أزمة أسعار .. قوانين الاتحاد الأوروبي تثير غضب المزارعين في أنحاء القارة
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
بروكسل "د ب أ": حمل المزارعون في أنحاء أوروبا غضبهم ومخاوفهم بشأن معيشتهم وأرزاقهم إلى الشوارع. وعقب احتجاجات نظموها أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل الأربعاء الماضي، قررت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين فتح حوار استراتيجي معهم.
لقد انتفض المزارعون وتصاعد غضبهم، وأغلقوا الطرق ونظموا مواكب احتجاج بالجرارات خلال الأسابيع الماضية، بعدما خرجوا في احتجاجات بشوارع فرنسا وألمانيا وليتوانيا وبولندا.
وفي حين جاءت احتجاجات المزارعين على قضايا داخلية كل ببلده، وحدت بينهم المخاوف إزاء التحديات المتنامية، التي تشمل الظروف المناخية القاسية، وظهور أنفلونزا الطيور وارتفاع تكاليف الوقود.
ويعد ما يطلق عليه المزارعون "التنظيم المفرط" على المستوى الأوروبي، سببًا آخر للاستياء، ثم تدفق المنتجات الزراعية من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، منذ تعليق الرسوم الجمركية عليها في عام 2022. ويتعين أن تعلن المفوضية الأوروبية قريبًا ما إذا كانت تعتزم تجديد الإعفاء الجمركي، الذي ينتهي في يونيو المقبل.
وتشكل الزراعة أهمية كبيرة في ضوء انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو، واستطلاعات الرأي التي تكشف صعود اليمين المتطرف والقوميين المتحمسين للقضايا الزراعية.
ويقول نائب رئيس الكتلة الاشتراكية بالبرلمان الأوروبي، بيدرو ماركيز: إن المزارعين يشكلون "كتلة ناخبين مهمة للغاية".
وفي مسعى لنزع فتيل الغضب، أطلقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين صيغة حوار استراتيجي جديد يجمع المزارعين والمنظمات البيئية والهيئات الزراعية معا، من أجل إيجاد حلول لمشاكل الزراعة في أوروبا. وبحسب فون دير لاين، تشارك جميع الأطراف رأيا مفاده أن التحديات تتنامى.
وتشمل القضايا الرئيسية دخل المزارعين والاستدامة والابتكار التكنولوجي والقدرة التنافسية، وقد خضعت للمناقشة خلال اجتماع وزراء زراعة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي مؤخرًا. ويشمل البرنامج أيضا المخاوف من أن يؤدي التحول إلى الاقتصاد الأخضر إلى مزيد من الخراب للمزارعين.
ويهدف الحوار الذي يجرى على مستوى الاتحاد الأوروبي إلى التوصل لرؤية مشتركة بحلول منتصف عام 2024 وتقديمها إلى المفوضية. وكانت فون دير لاين تعهدت بهذه المبادرة في سبتمبر الماضي، ولكن تم تأكيدها نهاية الأسبوع الماضي فقط، وهي تدعو إلى "تقليص الاستقطاب" والتأكيد على أن الزراعة وحماية البيئة يمكن أن يسيرا معا.
ورحب اتحاد المزارعين "كوبا-كوجيكا"، صاحب النفوذ القوي في الاتحاد الأوروبي، بالمبادرة، "رغم أن وتيرة تجسيدها كانت بطيئة"، وأعلن: "لا يزال نطاق النقاشات غامضا على نحو خاص".
وكان المزارعون نظموا الأربعاء الماضي مظاهرات أمام مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل، حيث قال مزارع فرنسي يدعى ستيفان بلوزيه: "ستزداد المظاهرات بسبب تصاعد السخط، وسيؤثر ذلك على الانتخابات الأوروبية... حضرنا إلى بروكسل لأن هذا هو المكان الذي يتم فيه وضع القواعد التي تؤثر فينا".
وشاركت في احتجاجات بروكسل ماريون ماريشال، التي ستقود حزب حركة "ريكونكويت"(الاستعادة)، الفرنسية اليمينية، في الانتخابات الأوروبية، وهي ابنة شقيقة مارين لوبان.
وقالت النقابة العامة للمزارعين في الدنمارك: "تحرك اليوم يمثل صرخة أخرى من أجل المساعدة... لا يطلب المزارعون الكثير، فقط الوفاء بدورهم الاجتماعي، والمعاملة العادلة".
وفي ألمانيا، واصل المزارعون الذين أصابهم الغضب الاحتجاجات على مدار أسابيع ضد خفض الدعم لوقود الديزل، وجرى تنظيم مظاهرات حاشدة في عدة مدن، عطل خلالها المزارعون حركة المرور بجراراتهم، وغيرها من المعدات الزراعية.
