بلينكن يحذّر من أن ما حقّقته كييف من مكاسب سيكون في خطر إذا توقّف الدعم الأميريكي
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
عواصم "وكالات ": حذّر وزير الخارجية الأميريكي أنتوني بلينكن اليوم من أن المكاسب الميدانية التي حقّقتها أوكرانيا خلال أكثر من عامين في مواجهة روسيا ستكون في خطر إذا لم يصادق الكونجرس على مساعدات جديدة لكييف.
وجاء موقف بلينكن خلال زيارة لواشنطن يجريها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ لحضّ الكونجرس الأميركي على مواصلة دعم أوكرانيا.
وقدّمت الولايات المتحدة مساعدات لأوكرانيا بمليارات الدولارات منذ بدء الحرب قبل نحو عامين، لكن مشرّعين جمهوريين يبدون تردّدا متزايدا إزاء مواصلة هذا الدعم لكييف، معتبرين أنه يفتقر لهدف واضح مع استمرار القتال ضد القوات الروسية.
في واشنطن، دفع ستولتنبرغ باتّجاه مواصلة دعم كييف، في حين رسم بلينكن صورة قاتمة لما قد تواجهه أوكرانيا إذا لم يصادق الكونجرس على إمدادها بمزيد من المساعدات.
وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ستولتنبرغ "من دونها (المساعدات)، ببساطة، كل ما حقّقه الأوكرانيون وما ساعدناهم في تحقيقه سيكون في خطر".
وأضاف "بغياب هذا الدعم الإضافي، سنكون بصدد توجيه رسالة قوية وخاطئة لكل خصومنا مفادها أننا لسنا جادين في الدفاع عن الحرية والديموقراطية".
وتابع "هذا الأمر سيعزز لدى بوتين الاعتقاد بأنه أكثر قدرة من أوكرانيا ومنا على الصمود".
وطلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونجرس الموافقة على مساعدات إضافية بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا.
لكن المحادثات متعثّرة، إذ يشترط مشرّعون جمهوريون مستاؤون من تدفّق مهاجرين غير نظاميين إلى الولايات المتحدة من المكسيك، على الإدارة إجراء تعديلات كبرى على مستوى ضبط الهجرة والحدود للمصادقة على حزمة المساعدات لأوكرانيا.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "سيكون مأسويا للأوكرانيين إذا انتصر الرئيس (فلاديمير) بوتين، كما أن هذا الأمر سيجعل العالم أكثر خطورة" وسيجعلنا جميعا أقل أمانا.
وأضاف "سيشجّع هذا الأمر قادة استبداديين آخرين، ليس الرئيس بوتين وغيره على استخدام القوة".
ويقر مسؤولون أميركيون وفي الحلف بأن الهجوم الأوكراني المضاد الذي شنّته كييف العام الماضي كانت مكاسبه محدودة.
لكن ستولتنبرغ قال إن أوكرانيا على المدى الطويل خالفت التوقعات، واستعادت نصف الأراضي التي سيطرت عليها روسيا التي كانت تتوقع استيلاء سريعا عليها.
وشدّد على أن الأوكرانيين أثبتوا عدم صحّة مقولة أن "مساعدتهم غير مجدية".
وكان ستولتنبرغ قد التقي في وقت سابق في البنتاغون وزير الدفاع الأميريكي لويد أوستن بحضور كبير ضباط الجيش الأميريكي الجنرال تشارلز "سي كيو" براون، ثم التقى لاحقا في البيت الأبيض مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان.
وقال في تصريح لشبكة فوكس نيوز في اليوم السابق إن الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه في الكونجرس "صفقة جيدة"، وشدّد على أن الدعم الأميريكي لأوكرانيا يساعد أيضا العمّال الأميريكيين لأن الأموال تستخدم لشراء أسلحة تصنّع في الولايات المتحدة.
ويحضّ دونالد ترامب الذي بات شبه محسوم فوزه بالترشّح عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقرّرة في نوفمبر والذي غالبا ما يبدي إعجابا ببوتين، المشرعين الجمهوريين على رفض الاتفاق المتّصل بالهجرة الذي يتم التفاوض بشأنه في الكونكرس، ما من شأنه أن ينسف الدعم لأوكرانيا.
