> بمناسبة خروج منتخبنا الوطنى لكرة القدم مُبكرًا من بطولة الأمم الإفريقية المقامة حاليًا فى كوت ديفوار، يجب طرح سؤال مهم: لماذا لا نتبنى لُعبة أخرى، بجانب كرة القدم، لتحويلها إلى لُعبة شعبية، ننتج من خلال نشرها، مواهب كثيرة، يمكن توريدها للاحتراف فى الخارج، ولتكن كرة اليد أو السلة أو تنس الطاولة!! أتذكر أننى وجيلى كنا نلعب تنس الطاولة من خلال طاولات منتشرة داخل المحلات، والساحات بشكل لافت، وكان صديقنا وجارنا وزميل الدراسة، أشرف حلمى، هو بطل إفريقيا للناشئين فى تنس الطاولة فى ذلك الوقت، فكان هو النموذج الذى نريد الوصول إليه، باعتباره بطلًا قوميًا، تهتم الصحف بأخباره،
وبالفعل أصبح فيما بعد أسطورة تنس الطاولة فى القارة السمراء لسنوات طويلة.
> أعتقد أن اللعبة المرشحة لنيل هذا الاهتمام هي« كرة اليد» التى أسعدتنا قبيل أيام من خروج منتخب كرة القدم، بفوز كبير ومهم للمنتخب الوطنى ببطولة الأمم الإفريقية لكرة اليد للمرة التاسعة فى التاريخ.. ولذلك يجب أن نشيد بهذا المنتخب الكبير الذى استطاع بفوزه بهذه البطولة بالوصول أيضًا إلى نهائيات كأس العالم والأوليمبياد ليضرب ثلاثة عصافير ببطولة واحدة!!
> ورغم هذه الدعوة للاهتمام بالألعاب الأخرى، يجب ان نتناقش بشكل موسع فى مجال الاستثمار الرياضى.. فللأسف مجال الرياضة فى مصر يُنفق أموالًا هائلة، ولا يحقق عائدًا حقيقيًا، لأننا نتعامل مع الرياضة باعتبارها مُتعة، ناقصة، فننفق مليارات الجنيهات سنويًا على كرة القدم، وبث مبارياتها، دون غيرها من الألعاب، ولا نحقق عائدًا، استثماريًا خارجيًا، من ورائها، ولذلك أصبح المجال الرياضى من الصناعات التى نكتفى خلالها، بالحديث الدعائى عن بناء الإنسان، ولكننا لا نتميز فيه كصناعة تحقق عائدًا استثماريًا، وعملة صعبة، مثلما يحدث فى كثير من بلدان العالم!!
> وللأسف أيضًا يتعرض الشاب الذى لفت أنظار العالم لكرة القدم المصرية، لاعبنا الدولى محمد صلاح نجم نادى ليفربول الإنجليزى، لحملات متكررة للإساءة إليه، فى محاولة لجعله نموذجًا غير مُقدس، وهى محاولة سياسية هدفها ألا يصبح محمد صلاح هو النموذج الذى يقتدى به الشباب، وتتم محاولات التقليل من قيمة محمد صلاح لصالح نموذج آخر نعرفه جميعًا!!
> محمد صلاح، هو النموذج المهم للاعب كرة القدم الذى حفر فى الصخر لصناعة اسمه وقيمته، ويجب أن ندرك أنه قام بالهروب من منظومة كرة القدم الفاشلة فى مصر، فذهب إلى منظومة أخرى تعلم منها كيف يصبح رقم واحد، ولذك فإننا نتمنى ان يساعدنا صلاح فيما بعد فى نقل ما تعلمه وما مر به لمؤسسات الرياضة وكرة القدم فى مصر، ويكفى ان يكتب لنا السيرة والصعوبات وأيضًا النظم الحديثة للمسابقات، وكيف يتم تنفيذها بصرامة فى بلدان سبقتنا بخبراتها وباحترافيتها.
> يجب ان يكون لدينا مائة محمد صلاح وليس صلاح واحد.. ونحن نستطيع فعل وتنفيذ هذا المشروع خلال عشر سنوات إذا اردنا النجاح فى هذا الملف بشرط ان يتم تنفيذه دون دعاية لأشخاص فى مجال كرة القدم ودون مصالح شخصية ضيقة، نريد تنفيذ مثل هذا المشروع فى صمت باعتباره عملًا اعتياديًا وباعتباره واجبًا على الجميع، وليس عملًا مستحيلًا نحتفى به قبل تنفيذه!!
