بوابة الوفد:
2025-03-14@17:59:05 GMT

صقيع غزة

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

هلّ علينا الشتاء بلسعات برده القاسية وصقيعه تاركا وراءه الخريف المسالم تتساقط أوراقه كما يتساقط شهداء غزة، ولنا إخوة فى غزة يتقلبون فى خيامهم ونكاد نسمع تلاطم أسنانهم من برد الشتاء ويصارعون أمعاءهم الخاوية بأجساد أنهكها الترحال من الشمال إلى الوسط ومن الوسط إلى الجنوب وقبلها من فلسطين المحتلة وكأن الشتات قد كتب عليهم، إنهم فى خيامهم والبرد يتسلل إليهم من فوقهم ومن أسفل منهم ومن كل اتجاه، هذا هو المشهد الحزين الذى نراه فى غزة، والعالم الذى يدّعى أنه حر يقف مشاهدا دون حراك وكأنه قد تآلف مع هذا المشهد الحزين.


إن هذا المشهد الحزين الذى نراه فى غزة يصعب وصفه، فالطائرات تمطر قنابلها وصواريخها من السماء، والبوارج تمطر قذائفها من الماء والمدافع تطلق قذائفها من غلاف غزة، والدبابات تقتحم ما تبقى من هياكل البنايات، والماء مقطوع والغذاء ممنوع ولا يوجد دواء والنفايات فى كل مكان والخيام تكاد تعوم على ماء المطر وتقاوم الرياح بشق الأنفس والصقيع يتسلل إلى الخيام خجلا وكأنه يتعاطف مع هؤلاء الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.
فى وسط هذا الصقيع والمطر الشديد وغيوم السماء وأصوات المدافع والطائرات والبوارج البحرية والخيام التى تصارع الرياح، وفى وسط الدمار الرهيب وانقطاع الماء الغذاء والدواء والشعب مازال صامدا بصورة لم نرها على مر التاريخ، إنهم بحق شعب المرابطين فى سبيل الله.
فى وسط كل هذا الظلم والمشهد الرهيب هل يمكن للغرب الذى كنا دائما نسمعه يتشدق بحقوق الإنسان، أن يتوقف عن دعم هذا المحتل الغاصب الظالم؟ لا أعتقد ذلك، لأن الغرب هو الذى صنع هذا الكيان ويقف معه الآن فى خندق واحد.
فى وسط هذا الصقيع جاء قرار محكمة العدل الدولية يحمل بعض الدفء لعله يواجه هذا الصقيع، وعلى الرغم من أن الإجراءات التى صدرت عن محكمة العدل الدولية لم تتضمن وقفا فوريا لإطلاق النار، إلا أنها تتضمن إجراءات لو قامت بها إسرائيل لاستوجب الأمر وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل بدلا من الالتزام بقرارات المحكمة فقد شنت هجوما شديدا على المحكمة ومازالت فى غيها وفى شططها وفى طريق الإبادة الجماعية، فهل يمكن للغرب الذى يدّعى أنه حر ويقف مع حقوق الإنسان أن يكبح جماح إسرائيل، أم أن الدمار الشامل سوف يستمر ويلازمه الصقيع؟!.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشتاء غزة شهداء غزة فلسطين البرد فى وسط

إقرأ أيضاً:

منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية

يحكي زياد الرحبانى في إِحدي الحوارات التلفزيونية، أنه عندما كان يسجل أغنية زوروني كل سنة مرة لسيد درويش بصوت السيدة فيروز فى ألمانيا، أنبهر الموسيقيين الألمان باللحن مما دفعهم للسؤال عن صاحبه، و اِرتسمت علامات الدهشة عندما عرفوا أنه لموسيقارمصرى عاش فى أوائل القرن الماضى، فكانوا يظنون أنه لحنا من مقطوعة عالمية .
ويخطئ من يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن فقط ،بل هو مفجر الثورة الموسيقية وفكراً متطوراً قامت علي أكتافه المدرسة المصرية فى تجديد الموسيقي الشرقية، نجح في نقل الألحان الشرقية من عليائها البعيدة عن المزاج المصرى, والمنفصلة عن واقعها بمقاماتها التركية المليئة بالجمل اللحنية المعقدة والزخارف التى تعانى الجمود الفنى ،أسيرة التحفظ شبيهة محبيها من الطبقة الأرستقراطية، ليتجه بها خالد الذكر من القصورإلى قارعة الطريق نحو الأصول الشعبية والهوية المصرية .


