بوابة الوفد:
2024-08-03@14:31:02 GMT

الحل فين؟

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

نظر لرفيقه بالمكتب نظرة اندهاش وأطلق ضحكة ساخرة وهو يقول «واضح أنكم مش عايشين فعلًا بالبلد، انتم بتدورا على المستحيل»
أسقط فى يدى، رغم أنى كنت أعرف وصاحبتى الإجابة مسبقًا، لأنه ليس المكتب الأول الذى ندلف إليه ونطرح نفس السؤال المكرر، بل لأن ضحكته الساخرة حسمت علينا استكمال باقى جولتنا لمكاتب أخرى وقطعت آخر أمل لنا، كما أنها أذهلتنا وأنا أجيب سؤاله الاستنكارى بسؤال: المستحيل؟، ماذا تفعلون إذن داخل هذه المكاتب، ومن أين ينفقون على الإيجارات والموظفين وخدمات المرافق الخ.


قال بأسف وقد استدرك ضحكته الساخرة: الله أعلم بنا، أغلب المكاتب قفلت أبوابها وحولت نشاطها.
جذبت صديقتى ومن ذراعها والغيظ بل الحنق يكاد يفجر صدورنا، كنت قد تطوعت لمرافقتها فى رحلة البحث عن أى مبلغ من اليورو يمكنها من السفر لرؤية ابنتيها المقيمتين فى هولندا، ولم أكن أدرى مسبقًا رغم كل الأخبار التى نكتبها كصحفيين ونقرأها عن أزمة العملات الأجنبية فى مصر وسعار الأسعار فى السوق السوداء، أن الأزمة بلغت إلى حد أن يصارحنا أصحاب مكاتب الصرافة بأنهم منذ أكثر من ستة أشهر لم يدخل إليهم عميل واحد لبيع العملات الأجنبية خاصة الدولار أو اليورو.
وعندما سألتهم فى فضول: حتى الأجانب والسياح أحجموا عن استبدال عملاتهم بالجنيه، فماذا يفعلون إذًا للإنفاق على رحلاتهم على أرض مصر، فقال لى أحد مديرو مكاتب الصرافة: يا أستاذة كل من يأتى لمصر من السياح عرف طريق السوق السوداء، فلماذا يأتى لمكتب صرافة ليبيع لنا الدولار أو اليورو بالسعر المحدد لنا من البنك المركزي!، فى حين يمكنه بيع عملته بضعف ثمنها أو أكثر فى السوق السوداء!
وعندما سألته: وكيف يصل الأجنبى السائح إلى السوق السوداء؟، أجابنى بصورة بها إيحاءً بأنى جاهلة بطبيعة ما يجرى على أرض مصر قائلًا: من خلال عامل الفندق أو مدير الفندق نفسه الذى يقيم به، ومن خلال سائق التاكسى الذى يتنقل به للأماكن السياحية، ومن خلال «الخرتية» الذين ينتشرون بالأماكن السياحية، وغيرهم كثيرون، وبالطبع يجذبونه لبيع عملاته بسعر أعلى من البنك ومكاتب الصراف ويستفيد هؤلاء الوسطاء أو السماسرة أيضًا من فارق السعر، فسعر الدولار تجاوز الستين جنيهًا وسعر اليورو يقترب من السبعين جنيهًا فى السوق السوداء، فيما البنوك ومكاتب الصرافة تحدد الأسعار بقيمة نصف هذا المبلغ تقريبًا، فلماذا يلجأ الأجنبى إذًا إلى البنك أو إلى مكاتب الصرافة؟!
كارثة سوداء، السوق السوداء حرمت البنوك الوطنية من توافر العملات الأجنبية بها وخربت ما تبقى من أمل لقيمة الجنيه المصرية، السوق السوداء حرمت أى مصرى يرغب فى السفر إلى الخارج من الحصول على ما يحتاج إليه لسفره، مما يضطره إلى شراء ما يحتاجه بسعر السوق السوداء بضعف القيمة، وعطلت مصالح المستوردين وخربت بيوتهم، فأصبح من المستحيل لأى مستورد مصرى التمكن من توفير ما يحتاج إليه من عملات لزوم تعاملاته التجارية مع الخارج، سواء من البنوك التى باتت تعتذر صراحة عن توافر عملات بها، أو من الصرافة التى كانت تتوافر بها قبل عام واحد فقط من تاريخنا هذا كل ما يحتاج إليه المستوردون بل المواطنون العاديون ممن سيسافرون للخارج بصورة حرة تتيح حركة العمل والاستيراد وتيسر السفر، تسير الحياة بصفة عامة التى تعقدت بصورة خانقة أصبح أغلبنا لا يجد معها الحل.
والمواطن الذى لديه حساب بنكى باليورو، عندما يحاول سحب جزء من أمواله لدواعى سفره أو أعماله، يفاجأ بأن البنك يعتذر له بعدم توافر المبالغ التى يطلبها كاملة، بل هناك ما هو الأسوأ عندما يقوم المصريون بتحويل مبالغ من العملات الأجنبية لذويهم وأسرهم على حسابات بعملات أجنبية يفاجأون برفض البنك صرفها لهم بنفس العملة، بل يصرفون الحوالات بالجنيه المصرى وبسعر البنك الرسمى، الأمر الذى يفجر التساؤلات الغاضبة، وماذا بعد؟ وللحديث بقية..

