هل شهدت مواقف العمال البريطاني تحولات تجاه فلسطين مؤخرا؟
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
في الوقت الذي تستمر فيه قيادة حزب العمال البريطاني بالتمسك بمواقفها في دعم إسرائيل بقوة، فإنها طرحت في الأخيرين ما بدا أنها محاولات لإرضاء قسم من مؤيد فلسطين، عبر موقفين؛ أحدهما يعارض قطع تمويل الأونروا وآخر يشدد على ضرورة السعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية دون انتظار المفاوضات النهائية.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية، ديفيد لامي، تعليقا على قرار الحكومة البريطانية مع دول أخرى بقطع التمويل عن منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بزعم مشاركة موظفين في الوكالة في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر: "المساعدات التي تدخل غزة يجب أن تزيد لا أن تنقص".
— David Lammy (@DavidLammy) January 29, 2024
وبينما أشار إلى "المزاعم بحق عدد من موظفي الأونروا المتهمين بالمشاركة في هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر الإرهابية صدمت الجميع في مجلس العموم. كل من تورط تجب محاسبته بقوة القانون"، أضاف خلال نقاش في البرلمان: "من الصواب أن الأونروا قد استجابت بسرعة بإنهاء عقود الموظفين الذين يُزعم تورطهم وأطلقت تحقيقا. وفي الأثناء ورغم ذلك فإن الحالة الإنسانية الطارئة في غزة لا يمكنها الانتظار.. 25 ألف شخص ماتوا بينهم آلاف النساء والأطفال، 85 في المئة من السكان نزحوا، مليونان يواجهون خطر المجاعة".
ولأول مرة يتحدث فيها حزب العمال عن حجم الخسائر بين المدنيين في غزة بهذا التفصيل.
وأضاف: "لا نستطيع ترك الفلسطينيين يفقدون المساعدات التي تنقذ حياتهم بسبب إرهابيي حماس" وفق تعبيره، وتساءل عن الفترة التي سيستغرقها استئناف المساهمة البريطانية في تمويل الأونروا.
وكان لامي قد قال في وقت سابق، في منشور له على منصة "إكس": "تعاني غزة من حالة طوارئ إنسانية، ويجب أن تزداد المساعدات الواردة إليها لا أن تتوقف. يجب أن تستمر عمليات الأونروا الحالية، ويجب على الحكومة أن تحدد مسارا واضحا وسريعا لعودة التمويل في المستقبل. لا يمكننا أن نترك الفلسطينيين الأبرياء يفقدون المساعدات المنقذة للحياة".
من جانبها، قالت وزيرة الظل للتنمية الدولية في الحزب، النائبة ليزا ناندي؛ إن عمليات الوكالة يجب أن تستمر في قطاع غزة، بالتزامن مع التحقيقات بشأن تورط موظفي الوكالة بالهجمات.
وتابعت في منشور لها على المنصة ذاتها: "هناك حالة طوارئ إنسانية، ويجب أن تصل المساعدات إلى كل جزء من غزة".
الدولة الفلسطينية
من جهة أخرى، رحّب لامي بما قال إنه تبن من حكومة المحافظين للسياسة الجديدة لحزب العمال بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقال لامي: "حزب العمال دعم الاعتراف بفلسطين. (زعيم الحزب) كير ستارمر قال إن الاعتراف ليس هدية من الجار، هو حق غير قابل للإلغاء للشعب الفلسطيني"، مضيفا: "أرحب بتبني وزير الخارجية هذا الموقف ورفض المذكرة بأن يكون الاعتراف فقط كنتيجة للمفاوضات، وذلك بعد التعليقات غير المقبولة من قبل رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو"؛ الذي أعلن رفضه لقيام دولة فلسطينية.
— David Lammy (@DavidLammy) January 30, 2024
ولاحقا كتب لامي: "الاعتراف يجب ألا ينتظر اتفاق الوضع النهائي، يجب أن يكون جزءا من جهود لتحقيق ذلك (الاتفاق)".
من جهته، وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إن بلاده تدرس "الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميا"، مشددا على ضرورة "إظهار تقدم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين للشعب الفلسطيني".
وقال كاميرون الذي يبدأ هذا الأسبوع زيارته الرابعة للمنطقة منذ تعيينه وزيرا للخارجية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إنه "يجب منح الفلسطينيين أفقا سياسيا لتشجيع السلام في الشرق الأوسط".