فشعرالمصريون لأول مرة بأن لهم موسيقاهم المعبرة عنهم ،من خلال جملة موسيقية درويشية تحمل عبق مزيج حضارى متنوع تميزت به الاسكندرية وتشم معه فى نفس الوقت رائحة ملح الأرض الذى ينتمى إليه عموم الشعب ،فجمع بين التنوع والأصالة والحداثة في آن واحد بعد أن نقلها لمرحلة الواقعية، التى إستلهمها من واقع المصريين بجميع طوائفهم وطبقاتهم فكانت أعماله المرآة العاكسة لهمومهم وقضاياهم .


جاءت ألحان فنان الشعب لتشعل جذوة الروح الوطنية بين المصريين، والتى كانت تسرى بينهم كالنارفى الهشيم ،وسرعان ما يتداولها الشعب بجميع فئاته فى الشوارع والمقاهى ،وظهرت البصمة الموسيقية المتفردة لسيد درويش التى لا تخطأها أذن أثناء ثورة 1919، فكانت ألحانه وكلمات بديع خيري بمثابة منشور سياسى مؤجج للضمير الوطنى والشرارة التى أشعلت ثورة الشعب الذى يتنظر الاِنتهاء من تلحينه حتي يتغنى به في مظاهراته .


وبدأ يؤرخ لصناعة الأغنية السياسية التى وقفت ضد الإحتلال الإنجليزى، وجاءت أغنية بلادى بلادى التى لحنها سيد درويش بكلمات مستوحاة من كلمات الزعيم مصطفى كامل ،لتكون نشيد الشعب فى ثورة 1919 وتصبح النشيد الوطنى لمصر بعد أكثر من 90 عاما.


اِستطاع سيد درويش التعبير باللحن عن الكلمات والمواقف الدرامية لأول مرة فى تاريخ الموسيقى العربية، و أدخل على الألحان الشرقية الأسلوب التعبيري ،وأحدث ثورة بكسر المقامات المتجاورة فى لحنه فكان يقفز قفزات غير مؤلوفة ومن مقامات مختلفة ليصيغ مقاماً موسيقاً جديداً، يدخل القلب ويتسلل إلى الروح متجاوزاً وعابراً حدود الزمان والمكان وهو ما كتب لها الخلود والتفرد.   
ورغم عمره الفنى الذى لم يتعدى العشر سنوات، إلا أن التراث الإِبداعى لسيد درويش أصبح بمثابة الشعلة المغناطيسية ،التى تجتذب إليها كل من يستمع لها واِستطاع من خلالها أن يصبح جزءًا هاماً من تاريخ الأمة ووجدان الشعوب العربية.    


سيد درويش حالة إبداعية شكلت الهوية الموسيقية المصرية، وعاشت أعماله لأكثر من قرن من الزمان وستعيش لقرون عديدة لتسجل إسمه كعلامة فارقة فى تاريخ الموسيقي ،تحية لروح خالد الذكر الشمس التى لم ولن تغيب عن الوجدان .

مقالات مشابهة

  • رصد القمر البدر لشهر رمضان
  • رُفعتْ الجلسة
  • نجم النسر الواقع
  • غداً الجمعة.. القمر الدموي يظهر في السماء
  • أصوات تعانق السماء.. أحمد عطية يبدع في القرآن والإنشاد بكفر الشيخ | شاهد
  • ارتباط السماء بالأرض في رمضان
  • منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية
  • اتفاق هش ومجزرة دامية.. هل يعاد رسم المشهد السوري؟
  • افتتاحية: اقتصادات لا تعرف الركود
  • بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