>.. والسؤال هنا.. هل لنا جميعًا علاقة بنجاح محمد صلاح إلى هذا الحد؟! قطعًا لا.. الحكاية عبارة عن موهبة يمتلكها شاب صغير يلعب فى نادى المقاولون العرب، ووجدنا رئيس النادى شريف حبيب، يعمل على كيفية استثمار اللاعب، فتم بيعه فى وقت مبكر، مع زميله لا عب نادى الارسنال الإنجليزى، محمد الننى، لأحد أندية سويسرا، لتبدأ عملية الاستثمار الهائلة، بسبب رفض هذا المسئول بيع اى من اللاعبين للأهلى أو الزمالك!!
> إذًا... هى مبادرات شخصية دون دعم أو تنظيم.. وهذه المبادرات جعلت مصريًا شابًا لكى يصبح واحدًا من أهم الشخصيات المعروفة على مستوى العالم... فما بالنا بمبادرات أخرى يتم تنظيمها ودراستها لتسمح لغيره بالتواجد فى الساحة لإثبات ذاته وعرض موهبته.
> الاستثمار الرياضى مثله مثل أى استثمار آخر، هو تصنيع المنتج فى مصر، وبيعه للخارج، وجلب عملة صعبة، وهذا ما فعله نادى المقاولون، استثمر منتج مهم، اسمه «موهبة» محمد صلاح، وقام ببيعه للخارج، بمبلغ معقول وقتها، ليحصل على ناتج تطور المنتج، ووصوله إلى أكبر الأندية العالمية، وحقق أيضًا مردودًا دعائيًا مهمًا، قل عنه ما شئت، سواء ناتجا سياسيا، أو سياحيا، أو أمنيا، بسبب وجود لاعب يُذكر اسم بلده كلما يتم ذكر اسمه!
> طيب.. ماذا لو تعاملنا مع كل الأنشطة الرياضية باعتبارها أنشطة اقتصادية، ولا نهتم بلعبة كرة القدم فقط، ولكن نقوم بالتركيز فى الاستثمار الرياضى الشامل، ونكتشف المواهب، فى كل الألعاب، ليصبح عندنا لاعبون محترفون، فى كل التخصصات، مثل العشرات من لاعبى كرة القدم المصريين المحترفين فى أوربا ودول الخليج!! لماذا لا يتم تأسيس هيئة استثمارية متخصصة فى رعاية الرياضيين الناشئين فى كافة الألعاب، وتوريدهم للخارج بعقود مدروسة وموثقة، بحقوق رعاية تستمر لفترات طويلة لصالح الأندية الأصلية التى لعبوا بها، بدلًا من إخضاع الناشئين المصريين لابتزاز(بعض) السماسرة الذين يتاجرون فى الأولاد ويحققون من ورائهم ثروات، دون تحقيق فائدة للبلد أو اللاعب، ليعود هؤلاء الأطفال حاملين وراء ظهورهم فشل التجربة، بسبب قلة معرفتهم بالأوضاع فى الخارج، أو بسبب إخضاعهم لسخرة اللعب بمقابل، لا يتساوى مع مواهبهم، ودون معرفتهم بقوانين البلاد التى ذهبوا إليها، فيسقطون فى أخطاء تكلفهم مستقبلهم الرياضى!
> إذًا.. نحن نستطيع تحويل الرياضة إلى استثمار بدراسات اقتصادية متخصصة فى الرياضة بدلًا من عشوائية الاكتشاف، وبدائية التسويق وبدلًا من انتظار تحقيق انتصارات فى مجال كرة القدم على يد منتخب عشوائى يديره اتحاد كرة عشوائى يؤمن بالتحرك البطيء المستند إلى الحسابات الانتخابية الضيقة!!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منتخبنا الوطني كرة القدم بطولة الأمم الافريقية كوت ديفوار توريدها تنس الطاولة تنس الطاولة کرة القدم کرة السلة محمد صلاح فى مجال فى مصر
إقرأ أيضاً:
الجلالى- الجولانى..المشهد المؤلم فى سوريا!
** أكثر مشهد مؤلم، بثه التليفزيون السورى، كان لرئيس وزراء سوريا، محمد الجلالى، وهو فى جلسة جمعته، مع رئيس «هيئة تحرير الشام»، التى كانت «جبهة النصرة»، أبو محمد الجولانى، وعن يمينه وشماله اثنان من أتباعه، من أصحاب اللحى الكثيفة، أحدهما ذلك الرجل، الذى تولى رئاسة حكومة الإنقاذ فى «إدلب»، واسمه محمد البشير..المؤلم هنا، أن يأتوا بالرجل الثانى فى سوريا، ليمتثل لمن كانوا بالأمس إرهابيين، مطاردين داخل وخارج الدولة السورية، قبل أن تهتم الولايات المتحدة الأمريكية، بغسيل سمعة كبيرهم «الجولانى»، المطلوب دولياً، والمحكوم بالإعدام فى العراق ودول أخرى، وتبييض ملفه من وصفة «الإرهابى»، حتى يطل باسم «أحمد الشرع»، بعد انهيار النظام وسقوط «دمشق».
