مجرد تحليل حول تسريبات مزمل أبوالقاسم
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
ذكر د. مزمل، أنه قد عُقدت جولة مفاوضات سرية في المنامة، بين وفد الجيش ويقوده كباشي ووفد الدعم السريع ويقوده عبدالرحيم بحضور مخابرات خمس دول هي مصر و السعودية والامارات والبحرين وأمريكا، مع استبعاد وفد المخابرات السودانية برئاسة اللواء كامل.
ذكر مزمل ان *مطالب الجيش* تمثلت في:
٣٠ مليار دولار لتعويض المتضررين.
رد المسروقات.
محاسبة مرتكبي الجرائم.
خروج الدعم السريع من الاعيان المدنية.
بينما تمثلت *مطالب الدعم السريع* في :
عودة كل نفوذ الدعم السريع لما كان عليه قبل الحرب (أي إلغاء كل قرارات البرهان بشأنه).
معاقبة الاسلاميبن.
*ثم ذكر أن البرهان قلب الطاولة على الجميع ورفض نتائج جولة المنامة.*
واضح أن د. مزمل أبوالقاسم كان واثقا من صحة معلوماته، بل ذكر أنه عكف عليها اسبوعا حتى يستوثق من صحتها 100%.
وبالتأكيد فان المعلومات التي أدلى بها السيد مزمل،كثيرة ومتنوعة وتفصيلية.
نوعية المعلومات التي أدلى بها وتنوعها، تجعلنا نستنتج، أنها تدل على أن مصدره إليها لابد وأن يكون من طرف الجيش، خاصة وأنه بصورة أو أخرى، روج إلى قوة شخصية البرهان ومدى تمسكه وقدرته على اتخاذ القرارات وإن كانت في وجه الوسيط بثقل هذه الدول الخمس، للدرجة التي يرفض فيها الوثيقة النهائية التي تمخضت عن جولة المفغوضات. اذٍ البرهان هو العامل واللاعب الرئيسي الذي يملك القرار وخيوط اللعبة.
بالتأكيد، مصدر د. مزمل لن يكون من طرف الدعم السريع ولا من طرف مخابرات الدول الخمس التي كانت طرفا في اللقاء.
*نبني على هذا الاستنتاج فنتساءل:*
لماذا أراد الجيش نشر هذه التسريبات؟
قبل الاجابة لابد أن نشير الى ان نشر هذا التسريب سيعيق أو يجمد أو يلغي أي جولة أخرى، (بسبب ما ذكره مزمل نفسه، وهو رفض البرهان للمخرجات اولا، ثم بسبب المزاج السوداني العام، الذي يقف ضد المليشيا ومازال ينزف من جرائمها).
واذا وافقنا على هذا الطرح وإذا كان الهدف المقصود من التسريبات هو ايقاف جولة التفاوض وعرقلة استمرارها :
اذاً لماذا شارك الوفد الحكومي في الجولة، مسبقا؟
الإجابة: قد لا يستطيع البرهان، رفض الدعوة إلى الحوار، أو المشاركة فيه، وقد لا يريد الانسحاب من المفاوضات مباشرة (خاصة وأنه جرب الانسحاب من جدة ومن الايقاد)، وقد لا يستطيع الإدلاء بتصريحات مباشرة حول تفاصيل الحوار. من هذه الناحية فإن د. مزمل أبوالقاسم قام بالواجب، بقصد او بدون قصد بتخطيط او بايعاز او بغيره، (واضعين فى الاعتبار موقف د.مزمل الداعم للجيش بصورة واضحة).
نأتي لنقطة أخيرة ذكرها د. مزمل في التسريبات:
هنالك اتفاق (قبل عقد المفاوضات نفسها) على استبعاد الإسلاميين من العمل في كل أجهزة الدولة، (كلمة اتفاق تعني موافقة كل الحاضرين). والدليل على ذلك، هو استبعاد البرهان لموفد جهاز الأمن السوداني (كما ذكر د. مزمل)، مما يؤكد مشاركة البرهان، للدعم ولهذه الدول الخمس، في الاتفاق حول هذه النقطة – استبعاد الاسلاميين.
ثم أن شرط الدعم السريع ، بشن الحرب على الإسلاميين بالاستبعاد وبالاعتقال وبالفصل والمصادرة والمطاردة… الخ. هو ذات البند ضد الاسلاميين، المنصوص عليه في الاتفاق الموقع بين حميدتي وجماعة تقدم وقحت. هذا البند الان يتصدر أجندة هذه الجهات، بأكثر من ما تتصدره جرائم الدعم السريع نفسها. هذا مؤشر أولي لطريقة تفكيرهم وأهدافهم وبرنامجهم في الحكم.
