مؤيد الزعبي

قبل يومين أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مؤسس شركة "نيورالينك" Neuralink، أن أول مريض من البشر خضع لزراعة شريحة دماغية أنتجتها شركته، وأنه يتعافى بشكل جيد، وقد أفادت الشركة أن الشريحة تُمكِّن الأشخاص المصابين بالشلل الرباعي من التحكم في الأجهزة بتفكيرهم، ولقد قدم ماسك قبل سنوات منتج "BCI" الذي يسمح لشخص يعاني حالة مرضية مثل التصلب الجانبي الضموري أو يعاني من آثار السكتة الدماغية بالتواصل عبر الأفكار.

لك أن تتخيل- عزيزي القارئ- كيف ستُساعد هذه الشرائح في علاج الكثير من الأمراض، ومع تطور تقنيات الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتطور التكنولوجيا أجد أن هناك الكثير من الأمل التي ستجلبه التكنولوجيا لأصحاب الإعاقة خصوصًا في تخفيف أعبائهم أو السماح لهم بعيش تجارب جديدة، فإلى أين ستأخذنا التكنولوجيا في تذليل مثل هذه العقبات؟ وإلى أي درجة سوف نستفيد منها مجتمعًا وحكومات؟

مِنْ أعقد المشاكل التي يواجهها الطب هو علاج أصحاب الإعاقة؛ سواء الحركية أو العقلية، وكثيرة هي المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص في التعامل مع المجتمع أو ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وخلال السنوات القليلة الماضية بدأنا نشاهد اختراعات بالجملة لأرجل أو أذرع اصطناعية، وصحيح أن التطورات باتت كبيرة في هذا المجال، لكن تخيلوا أن تصبح هذه الأرجل أو الأذرع متصلة بمجسّات حسيّة وحركية وهذه المجسات مرتبطة برقائق متصلة بالمخ البشري أو قادرة على إيصال الأحاسيس للمخ فهنا لن نسهل حركة من يعانون من إصابات أو مشاكل حركية بل سنسمح لهم أيضًا بالشعور بكل ما يلمسونه أو يمشون عليه، بل سنمكنهم من عيش تجارب كثيرة كانوا محرومين منها.

بخلاف شرائح شركة Neuralink فهناك محاولات أخرى مثل محاولات شركة شريحة BrainGate:  والتي طورت شريحة عبارة عن شبكة من الأقطاب الكهربائية التي يتم زرعها في الدماغ، يمكن استخدام هذه الشريحة للتحكم في الأطراف الاصطناعية، أو تحسين التواصل، أو مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على التعلم، وأيضًا شريحة MindControl التي يمكن استخدام هذه الشريحة للتحكم في الأجهزة الخارجية، أو تحسين القدرات المعرفية، أو علاج الأمراض العصبية، وهذا إن دل فيدل أن هناك محاولات حقيقية لحل مشكلات صحية صعبة باستخدام الذكاء الاصطناعي وعلينا أن نتقبل الفكرة وأن نطورها.

عندما نتحدث عن هذه التقنيات وتطورها فهي ليست فقط ستعالج مشاكل حركية أو عقلية بل أيضًا ستحقق للأشخاص ذوي الإعاقة الاستقلالية في حياتهم؛ استقلالية هم بأمس الحاجة لها، والذكاء الاصطناعي سيحدث ثورة هائلة في حياة هؤلاء الأشخاص ومساعدتهم في الاندماج مع المجتمع، ويمكن للروبوتات أن تكون مساعدًا شخصيًا يساعدهم في الوقوف والجلوس أو أن تكون هذه الروبوتات عبارة عن بدلة إلكترونية تساعدهم على الحركة والتنقل، كما يمكن استخدام تقنيات الواقع المعزز لمساعدتهم على التدرب على الحركة الطبيعية وتحسين وظائفهم الحركية إذا كان الأمر ممكنًا لبعض الحالات.

ليس التنقل والحركة وحدة من يعيق حياة ذوي الإعاقة بل أيضًا مسألة التواصل مع الآخرين، فيمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لترجمة الكلام مباشرة للغة الصم والبكم، أو استخدام تقنيات تحويل الكلام لنص لمساعدتهم في فهم أفضل وأسلس، وأيضًا يمكن استخدام هذه التقنيات لنقل مشاعرهم وأفكارهم وحتى آمالهم وأحلامهم، وتخيل عزيزي القارئ حجم الإبداع الفكري الذي سنحصل عليه إذا ما استطعنا من توظيف هذه التقنيات لدمج أصحاب الإعاقة في وظائف إبداعية أو فكرية، ويمكن أيضًا تطبيق هذه التقنيات لمساعدتهم في تسيير حياتهم والتواصل مع أفراد عائلاتهم وأصدقائهم ومحادثتهم بشكل أفضل، بل يمكن أيضًا تطوير هذه التقنيات لتترجم كلامهم لتخرج أصواتا وكلمات من أفواههم، وصحيح أن هذه العملية ستكون صعبة لكن لا شيء مستحيل.

تخيل عزيزي القارئ حجم الفائدة التي سنجنيها من استخدام الذكاء الاصطناعي لتسهل حياة ذوي الإعاقة في التعليم والعمل، فيمكن لبرمجيات الذكاء الاصطناعي أن تكون قادرة على إيصال مناهج التعليم بالشكل المُناسب لهذه الفئة، ويمكن لها أن تكون مساعدهم الافتراضي لإنجاز مهام عملهم، وإذا ما تحدثنا عن تقنيات الواقع الافتراضي فالفوائد ستكون كبيرة في استخدامها لتعليمهم وتدريبهم وجعلهم متمكنين من أعمالهم عن طريق خلق بيئات مماثلة لبيئات العمل الطبيعية وتعليمهم عليها.

