نظمت مساجد الفيوم، اليوم الثلاثاء، 17 ندوة دعوية تحت عنوان "حفظ المال"، وذلك بتوجيهات وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وبرعاية وكيل الوزارة الدكتور محمود الشيمي، وبحضور كبار العلماء والأئمة المتميزين.

وخلال هذه الندوات أكد العلماء على أن المال من الكليات الست والمقاصد الكلية السامية التى أحاطها ديننا الحنيف بالعناية والحفظ والرعاية والصيانة، إذ يحذر الحق سبحانه وتعالى من أكل أموال الناس بالباطل، فيقول (عز وجل): «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا» (النساء: 29-30).

ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إن رجالا يتخوضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» (رواه البخارى)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به» (أخرجه أحمد)،ويقول (صلى الله عليه وسلم): «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار، قالوا: فإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن قضيبا من أراك، قال ذلك ثلاث مرات» (رواه مسلم). ولحفظ المال شُرع حد السرقة، وشرع الضمان، والكفالة، والوكالة، والحجر لحق المال، كما تضمن حد الحرابة حفظ المال أيضًا، ونبهنا الشرع الحنيف إلى كتابة الدين، والوفاء به، وبالأمانات.

وعاقبة الحرام وخيمة فى الدنيا والآخرة، فقد ذكر نبينا (صلى الله عليه وسلم): «الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّى بالحرام، فأنّى يُستجاب له ؟!» (رواه مسلم).

وحرمة المال تتحقق بكل طريق غير مشروع منها الغش نوعًا أو كمًا، كيلا أو ميزانًا، أو مقياسًا، وأشد أنواع الغش حرمة وخطرًا على المجتمعات ما يتعلق بحياة الناس وأقواتهم وغذائهم وعلاجهم، فمن غش فى شيء من ذلك وهو يعلم أن غشه فيه مؤد للقتل فهو قاتل عمدًا، وإن كان يدرك أنه مضرٌ بصحة الناس وغير صالح للاستهلاك الآدمى فأدى إلى القتل، فهو قاتل قتلًا شبه عمد.

ومن أشد صور الحرام كل مال يتحقق بطريق الرشوة أو الاختلاس أو أكل حقوق الآخرين من عامل أو أجير أو غيرهما، إذ يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) فى الحديث القدسى الذى يرويه عن رب العزة (عز وجل): «ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بى ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ» (صحيح البخاري)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «لَعَنَ اللَّه الرَّاشِى وَالْمُرْتَشِى» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)،مع تأكيدنا أن ضياع المال إهمالًا كضياعه إفسادًا فكلاهما ضياع على كل حال، فكلُّ من قصّر فى حماية المال العام أو تسبب فى إتلافه أو إفساده أو ضياعه فهو آثم شرعًا.

وختامًا نؤكد أن الاعتداء على المال العام أشد إثمًا وجرمًا وخطرًا من المال الخاص لكثرة الأنفس والذمم المتعلقة به، فالأمانة فيه أشد، والمسئولية فيه أعظم.

جاء ذلك في إطار الدور التثقيفي ونشر الفكر الوسطي المستنير، وضمن جهود مديرية أوقاف الفيوم الدعوية. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أوقاف الفيوم وزارة الأوقاف مساجد الفيوم ندوة صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