*أما المؤشر الآخر، وهو التفاصيل على أرض الواقع* بين عامة الناس وفي الأحياء والمدن والولايات. فانها تختلف عن ذلك اختلاف النقيض كالآتي:
1/ يحقق الجيش تقدما حاسما، في ساحات المعركة.
2/ ادانة الدعم السريع على جرائمة الموثقة من جميع الدول والمنظمات الدولية، تتم بصورة يومية، مما يشكل عائقا قانونيا من أي تعامل سياسي معه، وقد تترتب عليه عواقب جنائية وخيمة، حين تصدر المحاكم القضائية قراراتها بشأن جرائمه.
*هذا أنتج فعليا رايا عاما ضاغطا ليس ضد الدعم السريع فقط، ولكن ضد كل من يدعمه من الدول والاحزاب والقبائل والافراد*.
3/ تتبنى قوى سياسية وعسكرية هدف الإنتصار على الدعم السريع عسكريا اولا، تصنيفه كمنظمة إرهابية، عدم السماح له بممارسة أي أدوار سياسية تتعلق بمستقبل السودان. ويتصدر هذه القوى الغالبية العظمى من الشعب السوداني، وكل حركات دارفور، وكثير من لجان المقاومة، وكثير من قادة الأحزاب السياسية والإدارات الأهلية وقادة المجتمع من اصحاب الوزن الثقيل من مختلف الأفكار والايدلوجيا، والنخب والصحفيين والغالبية الغالبة من الرأي العام المنشور في وسائل التواصل الاجتماعي. ومن ضمن هؤلاء يأتي الإسلاميون كفصيل واحد، ضمن رأي عام كاسح.
*أخيرا، حسم هذا الجدل، سينتج عنه واقع سياسي واجتماعي وامني، مختلف. سيتحكم في معادلة السودان الداخلية ويتعدى اثرها الى دول الجوار. لذا ستجد أن الجميع في عجلة من أمرهم في مقبل الايام، وستزيد حمى المعارك على جميع الأصعدة.*
بقلم د. محمد عثمان عوض الله
28/1/2024
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
بي بي سي: مناشدات للإفراج عن مصريين محتجزين لدى قوات الدعم السريع
"عندما دخلوا للقبض على زوجي، كان يحدثني في مكالمة فيديو عبر الإنترنت، فجأة وقع الهاتف منه وانقطع الاتصال"، هذا ما قالته نورا عبد الحميد لبي بي سي نيوز عربي، وهي زوجة محمد شعبان، واحد من سبعة تجار وعمال مصريين تقول أسرهم إنهم محتجزون، لدى قوات الدعم السريع منذ نحو عام ونصف العام.
بي بي سي: مناشدات للإفراج عن مصريين محتجزين لدى قوات الدعم السريع
الحرب في السودان: مناشدات للإفراج عن مصريين محتجزين لدى قوات الدعم السريع
BBC News عربي
عبدالرحمن أبو طالب
بي بي سي نيوز عربي
13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
"محتجزون دون تهم"، أسر مصريين محتجزين لدى الدعم السريع تناشد للإفراج عنهم
"عندما دخلوا للقبض على زوجي، كان يحدثني في مكالمة فيديو عبر الإنترنت. فجأة وقع الهاتف منه وانقطع الاتصال"، هذا ما قالته نورا عبد الحميد لبي بي سي نيوز عربي، وهي زوجة محمد شعبان، واحد من سبعة تجار وعمال مصريين تقول أسرهم إنهم محتجزون، لدى قوات الدعم السريع منذ نحو عام ونصف العام.
منذ ذلك الوقت، لا تعلم نورا الكثير عن زوجها، سوى رسائل صوتية مقتضبة أو خطابات مكتوبة بخط اليد يرسلها من آن لآخر لطمأنة الأسرة على سلامته.
هذه الرسائل تشير إلى أن السبعة محتجزون لدى قوات الدعم السريع، وهي قوات سودانية شبه رسمية تنخرط في حرب ضد الجيش السوداني.
وبينما تزداد العلاقات بين الدعم السريع والسلطات المصرية توترا، لا يعلم ذوو المحتجزين السبعة سبب احتجازهم، ويناشدون السلطات المصرية للتحرك لإعادتهم إلى بلدهم.
"ليس لهم علاقة بالحرب"
قبل سنوات، حصل محمد شعبان على وظيفة "عامل"، في تجارة الأدوات المنزلية التي يديرها أبناء أعمامه.
