السعي للعلم والعمل
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
أحمد العامري
لم يخلق الله تعالى الإنسان عبثا، وإنما خلقه لهدفين عظيمين الأول العبادة والأخير عمارة الأرض، ولا يتحققان إلا بالسعي والمثابرة. نجد الكثير من النَّاس يسعون لأن تكون حياتهم لا معنى لها ولا يريدون في اليوم إلا عيش ذلك اليوم فقط وليس لهم نظرة مستقبلية ولا يستثمرون ذلك اليوم ليوم بعده.
ويجب على الإنسان أن يكون حريصاً على وقته وأن يكون هذا الوقت بين عبادة وعمارة الأرض، والله تعالى كرمنا بالعقل فيجب أن نتفكر وأن نسعى ولا نعيش للأكل والنوم فحسب، بل نكون ممن تبنى الأمم بسواعدهم.
ولأنَّ الله تعالى كرمنا بأجل النعم وهي نعمة العقل فيجب أن نستغل هذه النعمة، فقد خلق الملائكة بعقول دون شهوات وخلق الحيوانات بشهوات دون عقل وخلق الإنسان بعقل وشهوات. فإن بذل الإنسان ووازن بين متطلبات العقل والنفس ارتقت منزلته وإن أتبع شهواته فقد خاب وخسر.
وكيف للإنسان أن يعبد الله على الوجه المطلوب وهو لا يعلم! وكيف للإنسان أن يعمر الأرض وهو يفتقر للعلم وأسس المعرفة! وخصوصا في العصر الذي تتطور فيه الأمم بين الثانية والأخرى. فلا بُد للإنسان أن يسعى للعلم والعمل ويربط وجوده بغايات عظيمة وأهداف نبيلة.
سبحان الله! عندما تخطط لهدف علمي أو عملي وفي المنتهى يتحقق ذلك الهدف تشعر براحة غير معهودة، وما ينسيك التعب إلا لذة الإنجاز، وتشعر بأنك فرد منتج يسعى لبناء وطنه ويسهم في تطور العالم برمته، وتأكد أن الإنتاجات الكبيرة انبثقت من فكرة بسيطة في البدء.
صحيح أحيانًا تخفق أي بعد عناء واجتهاد وسهر تجد نفسك لم تبلغ المُراد وتجد أن الأرض ضاقت عليك بما رَحُبت، ولكن واصل المسير وربما إذا فشلت هنا نجحت هناك وهذه الحياة ما بين نهوض وسقوط، ومنك العمل ومن الله التوفيق.
وإذا وجدت من يعيقونك عن تحقيق أهدافك العلمية والعملية، لا تحزن لذلك وتأكد أنَّ الأمر بيد الله وحده، ونقول لمن يسعى لتنكيس أعلام الإنجاز والمنجزين أنك أسأت لدولتك ومجتمعك ولم تسئ لهذا المجتهد فحسب؛ لأننا نعيش في مكان واحد يضرنا سوء الآخرين وينفعنا صالح عملهم.
يجب علينا أن نساند بعضنا البعض، ونكون كالبنيان المرصوص، نشجع هذا ونتعاون مع ذلك؛ لأنَّ من هذا المنطلق تتطور الأمم، ويحضرني مقولة أحمد زويل الصادقة التي يقول فيها الغرب ليسوا عباقرة ونحن أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل.
في المنتهى.. يجب أن نتذكر أن العلم والعمل من أهم الأدوات للتقدم والازدهار، ولم تصل الدول المتقدمة إلى ما وصلت إليه، إلا بالمعرفة والعمل وعلينا أن نحذو حذوهم لتحقيق المُراد، والوصول بعُمان الحبيبة إلى مصاف الدول المتقدمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مختار جمعة: الصحبة الصالحة أساس بناء الشخصية السوية
أكد الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الصحبة الصالحة تعد من أهم العوامل المؤثرة في بناء شخصية الإنسان، خاصة الشباب.
وقال في حديثه: "الإنسان يتأثر بشكل كبير بمن يصاحب، وذلك سواء كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا، وقد نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الصحبة الصالحة، حين قال: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ...»، وهذا يشير إلى أن الجليس الصالح مثل العطر الذي ينشر رائحته الطيبة ويزيد الإنسان طهارة وراحة، بينما الجليس السوء مثل النار التي تحرق الثياب وتلوث الحياة."