تعرف على الحديث المرسل وتوجهات المحدثين حول مفهومه

التمسك بالسنة من صفات المتقين وتحدث الدكتور كريم مصطفي نفادي استاذ الفقه عن : اختلف السادة المحدثون في حدِّ (الحديث المرسل) ، فكان لهم فيه تعاريف كثيرة ، لكن بعد الوقوف عليها، يتضح أنها تعود إلى الأوجه الثلاثة الآتية: (الأول): ما رفعه التابعي الكبير إلى النبي(صلى الله عليه وسلم). وهذه الصورة صرَّح بها عددٌ من أهل العلم كالإمام الشافعي، وقد ذكرها ابن الصلاح في علوم الحديث، وغيره من المحدثين. ولكن جمهرة المحدثين والفقهاء والأصوليين لا يقصرون المرسل على هذه الصورة وحدها، وإنما يرون أن المرسل: ما رفعه التابعي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، سواءٌ كان ذلك التابعي من كبار التابعين أو من صغارهم، وسواءٌ كان المرفوع قولًا أو فعلًا، وهذا هو (الوجه الثاني). وهذا التعريف هو المشهور عند أهل الحديث كما ذكر ابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والعراقي، وابن حجر، والسخاوي، وغيرهم كثير. وقد ذهب إليه من الأصوليين والفقهاء: أبو نصر الصباغ، وأبو بكر ابن فورك، وابن برهان ، والسمعاني، والقرافي، كما أشار لذلك العلائي. وتعقَّب الحافظ ابن حجر -رحمه الله- هذا التعريف، وذلك: لأنه يدخل فيه ما سمعه بعض الناس في حال كفره من النبي(صلى الله عليه وسلم)، ثم أسلم بعد ذلك ، وحدَّث عنه بما سمعه منه ، كالتنوخي رسول هرقل ، فإنه مع كونه تابعيًّا، محكوم لما سمعه بالاتصال لا الإرسال ، ولذلك ذكر الحافظ -رحمه الله- في (النكت على كتاب ابن الصلاح): أنه ينبغي أن يُضاف في هذا الحد ما يخرج ذلك بحيث يقال: (هو ما أضافه التابعي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) مما سمعه من غيره. وقد اعتذر لهم السخاوي في (فتح المغيث): بأنهم أعرضوا عن هذا التقييد ، لأن وقوع مثل هذه الحالة نادر. أما (الوجه الثالث للمرسل): فعرفه الإمام النووي -رحمه الله- في (مقدمة شرحه على مسلم): "أما المرسل فهو عند الفقهاء وأصحاب الأصول والخطيب الحافظ أبي بكر البغدادي وجماعة من المحدثين (ما انقطع إسناده على أي وجه كان انقطاعه) فهو عندهم بمعنى المنقطع". قال الحافظ ابن الصلاح -رحمه الله- في مقدمته بعد أن ذكر الفرق بين المرسل والمنقطع والمعضل عند أهل الحديث: "والمعروف في الفقه وأصوله أن كل ذلك يسمى مرسلًا، وإليه ذهب من أهل الحديث أبو بكر الخطيب وقطع به". ومذهب الخطيب -رحمه الله- الذي أشار إليه النووي وابن الصلاح هو ما صرَّح به في كتابيه (الكفاية في علم الرواية) و(الفقيه والمتفقِّه)، حيث عَرَّفَ المرسل في (الكفاية) بقوله: "وأما المرسل، فهو: ما انقطع إسناده بأن يكون في رواته من لم يسمعه ممن فوقه، إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي (صلى الله عليه وسلم). وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فيسمونه المعضل، وهو أخفض مرتبة من المرسل ... والمنقطع: مثل المرسل ، إلا أن هذه العبارة تستعمل غالبا في رواية من دون التابعين عن الصحابة (رضي الله عنهم". وعَرَّفَه في كتابه (الفقيه والمتفقِّه) بقوله: "هو ما انقطع إسناده، وهو أن يروي المحدِّث عمن لم يسمع منه، أو يروي عمن سَمِعَ ما لم يَسْمَع منه، ويترك اسم الذي حدَّثه به فلا يذكره". ونقل ابن عبد البر في (التمهيد) تعريف المحدِّثين للمرسل ثم قال: "المنقطع عندي كل ما لا يتصل سواء كان يعزى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أو إلى غيره". وهذا المذهب هو ظاهر كلام الإمام الشافعي -رحمه الله- حيث سمى المرسل منقطعًا كما في (الرسالة). وممن أطلق المرسل على المنقطع من أئمة المحدثين كما نقل السخَّاوي في (فتح المغيث): أبو حاتم الرازي، وابنه عبد الرحمن "ابن أبي حاتم" ، وأبو زُرْعَة الرازي ، والبخاري ، وأبو داود ، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي. ومن المهم هنا ذكر ما قاله الحاكم بنقله إجماع المحدثين على أن "المرسل" ما رفعه التابعي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) مطلقًا سواء كان كبيرًا أو صغيرًا ، حيث يقول في (معرفة علوم الحديث): "فإن مشايخ الحديث لم يختلفوا في أن الحديث المرسل هو الذي يرويه المحدث بأسانيد متصلة إلى التابعي فيقول التابعي: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)". هنا قد يشكل البعض بكيفية الجمع بين ما قاله أعيان المحدثين المذكورين آنفًا: (بأنهم يطلقون "المرسل" على كل منقطع)، وبين نقل الحاكم لإجماع المحدثين: (بأنهم يطلقون "المرسل" على ما رفعه التابعي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم))؟! ويجاب بأن كلام الحاكم المنقول: كان في سياق ذكر (المرسل الذي قوي الاختلاف في الاحتجاج به) لا على مطلق المرسل. بدليل فعل الحاكم نفسه في كتبه: كالمستدرك والمدخل إلى معرفة الإكليل وغيرهما: فإنه كان يُطلق المرسل على المنقطع في مواطن كثيرة؛ مما يدل على أن عبارته المذكورة لا يقصد بها على أن المحدثين أجمعوا على أن هذا هو المرسل وما سواه ليس بمرسل، وبذلك يزول الإشكال.

مقالات مشابهة

  • «الإفتاء» توضح حكم إنشاء مدارس داخل المساجد: الأمر في يد الجهات المختصة
  • يوم عاشوراء.. سبب التسمية وفضل الصيام
  • لنوم هادئ.. أذكار النوم من السنة النبوية
  • وكيل أوقاف الفيوم يسلّم الزي الجديد لعمال المساجد
  • حكم إنشاء مدارس داخل المساجد.. الإفتاء توضح
  • كيف نتعامل مع الوسوسة؟
  • قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء إلى (شمال سيناء) الجمعة القادمة
  • في غار ثور
  • هل يجوز صيام شهر المحرم كاملا؟.. «الإفتاء» توضح
  • تعرف على الحديث المرسل وتوجهات المحدثين حول مفهومه