ووافقت الحكومة على تخفيف حدة الإجراء عبر إلغاء تدريجي لدعم وقود الديزل على مدار ثلاث سنوات، بدلا من الإلغاء بأثر فوري، ولكنها تمسكت بهذه السياسة. ويتعرض الائتلاف الحاكم في ألمانيا بقيادة المستشار أولاف شولتس لضغوط متزايدة من أجل زيادة عائدات الضرائب أو خفض الإنفاق لسد فجوة كبيرة في الميزانية.
وأثارت الاحتجاجات في أنحاء ألمانيا نقاشات بشأن مدى استغلال المزارعين من قبل أحزاب اليمين المتطرف.
وفي الجارة النمسا، حيث من المقرر أن يدلي الناخبون بأصواتهم في الانتخابات العامة في الخريف، نظم حزب الحرية النمساوي، اليميني، مظاهرة للمزارعين الأسبوع الماضي. ورأت رابطة المزارعين في حزب الشعب، المحافظ، أن حزب الحرية "يوظف المزارعين أداة لأغراض حزبية خاصة به"، ونأى بنفسه عن "ألعاب الحملة الانتخابية على حساب المزارعين." أما في فرنسا، فيبدو أن الغضب المتنامي بين المزارعين يشكل التحدي الرئيسي الأول للحكومة المعينة حديثا في البلاد.
وأثنى رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال بقطاع الزراعة في فرنسا الأسبوع الماضي، وسط السخط المتزايد بين عمال المزراع. وجرى إرجاء حزمة إصلاحات كانت وضعت بهدف تلبية بعض المظالم، من أجل تحسينها.
وأشار النائب الأوروبي، الفرنسي، جوردان بارديلا، إلى غضب متنام ضد 'الاتحاد الأوروبي" وما أسماه "أوروبا ماكرون"، اللذين يريدان، بحسب بارديلا، "قتل الزراعة لدينا". ويرى مراقبون سياسيون أن ذلك يمثل تحديًا رئيسيًا أمام الأحزاب الرئيسية في فرنسا.
وخلال الأشهر الأخيرة، انتشر سخط مماثل في بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر وبلغاريا، حيث ندد المنتجون بما يرونه منافسة غير عادلة بسبب الواردات الأوكرانية، التي أدت إلى تراجع أسعار الحبوب لدى هذه الدول.
وعقب انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، أدى تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية إلى الاتحاد الأوروبي، معفاة من الرسوم، من خلال "ممرات التضامن" مع كييف، إلى اضطرابات في الأسواق الداخلية لهذه الدول.
وأدت الاحتجاجات في بولندا إلى استقالة وزير الزراعة في شهر أبريل الماضي، وفي نوفمبر الماضي، بدأ المشغلون في بولندا إغلاق نقاط العبور مع أوكرانيا، وأيضا سائقو الشاحنات. وعلق المزارعون حصارهم يوم 6 يناير بعد اتفاق مع الحكومة في وارسو.
وفي رومانيا، بدأت احتجاجات المزارعين وشركات النقل في السابع من يناير، وعطلت مئات الجرارات والشاحنات حركة المرور عبر الحدود، مما جعل من الصعب على شاحنات الحبوب القادمة من أوكرانيا دخول الأراضي الرومانية.
ويطالب المزارعون في رومانيا بتعويضهم عن الخسائر الناجمة عن الاضطرابات الواسعة في سوق الحبوب بعد استيراد الحبوب الرخيصة من أوكرانيا، وهو ما يرونه لا يمتثل لمعايير الاتحاد الأوروبي.
والتقى وزير الزراعة البلغاري كيريل فاتيف، ورئيس الوزراء نيكولاي دينكوف في 21 الشهر الجاري بمسؤولي الرابطة الوطنية لمنتجي الحبوب، والغرفة الزراعية البلغارية لمناقشة الوضع، وتحاشي خروج احتجاجات محتملة في المستقبل. وكان المزارعون تظاهروا في العاصمة صوفيا في نوفمبر الماضي.
وتقول رئيسة اتحاد المزارعين "كوبا-كوجيكا" بالاتحاد الأوروبي كريستيان لامبرت إنه يبدو أن الاحتجاجات لها تأثيرات الأمراض المُعدية، "حيث تتحدث (الاتحادات الزراعية) في إيطاليا وإسبانيا أيضا عن المظاهرات".