أهمية الصحبة الصالحة في حياة الإنسانأوضح وزير الأوقاف السابق أن الصحبة الصالحة ليست مجرد علاقة اجتماعية عابرة، بل هي شراكة حقيقية تؤثر في سلوك الإنسان وتوجهاته في الحياة. فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»، وهذا يعني أن الإنسان يتأثر بشكل كبير بتوجهات وصحبة من يرافقهم في حياته، ولذا يجب على الإنسان أن يختار رفقاءه بعناية فائقة.
وأضاف جمعة أن الصحبة الصالحة تعد من أسباب النجاح في الدنيا والآخرة، لأنها تدفع الإنسان نحو الأخلاق الطيبة، وتذكره بالواجبات الدينية، وتحثه على اتباع الطريق الصحيح. فالصحابة الكرام، في مقدمتهم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كانوا مثالًا حيًا للوفاء والصدق في الصحبة، مما جعلهم قدوة لأجيال المسلمين في مختلف العصور.
الصحبة السيئة: خطر على الفرد والمجتمعكما نبه الدكتور جمعة إلى خطورة الصحبة السيئة، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم حذرنا بشدة من رفقاء السوء، وأوضح أن أصدقاء السوء يجرون الإنسان إلى الضلال والانحراف عن الطريق القويم.
فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا* لَقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِى وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا»* [الفرقان: 26-29].
وأوضح الوزير أن هذا التحذير يبين لنا أن الإنسان الذي يرافق رفقاء السوء سيندم في الآخرة على اختيار هؤلاء الأصدقاء الذين أضلوا سبيله وأبعدوه عن الحق.
كما أشار إلى أن القرآن الكريم تحدث أيضًا عن الصحبة الضارة في قوله تعالى: «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا»، مشيرًا إلى أن الصحبة السيئة يمكن أن تكون سببًا في فساد النفس وابتعادها عن الله تعالى.
النماذج المشرفة من الصحابة الكراموأكد الدكتور جمعة أن الصحابة الكرام، وخاصة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كانوا المثال الأمثل للصحبة الصالحة.
فقد ضرب أبو بكر الصديق أروع الأمثلة في الوفاء والتفاني في دعم النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أشهر المواقف التي توضح ذلك هو حين صدق النبي في حادثة الإسراء والمعراج، حيث قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «إن كان قال فقد صدق»، في إشارة إلى أن أبا بكر كان يؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مطلق، حتى في المواقف التي قد يراها البعض غريبة أو غير قابلة للتصديق.
وأضاف الدكتور جمعة أن هذا الموقف يعكس كيف كانت الصحبة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق مليئة بالثقة والصدق والتعاون في سبيل الله.
وفي الحديث عن الصحبة الصالحة، ذكر الدكتور جمعة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِى مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» [رواه مسلم]، ليؤكد على أن الصحابة الصالحين هم خير معين في الدنيا والآخرة، وأنهم أداة لبناء الشخصية السوية.
التحذير من رفقاء السوءوأكد جمعة على ضرورة الابتعاد عن رفقاء السوء، مشيرًا إلى أنه يجب على المسلم أن يتحلى بالحذر الشديد في اختيار جلسائه، لأن الجليس الصالح يعين على الخير ويذكر بالحق، بينما الجليس السوء يعوق الشخص عن السير في الطريق المستقيم. وقال: "علينا أن نتجنب الصحبة التي تؤدي إلى الضلال، وأن نتحرى الصحبة الصالحة التي تزيدنا تقوى لله تعالى وتقربنا من أعمال الخير".
وأشار إلى أن القرآن الكريم قد أوضح لنا بشكل قاطع أن من يتابع أصدقاء السوء ويجلس معهم يتعرض لتبعات أعمالهم، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: «وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ» [الأنعام: 68]، موضحًا أنه من الضروري أن نبتعد عن الصحبة التي تسيء إلى ديننا وأخلاقنا.
في الختام، دعا الدكتور مختار جمعة جميع المسلمين إلى التمسك بالصحبة الصالحة التي تعين على الخير وتدفع الإنسان إلى الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية السامية. وأضاف أن اختيار الصحبة الطيبة هو مفتاح للنجاح في الدنيا وسبب للنجاة في الآخرة، وأن المجتمع المسلم يجب أن يحرص على تقوية الروابط بين أفراده من خلال الصداقات التي تبني وتنمي الإيمان وتقوي العلاقات الاجتماعية على أساس من المودة والرحمة.
وختم حديثه بالدعاء بأن يرزقنا الله الصحبة الطيبة التي تقربنا إليه، ويجنبنا صحبة السوء التي تضلنا عن الطريق المستقيم.