[email protected]
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اندهاش البلد المستحيل المكاتب الإيجارات الموظفين خدمات المرافق العملات الأجنبیة السوق السوداء

إقرأ أيضاً:

مأساة مصنع المحمودية للغزل

فى زيارة إلى مسقط رأسى، مدينة المحمودية وهى بالمناسبة مدينة تاريخية (بناها السلطان العثمانى محمود خان عام 1820 ) حزنت كثيرا عندما شاهدت بوابات مصنع المحمودية للغزل والنسيج مغلقة بالضبة والمفتاح، فيما سقطت لافتته أرضا، منذ سنوات واختفى علم مصر من فوق مبناه العتيق، بعد أن أكل الصدأ ساريته، وصمتت صافرة المصنع التى كانت تقوم بدور الساعة أو المنبه مذكرة العمال ببدء الدوريات الثلاث، معلنة موت مصنع كبير كان يعج بآلاف العمال ذهابا وإيابا فى حركة طبيعية هادئة كموج النيل الذى يحتضن هذه المدينة الجميلة الحالمة فوق  ضفتى ترعة المحمودية التى أمر محمد على والى مصر بحفرها عام 1807 لإمداد الاسكندرية بمياه النيل عبر فرع رشيد.
وحزنت أكثر عندما علمت أن هناك آلاف العمال من الشباب والشيوخ المهرة من أصحاب الخبرة تم الاستغناء عن معظمهم، فيما أجبرالآخرون على الخروج إلى المعاش المبكر أو التصفية بمستحقات سنين كانت سر حياة عمال مات بعضهم كمدا وحسرة وهم يشهدون رحلة الموت العصيبة لمصنع كان مصدر رزقهم الوحيد قبل أن تتوقف ماكينات عن العمل على أمل التطوير والتحديث.
ومن ظهر هؤلاء العمال البسطاء، أنجبت المحمودية علماء أزهر وأطباء ومهندسين وإعلاميين وصحفيين وأدباء وقضاة ورؤساء محاكم ونيابات وظباط ومحامين وغيرهم ممن يشار لهم بالبنان داخل المدينة وخارجها، وجميعهم حزين مثلى فى حلقه غصة ومرارة، وهو يشاهد جدران مصنع كبير إنهار بسبب الإهمال والفساد.
أما الذى حرضنى فعلا على كتابة هذا المقال فيديو قصير جدا بثه الأستاذ عادل الشرقاوى على قناته لخص فيه مآساة هذا المصنع ومدى احتياج المدينة لعودته من جديد، ولا سيما وأن أصوله مازالت باقية صامدة وعماله رهن إشارة العودة واتخاذ قرار التشغيل.
وبمناسبة حديث الدكتور مصطفى مدبولى للإعلاميين وتعهده بالاستغلال الأمثل لموارد الدولة دون المساس بحقوق العمال والمواطنين، أناشده والفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة، سرعة التدخل لنفض التراب وإزالة الصدأ عن  2000 مصنع يرتبط بذهب مصر الأبيض الذى عرفت به عالميا، وإزالة كافة العقبات التى قتلت أهم قطاع صناعى فى مصر بالضربة القاضية .
بصراحة.. لا أجد سببا لبقاء مادة الاسبستوس المحظورة دوليا فى أراضى بعض هذه المصانع، ولا ندرى من صاحب المصلحة الكبرى فى عدم توريد الماكينات الجديدة؟، ولا أين ذهبت القروض والمنح التى كانت مخصصة للتطوير والتحديث؟، ولا أين ذهبت المليارات حصيلة بيع بعض أراضى هذه الشركات؟! وأين اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب والأجهزة الرقابية؟.
إن الأمن الكسائى يا سادة لا يقل أهمية عن الأمن الغذائى والأمن القومى، وإن كنا نبكى ونصرخ (ونولول) من نقص الدولار والعملات الصعبة، فلماذا نقتل قطاع الغزل والنسيج الذى يعوضنا بالتصدير عن هذا العجز؟ ولماذا نترك ما تبقى ينزف حسرة ودما؟ ولصالح من تنتج تلك المصانع 30 % فقط من طاقتها الإنتاجية؟ وماذا فعلتم بالدراسات التى أجراها مكتب «وارنر الأمريكى» وتكلفت الملايين من دم العمال المطحونين .
ورغم كل ذلك لا أفقد الأمل، فى أن تعود ماكينات مصنع المحمودية للغزل للعمل من جديد على يد «كامل الوزير» الذى وعد بفتح جميع المصانع المغلقة وإنقاذ التى تعانى سكرات الموت فى غرف الإنعاش. وأقول لوزراء الصناعة وقطاع الأعمال والاستثمار و رؤساء الشركة القابضة السابقين، سامحكم الله، ولكن لن يرحمكم التاريخ، ولن يغفر لكم صمتكم على إنهيار أهم صناعة عرفت بها مصر منذ فجر التاريخ.
‏[email protected]

مقالات مشابهة

  • ضبط 9 أطنان دقيق قبل بيعه في السوق السوداء
  • 4 ملايين جنيه حجم الاتجار بالعملة فى السوق السوداء خلال 24 ساعة
  • ضبط 9 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها فى السوق السوداء
  • سعر الدولار اليوم في السوق السوداء والبنوك السبت 3 أغسطس 2024
  • سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعه في السوق السوداء
  • ضبط 8 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء
  • مأساة مصنع المحمودية للغزل
  • ضبط 21 طن دقيق بلدي مدعم قبل بيعها في السوق السوداء
  • سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الخميس 1 أغسطس 2024 بالبنوك والسوق السوداء
  • لغز إيران