وأضاف أنه "سيتم النظر مع الحلفاء في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك في الأمم المتحدة"، مؤكدا أن المملكة المتحدة "تتحمل مسؤولية تحديد الشكل الذي ستبدو عليه الدولة الفلسطينية".
واقترح أن بريطانيا "يمكن أن تمنح اعترافا دبلوماسيا رسميا بالدولة الفلسطينية، ليس كجزء من اتفاق سلام نهائي، ولكن في وقت مبكر، خلال المفاوضات نفسها"، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وكان ستارمر قد أعلن في وقت سابق تخلي الحزب عن السياسة السابقة بالاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية بمجرد فوزه بالانتخابات، وهي السياسة التي كان قد وضعها الزعيم السابق جيرمي كوربين.
وأوضح أن الحزب يتبنى حل الدولتين، لكن "الاعتراف (بالدولة الفلسطينية) يجب أن يكون جزءا ملائما من العملية"، مشترطا أن يكون الاعتراف بالتنسيق مع مجموعة من الدول الأخرى.
وكانت لجنة السياسات في الحزب قد صاغت توصيات بهذا الصدد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصادقت عليها اللجنة الوطنية التنفيذية للحزب لاحقا.
وتنص السياسة التي أقرتها اللجنة على "العمل مع الشركاء الدوليين للاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، كجزء من الجهود للمساهمة في تأمين حل للدولتين متفاوض عليه".
ويشار إلى أن ستارمر كان قد اتخذ مواقف داعمة للعدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بما في ذلك الحصار الشامل على غزة وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء عن السكان، وهو ما اعتبره حقوقيون "تواطؤا" مع جرائم الحرب ضد المدنيين في غزة.
كما يرفض ستارمر الضغوط المكثفة من داخل حزبه، وخصوصا من جانب الأعضاء المسلمين في الحزب، لتبني الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة، مكررا موقف حزب المحافظين الحاكم بشأن ضرب قدرات حماس أولا.
ورغم المواقف التي عبّر عنها لامي، فإن قيادة الحزب تحظر انتقاد إسرائيل، ومؤخرا تم تجميد عضوية النائبة كيت أوسامور بسبب إشارتها إلى "الإبادة الجماعية" في غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية حزب العمال فلسطين الأونروا غزة بريطانيا بريطانيا فلسطين غزة حزب العمال الأونروا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بالدولة الفلسطینیة تشرین الأول حزب العمال أن یکون فی غزة یجب أن
إقرأ أيضاً:
هل تتمكن دمشق من الوفاء بشروط الاعتراف الأميركي؟
في ظل الموقف الأميركي الغامض من الإدارة السورية الجديدة، نشرت وكالة رويترز قائمة بشروط قدمتها مسؤولة أميركية لوزير الخارجية أسعد الشيباني، لتخفيف العقوبات عن سوريا، وهو ما يشكل بداية تبلور لسياسة واشنطن تجاه حكام دمشق الجديد.
كما أن اللقاء يمثل أول اتصال دبلوماسي رفيع بين الجانبين منذ زيارة باربارا ليف نائب وزير الخارجية الأميركي الاستكشافية إلى دمشق في أعقاب سقوط نظام الأسد قبل نهاية العام الماضي.
وعلى الرغم من الرسائل الإيجابية والتطمينات التي بعثت بها الإدارة السورية الجديدة منذ سقوط النظام السوري، والتي لاقت تفاعلا وصدى إقليميا وأوروبيا، بقي الموقف الأميركي ضبابيا تجاه الوضع السوري الجديد.
يستعرض هذا التقرير الشروط الأميركية المعلنة والمسربة للصحافة للانفتاح على الإدارة السورية الجديدة، ودلالات هذه الشروط، ومدى استعداد دمشق لتلبيتها.
قالت وكالة رويترز في تقرير لها في 25 مارس/آذار الجاري، نقلا عن مسؤولين أميركيين ومصادر سورية وأميركية متطابقة، إن ناتاشا فرانشيسكي نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى وسوريا، قدّمت قائمة المطالب لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال لقاء مباشر على هامش مؤتمر المانحين من أجل سوريا في بروكسل، بتاريخ 18 مارس/آذار الجاري.
إعلانولم يعلن سابقا عن هذا الاجتماع المباشر، الذي يُعد أول اتصال دبلوماسي مباشر رفيع المستوى بين دمشق وواشنطن منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني.