مصادقة وشيكة على انضمام السويد
الى ذلك، تأتي زيارة ستولتنبرغ لواشنطن عقب مصادقة البرلمان التركي على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
وبعد موافقة تركيا، أصبحت المجر العائق الأخير أمام نيل السويد العضوية في التكتل الدفاعي، وقد توقّع كل من بلينكن وستولتنبرغ أن تصادق بودابست قريبا على انضواء ستوكهلوم في التكتل.
وقال ستولتنبرغ إن رئيس وزراء المجر فيكتور اوربان أبلغه بأن البرلمان المجري سينعقد مجددا في نهاية فبراير.
وأضاف "أتوقع أيضا تماشيا مع ما قاله أن البرلمان سيضع اللمسات الأخيرة على المصادقة بعيد ذلك".
وكانت السويد وفنلندا التي انضمّت إلى الحف العام الماضي، قد تردّدتا سابقا في طلب العضوية في التكتل خشية أن يثير هذا الأمر العداء مع روسيا، لكنّ موقفهما تبدل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا التي لم تنجح في الانضمام للحلف.
وانتزعت تركيا تنازلات من السويد على صلة بنشطاء أكراد في البلاد، كما انتزعت موافقة الولايات المتحدة على بيع 40 مقاتلة اف-16 في صفقة أعلِن عنها بالتزامن مع صفقة لبيع اليونان، الخصم التاريخي لتركيا والمنضوية أيضا في حلف شمال الأطلسي، مقاتلات اف-35 الأكثر تطورا.
ضغوطات لتسليم أوكرانيا صواريخ "توروس"
في هذه الاثناء، يكثف سياسيون من شريكي الحكومة الألمانية في الائتلاف الحاكم، حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، الضغط على المستشار الألماني أولاف شولتس لتسليم صواريخ كروز "توروس" إلى أوكرانيا.
وقالت نائبة رئيس البوندستاج، كاترين جورينج-إيكاردت، من حزب الخضر لصحيفة زود دويتشه تسايتونج، في تصريحات نشرت اليوم الثلاثاء: "يجب أن نسلم صواريخ كروز توروس بسرعة".
وأضافت: "يجب على ألمانيا تقييم نفسها على ما وعدنا به. وقد وعدنا بأننا سنقدم كل ما في وسعنا وهذا ما تحتاجه أوكرانيا. توروس هي ما لدينا وما تحتاجه أوكرانيا الآن".
ويتبنى زعيم المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر كريستيان دور وجهة نظر مماثلة.
وقال للصحيفة: "أعتقد أنه سيكون من المعقول والصواب دعم أوكرانيا بصواريخ كروز توروس" لأن ما تحتاجه أوكرانيا هو مساعدة عسكرية للدفاع عن نفسها ضد روسيا.
وكانت أوكرانيا قد طلبت رسميا صواريخ كروز توروس من الحكومة الألمانية في ايو من العام الماضي. ويمكن للأسلحة أن تصيب أهدافا تبعد 500 كيلومتر بدقة كبيرة.
استخدام أموال روسية لمساعدة أوكرانيا
من جهة ثانية، يستعد الاتحاد الأوروبي لتلقي عائدات أموال البنك المركزي الروسي المجمدة، ووضع آلية للاحتفاظ بالأموال لصالح أوكرانيا.
وأعلنت الرئاسة البلجيكية الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي أن ممثلي الدول الأعضاء الـ 27 وافقوا على الاقتراح مساء الاثنين.
وأعلنت الرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي على منصة التواصل الاجتماعي إكس، تويتر سابقا: "وافق سفراء الاتحاد الأوروبي للتو من حيث المبدأ على اقتراح بشأن استخدام الأرباح الثابتة المتعلقة بالأصول المجمدة لدعم إعادة إعمار أوكرانيا".
والآن تحتاج الرئاسة فقط إلى إضفاء الطابع الرسمي عليه وينبغي بعد ذلك اعتماده رسميا من خلال إجراء مكتوب.
ووفقا للدبلوماسيين، فإن الإجراء المتفق عليه يستهدف، كخطوة أولى، ضمان الاحتفاظ بالدخل الاستثنائي من عهدة أصول البنك المركزي الروسي بشكل منفصل.