** المشهد فيه ما يكفى من الإذلال والمهانة، والقصد منه كسر معنويات السوريين أنفسهم، باعتبارغالبيتهم تنتمى إلى النظام السابق، نظام بشار الأسد، حتى لو أن الهدف من الجلسة- كما قيل- التنسيق مع رئيس الوزراء «الجلالى»، لتسليم السلطة، لمن اسمه محمد البشير، الذى كلفه «الجولانى»، باسم القيادة العامة لائتلاف المعارضة، بتشكيل حكومة جديدة، من دون أن نسمع عن أسانيد دستورية أو قانونية، كون زعيم هذا الائتلاف، الذى أعلن عن تحرير العاصمة «دمشق»، وانهيار النظام السورى، لم يتحدث عن مصير الدستور، أو ما يثبت قانونية قراراته- منفرداً- فى تعيين رئيس حكومة انتقالية تتولى السلطة، فى وجود المحكمة الدستورية العليا، ومجلس الشعب- قائماً- وقت هذه القرارات.
** ما يجرى فى سوريا، لا يخرج عن أنه حالة من الفوضى «الشخصية»، تنذر بالخطر الذى سوف يعانيه السوريون، فى قريب الأيام، ذلك أن السحابة الضبابية، تؤشر بأن مستقبل سوريا، هو الآن بيد خليط من جماعات، تتقاطع إيديولوجياتها الدينية والسياسية، خبرتها تنحصر فى التخطيط لعمليات عنف وإرهاب، يدفع ثمنها ضحايا من الشعوب، ولم تكن يوماً، توجه عملياتها ضد أعداء أو جيوش احتلال، وبالتالى تظل الخطورة رهن سلوك وانضباط، «هيئة تحرير الشام»- المصنفة «إرهابية»- حول العالم، والجماعات الـ60 شريكتها فى الائتلاف، فى اتجاه مصلحة الدولة السورية، وما سوف يكون عليه مشروع الدولة الجديدة، التى يجب أن تكون للجميع، ومن دون إقصاء.
** هذا ما يتطلع إليه الجميع، لكن الذى لا يطمئن، ما تحدث عنه «الجولانى»، الذى يقود الائتلاف، عن النية لتصفية حسابات مع كبار ضباط وشخصيات، يتهمها بالوقوف وراء جرائم تعذيب، حتى إنه ذهب بالكلام، عن إعلان قوائم بأسمائهم، ورصده مكافآت لمن يقدم معلومات عنهم، وهو إسلوب استخباراتى «محض»، لا يعكس سوى التمعن فى أساليب العنف، التى تنزِل إعدامات بحق مواطنين فى الشوارع، أكثر مما يتوجب عليه الانخراط فى عملية سياسية، تشمل دستوراً جديداً وقيام المؤسسات، لبناء الدولة الجديدة، التى يتطلع إليها الشعب السورى، ويفتح آفاقاً أمام نظام مدنى ديمقراطى، ينتهى بمخرجات القرار الأممى2254، حتى تستقر الأوضاع، وتأمن كل طوائف الشعب السورى.
** ما نخشى منه- وهو وارد- أن ينفرط عقد اتفاق جماعات الائتلاف، بفعل التدخلات الخارجية، وأن تتسع مطامع كل جماعة، تسعى لفرض رؤية رعاتها، بالمال والسلاح والولاء، لضمان احتواء سوريا الجديدة.. نحن أمام جماعات لم تتحدث عن مراجعة أفكارها، خليط من تنظيمى «القاعدة» و«داعش»، وما دونهما فصائل مسلحة عديدة، ما تخلت أى منها عن العنف والتكفير، لذلك، ولكى تنهض الدولة السورية «الجريحة»، يتوجب أن تتوقف التدخلات الأمريكية والإسرائيلية، وأن تتخلى تركيا وإيران عن نواياها الخبيثة، ولا يعوضنا عن هذه المخاوف، إلا موقف عربى هادر، يحتضن سوريا الجديدة، بديلاً لتنظيمات الإرهاب ورعاتها، حتى لا يتدحرج خطرها.. من الشمال إلى الجنوب.
[email protected]