ويأتي الكشف عن الاجتماع وقائمة الشروط بالتزامن مع اتصالات رفيعة أجرتها واشنطن مع أنقرة تكثفت مؤخرا، بدءا من اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، وصولا إلى لقاء وزير خارجية البلدين، ماركو روبيو وهاكان فيدان في واشنطن، والذي كانت سوريا بين أبرز ملفاته.
وتدعو أنقرة واشنطن لدعم الإدارة السورية الجديدة ورفع العقوبات عن سوريا للسماح لها بالنهوض بعد حرب مدمرة، كما تعهدت أنقرة بقيادة جهود استمرار الحرب على الإرهاب وتنظيم الدولة في حال قرر البيت الأبيض سحب القوات الأميركية من سوريا.
وبحسب التقرير، فقد تعهدت الولايات المتحدة في حال تلبية دمشق لجميع الشروط بتخفيف المزيد من العقوبات وإصدار إعفاء جديد وتمديد الإعفاء القائم بالفعل والذي صدر في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
قالت المصادر لوكالة رويترز إن من بين الشروط التي قدمتها الولايات المتحدة لسوريا هي التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وضمان عدم وجود أجانب في مناصب عليا في هياكل الحكم في البلاد.
وقامت الإدارة الجديدة في سوريا بالفعل بتعيين بعض المقاتلين الأجانب السابقين كمسؤولين في وزارة الدفاع، وهي خطوة أثارت في حينها قلق عدد من الحكومات الأجنبية لكنها لم تعطل مسار الانفتاح الإقليمي والأوروبي تجاه دمشق.
لكن إدراج واشنطن شرطا متعلقا بإبعاد هؤلاء المقاتلين الأجانب عن هياكل الحكم في سوريا تعيد تسليط الضوء على أهمية هذا الملف بالنسبة للولايات المتحدة، والقلق الغربي من تأثير التيارات الجهادية على السلطات السورية الجديدة.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع ذكر في تصريحات سابقة أن المقاتلين الأجانب في صفوف هيئة تحرير الشام شاركوا في معركة ردع العدوان التي أدت إلى إسقاط الأسد، ولكن تأثيرهم على الأوضاع محدود، ودافع في الوقت نفسه عن تعيين بعضهم في مناصب قيادة بوزارة الدفاع، مؤكدا أنهم مكثوا في البلاد سنوات طويلة طارحا إمكانية منحهم الجنسية السورية في نهاية المطاف.
ورغم أن الشرط الأميركي يبرز القلق الغربي من وجود هؤلاء على رأس صفوف القوات النظامية قيد التشكل في سوريا، إلا أنه بحسب تقرير رويترز لم يطالب بإبعادهم خارج البلاد.
إعلانوفيما يتعلق بالتعاون في محاربة تنظيم الدولة والإرهاب، فبحسب مراقبين، يبدو هذا البند أقرب إلى تأكيد الواقع منه إلى كونه شرطا، فمن ناحية، حارب الشرع على مدى سنوات تنظيم الدولة وخلاياه في إدلب، كما ضيق الخناق على تنظيم حراس الدين فرع القاعدة في سوريا، ومن ناحية أخرى، بدأ التعاون بين دمشق وواشنطن بالفعل في هذا الصدد.
فقد شاركت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية مع الإدارة السورية الجديدة، أفضت في مطلع العام الجاري إلى إحباط مخطط تنظيم الدولة لتفجير مقام السيدة زينب، وهو مزار ديني شيعي في ضواحي العاصمة دمشق، وفق ما كشف عنه مسؤولون أميركيون لصحيفة "واشنطن بوست".
إلا أن تعاونا أوسع قد يعني تنسيقا كاملا وثابتا، وحتى انضمام سوريا رسميا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، وهو ما طالبت به بالفعل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في زيارتها الأخيرة إلى دمشق في 20 مارس/آذار الجاري.
الأسلحة الكيميائيةوتضمنت الشروط الأميركية أيضا قيام سوريا بتدمير أي مخزون متبقٍ من الأسلحة الكيميائية لدى البلاد، بعدما كان النظام السابق قد سلم جزءا منها عام 2013 كجزء من صفقة لعدم توجيه ضربات عسكرية أميركية له إثر تخطيه الخط الأحمر الذي رسمه له الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، بعد استهداف قوات الأسد غوطة دمشق الشرقية بهجمات بغاز السارين.