وفي خطوة ثانية، من المخطط بعد ذلك تحويل بعض الأموال إلى أوكرانيا. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى وضع المزيد من النصوص القانونية لهذا الغرض.
وتشير التقديرات إلى إمكانية الحصول على فوائد بالمليارات سنويا، حيث أفادت المفوضية بأن الاتحاد الأوروبي جمد ما يزيد على 200 مليار يورو (216 مليار دولار أمريكي) من البنك المركزي الروسي، وأن دخل الفوائد من رأس المال في ارتفاع مضطرد.
وأعلنت مؤسسة يوروكلير المالية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها مؤخرا أنها ربحت 3 مليارات يورو من إيرادات الفوائد في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي وحده فيما يتعلق بالعقوبات الروسية.
ويوروكلير هي إلى حد بعيد أهم مؤسسة في الاتحاد الأوروبي تحتفظ بأصول البنك المركزي الروسي.
مقتل شخصين في هجمات روسية
وعلى الارض، أعلنت أوكرانيا اليوم الثلاثاء مقتل شخصين وإصابة خمسة آخرين على الأقلّ في هجمات روسية ليلية استهدفت منشآت طاقة ومواقع عسكرية في مناطق مختلفة في البلاد.
بالتزامن مع ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم إسقاط 21 مسيّرة أطلقتها أوكرانيا ليلًا على أراضي روسيا وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في العام 2014، حسبما أفادت وكالات أنباء روسية.
وأعلن الجيش الأوكراني اليوم أن القوات الروسية أطلقت صاروخَين و35 طائرة مسيّرة ليلًا على أهداف في عدة مناطق في أوكرانيا وأن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 15 من المسيّرات.
وقال سلاح الجو الأوكراني إن الطائرات المسيّرة استهدفت منشآت للوقود والطاقة بالإضافة إلى منشآت مدنية وعسكرية قرب خطّ الجبهة، مشيرًا إلى أن أنظمة الدفاع الجوي في المناطق الشرقية والجنوبية أسقطت 15 مسيّرة إيرانية الصنع.
وقالت السلطات الأوكرانية إن القصف ألحق أضرارًا بمنشآت مدنية في كييف ومنطقتَي دنيبروبتروفسك وخاركيف حيث قال المسؤولون إن شخصين أصيبا بجروح.
وأفادت شركة "أوكرانيرغو" لتوفير الطاقة أن واحدة من محطاتها الفرعية في منطقة بوسط البلاد أُصيبت.
وفي سياق منفصل، قال مدعون عامون في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا إن هجومًا روسيًا بصواريخ من طراز "إس-300" أدّى إلى مقتل شخص وإصابة آخر.
وأوضحوا في بيان "قُتل رجل يبلغ من العمر 38 عامًا كان راكبًا دراجته للعودة من مكان عمله إلى منزله نتيجة الهجوم. أُصيبت سيدة تبلغ من العمر 50 عامًا ونُقلت إلى المستشفى".
في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، قال الحاكم إن قصفًا روسيًا تسبب بمقتل رجل وإصابة زوجته.
في منطقة ميكولايف بالجنوب، تسبب سقوط حطام مسيّرة روسية إلى إصابة رجل، بحسب مسؤولين.
وتقصف روسيا كل ليلة تقريبًا مدنًا في أوكرانيا، مؤكدة أنها تستهدف فقط منشآت عسكرية، على الرغم من الأمثلة العدة لقصف مواقع مدنية.
ردًا على ذلك، تستهدف أوكرانيا بانتظام مدنًا قرب الحدود خصوصًا مدينة بيلغورود، بالإضافة إلى مواقع صناعية وعسكرية في الأراضي الروسية.
