«المدن العربية وفوضى المنصات الإعلامية.. صراع أزمنة ثلاثة» ندوة نقاشية بمكتبة الإسكندرية
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
عقدت مكتبة الإسكندرية، اليوم رابع حلقات سلسلة محاضرات العلوم الاجتماعية في عالم متغير، بندوة تحت عنوان المدن العربية وفوضى المنصات الإعلامية صراع أزمنة ثلاثة، عبر تطبيق رووم، وذلك بحضور الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور خالد عمر بن ققه، الكاتب والباحث والأستاذ السابق بجامعة العلوم والتكنولوجيا بوهران.
في البداية، أكد الدكتور أحمد زايد استمرار سلسلة المحاضرات التي تناقش القضايا الاجتماعية والفكرية في إطار دور مكتبة الإسكندرية الثقافي الرائد في المنطقة، لافتا إلى أنه من المقرر أن يصدر كتابا هذا العام يجمع نتاج هذه النقاشات، على أن تقوم المكتبة بدعوة المهتمين بالسوسيولوجيا لعقد لقاءات مماثلة خلال العام المقبل.
بدوره، استعرض الأستاذ الدكتور خالد عمر بن ققه التغيير الذي حدث للمدن العربية خلال السنوات الماضية بسبب تأثير المنصات الإعلامية الجديدة وتحولها إلى النمط الاستهلاكي.
وقال إن الحديث عبر المنصات الإعلامية الجديدة يمكن تقسيمه إلى ثلاث فئات وهي فئة اللغو غير الجدي ويتميز أصحابه بعدم المعرفة والفئة الثانية هي الفئة التي تسعى إلى تغيير مفاهيم المدينة الموجودة في حين تركز الفئة الثالثة على اختراق دوائر الخوف من بطش الإعلام وتوحشه.
وتحدث عن 6 مدن عربية تعرضت لتغيرات كبيرة في بينتها الثقافية رغم ما كانت تشكله من خصوصية كبيرة في ماضيها وتحولها إلى الأنماط الاستهلاكية وهم الإسكندرية والقاهرة والجزائر وبغداد والقدس ومكة مُشيرًا أن الإنسان الذي يعيش في المدن الكبيرة الآن يتأثر كثيرًا بالنمط الاستهلاكي القائم على الترفيه، وأصبح فريسة لهذا النمط ودواماته.
وتسائل عن الأسباب التي دفعت هذه المدن إلى عدم المحافظة على قيمها وروحها وتأثرت بالعولمة وأصبحت تلبي حاجات الاستهلاك على حساب تاريخها، وفي النهاية قدم مقترحات حول التعامل مع هذه الظواهر الجديدة والتي تتمثل في الاعتراف بهذا العالم الجديد والتعامل معه فضلا عن فتح نقاشات جادة بين المتخصصين وعموم الناس حول خصوصية وهوية المدن العربية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية المنصات الإعلامية مكتبة الإسكندرية المنصات الإعلامیة
إقرأ أيضاً:
الدكتور عبدالله علي إبراهيم.. مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
الدكتور عبدالله علي إبراهيم
مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، ناقد ثقافي سوداني يرتقي جالسا في ذروة الفكر المفضي إلى ثورة الإبداع .
صاحب مشروع فكري حداثي ، يتأبى على التسليم الخانع ، والاتباع القانع والتقليد العاجز .
تنظر متأملا في مشروعه الأكاديمي الدارس للثقافة السودانية ، أو ، في منجزه الكتابي الإبداعي المسرحي ودراساته النقدية ، تجد أنه يزرع روح التمرد والمغامرة والتطلع إلى المستقبل ، ضد إجماع الإذعان لسرب الصفوة في السودان .
يرى أن الإنتاج الذهني ، ليس دوائر مغلقة بقدرما هي إجابات مفتوحة لأسئلة أخرى أيضا ، لذا نجد في إنتاجه محاولات لمحاورة نفسه ، ، بذات القدر الذي يحاور غيره .
ففي كل ما يكتبه عبدالله علي إبراهيم لن تجد إلا الأسئلة المعرفية المفتوحة ، والإجابات التي لا تعرف حدود الإنغلاق .
فالسلطة عنده هي سلطة الوعي ، وأن الثقافي الثوري المبدع يجب أن يكون غير أحادي البعد ، ولا المحدود ، ولا الجامد المتكلس ، فالثورية عنده ، أعمق وأوسع وأشمل من المعنى الإيديولوجي .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .
وبتلك المنظورت تفرد الدكتور عبدالله علي إبراهيم برؤية خاصة في المسألة السودانية وأزمات السودان إذ يرى أن ” الصفوة ” هي أصل البلاء والمحن إذ قال ” صفوتنا ضيوف ثقلاء على الواقع ” .. وفي مقالته : ” الصفوة والمكشن بلا بصل ” قال :
( من غضب الله علينا أن الصفوة – وهذا ما يسمي خريجو المدارس والمهنيون أنفسهم – طالقة لسانها في الآخرين ولم تجد بعد من يطلق لسانها فيها بصورة منهجية .
