استراتيجيات حرب المدن – عمارة الضرائب نموذجاً
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
يعتقد بعض مؤيدي القوات المسلحة ان الانتصارات التي تحققت في محور ام درمان هي انتصارات صغيرة و تتكرر الاحاديث غير البرئية مثل (الدعم السريع احتل مدينة والجيش حرر عمارة ) (الجيش 9 شهور بحرر في الاذاعة)التي ترددها غرف اعلام المليشيا و بثها عن طريق ناشطين يتدثرون بثياب (لا للحرب) وهي احاديث مفخخة يمكن ان تؤثر على الرأي العام وتحبط معنويات المناصرين.
تعتمد حرب المدن على استراتيجات استكشاف البيئة و تكييف المقاتلين عليها و اعدادهم للقتال فيها وهي استراتيجات تم تدريب افراد المليشيا عليها بواسطة خبراء اجانب ووجدت شهادات و اوراق عن التدريب في معسكر سركاب الخاص بالمليشيا بعد اقتحامه من قبل القوات المسلحة ، هذا التدريب ساعد المليشيا على الصمود في منطقة ام درمان القديمة حيث قامت المليشيا باحتلال احياء مدنية منذ الايام الاولى للحرب وهي احياء (ود نوباوي ،حي العرب، حي العمدة ، المسالمة ، ود ارو ، ود البنا ، ابوكدوك، ابوروف ، بيت المال ، الملازمين) بالاضافة الى تمركز المليشيا في سوق ام درمان بالكامل و اتخاذ المباني العالية فيه كتحصينات مليئة بالقناصة المسلحين ببنادق قنص بعيدة المدى.
يعتبر تحصن العدو بالمباني واحد من اقوى تكتيكات حرب المدن و الشوارع حيث يمكن للعدو ان يقوم بنصب بنادق قنص ويقوم من خلالها باستهداف الجنود و العربات القتالية من مسافات بعيدة مما يعيق محاولات تقدم اي متحرك قتالي ، قامت المليشيا ايضاُ بنصب منصات اطلاق صورايخ الكورنيت (Kornet) وهي صواريخ مضادة للدبابات روسية الصنع وذات قوة تدميرية كبيرة باهظة الثمن ولكن لا تغلى على داعم المليشيا الخارجي ، ايضاً قامت المليشيا بنصب مدفعية الهاون 82 مم و 120 مم في اماكن يصعب رصدها و استهدافها وهي مدفعية مصممة في الاساس للحركة السريعة و الدفاعات ويمكنك وضعها باحداثيات ثابتة في مسارات مرور تقدم القوات المسلحة للهجوم عليهم.
تصعب مهاجمة العدو المتحصن بالمباني الاسمنتية حيث يتبقى امامك خيارين اما تدمير المبنى بالكامل بالمدفعية الثقيلة و الراجمات او الهجوم عليه للتحييد ، يبقى الخيار الاول صعباً حيث يوجد عدد كبير من المباني العالية في منطقة وسط ام درمان وهي مباني مواطنين و تجار ومن الضرر بمكان هدمها بالكامل لذلك لجأ الجيش للخيار الثاني وهو خيار الهجوم وهو خيار مكلف جداً للعنصر البشري المتمثل في الجنود حيث يمكن ان يكونوا عرضة للقنص و المدفعية ويجب القيام بثلاث خطوات اساسية هي الاسناد وهو يتمثل في محاصرة المكان وتغطية خط الامداد للهجوم ،الخطوة الثانية هي التأمين وتتمثل في فتح ثغرة لدخول القوة المهاجمة ، الثالثة هي الهجوم وهي القوة المسئولة عن القضاء على العدو وتحييد المكان.