تقول زوجته نورا إن رجال العائلة يسافرون منذ عام 2004 و2005 إلى السودان من أجل هذه التجارة، و"ليس لهم علاقة بالحرب ولا ينشغلون إلا بأنفسهم، والسودانيون هناك يعرفونهم جميعا".
عندما بدأت الحرب، بقي المصريون السبعة معظم الوقت – ضمن مصريين آخرين- في مسكنهم بمنطقة اللاماب ناصر، في العاصمة السودانية الخرطوم، ليتجنبوا أي ضرر بسبب المعارك، كما تروي نورا.
المنزل كان يضم أيضًا مخزنًا، احتفظوا فيه ببضاعة تبلغ قيمتها آلاف الدولارات من الأدوات المنزلية التي اعتادوا التجارة فيها.
المحتجزون السبعة
تضيف نورا: "ظلوا مقيمين في سكنهم لمدة شهرين، حتى عجزوا عن توفير الطعام، وصاروا يصنعوا الخبر في المنزل، فحزموا أمتعتهم واستعدوا للسفر. قبل يوم من موعد المغادرة، قبض عليهم".
في مساء اليوم نفسه، علمت نورا من أصدقاء زوجها أن جنودًا من قوات الدعم السريع قبضوا عليه مع زملائه "لاستجوابهم لوقت قصير" على أن يعودوا في اليوم نفسه، وطلبوا من شابين مصريين آخرين البقاء لحراسة البضاعة.
ولم يعد السبعة حتى الآن، وغادر الشابان الآخران في اليوم التالي عائدين إلى مصر، خوفا من القبض عليهم، وأخبروا باقي الأسر بما حدث.
بعد أيام من الواقعة، تعرض المنزل والمخزن للنهب، كما تقول الأسرة، وعرضت على بي بي سي مقطعا مصورا يظهر قليلا من البضائع مبعثرة على الأرض، في مخزن شبه فارغ.
نصب وضوائق مادية
في قرية أبو شنب، التابعة لمحافظة الفيوم جنوبي مصر تعيش أسر معظم المحتجزين السبعة.
تعرض بعضهم للنصب أكثر من مرة، خلال رحلة بحثهم عن أقاربهم، بحسب نورا، وتقول "هناك أشخاص يتواصلون معنا ويطلبون أموالا مقابل تسهيل الإفراج عنهم، ويظلون على تواصل معنا حتى يحصلوا على المال، ونكتشف بعد ذلك أننا تعرضنا للنصب".
حاولنا الحصول على رد قوات الدعم السريع على هذه التهم، ولم نتلق جوابًا حتى موعد نشر التقرير.
الخسائر المادية ليست كل الأضرار التي تعرضت لها الأسرة.
ففي بيت العائلة، ترعى نورا أطفالها الأربعة، وأم زوجها المسنة، بمعاونة الأقارب والجيران، حيث يعيشون في بيت بسيط، لم يتم طلاؤه وتجهيزه بالكامل، ويواجهون ظروفا معيشية قاسية، اضطرت خلالها هي و3 من أطفالها الأربعة للعمل، لتوفير لقمة العيش.
يبلغ عمر ابنتهما الكبرى نورهان 15 عاما، وتعمل مع أختها الوسطى جنا في مصنع مواد غذائية، يبعد نحو 100 كيلومتر عن المنزل.
تقول نورا لبي بي سي: "يخرج أطفالي الصغار للعمل من الخامسة فجرا ويعودون في الثامنة والنصف مساءا. في الوقت نفسه، أعمل أنا في إعداد الخبز، وبعض الأعمال المنزلية في بيوت بعض الجيران مقابل مبلغ بسيط، ثم أجلس أمام البيت كل يوم في انتظار عودة ابنِتِيَّ خوفا من أن يصيبهم مكروه".
تضيف: "ابني أحمد ذو الثمانية أعوام أيضا يعمل بشكل متقطع مع الجيران لنقل بعض البضائع الخفيفة مقابل 20 جنيها أو 25 جنيها (نحو نصف دولار) ليوفر لنفسه مصروف شراء الحلوى".
لا يعلم أبناء محمد شعبان أن والدهم محبوس في السودان، وتقول نورا "هذا هو العام الثاني الذي يبدأ أطفاله العام الدراسي في غيابه. عندما يسألون عنه أقول إنه في العمل. لا أستطيع أن أقول لهم إنه محبوس ولا نعلم إن كان سيعود أم لا".