ربما تقول عزيزي القارئ إن طرحي هنا ورديٌ لا مشاكل ولا تحديات فيه، ولكن بالطبع هناك تحديات ومشاكل، فالمشكلة الأولى التي تواجهنا في الوصول لتقنيات أمنة الاستخدام ولا تسبب أي مشاكل لا للبشر ولا حتى لفئة ذوي الإعاقة، والتحدي الثاني في كيفية إقناع الشركات الربحية في تحمل المسؤولية والاستثمار في تطوير مثل هذه التقنيات، وأيضًا أجد أن هذه التقنيات لن تكون تكلفتها ميسرة ومنخفضة مما ستشكل عبئًا على هذه الفئة وهذا التحدي سيجد طريقة للحل تدريجيًا كلما انخفضت تكاليف صناعة وتطوير هذه التقنيات.

وأخيرًا.. إنَّ المستقبل سيحمل لنا الكثير من المفاجآت في هذا المجال، وأتوقع أن تدخل الشرائح لتكون بديلًا جيدًا عن أجزاء أو غدد في أجسامنا فيكون بها الحل للكثير من المشاكل الحركية أو العقلية التي يعاني منها ذوي الإعاقة، وكل ما علينا أن نستثمر في هذه التقنيات وأن ندعم تطورها، وبدلًا من أن نحاربها علينا أن نضمن كيف نُطوِّرها بطريقة سليمة وآمنة؛ فالخير فيها كثيرٌ وكبير.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إطلاق مبادرة لتمكين الموظفين من استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل بشمال الباطنة

 

صحار-خالد بن علي الخوالدي

انطلقت فعاليات مبادرة "نعمل بذكاء" والتي ينفذها مختبر الذكاء الاصطناعي بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة، بالتعاون مع قسم التدريب والتأهيل، وذلك تحت شعار "استثمار الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل".

وتهدف المبادرة إلى تمكين الموظفين لتوظيف الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل من خلال تنفيذ ورش تدريبية تفاعلية تركز على التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي، وتستهدف المبادرة في مرحلتها الأولى 60 موظفاً.

وقال أحمد بن راشد السناني مدير دائرة تقنية المعلومات: "رؤية المبادرة تتمثل في إيجاد بيئة عمل أكثر ذكاء وابتكارا من خلال استثمار الذكاء الاصطناعي، ورسالتها تزويد الموظفين بالمعارف والمهارات اللازمة لاستخدام هذه التقنيات في العمل وتعزيز الكفاءة والإبداع في أداء المهام الوظيفية اليومية،  بما يسهم في تحقيق الإجادة المؤسسية والتحول الرقمي".

وعن أهداف المبادرة، قالت أجنان البلوشية أخصائية خدمات رقمية: "المبادرة تسعى لتحقيق عدة أهداف منها: نشر الوعي حول أهمية الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء الوظيفي وتمكين الموظفين من استخدام أدواته في مهامهم اليومية، بالإضافة إلى تعزيز الابتكار والابداع في بيئة العمل من خلال تبني الحلول الذكية، ودعم التحول الرقمي بما يتماشى مع رؤية عمان 2040 لإيجاد بيئة عمل مستدامة وفعالة".

وحول آلية تنفيذ المبادرة ذكر خالد بن محمد المطروشي أخصائي خدمات رقمية ومدرب مشارك في المبادرة، أن المبادرة تتضمن مجموعة من الورش التدريبية في ثلاث محاور وهي: مقدمة في الذكاء الاصطناعي، وتطبيقات عملية لبعض أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعين الموظف في أداء مهامه الوظيفية بكفاءة وذكاء، والمخاطر السيبرانية للذكاء الاصطناعي وكيفية الحد منها وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي.

ويبيّن مبارك بن محمد العموري مدرب تقني بدائرة تقنية المعلومات، أن مبادرة نعمل بذكاء ليست مجرد برنامج تدريبي، وإنما خطوة نحو إيجاد بيئة عمل حديثة تعتمد على مهارات المستقبل.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد للماء والكهرباء تعزز استخدام الذكاء الاصطناعي بقطاع المرافق
  • الصينيون يستخدمون الروبوتات والذكاء الاصطناعي في تحسين طرق الزراعة
  • إطلاق مبادرة لتمكين الموظفين من استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل بشمال الباطنة
  • مدير مركز المعلومات الوطني في “سدايا” : تعزيز الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي يأتي على رأس أجندة المملكة لهذه التقنيات المتقدمة
  • 12 خدمة تقدمها وزارة التضامن لذوي الهمم.. اعرفها
  • افتتاح مركز خدمة الطلبة ذوي الإعاقة بالشراكة مع الوكالة الأمريكية بجامعة الزقازيق
  • رئيس جامعة الزقازيق يفتتح مركز خدمة الطلبة ذوي الإعاقة
  • افتتاح مركز خدمة الطلبة ذوي الإعاقة بجامعة الزقازيق
  • الليزر والذكاء الاصطناعي يكشفان سرطان الثدي في مراحل أولية
  • طلاب الرحلة العلمية من برنامج الحاسبات والذكاء الاصطناعي في زيارة تفقدية لمستشفى شفاء الأورمان بالأقصر