فهي تصف جماعات غمار الناس ، بالأمية ، أو البدائية ، أو المتخلفة ، أو بالمصابة بالذهن الرعوي ، أو ببله الريف أو انها مستعربة أو متأسلمة .
واحتكرت حق تبخيس الآخرين أشياءهم . واحتكرت حتى نقدها لنفسها ، ولكن برفق . فهي فاشلة أو مدمنة الفشل بما يشبه التوبيخ على حالة عارضة تلبستها وستخرج منها متى صح منها العزم ،
وقليلاً ما عثرت على نقد للصفوة تخطى ما تواضعت عليه من الرأفة بنفسها والعشم في صحوتها إلى نقد جذري يطال فشلها بالنظر إلى اقتصادها السياسي :
إلى مناشئها الثقافية والاجتماعية ومنازلها من العملية الإنتاجية ) ..
ويرى الدكتور عبدالله علي إبراهيم أن الصفوة السودانية خالية من ” الحمية ” وذلك أن الغرب قد أفرغها في مدارسها ، وجعل منهم طائفة بلا أدنى شغف بأهلهم وثقافتهم ، أطلقوا ألسنتهم فيهم ” يا بدائي ” يا ” أمي ” يا ” متخلف ”
وقال في استدراكته :
( كنت أستغرب مثلاً لماركسي يقول ، تأسياً بلينين ، إن الأمي خارج السياسة وحزبه في قيادة معظم نقابات العمال واتحادات المزارعين التي قوامها أميون .
أو تسمع من يقول لك ” بالله الحاردلو دا لو قرأ كان بدّع “.
وكأن ما قاله الحاردلو شفاهة ناقص ) ..
وفي تعميق آخر لمعنى الصفوة كتب الدكتور عبدالله علي مقالة أخرى بعنوان ( مفهوم الصفوة : إننا نتعثر حين نرى ) قائلا :
( فأعيد النظر في صلاح مفهوم الصفوة لتشخيصها . وهو المفهوم الذي نقلناه إلى خطابنا السياسي عن الفكر الغربي ، ولم نستأنسه بتحر يدني به زمامه لنا لمعرفة أوثق بهذه الحلقة الأثيمة .
ومن الجهة الثانية سأرد ، على بينة مَخْضي لمفهوم الصفوة ، هذه الحلقة إلى ” الثورة المضادة ” الغائبة في تحليلنا السياسي .
فلما قَصَر المفهوم فهمنا لفشل الفترة الانتقالية على تنازع الصفوة أوحى كأنه كان بالوسع ألا تتنازع لولا سوء خلقها .
وخلافاً لذلك سأوطن الصفوة ذاتها في خضم صراع اجتماعي واسع هية طرف فيه وفي حرب بين أطرافها كذلك .
باتت هذه الحلقة الجهنمية مثل دورات الطبيعة في حياتنا السياسية ” أو في اعتقادنا عنها من فرط تكرارها فينا ” تكرر الحيض عند النساء في قول منصور خالد .
وهي ليست كذلك بالطبع . ولم نجعلها كذلك إلا لأننا لم نحسن تشخيص هذا التعاقب ناظرين إلى صراع قوى مجتمعنا حول مصالحها .
وحال دوننا ومثل هذا التشخيص أنه لم ينشأ بيننا علم للسياسة مستقل عن الناشطية السياسة يكفل لنا الترقي من الإثارة إلى الفكر .
فظل الانقلاب فينا ، نظرياً ، من جرائر صفوة أنانية فاشلة تستدرج العسكريين لارتكابه .
وتقع مثل هذه نظرية في باب الأخلاق بجعلها الانقلاب حطة نفس .
ولا تقع في باب السياسة التي يتدافع الناس فيها حول مصالح استراتيجية بتكتيكات مختلفة سلمية وعنيفة ) ..
تأسيسا على ذلك يمكن القول أن الدكتور عبدالله علي إبراهيم في مذهبه هذا ، هو أقرب إلى التيار الذي يرى أن الأيديولوجيا في فضاءاتنا الثقافية العربية قد أنتجت مثقفين سيكولوجيين ، لهم في كل وجه عين واحدة ، وليس أكثر .
والعين الواحدة لا تدرك إلا لونا واحدا ، ولا تعترف إلا بحقيقة واحدة موحدة ..
فالإيديولوجيا مسكونة بالنوايا وبالأهواء ، هي وجهة نظر لا تعرف ولا تعترف بأنها مجرد وجهة نظر ، قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة ، وقد تكون مجرد هلوسات ذهنية ولا شيء أكثر – كما قال الدكتور عبدالكريم برشيد – هذه الإيديولوجيا بتمركزها على الذات ، قد أضرت كثيرا بثقافتنا .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .