الخرطوم- بعد تعثر الجهود الأفريقية، وجمود منبر جدة للمفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دخلت القيادة الجزائرية على خط الأزمة السودانية إثر زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إلى الجزائر، وتلقيه تعهدات من الرئيس عبد المجيد تبون بـ"لعب دور فاعل" أفريقيا ودوليا لوقف الحرب في بلاده.

وأجرى البرهان وتبون محادثات، أمس الاثنين، في الجزائر، ركزت على تطورات الأزمة السودانية والخطوات التي تمت منذ مايو/أيار الماضي لوقف الحرب، والأوضاع الأمنية والعسكرية في السودان ومعاناة السودانيين بسبب استمرار الحرب التي تجاوزت 9 أشهر.

ويقول مستشار في مجلس السيادة للجزيرة نت إن "الجزائر لن تطرح مبادرة جديدة، ولكنها ستبذل جهودا دولية وإقليمية لتسريع مساعي إنهاء الحرب في السودان، خصوصا أنها باتت عضوا في مجلس الأمن الدولي، بجانب وجودها الفاعل في الاتحاد الأفريقي، حيث إنها ثالث أكبر ممول للاتحاد بعد مصر وجنوب أفريقيا".

ويوضح المستشار -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- أن الجزائر ترى أن منبر جدة قطع شوطا مقدرا في الملفين الإنساني والترتيبات الأمنية، ويحتاج إلى دعم دولي وإقليمي لإنعاشه واستكماله، ويضيف أن "الجزائر لا تمانع في استضافة لقاء بين البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لدفع عملية التفاوض في حال توافقت الأطراف على ذلك، بعد تعثر الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيغاد"، وتعليق عضوية السودان في المنظمة.

رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان (يسار) في زيارة دبلوماسية لرئيس الجزائر عبد المجيد تبون (سونا) رفض التدخل الأجنبي

وعلق مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان ووزير الخارجية الجزائري السابق رمضان لعمامرة على زيارة البرهان إلى الجزائر في تغريدة "شكرا الرئيس تبون لدعمه مساعي الأمم المتحدة في تخطي السودان المحنة العصيبة التي يمر بها، والمتجهة في منحى متصاعد جراء التدخلات الأجنبية".

وأكد الرئيس تبون وقوف الجزائر إلى جانب السودان "لتجاوز الظروف الصعبة، ومواجهة قوى الشر التي تستهدفه"، وقال خلال مؤتمر صحفي مع البرهان إن "الجزائر كانت ولا تزال تُفضِّل حل النزاعات برؤية داخلية بحتة، بعيدا عن كل أشكال التدخل الأجنبي"، مؤكدا أن "الكلمة الأولى والأخيرة تعود دوما إلى الشعب السوداني بكل مكوناته".

وجدّد الرئيس الجزائري التأكيد بأن بلده ستعمل خلال عضويتها بمجلس الأمن الدولي على نصرة القضايا العادلة في القارة الأفريقية والعالم، والحد من وطأة النزاعات والتوترات التي باتت تُشكِّل خطرا على استقرار الدول وطمأنينة الشعوب.

من جهته، قال البرهان إن "السودان يتعرّض لمؤامرة بتواطؤ شركاء إقليميين ودوليين"، معربا عن سعادته بأن تكون الجزائر حاضرة في أي طاولة نقاش أو مفاوضات عربية أو إقليمية، ومؤكدا ترحيب السودان بأي دور جزائري يسهم في معالجة الأزمة في السودان.

شروط لقاء البرهان

يرى مستشار قائد الدعم السريع محمد الباشا طبيق أن زيارة البرهان إلى الجزائر تأتي لطلب الدعم الدبلوماسي والعسكري، بعدما فقد محيطه الإقليمي؛ إثر اتهامه دول الجوار السوداني بدعم قوات الدعم السريع، وتوفير الغطاء الدبلوماسي والسياسي لها.

وقال طبيق في حديثه للجزيرة نت إن الجزائر إذا قدمت مبادرة جادة للمساهمة في حل الأزمة السودانية، بالتنسيق مع منبر جدة ومنظمة إيغاد، فإنهم سيتعاطون معها.

وعن لقاء محتمل بين البرهان وحميدتي في الجزائر، يقول المستشار إن "اللقاء بين الرجلين رهين بحضور زعماء دول إيغاد، وممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية والأمم المتحدة، لضمان أي تفاهم أو اتفاق بين الجانبين".

توازن القوى

يعتقد الباحث السياسي مبارك عثمان أن زيارة البرهان إلى الجزائر استهدفت خلق توازن، بعدما استطاعت قيادة قوات الدعم السريع عبر القوى الإقليمية التي تقف خلفها من كسب مساندة بعض زعماء دول "إيغاد" وقيادات أفريقية أخرى.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن الجزائر عبر عضويتها في مجلس الأمن يمكن أن تدعم منبر جدة وتمنحه دفعة دولية، كما أنها تتمتع بنفوذ قديم في الاتحاد الأفريقي يمكّنها من لعب دور إيجابي، ومنع استخدام الاتحاد لصالح أي طرف.

ويوضح الباحث ذاته، أن الجزائر لديها علاقات جيدة مع المكونات الاجتماعية في دول الساحل الأفريقي، التي يقاتل بعض أبنائها مع قوات الدعم السريع، حيث يمكن أن تقنع رموزها بعدم الانخراط في الصراع السوداني، حتى لا يكون ثمة ارتدادات سياسية أو أمنية تهدد استقرار دولهم.