ودعت نقابة المزارعين في سلوفينيا وزير الزراعة الجديد، ماتيا كالوشيتش، إلى تلبية المطالب التي وجهوها إلى الحكومة خلال احتجاجات الربيع الماضي. وبحسب الاتحاد، "يتعين تقديم بعض الحلول، حيث يطالبنا المزارعون بالسير على خطى الاحتجاجات الألمانية، إذا لم يتم ذلك".
وفي فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، احتشد عدة آلاف من المزارعين ومعهم 1300 جرار مؤخرا، لمدة يومين، وطالبوا بتحسين الأسعار وخفض الضرائب على الوقود وتبسيط اللوائح وفرض حظر على عبور الحبوب الروسية عبر أراضي بلادهم.
فيما يتبقى أقل من خمسة أشهر على موعد إجراء الانتخابات الأوروبية، والعديد من استطلاعات الرأي في الدول الأعضاء، تؤجج احتجاجات المزارعين والمنتجين الزراعيين نيران الحملات الانتخابية، وتسعى الأحزاب السياسية فعليا إلى مغازلة المزارعين لكسب أصواتهم.
وتسهم الزراعة بنحو 11% من انبعاثات غازات الدفيئة في أوروبا. وفي إطار "الصفقة الخضراء"، أطلقت المفوضية الأوروبية في ظل قيادة فون دير لاين العديد من المشروعات. وعلى سبيل المثال، ثار استياء واسع العام الماضي إزاء قانون الحفاظ على الطبيعة الذي يؤثرأيضا على استخدام الأراضي الزراعية. ويشكل الحظر المفروض على المبيدات الحشرية التي يُسمح باستخدامها في أجزاء أخرى من العالم، مصدرا إضافيا لسخط المزارعين.
وكان هذا السخط مصدر قلق متزايد في البرلمان الأوروبي. وكثيرًا ما سعى حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط)، وهو أكبر تجمع برلماني والموطن السياسي لرئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، إلى تخفيف النصوص الزراعية، قائلا: إن ذلك يمثل رغبة المزارعين.
وقالت النائبة عن حزب الشعب الأوروبي آن ساندر: "نتشارك في الطموح الأخضر، ولكن يجب أن يتكيف ذلك مع الوضع الاقتصادي. أسعار المنتجات الزراعية في تراجع، في حين ترتفع النفقات بشكل كبير"، ورأت أن المزيد من الجهود التنظيمية كان "أكثر مما يلزم".
وقال النائب الأوروبي ماركيز: "ثمة تصور مفاده أن يمين الوسط واليمين المتطرف يحاولان أن يخلقا لدى المزارعين الشعور بأن التحول الأخضر، وهؤلاء الذين اختاروه، يسيرون ضدهم".
ولكنه أدرك الحاجة إلى تقديم الدعم، خاصة في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لمناقشة أهدافه المناخية الطموحة لعام 2040، والتي سوف تشمل إزالة الكربون المكلفة من مجال الزراعة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المفوضیة الأوروبیة البرلمان الأوروبی الاتحاد الأوروبی فون دیر لاین من أجل
إقرأ أيضاً:
أبو ريدة يشارك في مناقشات (IFAB) لتعديل قوانين كرة القدم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك المهندس هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) في مناقشات مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) لتعديل مجموعة من قوانين اللعبة.
وشهدت الاجتماعات الحالية لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم في بلفاست عاصمة أيرلندا الشمالية مناقشات بارزة، بشأن مجموعة من القوانين الهامة، والتي تم اعتماد بعضها بشكل رسمي في الاجتماع رقم 139 للمجلس.
وتم اختيار أبو ريدة ليمثل الاتحاد الدولي لكرة القدم في مناقشات (IFAB) حيث يعد أقدم أعضاء المجلس الأعلى لـ (FIFA) بعدما تم انتخابه كعضو باللجنة التنفيذية للمرة الأولى عام 2009، وصاحبه الكندي فيكتور مونتاجلياني رئيس اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى (كونكاكاف)، إلى جانب السويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ويعد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) الجهة المختصة بأية تعديلات أو تحديثات على قوانين اللعبة، حيث تأسس عام 1886، ويضم في عضويته اتحادات "إنجلترا، إسكتلندا، ويلز وأيرلندا" إلى جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وتمتلك الاتحادات الوطنية الأربعة في (IFAB) صوتًا واحدًا لكل منها، بينما يمتلك (FIFA) الذي يمثل بقية الاتحادات الـ 207 الواقعة تحت مظلته، أربعة أصوات في مجلس الاتحاد الدولي.
وتبعا للوائح مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، يتم إقرار القوانين أو تعديلاتها بشكل رسمي، في حالة الحصول على 6 أصوات من أصل 8.