لمواجهة هذه الهجمات، تعتمد السلطات الأوكرانية إلى حد كبير على الأسلحة والذخيرة التي تقدمها الدول الغربية. غير أن الدعم الأميركي أصبح مشلولًا بسبب خلافات سياسية داخلية، فيما توقف دعم الاتحاد الأوروبي بسبب عرقلة مجرية. ومن المقرر أن تُعقد قمة أوروبية حول هذه المسألة في الأول من فبراير.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البنک المرکزی الروسی الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة العام الماضی شمال الأطلسی صواریخ کروز هذا الأمر فی منطقة
إقرأ أيضاً:
بعد 5 سنوات من البريكست.. غالبية البريطانيين تؤيد العودة إلى التكتل الأوروبي
بعد مرور خمس سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو ما يعرف بـ"البريكست"، يطفو على السطح تساؤل محوري: هل تتغير المواقف تجاه هذه الخطوة التي شكّلت نقطة تحول في تاريخ المملكة المتحدة؟
تشير البيانات الأخيرة إلى تغيرات جوهرية في الرأي العام، حيث باتت غالبية البريطانيين تؤيد العودة إلى التكتل الأوروبي، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين لندن وبروكسل.
ما هو البريكست؟"البريكست" هو مصطلح يدمج بين كلمتي "بريطانيا" و"الخروج" (Britain + Exit)، ويشير إلى قرار المملكة المتحدة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء شعبي جرى في 23 يونيو 2016، حيث صوّت 52% من البريطانيين لصالح الخروج مقابل 48% أيدوا البقاء.
وبعد سلسلة من المفاوضات المعقدة والتوترات السياسية، أصبحت بريطانيا أول دولة تغادر الاتحاد الأوروبي رسميًا في 31 يناير 2020، مع دخول الخروج الفعلي حيز التنفيذ في الأول من يناير 2021 بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
تبدل في الرأي العام بعد 5 سنواتوفقًا لاستطلاع أجراه معهد "يوغوف" ونُشر يوم الأربعاء، فإن 30% فقط من البريطانيين يرون أن البريكست كان أمرًا جيدًا، وهي أدنى نسبة تأييد تُسجل حتى الآن.
ومن بين الذين صوتوا لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في 2016، يرى 18% أن القرار كان خاطئًا، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 55% بين مجمل المستطلعين.
وفي مؤشر واضح على تبدل المزاج العام، أظهر الاستطلاع أن 55% من البريطانيين يؤيدون العودة إلى الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك 20% ممن أيدوا البريكست سابقًا.
علاوة على ذلك، أظهرت البيانات أن 11% فقط ممن شملهم الاستطلاع يرون أن البريكست كان خطوة ناجحة.
تأثير البريكست على بريطانياعلى الرغم من وعود الحكومة البريطانية بأن مغادرة الاتحاد الأوروبي ستتيح للمملكة المتحدة حرية أكبر في صياغة سياساتها التجارية والاقتصادية، فإن الواقع أثبت وجود تحديات كبرى، أبرزها:
1. الركود الاقتصادي: شهدت بريطانيا تباطؤًا اقتصاديًا، مع زيادة تكاليف المعيشة وارتفاع التضخم.
2. صعوبات التجارة: خروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة أدى إلى عوائق جمركية وتعقيد عمليات التصدير والاستيراد.
3. نقص العمالة: تأثر قطاع الخدمات والصحة بسبب مغادرة العديد من العمال الأوروبيين، ما أدى إلى نقص في الكوادر.
4. اضطرابات سياسية: تسبّب البريكست في انقسامات داخل الأحزاب البريطانية، وأدى إلى استقالة عدد من رؤساء الوزراء، مثل تيريزا ماي وبوريس جونسون.
بعد سنوات من التوترات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في ظل حكم المحافظين، يسعى رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر إلى تحسين العلاقات مع بروكسل، مشيرًا إلى الحاجة إلى "إقلاعة جديدة" مع الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من موقفه الرافض للبريكست في 2016، إلا أنه أكد أن حكومته لن تسعى لإعادة بريطانيا إلى التكتل الأوروبي، مما يعكس توجهًا سياسيًا يهدف إلى تحقيق استقرار دون العودة إلى عضوية الاتحاد.
وفي ظل التحولات في الرأي العام والتحديات الاقتصادية والسياسية الناجمة عن البريكست، يبقى التساؤل مفتوحًا: هل يمكن أن تشهد بريطانيا في المستقبل استفتاء جديدًا بشأن عودتها إلى الاتحاد الأوروبي؟ بينما تظل هذه الفكرة غير مطروحة رسميًا على الطاولة، فإن استمرار التغيرات الاقتصادية والمجتمعية قد يعيد النقاش حولها في السنوات القادمة.