ويرجح مبارك عثمان أن لا تطرح الجزائر مبادرة جديدة بشأن الأزمة السودانية، بل تعزز الجهود الجارية، ويقول إنها "تنتهج الدبلوماسية الهادئة والتواصل عبر القنوات الخلفية، وتحظى باحترام في المنطقة، مما يجعل تحركاتها واتصالاتها الدبلوماسية فاعلة ومنتجة".

ويضيف المتحدث نفسه أن تاريخ العلاقات بين السودان والجزائر الممتدة منذ نحو 61 عاما، والاحترام المتبادل بين البلدين والود بين الشعبين، يساعد القيادة الجزائرية على لعب دور إيجابي في حل الأزمة السودانية.

وكان السودان قد قدّم الدعم السياسي واللوجستي لثوار جبهة التحرير الوطني الجزائرية، خلال فترة كفاحهم المسلح ضد المستعمر، واستضافت الخرطوم جبهة التحرير الجزائرية، التي فتحت مكتبا فيها عام 1957.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البرهان إلى الجزائر الأزمة السودانیة الدعم السریع منبر جدة

إقرأ أيضاً:

اتهامات لحفتر بدعم حميدتي.. هذه نسب المرتزقة في قوات الدعم السريع

قال ياسر العطا عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا، إن 25 بالمئة من قوات الدعم السريع هم من ليبيا تحت قيادة خليفة حفتر والمرتزقة من التشاد وبعض الإثيوبيين وأفراد من كولومبيا وأفريقيا الوسطى وبقايا فاغنر ومقاتلين من سوريا، بينما 65 بالمئة من القوة المتبقية من أبناء جنوب السودان، للأسف في حين أن 5% فقط هم من الجنجويد الأصليين كقادة لبعض المجموعات.

وأشار العطا من مدينة بوط بولاية النيل الأزرق إلى أنهم قد تحدثوا مع المسؤولين في جنوب السودان خلال سنتين من الحرب حول هذا الموضوع، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، حتى على مستوى الإعلام، لتجريم مثل هذه الأفعال.



وأضاف، أنه كان بالإمكان القول في الإعلام إن جنوب السودان يشن حربا ضدهم.

وفي وقت سابق، أكد رئيس جيش تحرير السودان، مني اركومناوي، أن الدعم الأجنبي يتواصل عبر محور ليبيا ويدخل تعزيزات جديدة بقوة قوامها 400 آلية عسكرية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور الآن، حسب قوله.

وسبق أن تحدثت تقارير أن  كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر قد توجهت مؤخراً نحو “معطن السارة” لتأمين المنطقة وحماية الطرق المؤدية إلى السودان بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.

والعام الماضي، هاجم عضو المجلس السيادي السوداني ومساعد القائد العام للجيش الفريق، ياسر العطا السلطات الليبية في بنغازي ومنها قوات "حفتر"، بسبب دعم قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" عبر مطارات أفريقية، محذرا هذه المؤسسات من تبعات ما وصفه بـ"العبث"، وأن الأجهزة المخابراتية السودانية ستقوم برد الدين والصاع صاعين"، وفق قوله.



والأسبوع الماضي، قالت وكالة “نوفا” الإيطالية، إن روسيا تعمل على توسيع نفوذها في ليبيا من خلال نقل الرجال والمعدات إلى قاعدة “معطن السارة” على الحدود مع تشاد والسودان.

ونقلت الوكالة في تقرير لها، عن مصادر ليبية وصفتها بالمطلعة، أن موقع قاعدة معطن السارة استراتيجي، وقد استُخدمت خلال الحرب الليبية التشادية في الثمانينيات، وتقع الآن في قلب عملية روسية كبرى لتعزيز السيطرة على منطقة الساحل، التي أصبحت بشكل متزايد في مركز المصالح الجيوسياسية لموسكو.

وأوضح التقرير أنه في أواخر العام الماضي،  أرسلت روسيا مجموعة من الجنود السوريين الفارين من هيئة تحرير الشام لإعادة القاعدة إلى العمل، بهدف تحويلها إلى نقطة استراتيجية للعمليات العسكرية في إفريقيا، يمكن الإمداد منها مباشرة إلى مالي وبوركينا فاسو وربما السودان.

مقالات مشابهة

  • السودان: الدعم السريع توسع هجماتها على مناطق بشمال دارفور
  • 16 قتيلا في قصف للدعم السريع على مخيم يعاني المجاعة في دارفور  
  • هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟
  • “مالتيز هيرالد”: حفتر أرسل شاحنات عسكرية لقوات الدعم السريع السودانية
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • اتهامات لحفتر بدعم حميدتي.. هذه نسب المرتزقة في قوات الدعم السريع
  • الدعم السريع تستهدف المنشآت الحيوية في السودان وتعرض المدنيين للخطر
  • ياسر العطا: المرتزقة من جنوب السودان يشكلون 65% من قوات الدعم السريع
  • مساعد قائد الجيش السوداني: المرتزقة من جنوب السودان يشكلون 65% من قوات الدعم السريع
  • مالك عقار: العقوبات الأميركية ضد البرهان «كيدية» تستهدف «وحدة السودان»