كانت معركة تحييد سوق ام درمان من اصعب و اشرس المعارك لانها كانت مع عدو غير تقليدي يمتلك المال و المرتزقة الاجانب و يمتلك مقاتلين مدربين على حرب المدن و الالتفاف مصحوبة بخبرات خطط عسركية اجنبية مستجلبة من دول متعددة ، استخدم الجيش تكتيكات عسكرية (لن نفصح عنها) لكنها كانت ناجعة وسددت ضربات قوية للمليشيا ومنذ بداية معركة التحرير في خواتيم العام لم يخسر الجيش اي منطقة في ام درمان القديمة ، كان العامل الذي يؤرق مضاجع الناس هو تأخر الزمن واستعجال النصر ولكن الصبر واستخدام استراتيجيات مضادة صنعتها ظروف المعركة اكسبت القوات المسلحة خبرات كبيرة في هذه المعركة.
قدمت القوات المسلحة وهيئة العمليات و الاحتياطي المركزي و المجاهدين عدد من الشهداء و الجرحى في هذه المعركة ، صبروا و رابطوا وعاشوا اياماً قاسية في منطقة مقطوع عنها الماء و الكهرباء و الاتصالات ويصلك الاكل و الشرب بصعوبة خشية الاستهداف من العدو القريب منك ، فتية و رجال اكارم دفنوا اخوانهم وصبروا على الهجوم المضاد و المدفعية و الكورنيت حتى يتحرر الوطن من دنس المليشيا، نسأل الله ان يتقبل شهيدهم ويشفي جريحهم ويتقبل جهادهم و يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
ختاماً لا تقللوا من نصر اخوانكم فما فعلوه لو اكتمل بوصل جيش كرري بجيش المهندسين سيكون فاتحة خير وستكون بداية المعركة الكبرى مع المليشيا في الخرطوم وفك حصار الوحدات العسكرية.
عبدالرحمن الضو
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القوات المسلحة حرب المدن ام درمان
إقرأ أيضاً:
مليشيتك المفضلة شنو؟ الشعب السوداني بعد الحرب
بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع حرب السودان، وانتصارات القوات المسلحة السودانية والقوات المساندة لها، برزت العديد من الظواهر في المجتمع السوداني الجديد “ما بعد الحرب”، في رد فعل يجمع ما بين الهزال والجديّة.
وانتشرت موضة من الفكاهة وسط الشعب السوداني عبر سؤال لم يكن في البال ولا الخاطر: مليشيتك المفضّلة شنو؟ فبعد الأسئلة التقليدية عن وجبتك المفضلة وناديك المفضلة وفنانك المفضل ولونك المفضل، جاء هذا السؤال الصعب، ما يدل على تأثير الحرب الكبير على يوميات الحياة السودانية.
وانتشر السؤال بين الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي بحسب رصد “النيلين” “مليشيتك المفضلة شنو؟”، ليتفاجأ الجميع بكم هائل من الردود الساخرة والحزينة في آن واحد، ليكتب أحد المعلقين:
فعلاً سؤال واقعي، إنت مليشيتك المفضلة شنو؟ يعني بتحب وتفضل المشتركة ولا درع السودان الدراعة ولا البراء بن مالك، ولا كمان بتشجع الدعامة؟ وأنا بقول إنو بعد الحرب ما عايزين ولا مليشيا تحتفظ بقوات خارج إطار القوات المسلحة السودانية.
ورد معلق آخر:
ما كان متوقعين يجي يوم ويلاقينا سؤال زي ده، مليشيتك المفضلة؟ ياخي دي مبالغة البلد دي ماشية لي وين ولا هي مشت أصلا، غايتو ربنا يستر بعد نهاية الحرب لازم الجيش يلم القوات دي كلها.
وتخوض القوات المسلحة السودانية حرباً مفروضة لإنهاء تمرد قوات الدعم السريع المستمر منذ 15 أبريل من العام 2023، ويساند القوات المسلحة مجموعات كبيرة من المستنفرين وكتائب الإسناد، وحركات الكفاح المسلح والأجهزة النظامية.
رصد وتحرير – “النيلين”
إنضم لقناة النيلين على واتساب