأوا في حساباتهم، وقاموا عن غير قصد بخطوة مصيرية طال الخوف منها فمضت بهم الخطوة إلى أبعد مما ينبغي. وهذا أمر حاسم؛ لأنه سوف يحدد الحجم والمدى اللذين سيتم في حدودهما الرد الذي تعهد بايدن بتنفيذه في أي لحظة.
إذا ما خلص الأمريكيون إلى أن الميليشيات ببساطة قد صادفها الحظ، وعاونها ما تردد عن فشل نظام الدفاع الوقائي المضاد للصواريخ في القاعدة، فلعلهم يقتصرون على رد محدود بهجمات على قواعد الميليشيا التي انطلقت منها الهجمة.
لكن إذا ما قرروا (بافتراض أن لديهم القدر الكافي من المعلومات الاستخباراتية الموثوقة، وهذا افتراض بعيد) أن الواقعة تصعيد متعمد، فقد يأتي الرد عقابيا واسع النطاق وقد ينطوي على استهداف أصول وأرض إيرانية.
ومثلما تبين من سلوك الائتلاف الإسرائيلي اليميني المتطرف الحاكم بقيادة بنيامين نتانياهو في حرب غزة، فسوف تلعب الحسابات السياسية في هذا القرار دورا يماثل على أقل تقدير ضخامة الضرورات العسكرية. وبايدن واقع تحت ضغط هائل لرد الضربة مباشرة لطهران.
ووقود هذا الضغط يتمثل في غضب يمكن تفهمه. ولكن يمكن أيضا تفهم مزاعم الجمهوريين القديمة التي تتردد أصداؤها على لسان خصم انتخابات نوفمبر الرئاسية المحتمل دونالد ترامب ومفادها أن بايدن أبدى ضعفا في الرد على هجمات سابقة بل وحاول استرضاء إيران في المحادثات النووية وتبادل السجناء أخيرا.
لقد قال السناتور الجمهوري توم كوتون متحدثا باسم الكثيرين في اليمين «إنه ترك قواتنا أهدافا مكشوفة... والرد الوحيد لا بد أن يكون ثأرا عسكريا مدمرا يستهدف القوات الإيرانية، في إيران وفي عموم الشرق الأوسط على السواء».
في فترة ما قبل معركة الانتخابات التي يرجَّح أنه سوف يخسرها، قد لا يستطيع بايدن أن يقاوم هذا الضغط وإن يكن أكثره غير عادل ولا شك.
يذهب مستشارو بايدن حتى الآن إلى أن إيران، برغم خطابها العدائي، لا تسعى إلى حرب مع الولايات المتحدة، فهي تعلم أن حربا كهذه سوف تكبدها الكثير والغالي. وهذا منطقي. ومن بعض الاعتبارات، يعمل نتانياهو وأتباعه المتطرفون بالنيابة عن طهران، فيقلبون الحكومات العربية والرأي العام الأكثر اعتدالا على الولايات المتحدة مع إحراجهم حلفاء أوروبيين من قبيل بريطانيا.
لقد أخطأت حسابات بايدن في أعقاب السابع من أكتوبر بتقديمه دعم الولايات المتحدة من غير قيد أو شرط. فبدا -في العلن على الأقل- أنه يعطي لنتانياهو تفويضا مطلقا. والآن قد يخطئ في الحسابات مرة أخرى، مع تداعيات أبشع تترتب على ذلك.
فمن شأن رد عسكري أمريكي مباشر على طهران أن يكون كارثة؛ لأن من شأنه أن يطيل أمد صراع غزة. ومن شأنه بصورة شبه يقينية أن يطلق شرارة هجمة شاملة من حزب الله على إسرائيل. وقد يحيل المعارك المحلية إلى جحيم مستعر في العراق وسوريا، ويزعزع استقرار أنظمة حكم صديقة في مصر والأردن والخليج.
ومن شأن مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران مفتوحة النهاية أن تقسم، ربما على نحو دائم، الديمقراطيات الغربية بين من تؤيد واشنطن من قبيل المملكة المتحدة ومن قد ترى أولوية منطقية في التعامل دبلوماسيا مع طهران من قبيل فرنسا وألمانيا وإيطاليا. ومن شأن ذلك أن يكون عونا للصين على تعزيز طموحاتها الجيوسياسية المعادية للديمقراطية ولروسيا في تبرير عدوانها على أوكرانيا.
والأدهى من ذلك أن من شأنه أن يكون هدية لنتانياهو الذي طالما حرض على عمل عسكري عقابي لإيران والذي ينتهج في ما بعد أكتوبر سياسة الحرب المستمرة.
ولو أن هذا كله غير كاف، فها هو سبب إضافي، بل وأساسي لضرورة أن يلجأ بايدن إلى ممارسة ضبط النفس المتاح كله. فمن شأن الهجوم على إيران ألا يحقق الهدفين المقترنين الأساسيين وهما حماية الأمن الغربي وتغيير سلوك الملالي. ببساطة لا يمكن أن ينجح. بل إنه في حقيقة الأمر سوف يسفر عن نتائج عكسية بتسريعه دوامة التصعيد.
إن مسار العمل الأكثر أمنا وحكمة، والذي سيجعل كثيرا من الناخبين الأمريكيين وكثيرين في العالم يحمدونه له هو أن يعالج بايدن الأسباب الجذرية دونما مزيد من التأخير. فينبغي أن يطالب إسرائيل بإيقاف قصف غزة وفرض وقف إطلاق النار الذي يحرر المحتجزين الإسرائيليين، وقيادة حملة دولية ذات مصداقية للتوصل أخيرا، إلى حل الدولتين في فلسطين.
ذلك أن أمرا واحدا مؤكدٌ، وهو أنه ليست لأي أحد مصلحة في أن تنفجر في الشرق الأوسط تلك القنبلة العملاقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط أن یکون
إقرأ أيضاً:
السعودية تتصدر الشرق الأوسط في تصنيف جديد للأمم المتحدة
السعودية – حققت المملكة العربية السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق مؤشر البنية التحتية للجودة في التنمية المستدامة «QI4SD» لعام 2024.
واحتلت المملكة المرتبة الـ20 على المستوى العالمي، لتقفز 25 مرتبة بالمقارنة مع المؤشر الذي صدر في 2022، والذي يصدر كل عامين عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «UNIDO».
وقال محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد بن عثمان القصبي إنّ نتائج المؤشر تعكس الجهود الوطنية التي تقوم بها المواصفات السعودية بالشراكة مع المركز السعودي للاعتماد، والجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص.
وأضاف أن هذه النتائج تأتي نتيجة الدعم غير المحدود الذي تحظى به منظومة الجودة من القيادة الرشيدة لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وتعزز من مكانة المملكة عالمياً وتسهم في بناء اقتصاد مزدهر وأكثر تنافسية.
وأشاد محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بتطور منظومة الجودة في المملكة، ودورها في تحسين جودة الحياة، والنمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الأداء وتسهيل ممارسة الأعمال، مما أسهم في تقدم المملكة في المؤشرات الدولية.
ويأتي تصنيف المملكة ضمن أفضل 20 دولة حول العالم ليؤكد التزامها بتطوير منظومة البنية التحتية للجودة، والارتقاء بتشريعاتها وتنظيماتها، حيث تشمل عناصر البنية التحتية للجودة التي يتم قياسها في هذا المؤشر: المواصفات، القياس والمعايرة، الاعتماد، تقويم المطابقة والسياسات الوطنية.
المصدر: عكاظ