سبع أسر في الانتظار
من وقت لآخر تزور نورا منازل أسر المحبوسين الآخرين في القرية نفسها، لتتقصى أي معلومة جديدة عندهم، حال هذه الأسر لا يختلف كثيرا عن حال نورا، إذ لا يملكون شيئا سوى المناشدة، وانتظار الرسائل.
تقول أسر من تحدثنا معهم إنهم لم يتركوا بابًا في مصر والسودان للإفراج عن أبنائهم إلا وطرقوه، لكنهم إلى الآن، عجزوا حتى عن معرفة سبب القبض عليهم.
رافقنا نورا إلي بيت الأخوين عماد وماجد، وهما اثنان من المحبوسين السبعة، تبكي والدتهما بحرقة كلما ذكر اسميهما.
تقول الأم وهي منهمرة بالدموع: "أرجوك يا سيادة الرئيس -المصري- عبد الفتاح السيسي، أريد أن أرى أبنائي بعيني ... تعبنا، وأكاد أن أصاب بالعمى من كثرة التعب والحزن".
كانت جلسة أسرية أشبه بمجلس العزاء، الكل يبكي بحرقة على غياب ذويه.
جلسة عائلة
بعض الأسر لم تتلق أي رسالة من ذويهم حتى الآن، فالسبعة ليسوا محبوسين في مكان واحد وفقا للأسر.
تقول أم أحمد، وهي زوجة المحبوس عبد القادر عجمي عندما كانت تزور والدة عماد وماجد أيضا: "لم يصلنا من زوجي أي شيء، لا نعلم إن كان حيا أم ميتا. نقوم أنا وبناتي وسط الليل، ونبكي".
خلال الأشهر الماضية تواصلت الأسر مع وزارة الخارجية المصرية، والصليب الأحمر في السودان، بالإضافة لجهات رسمية أخرى في البلدين، لكن هذه الإجراءات لم تسفر عن شيء.
حاولنا الحصول على تعليق من وزارة الخارجية المصرية، ولم نتلق ردا حتى موعد نشر التقرير.
مناشدة الأسر وزارة الخارجية المصرية بالتدخل
علاقات متوترة
عندما بدأت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023، لم تكن العلاقات بين الدعم السريع ومصر على ما يرام.
في اليوم الأول للحرب، احتجز الدعم السريع عشرات المصريين، من بينهم جنود، كانوا في قاعدة عسكرية سودانية لأداء تدريب مشترك مع الجيش السوداني، واتهمت الدعم السريع مصر بالتدخل في الشأن السوداني الداخلي، وهو ما نفته القاهرة.
أُفرج لاحقا عن الجنود بالتنسيق مع الصليب الأحمر في السودان.
وخلال هذه الفترة، تبنت مصر على لهجة محايدة تجاه طرفي الحرب، وانخرطت في الجهود الدولية للوساطة بين طرفي الصراع، ومحاولة وقف الحرب في السودان.
وقبل أسابيع من الآن، تصاعد الخلاف بين الدعم السريع ومصر، إذ اتهم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الجيش المصري بقصف جنوده في أماكن ومناسبات مختلفة في السودان طوال عام ونصف من الحرب.
في الوقت نفسه، أعلن بيان للدعم السريع احتجاز عدد ممن سماهم "مرتزقة مصريين"، لكنه لم يوضح هوية المحتجزين المقصودين.
ونفت مصر هذه الاتهامات بشكل قاطع في بيان للخارجية المصرية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما وصفت قوات الدعم السريع لأول مرة بـ"المليشيا".
ولم يعلق البيان المصري على احتجاز مصريين لدى الدعم السريع.
مستقبل مجهول
من وقت لآخر، تتلقى الأسر تطمينات من وسطاء سودانيين، بأن أسماء أقاربهم مدرجة في قوائم الأشخاص الذين يتوقع الإفراج عنهم قريبا، لكن نورا تقول إن "كثيراً من المحبوسين أفرج عنهم خلال الأشهر الماضية، لكن أزواجنا لم يكونوا بينهم".
وتخشى الأسر السبعة أن يطول حبس أبنائها، في بلد تشهد حربا لا يعرف أحد متى ستتوقف، وتقول نورا: "لا مانع لدينا أن نفعل أي شيء مقابل عودة زوجي وبقائه بيننا ومع أطفاله، حتى لو بعنا بيوتنا وعشنا في الشارع".
أما أم أحمد – زوجة عبدالقادر- فتتساءل: "هل سيظل زوجي غائبا، وتتزوج ابنتي التي بلغت سن الزواج، في غيابه؟"