ومثل سابقه، يبدو هذا الشرط قيد التطبيق بالفعل من قبل دمشق، فقد أعلن الشرع ومسؤولون سوريون مرارا عزمهم التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهدف تدمير وتسليم أي مخزون من الأسلحة الكيميائية كان النظام السابق يحتفظ به ويخفيه عن أعين مراقبي المنظمة.
وشارك وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في الخامس من مارس/آذار الجاري في اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة في لاهاي في أول مشاركة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد.
إعلانوجاءت هذه المشاركة بعد نحو شهر من زيارة أجراها المدير العام للمنظمة فرناندو أرياس إلى دمشق، قال إنها تشكل فرصة "لانطلاقة جديدة"، معتبرا أنه "بعد 11 عاما من العراقيل التي وضعتها السلطات السابقة، لدى السلطات السورية الانتقالية فرصة لطي الصفحة".
وعقب الإطاحة بنظام الأسد، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إنها طلبت من السلطات الجديدة تأمين مخزونها من هذه الأسلحة، مؤكدة أنها تواصلت مع دمشق "لتأكيد أهمية ضمان أمن المواد والمنشآت المرتبطة بالأسلحة الكيميائية" في البلاد.
وزعمت إسرائيل -التي شنت مئات الغارات الجوية على مواقع ومنشآت عسكرية عقب الإطاحة بالأسد- أن ضرباتها شملت "الأسلحة الكيميائية المتبقية"، لمنع وقوعها "في أيدي متشددين".
وأفاد تقرير رويترز بأن واشنطن طلبت من سوريا، بالإضافة إلى الشروط السابقة، تعيين جهة اتصال (ضابط ارتباط) لمساعدة الجهود الأميركية في العثور على أوستن تايس، الصحفي الأميركي الذي فُقد في سوريا قبل أكثر من عقد، ويعتقد بأنه كان معتقلا لدى النظام السابق، الذي كان يخفيه ليساوم عليه واشنطن.
إلا أن فتح السجون عقب سقوط النظام وخروج المعتقلين وليس من بينهم تايس شكل خيبة أمل لعائلته وللخارجية الأميركية التي ألحت في تصريحات سابقة منفصلة على أهمية هذا الملف في أي اتصال مع الجانب السوري.
وتضمن وفد باربارا ليف نائب وزير الخارجية، الذي زار دمشق، أعضاء معنيين بقضية تايس واختفائه في سوريا، كما زارت والدة الصحفي الأميركي دمشق والتقت الشرعَ الذي أكد استعداده للتعاون في الكشف عن مصيره.
ومن المستبعد العثور على تايس في أي سجون سرية بعدما قامت الفرق والجهات المختصة من داخل وخارج البلاد بإجراء مسح واسع بحثا عن المفقودين السوريين الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف من دون جدوى، ويرجح أن يكون مصيرهم الموت في ظل استمرار الكشف عن المقابر الجماعية في مختلف أنحاء البلاد.
وفي المقابل، إذا تم تنفيذ جميع المطالب الأميركية من قبل دمشق، فإن واشنطن ستقدّم بعض التخفيف من العقوبات، حسب ما أفادت به مصادر رويترز.
وأوضحت المصادر أن واشنطن ستتخذ من جهتها مجموعة من الإجراءات، من بينها تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وتمديد إعفاء قائم من 6 أشهر لمدة عامين للمعاملات مع المؤسسات الحكومة السورية، وربما إصدار إعفاء إضافي.
كما ستصدر الولايات المتحدة أيضا بيانا يدعم وحدة الأراضي السوريّة، بحسب تقرير رويترز.
إعلانورغم أنه لم يعلق مسؤول أميركي على مضمون التقرير نفيا أو تأكيدا، إلا أن الوكالة نقلت عن متحدث باسم الخارجية الأميركية، في رده على طلب التعليق قوله: "لا نناقش علنا محادثاتنا الدبلوماسية الخاصة"، في تأكيد ضمني على إجراء محادثات غير معلنة بين الجانبين الأميركي والسوري.
ورغم أن الاجتماع في لاهاي بين المسؤولة الأميركية ووزير الخارجية السورية ومضمون المحادثات أحيطت بالسرية، إلا أن قائمة الشروط التي تسربت للصحافة لا تبدو سرية تماما، فقد أعلنت واشنطن في عدة مناسبات، في عهد كلا الإدارتين، على أهمية الكشف عن مصير الصحفي أوستن تايس، والتعاون مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بما تبقى من الأسلحة الكيميائية، والتعاون كذلك في محاربة الإرهاب وتنظيم الدولة.
وفي حال تأكدت قائمة الشروط الأميركية المعروضة على دمشق، فهذا قد يعني انتصار الرؤية التي تبلورت لدى وزارة الخارجية الأميركية بشأن طبيعة السياسة التي ستنتهجها الولايات المتحدة تجاه الوضع الجديد في سوريا، على رؤية البيت الأبيض الأكثر تشددا.
تباين بين الخارجية والبيت الأبيضيفضل بعض مسؤولي البيت الأبيض موقفا أكثر تشددا في التعامل مع سوريا، مشيرين إلى الروابط السابقة لقيادة سوريا الجديدة بتنظيم القاعدة كسبب لتقليص الانخراط الأميركي، وفقا لدبلوماسيين ومصادر أميركية مطلعة على عملية صنع القرار تحدثوا لرويترز.
في المقابل، يسعى مسؤولو وزارة الخارجية إلى اتباع نهج أكثر تدرجا وتوازنا في التعامل مع سوريا، يشمل دراسة مجالات محتملة للتعاون، بحسب المصادر.
وقد أدى هذا الاختلاف إلى نقاش ساخن في وقت سابق من هذا الشهر بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بشأن بيان أصدره وزير الخارجية ماركو روبيو يدين العنف في الساحل السوري، بعد كمين نصبه فلول النظام السابق ضد قوات الأمن الجديدة أدى إلى مقتل المئات منهم، وشن عملية عسكرية واسعة لملاحقة الفلول رافقها نفير عام وتحرك لمسلحين غير منضبطين أدى إلى مقتل المئات من العلويين.
إعلانوقد أدان روبيو "الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بمن فيهم الجهاديون الأجانب"، الذين ارتكبوا أعمال العنف، ودعا السلطات السورية المؤقتة إلى محاسبة الجناة.
واللافت أن البيت الأبيض سعى إلى إصدار بيان بصيغة أكثر تشددا، بينما دافعت وزارة الخارجية عن موقف أكثر توازنا، وفقا لمصادر مطلعة على النقاش.
يرى مراقبون أن الضغط الإسرائيلي على واشنطن الهادف على إبقاء الموقف الأميركي بعيدا عن الانفتاح على دمشق، والسعي للإبقاء على سوريا ضعيفة ومفككة، ربما يشكل أحد عوامل الغموض والتأخر في تشكل الموقف الأميركي من الوضع الجديد في سوريا.
ورغم أن التحركات الإسرائيلية العدوانية داخل الأراضي السورية، ابتداء من التوغل في المنطقة العازلة وما يليها، مرورا بالغارات التي باتت تستهدف قرى ومناطق سكنية في الجنوب السوري سقط خلالها عدد من القتلى، لم تلق إدانة صريحة من البيت الأبيض، إلا أن المصادر ذكرت أن إدارة ترامب لا تزال غير ملتزمة بالكامل بمساعي إسرائيل لتثبيط التواصل الأميركي مع الحكام الجدد في سوريا.
وفي الوقت ذاته، يبدو أن بعض المخاوف الإسرائيلية بشأن خلفية الحكام السوريين الجدد بدأت تجد صدى متزايدا لدى عدد من المسؤولين الأميركيين.
في الجانب الآخر، تبدو تركيا عاملا مضادا للعامل الإسرائيلي في تشكيل الموقف الأميركي بشأن سوريا، فالعلاقة المميزة بين ترامب وأردوغان من المرجح أن تساهم في إنتاج موقف أكثر توازنا في البيت الأبيض، أو على الأقل عدم انتصار الرؤية الإسرائيلية لسوريا مفككة.
ومن المرجح أن يستمر هذا التذبذب والتشويش في الرؤية الأميركية للملف السوري لمدة من الوقت ريثما تنضج المحادثات غير المعلنة بين الجانبين السوري والأميركي من جهة، والتركي والأميركي من جهة أخرى.
إعلانكما أن نجاح الخارجية الأميركية في تحقيق أهدافها من قائمة الشروط التي قدمتها لسوريا قد يعني تغلب رؤيتها على رؤى الأجنحة الأكثر تشددا في إدارة ترامب، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الشروط هي شروط نهائية أم أنه ستليها قوائم أكثر صعوبة على الإدارة السورية.